هكذا بدأت مجزرة «ود النورة» في السودان .. الموت من المسافة صفر
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
في حوالي الخامسة من فجر الأربعاء، استيقظ أهالي قرية ود النورة بولاية الجزيرة جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، على هجوم مباغت من قوات الدعم السريع، أسفر عن “مجزرة” راح ضحيتها أكثر من 120 شخصًا.
التغيير ــ وكالات
تعتمد القرية مثل بقية القرى المجاورة في ولاية الجزيرة على الزراعة، وأغلب مبانيها طينية، لكنها تُركت منهوبة ومشتعلة ودون سكانها في أغلب مناطق القرية، حيث تشتتوا بحثا عن الأمان، ووصل عدد كبير منهم إلى مدينة المناقل.
استمر الهجوم لساعات دون أية نجدة تصل القرية بسبب انقطاع الاتصالات، وعدم توجه قوات الجيش لمواجهة الدعم السريع، اللذان تجمعهما حرب دامية منذ أبريل 2023، تسببت في موجة نزوح داخلية وخارجية كبيرة جدا.
وللوقوف على تفاصيل الهجوم المروع، قال الناشط الشاب، معمر موسى، الذي يعمل ضمن مبادرة توثق الانتهاكات في ولاية الجزيرة، في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة”، إن مبادرته حصلت على شهادات من أهالي وأقارب القتلى، أشاروا فيها إلى أن أغلب من فقدوا حياتهم في ذلك اليوم الدامي كان بسبب “الرصاص من المسافة صفر”.
وأفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في بيان، الخميس، بأنها تلقت “تقارير تفيد بمقتل ما لا يقل عن 35 طفلا” في الهجوم.
ونقل البيان عن مديرة اليونيسف، كاترين راسل، قولها: “شعرت بالرعب من التقارير التي تفيد بمقتل ما لا يقل عن 35 طفلا وإصابة أكثر من 20 طفلا خلال الهجوم الذي وقع، الأربعاء، في ود النورة”.
فيما قال مجلس السيادة السوداني في بيان، إن “مليشيا الدعم السريع أقدمت على ارتكاب مجزرة بشعة بحق المدنيين العُزل في ود النورة بولاية الجزيرة، راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين الأبرياء”.
وطالب المجلس المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بـ”إدانة واستنكار جرائم الدعم السريع ومحاسبة مرتكبيها، إعمالًا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب”.
تبريرات الدعم السريعمن جانبه، قال المتحدث باسم قوات الدعم السريع، الفاتح قرشي، في مقطع فيديو مسجل تم نشره، الخميس، إن “المعركة كانت ضد قوات من الجيش والمخابرات العامة.. التي كانت موجودة في معسكرات قرب ود النورة، وهي من أكبر المعسكرات في محيط غرب المناقل”.
https://www.youtube.com/shorts/OKP_B1Oa9CA
وتابع: “المعركة استمرت أكثر من ساعتين.. ولم تكن ضد مدنيين”.
وتابع معمر : “نعمل على توثيق الانتهاكات وإيصال المساعدات الإنسانية وفتح بلاغات جنائية ضد مرتكبي الجرائم، ولدينا مكاتب في عدة وحدات ومحليات مثل ود النورة. وبعض المسؤولين من ود النورة قُتلوا في المجزرة”.
من جانبه، وصف الصحفي السوداني، رئيس موقع “قلب أفريقيا” الإخباري، لؤي عبد الرحمن، ما حدث في القرية بأنه “ثاني أسوأ مجزرة بعد التي شهدتها مدينة الجنينة في غرب دارفور”، مضيفا أنه حتى اليوم هناك حالات نزوح من ود النورة.
ودان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الخميس، الهجوم، ودعا في بيان طرفي النزاع في السودان إلى الامتناع عن شن هجمات ضد المدنيين.
مع مرور أكثر من عام على الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، ازدادت المخاوف من تحولها إلى صراح إقليمي شامل أو أن يصبح السودان دولة فاشلة في ظل غياب اتفاق على تحقيق سلام دائم أو مسار نحو انتقال سياسي يقود إلى حكومة مدنية.
واصل موسى حديثه للحرة، وقال: “في حوالي الساعة الخامسة من فجر الخامس من يونيو، هاجمت قوة مسلحة بعتاد كامل وثقيل بمدافع ورشاشات وبدأت بقصف القرية”، وأوضح أن القوة كانت مكونة من “حوالي 35 سيارة دفع رباعي، وسيارات مدنية منهوبة وسيارات نقل لحمل المنهوبات، مثل الأثاث والأجهزة الكهربائية، بجانب دراجات بخارية”.
وأضاف أن قوات الدعم السريع دخلت القرية “وكانوا يطلقون النار على أي شخص يواجهونه، الغالبية العظمى من القتلى سقطوا بإصابات بالرصاص من المسافة صفر.. لا تتجاوز المتر أو المترين”.
وتابع: “هناك أيضا من تم ذبحهم بالسكاكين”.
منازل خاويةاعتبر عبد الرحمن وموسى في حديثهما للحرة، أن انقطاع الاتصالات زاد الوضع سوءا، حيث لم يتمكن السكان من طلب المساعدة بالشكل الأمثل.
وقال موسى: “استمر الهجوم على مدار اليوم في ظل عدم وجود اتصالات”.
من جانبه، أوضح الصحفي والناشط المجتمعي، الموجود حاليا في بورت سودان، أن عدد الجرحى كان “كثيرا جدا”، فيما يتواجد في القرية “مركز صحي صغير به طبيب واحد”. وتعرض هذا المركز للهجوم أيضًا، مما جعل الناس ينزحون إلى المناطق الآمنة.
لكن هذا الطبيب قُتل خلال وجوده في المركز، وقتل معه أيضًا طبيب تخدير، وفق موسى الذي أكد للحرة أن مجموعته “وثقت موت الطبيبين بالفعل، بجانب نحو 120 شخصًا آخرين بالأسماء والصور”.
وعمل السكان على نقل الجرحى إلى مستشفى مدينة المناقل التي تبعد عن ود النورة نحو 60 كيلومترا، وبالفعل باتت القرية خالية تقريبا من السكان، إلا كبار السن من الرجال والنساء، وفق عبد الرحمن.
وأوضح الأخير أن قرية ود النورة تعتبر “محورية” في خطط الدعم السريع للسيطرة على مدينة المناقل، الواقعة جنوبي الخرطوم، والتي تبقى المدينة الأخيرة في الجزيرة التي تخضع لقوات الجيش.
وزار رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الأربعاء، المصابين جراء هجوم ود النورة، الذين وصلوا إلى مستشفى مدينة المناقل.
لماذا لم يظهر الجيش؟نقلت وكالة رويترز، الخميس، عن نشطاء سودانيين أن الجيش لم يستجب لنداءات الاستغاثة والدعوات للمساعدة التي طالب بها سكان ود النورة.
وحول مسألة استجابة الجيش، قال عبد الرحمن إن “ود النورة لا توجد بها حامية عسكرية تابعة للجيش، الذي يعمل بشكل مختلف عن قوات الدعم السريع”.
وتابع: “يعمل (الجيش) وفق نظام الحرب التقليدية والعرف العسكري، فيما تتحرك قوات الدعم بنظام حرب شوارع فيها مرونة ولا تخضع لمركزية، مثل قيادة الولاية أو الدولة”.
وأوضح: “لذلك استجابة الجيش تستغرق وقتا”.
من جانبه، قال مؤسس مبادرة “نداء الجزيرة”، إن أقرب حامية عسكرية للجيش “تبعد عن ود النورة مسافة 50 كلم تقريبا، في ولاية النيل الأبيض”.
وتشير تقديرات دولية إلى أن الحرب الدائرة في السودان أدت لمقتل الآلاف، بما في ذلك أكثر من 15 ألف في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
فيما قالت المنظمة الدولية للهجرة، الجمعة، إن عدد النازحين داخليا في السودان بسبب الصراع قد يتجاوز قريبا عشرة ملايين شخص، في أكبر أزمة نزوح في العالم.
ورصدت المنظمة هذا الأسبوع وجود 9.9 مليون نازح داخليا في أنحاء السودان، في ظل وجود 2.8 مليون نازح داخليا بالفعل قبل الحرب.
واضطر نحو 12 مليون شخص في المجمل إلى الفرار من منازلهم، مع عبور أكثر من مليوني شخص إلى دول مجاورة، من بينها مصر وتشاد.
وأوضحت المنظمة أن أكثر من نصف النازحين داخليا في السودان من النساء، وربعهم من الأطفال دون سن الخامسة.
نقلاً عن الحرة
الوسومالجيش البرهان الدعم السريع مجزرة ود النورة ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش البرهان الدعم السريع مجزرة ود النورة ولاية الجزيرة
إقرأ أيضاً:
???? مجلة أمريكية متخصصة: فريق بايدن يدفع باتجاه تصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية
تقول مجلة “ناشونال سيكيورتي ديلي” الأمريكية المتخصصة في أخبار البيت الأبيض و السياسة الأمنية و الخارجية الأمريكية، إن إدارة الريئس بايدن، في أيامها الأخيرة “تدفع بقوة صوب إطلاق حملة في اللحظات الأخيرة لمعالجة الحرب الأهلية المدمرة في السودان والتي تحولت إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية المستمرة في العالم”.
وتضيف المجلة التي تعرف نفسها بأنها أداة لتمكين المتخصصين الأمريكيين في السياسات والمواد الاستخبارية اللازمة في تشكيل أولويات الحكومة، إن مسؤولي الإدارة الأمريكية يدرسون حالياً “خططاً لإعلان الفظائع التي ترتكب في السودان إبادة جماعية وإصدار حزمة من العقوبات الجديدة على ميليشيا سودانية تتنافس على السلطة في الحرب” ، وفقاً لما قاله أربعة مسؤولين حاليين وسابقين مطلعين على الأمر لصحيفة “نات سيك ديلي”.
وتشير المجلة إلى أن هذه الإجراءات العقابية تتضمن فرض عقوبات على رأس “ميليشيا ما يُسمى بقوات الدعم السريع، محمد حمدان “حميدتي” دقلو ومؤسسات أخرى تابعة لقوات الدعم السريع”. كما تشير المجلة إلى أن الولايات المتحدة سبق و اتهمت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، لكنها “اتهمت قوات الدعم السريع بالتطهير العرقي” في السودان.
ويشير الكاتبان السيد روبي جرامر و السيدة نهال توسي إلى أن مسؤولين وخبراء آخرين خارج الإدارة الأمريكية يضغطون على فريق الرئيس جو بايدن لتعيين مسؤول كبير في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “للإشراف على استمرار تدفق المساعدات الأمريكية والدولية إلى السودان المنكوب بالحرب في وقت تستعد واشنطن لتبادل كراسي الحكم بين إدارة جو بايدن وإدة دونالد ترامب”.
ويأتي هذا الضغط – وفق المجلة – في الوقت الذي يسافر فيه وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى نيويورك اليوم (الخميس) ليترأس اجتماعاً رفيع المستوى للأمم المتحدة بشأن السودان. وقبل اجتماع الأمم المتحدة، دفع المسؤولون الأمريكيون لإنشاء ممرات إنسانية جديدة إلى المناطق المتضررة بشدة في السودان، بما في ذلك الخرطوم، عاصمة البلاد.
و تقول المجلة إن هذه التدابير مجتمعة تعكس الدفعة الأخيرة التي يبذلها فريق بايدن لدفع التقدم نحو إنهاء الحرب الأهلية السودانية بعد جولات متعددة من محادثات السلام الفاشلة والضغوط المتزايدة من المشرعين الأميركيين والجماعات الإنسانية لبذل المزيد من الجهد خلال شهرهم الأخير في مناصبهم.
و تضيف المجلة أنه، وعلى الرغم من أنها لا تحظى إلا بجزء ضئيل من الاهتمام العام أو تتلقى إلا اليسير من تمويل الإغاثة الإنسانية مقارنة بما تحظى به الحروب في غزة أو أوكرانيا، إلا أن الصراع في السودان دفع الملايين من الناس إلى شفا هوة المجاعة.
” لقد أصبح السودان برميل بارود جيوسياسي”، حيث تتنافس القوى الأجنبية بما في ذلك المملكة العربية السعودية وإيران ومصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا على النفوذ بين الأطراف المتحاربة بينما تطيل الحرب وتزيد من تفاقمها.
وتقول المجلة إن إدارة بايدن تلقت انتقادات حادة من المشرعين الأمريكيين من أمثال السناتور جيم ريش (جمهوري من أيداهو)، الرئيس المقبل للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لعدم بذلها ما يكفي من الجهد حتى الآن لمحاسبة من يحركون الحرب الأهلية السودانية.
ويقول الكاتبان إن “منظمات حقوق الإنسان انتقدت إدارة بايدن لعدم محاسبة الإمارات العربية المتحدة علنًا على دورها في الصراع أيضًا. وجرى اتهام الإمارات العربية المتحدة، الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على نطاق واسع بتمويل وتسليح قوات الدعم السريع بينما تنفذ حملة من القتل الجماعي والاغتصاب في جميع أنحاء السودان.”
وقال السناتور بن كاردين (ديمقراطي من ماريلاند)، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ المنتهية ولايته، لصحيفة نات سيك ديلي: “على الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهد. وعلى الإمارات العربية المتحدة التوقف عن تأجيج النار هناك”.
ونقلت المجلة عن كاميرون هدسون، الخبير في العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن أي إجراءات نهائية من جانب إدارة بايدن بشأن السودان يمكن أن “تحرر ترامب من الاضطرار إلى اتخاذ هذه القرارات” وتمكين المشرعين الذين يركزون على الصراع من “استخدام هذا كوقود لمواصلة دفع ترامب لمواصلة القيادة الأمريكية في السودان”. وقال: “أي زخم يمكن أن يأتي من هذا يصبح أمراً جيداً إذ سينتقل إلى الإدارة القادمة”.
وتشير المجلة إلى أن النظر في توصيف المليشيا بارتكاب الإبادة الجماعية أو الفظائع المتجددة على أنها أداة سياسية مهمة لحشد انتباه المجتمع الدولي إلى الأزمة.
ووفقاً للمجلة فقد أكد مسؤولان إن وزارة الخارجية الأمريكية ما زالت تدرس إعلان الإبادة الجماعية، وهو ما يتطلب مراجعات قانونية وفنية داخلية مكثفة، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان بلينكين سيؤيد مثل هذا الإجراء. وقد حذر خبراء الأمم المتحدة بالفعل من أن الصراع في السودان يشبه بشكل متزايد الإبادة الجماعية.
ورفضت وزارة الخارجية التعليق على الأمر على وجه التحديد، قائلة إنها لا تناقش العقوبات أو القرارات الجديدة علنًا ومسبقًا. وقالت إنها تدفع من أجل وقف فوري للأعمال العدائية وفتح ممرات إنسانية إلى السودان للوصول إلى المدنيين الأكثر ضعفًا في البلاد. ورفض مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض التعليق، وفقا للمجلة.
نيويورك – المحقق
إنضم لقناة النيلين على واتساب