لجريدة عمان:
2024-10-03@13:08:21 GMT

شيء من الذوق

تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT

منذ فترة زمنية -ليست بعيدة- انتشر عبر صفحة الـ«واتس أب» مقطع حواري لإحدى شخصيات المجتمع العماني، خلاصة هذا الحوار، أن هناك عينا راقبة، وبكل دقة لكل التفاصيل التي يبيدها الأفراد من سلوكيات، ومن ملبوسات، ومن هيئات، ومن خلال هذه المراقبة يذهب التقييم إلى كثير من التفاصيل، وتتضمن هذه التفاصيل اهتمام أفراد المجتمع بالآخر، أو التقليل من شأنه، أو إظهار الغنى، أو معرفة مستويات الفقر، أو مستويات الاهتمامات بالطرف الآخر، وتبحر هذه العين الراقبة إلى أكثر من ذلك؛ بحيث تقيم مستويات الاهتمامات التي يبديها أصحاب المنزل -على سبيل المثال- تجاه زائريهم، وظهور هذا الاهتمام في كثير من السلوكيات التي يشرع فيها في تلك الفترة القصيرة من الزيارة؛ من حيث نوع الوجبات المقدمة، ونوع اللباس المستخدم للاستقبال، وكيفية الترحيب، وتهيئة مكان الجلوس، وأخيرا المسافة المقطوعة من صالة الاستقبال إلى المركبة المقلة للضيف، أو الباب الخارجي؛ حيث تتقصى العين الراقبة كل هذه التفاصيل، وتضع عناوين عريضة لكل سلوك، أو حركة يبديها الطرفان في هذه اللحظة الزمنية الفارقة من عمر هذا اللقاء، وأصفها بـ«الفارقة» لأن ما بعدها لن يكون كما كان ما قبلها، حيث تبنى مواقف، وآراء، وتقييمات، وأحكام، خاصة إذا كان هذه الزيارة لم تأت عفوية، بل عن سابق موعد، ولموضوع معين، وخاصة أكثر إذا كان هذا الموضوع له علاقة بإنشاء علاقة زوجية بين الأسرتين -وحقيقة- لم أكن أعي كل ذلك قبل متابعة هذا المقطع، وإن كنت أعي بعض الجوانب القليلة جدا من هذه التفاصيل كلها.

يقول المثل: «في بلادك بأصلك، وفي بلاد غيرك بلبسك» و«بلاد غيرك» ليس شرطا أن تكون في معنى البلاد، أو الدولة، وإنما؛ وحسب ما جاء أعلاه أن حتى بيت جارك هو «بلاد غيرك» فلا يمكن إطلاقا أن تذهب إلى زيارة جارك وأنت تلبس ملابس النوم -على سبيل المثال- لا يمكن أن تزور صديقك وأنت حاسر الرأس، أو أن لا ترتدي الدشداشة والمصر، أو أقلها الكمة، وأصلك هنا ليس بالضرورة أصل النسب والجذر المتسلسل منه أبوك وجدك، وما قبلهما، وإنما حتى سمتك، واتزانك، وسلوكك القويم، وهيئتك، وهندامك، وحديثك، وجلستك، وتوزيع نظراتك بين جوانب المكان الذي تجلس فيه، واستراقك للسمع فيما يدور من أحاديث، ومن أصوات متشابكة هنا أو هناك يمكن أن تتسلل إلى المكان، حيث في كل ذلك لك مساحة ضيقة لا يمكنك أن تتوسع فيها، وإلا حكمت على نفسك بالفضولي، وقليل التهذيب، وتحتاج إلى كثير من تنظيم السلوك، وذلك لسبب بسيط، وهو أنك تريد من زائرك نفس الذي كان يريده منك عند زيارته، وإن كانت خبرة الحياة لم تسعفك للوصول إلى هذا المستوى من الحذر، فأنت تحتاج إلى كثير من المران، ومن التجربة، ومن الاتزان، حتى ولو كنت تزور أقرب الناس إليك؛ كما تتوقع فقربه وفق تقييمك، لا يعفيك عن أن تكون من الحكمة وفق ما جاء في المثل أعلاه.

غربت الصورة أعلاه بمفاهيم حديثة اليوم فيما يعرف بـ «الإتيكيت» وإن كان المضمون هو نفسه، وهو مجموعة من القيم والآداب والسلوكيات، الحسنة، والتي تذهب كلها إلى الخروج من الجمعة، أو اللمة بشعور يسوده الود والاحترام والتقدير، وملازمة الاحتفاظ بالآخر، وعدم تشويه العلاقات سواء بسلوك سيئ، أو بكلمة نابية لا تطاق، وكما يقال دائما: «الجمال في البساطة».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کثیر من

إقرأ أيضاً:

هل نحن على حافة حرب عالمية جديدة؟ خبير يكشف التفاصيل

هل نحن على حافة حرب عالمية جديدة؟ خبير يكشف التفاصيل

مقالات مشابهة

  • سياحة داخل نفس سودانية
  • تأملات في التفاصيل القديمة
  • منخفض جوي يؤثر على وسط البحر المتوسط ويتحرك نحو الشرق في الأيام القادمة، فما تأثيره على بلاد الشام؟
  • رئيس مجلس الشيوخ: القيادة السياسية حققت كثير من الإنجازات رغم التحديات
  • طردته قناة فرنسية بعد مهاجمة المغرب فقرر تبون منحه منصباً في بلاد الكابرانات
  • أزمة الفرار من بلاد الأرز.. عين كردستان على المستثمرين اللبنانيين ولكن!
  • أزمة الفرار من بلاد الأرز.. عين كردستان على المستثمرين اللبنانيين ولكن! - عاجل
  • هل نحن على حافة حرب عالمية جديدة؟ خبير يكشف التفاصيل
  • أجساد عارية وإيحاءات جنسية.. هل أفسد التيك توك الذوق العام المصري؟ أستاذ علم نفس: شخصيات استعراضية لا يمتلكون مهارات تؤهلهم للعمل.. مستشار مفتي الجمهورية: انشأنا حسابات على كل المنصات لتوعية الشباب
  • قوات صنعاء تعلن عن حدث هام (التفاصيل)