زوج متوفى، وابنة صغيرة، ومصدر دخل منعدم، وجسد مزقه المرض، ومنزل مُهدّم يجول حوله شبح الإيجار والطرد للشارع، حياة لا يملؤها سوى الوحدة والفقر.. كانت هذه مُجتمعة وأكثر الظروف التي عاشتها الأم الأربعينية «أم هاشم»، ابنة محافظة دمياط، بعد وفاة زوجها تاركًا لها ابنتهما لتعولها وتتكبد مصاريف تعليمها بالعمل في مهن تحني ظهور أقوى الرجال.

تأرجحت حياة «أم هاشم» تارة بالعمل في الأراضي الزراعية وأخرى في المقاولات وثالثة في أعمال العتالة، حتى تمكنت أخيرًا من الاقتراب بابنتها الوحيدة إلى بر الأمان؛ إذ تخرجت الابنة في كلية التمريض، وراحت الابنة تعمل على رد الجميل وتبحث عن تكريم لوالدتها يليق بقصة كفاحها، ومأوى يحميهما من الشارع ويتناسب مع كونهما «اتنين ستات من غير راجل».

قصة كفاح الأم بعد وفاة الأب

بصوت حنون هادئ جمع في ثناياه كل مشاعر الحب والعطف والرغبة في رد الجميل، روت الفتاة العشرينية فتحية عوض الباز، قصة كفاح والدتها، خلال حديثها لـ«الوطن»، وكيف كانت هي ملجؤها الآمن والوحيد، موضحة أنها ومنذ أن اختلطت أنفاسها بنسمات الهواء من حولها وهي ترى في والدتها الأب والأم والأخ والأخت وكل شيء؛ فهي الوحيدة التي تحنو وتُدلل وتعول في ظل غياب دور الأب وأنها عند وصولها إلى المرحلة الثانوية توفيَّ والدها تاركًا إياها وأمها تعانيان الوحدة وضيق الحال، لتبدأ والدتها في حَمل عناء العمل لتوفير قوت يومهما.

سنوات طويلة قضتها الأم وهي على هذه الحال، لم يكن يشغل عقلها وقلبها خلالها إلا التحاق ابنتها بكلية الطب، وهو ما تحقق أخيرًا، ليدُب معه الأمل في حياة الأم ويغزو الفرح قلبها؛ ولكن إلى أيام أو شهور معدودة فقط؛ إذ هاجم الأم مرض السرطان قبل سنوات طويلة واحتاج وقتها لاستئصال الرحم، ثم عاد يهاجمها ثانيةً ولكن هذه المرة في الكبد، كما أُصيبت بضعف عضلة القلب، إلى جانب مشكلات في العظام سببت لها إعاقة حركية ومعها فقدت قدرتها على العمل كما في السابق، لتقرر الابنة التخلي عن حلمها؛ تخفيفًا عن كاهل الأم.

التخلي عن حلم «كلية الطب»

«لما دخلت كلية الطب فرحت جدًا، خاصة أني قدرت أسعد ماما وأحقق حلمها اللي بتحلمه من وقت ما خلفتني، بس بعدها لقيت الحِمل تِقل قوي عليها ومش قادرين على المصاريف فقررت أحول من طب لتمريض»، قالتها «هالة»، وأنه رغم حزن والدتها لهذا القرار في البداية، فقد عادت تشاركها فرحة الدراسة في كلية طبية، مُنتظرة يوم تخرجها ومن بعده زفافها.

ومع مرور هذه السنوات الطويلة، ظلت «هالة» متذكرة لكل ما تكبدته والدتها من أجل تربيتها وتعليمها، وكيف رغم كونها أرملة مُسنة مريضة ومن ذوي الهمم، لم تُقصر في حقها أو تتوانى عن تلبية احتياجاتها قدر الإمكان، ومع كل ذلك، ظلت محتفظة أيضًا بكل مشاعر الحب والتقدير والامتنان لوالدتها، محاولة رد الجميل لها وإسعادها: «ماما هي كل حاجة في حياتي، أنا من غيرها ولا حاجة، نفسي أفرحها بأنها تتكرم على قصة كفاحها معايا.. دي واحدة محاربة سرطان وأرملة ومن ذوي الهمم، وفضلت تشتغل وتتعب لوحدها وتصرف عليا بالحلال لحد ما علمتني وخلتني ممرضة.. نفسي الدولة تكرمها علشان تعوض تعبها معايا».

«هالة»: نفسي في شقة أقعد فيها أنا وأمي متطمنين

وإلى جانب تكريم والدتها، أشارت الفتاة العشرينية إلى معاناتها ووالدتها في الحصول على سكن آمن وآدمي، موضحة أنهما وفي ظل مرض الأم، غير قادرتين على تحمُل ثمن إيجار الشقة: «إحنا اتنين ستات من غير راجل ولا سند، نفسي في شقة أقعد فيها أنا وأمي متطمنين».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: رد الجميل ذوي الهمم تكريم الأم قصة كفاح مرض السرطان كلية الطب كلية التمريض

إقرأ أيضاً:

خبير نفسي: الصيام فرصة للتحرر من العادات الضارة مثل التدخين والكافيين

أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن الأيام الأولى من شهر رمضان قد تكون صعبة على البعض، خاصة المدخنين ومحبي القهوة والشاي، نظرًا للتغيير المفاجئ في عاداتهم اليومية، ما قد يؤدي إلى الشعور بالتوتر والعصبية.

جاء ذلك خلال حديثه في برنامج "راحة نفسية"، المذاع عبر قناة الناس، حيث شدد على أن رمضان يمثل فرصة حقيقية لاختبار قوة الإرادة والتغلب على العادات التي كان يعتقد البعض أنها ضرورية لحياتهم.

رمضان.. فرصة للتحرر من العادات الضارة

أوضح د. المهدي أن الصيام يعلم الإنسان كيف يمكنه الاستمرار في الحياة بدون أي عادة كان يظن أنها لا غنى عنها، مشيرًا إلى أن رمضان يمنح تجربة عملية للتحرر من العادات الضارة، سواء كانت التدخين أو الإدمان على الكافيين أو الأكل العاطفي.

وأشار إلى أن الانقطاع عن هذه العادات خلال النهار يساعد في إدراك أنها مجرد أنماط سلوكية يمكن تغييرها بالإرادة والتدرج.

التحضير التدريجي للصيام يقلل من الصعوبة

نصح د. المهدي من يجدون صعوبة في التكيف مع الصيام بالتحضير التدريجي قبل دخول الشهر الفضيل، وذلك من خلال:

صيام بعض الأيام في شهري رجب وشعباناتباع نظام الصيام المتقطعالتقليل التدريجي من استهلاك الكافيين والتدخين

وأكد أن هذه الخطوات تساعد الجسم على التأقلم بسلاسة مع الصيام وتقليل الشعور بالتوتر والصداع في الأيام الأولى.

التعامل الهادئ مع العصبية في رمضان

وأشار د. المهدي إلى أن بعض الأشخاص قد يعانون من العصبية الزائدة في بداية رمضان بسبب التغيرات الفسيولوجية، وهنا تأتي أهمية الصبر والتكافل النفسي مع من يواجهون هذه الحالة.

وشدد على أن التعامل الهادئ مع العصبية وتجنب الاستفزاز يمكن أن يساعد في تخطي هذه المرحلة بسهولة، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ:
"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم".

واختتم حديثه بالتأكيد على أن رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام والشراب، بل هو فرصة عظيمة لضبط النفس وتعزيز السكينة والطمأنينة في الحياة اليومية.

وأكد على أهمية التمسك بحديث النبي ﷺ: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم" مشددًا على أن رمضان فرصة عظيمة ليس فقط لضبط النفس، ولكن أيضًا لتعزيز السكينة والطمأنينة في حياتنا اليومية.
 

مقالات مشابهة

  • حصل على وسام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين: مأرب تودع أحد أبطالها..
  • استئصال ورم ضخم ونادر يزن 8 كجم من صدر مريضة أربعينية ببريدة
  • «كليفلاند كلينك» ينقذ عين مريضة مصابة بحالة نادرة
  • كليفلاند كلينك ينقذ مريضة مصابة بحالة نادرة
  • خبير نفسي: الصيام فرصة للتحرر من العادات الضارة مثل التدخين والكافيين
  • هل كلمة «أنا» تدل على أزمة نفسية؟.. طبيب نفسي يوضح |فيديو
  • نجوى فؤاد عن طقوسها الرمضانية: بعوض ما فاتني من صلاة وقراءة قرآن
  • بالفيديو.. عيترون الجنوبية تودع شهداءها بين ركام الحرب
  • فتاة تفاجئ والدتها بهدية عمرة وتوثّق لحظة فرحتها .. فيديو
  • الدفعة الخامسة.. رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد حفل تخرج طلاب كلية الطب| صور