النائب علاء عابد يكتب: ما بين حكومة التكنوقراط ونظرية تبديل الكراسي
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
قبل أن أحكم على أى شخص أو مسئول دائماً أضع نفسى مكانه فى ظروفه وإمكانياته وصلاحياته لأصل إلى ما يمكن أن أحققه وأقارنه بما قام به هذا المسئول سواء بالسلب أو الإيجاب وتسمى هذه النظرية «تبديل الكراسى».
وبين الحين وآخر كنا نرى بعض الهجوم على حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، لا شك أن هناك أغراضاً عديدة وراء مثل هذا الهجوم، منها: أولاً، إضعاف الثقة بمدبولى وحكومته وبالديمقراطية ثانياً.
وهنا، أنا لا أدافع عن الدكتور مدبولى وحكومته، ولكننى أوضح بعض الحقائق لإنقاذ الرأى العام من محاولات التضليل والصيد فى الماء العكر.
الدكتور مصطفى مدبولى «رئيس الوزراء المكلف»، تحمل صعوبات كثيرة وكبيرة فى مرحلة بالغة الصعوبة والخطورة، تصدرها الإصلاح الاقتصادى، جائحة كورونا، حرب أوكرانيا، أزمة الدولار، الأحداث فى السودان وليبيا، حرب غزة.
ورغم ذلك حققت حكومة مدبولى إنجازات كثيرة، بداية من إنشاء مشاريع البنية الأساسية للدولة، إلى القضاء على العشوائيات، وتحديث الموانئ والمطارات وإنشاء المدن الجديدة والزراعة ومحاولات توطين الصناعة، وتأثير كل ذلك على الاقتصاد وجذب ثقة المؤسسات الدولية المعنية، بما أسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية.
وشاهدنا صفقة رأس الحكمة وهى الصفقة الأكبر من حيث الاستثمار المباشر لمصر.
كما حقق الاقتصاد المصرى معدلات نمو بشهادة المؤسسات الدولية المعنية جاوزت فى بعض الأحيان نسبة الـ5% ووصلت معدلات نمو تتجاوز الـ7%.
ولو أننا نظرنا إلى «الحرب الأوكرانية» سنجد أنها فرضت أعباء مالية على الاقتصاد، فقد كانت مصر تستورد 41% من الحبوب من روسيا وأوكرانيا قبل الحرب، ولولا الإصلاحات الاقتصادية التى تمت ومعدلات التنمية غير المسبوقة ما استطاعت مصر أن تتحمل أزمة كورونا.
وخسر الاقتصاد العالمى أكثر من 17 تريليون دولار منذ بدء تفشى فيروس كورونا، أى ما يعادل نحو 20% من الناتج الإجمالى العالمى، وفقاً لتقرير التجارة والتنمية الصادر عن «الأونكتاد» فى أكتوبر 2022.
الدولة بفضل سياستها بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، تمكنت من تجاوز التداعيات السلبية للأزمات العالمية، وحققت إنجازات عديدة خلال السنوات الماضية.
واستطاعت حكومة الدكتور مدبولى الأولى، خلال ست سنوات (2018- 2024) ورغم كل التحديات التى مرت بمصر، العبور بالاقتصاد المصرى وبأقل الخسائر إلى بر الأمان، وكان الشعب المصرى بطلاً بمعنى الكلمة، إذ كان متفهماً بكل ما يحيط بالمنطقة من أزمات عالمية، وتداعياتها على الاقتصاد المصرى.
إن الغرض من تشكيل الحكومة هو مشاركة جميع مكونات الشعب المصرى، وبالتالى منح الشعور بالمشاركة الواسعة من أجل التعاون للوصول إلى الهدف المنشود من النهوض بالوطن.
إن تكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى للدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة، يأتى لأن «مدبولى» تراكمت لديه الخبرة الكبيرة، وخاض تداعيات الأزمة العالمية خلال الفترة الماضية بنجاح، وننتظر منه أن يأتى بمجموعة مؤلفة من أصحاب الاختصاصات والكفاءات من شخصيات معروفة بكفاءتها ونزاهتها وإخلاصها للوطن، كما أوضح بذلك الرئيس فى خطاب التكليف، كما تضمنت تكليفات الرئيس السيسى بشأن تشكيل الحكومة الجديدة مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادى.
وأن الحكومة الجديدة ستعمل على تحقيق عدد من الأهداف، على رأسها الحفاظ على محددات الأمن القومى المصرى فى ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصرى على رأس قائمة الأولويات، خاصة فى مجالات الصحة والتعليم، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية، وكذلك على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب بما يعزز ما تم إنجازه فى هذا الصدد، وتطوير ملفات الثقافة والوعى الوطنى، والخطاب الدينى المعتدل على النحو الذى يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعى.
على الرغم من أن الحديث عن «التكنوقراط» بدأ فى عشرينات القرن الماضى، فإنه لم يظهر كحركة بارزة إلا فى الثلاثينات، فخلال فترة الكساد الكبير تعالت الأصوات الداعية إلى التكنوقراطية فى الولايات المتحدة، وبات ينظر إليها على أنها طوق النجاة الذى سيخرج البلاد من الأزمة الاقتصادية التى فرضها الكساد، إذ ساد الاعتقاد بأن المهنيين ذوى المهارة العالية هم أكثر قدرة على حل مشكلات البلاد الاقتصادية.
ويقوم نظام «التكنوقراط» على فكرة أن القرارات التى يتخذها هؤلاء تكون أقرب للصواب لأنهم يعتمدون فى اتخاذ قراراتهم على البيانات والمناهج العلمية الموضوعية بدلاً من الاعتماد على آرائهم الشخصية.
أما مصطلح «تشكيل حكومة تكنوقراط» فيعنى اختيار المرشحين على أساس خبراتهم ومهاراتهم التقنية فحسب.
من هنا، كانت مطالبتى بتشكيل «حكومة تكنوقراط»، والتى تعنى اختيار المرشحين على أساس خبراتهم ومهاراتهم التقنية اللازمة لإدارة الاقتصاد، وكخبراء تقنيين سيكون أكثر إنتاجية وعقلانية. ويتخذ «التكنوقراط» قراراتهم بناء على البيانات والمناهج العلمية.
وأخيراً وليس آخراً أجد نفسى أتخذ نظرية تبديل الكراسى أساس النجاح وتعنى بسهولة ماذا لو كنت ستفعل بخلاف ما قام به الوزير المسئول فى ظل هذه الظروف التى مرت بها مصر والعالم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مجلس النواب حكومة الدكتور مدبولى الاقتصاد المصرى تشكيل الحكومة الجديدة
إقرأ أيضاً:
الإعلام.. ومواجهة الفوضى!!
لا شك أن التراث الثقافى يشكل عنصرًا هامًا عن عناصر الرأى العام، ويسهم بشكل فاعل فى الوعى الجمعى للمجتمعات.. ثم يأتى دور الاعلام كأحد المؤثرات الهامة فى تشكيل وتوجيه الرأى العام من خلال توفير المعلومات والمعرفة بشأن القضايا العامة والأحداث المتتابعة سواء من خلال رسائل مباشرة أو طرحها للنقاش مع النخب والخبراء والمتخصصين، بهدف دمج المواطن بشتى الحقائق والأحداث فى مجتمعه على المستوى السياسى والاقتصادى والاجتماعى.. ولا شك أيضًا أن المسئولية الوطنية للاعلام المصرى تحتم عليه الآن وقفة هامة لأداء دور استثنائي وإعادة مراجعات حقيقية حتى يستعيد قوته وتأثيره على حركة المجتمع ومواجهة كل العناصر التى أشاعت الفوضى فى الرأى العام والمجتمع المصرى فى ظاهرة بالغة الخطورة على الدولة المصرية بعد أن باتت السوشيال ميديا أحد أهم أسلحة الحروب الحديثة لتفكيك المجتمعات ونشر الفوضى واسقاط الدول من الداخل، ناهيك عن التأثيرات الاقتصادية وضرب الاستثمارات والسياحة وهروب روؤس الأموال والتشكيك فى كل عمل جاد.
الحديث عن استفحال ظاهرة الشائعات فى مصر، أمر يدركه الجميع، وإشاعة الفوضى فى المجتمع المصرى وداخل الرأى العام، أمر بات مكشوفًا ومفضوحًا، وإن كان ليس وليد الشهور أو السنوات القليلة الماضية.. وإنما هو أمر معد مسبقًا وتحديدًا كان من بين أهداف وأدوات وأسلحة الربيع العربى التى أعدت وسخرت أهم الأذرع الاعلامية الدولية مثل قنوات سى إن والجزيرة وغيرها من الفضائيات الدولية والمحلية، إضافة إلى المنصات الدولية للسوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى، بهدف التأثير فى الرأى العام وتوجيهه نحو تيار الاسلام السياسى فى الدول المستهدفة، وقد نجحت بالفعل حروب الجيل الرابع لتنفيذ المخطط طبقًا لما جاء فى مذكرات هيلارى كلينتون وزير الخارجية الأمريكية الأسبق.. ولأن هذا السلاح الفتاك - السوشيال ميديا - ما زال يتطور من خلال التحديث المستمر لثورة الاتصالات والذكاء الاصطناعى، فقد بات يشكل تهديدًا حقيقيًا باعتباره السلاح الوحيد الذى تجيد استخدامه الجماعية الإرهابية التى فقدت كل مقومات الحياة والاستمرار ولم تعد تملك إلا هذا السلاح وتقاتل به فى الداخل المصرى على شتى المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى حد أننا لا نكاد نرى أى عمل فى مصر لا يتم التشكيك فيه.
اللافت أن المجتمع المصرى يتعرض لحرب نفسية شرسة وممنهجة وقودها المال السياسى للجماعة الإرهابية، وأدواتها بعض وسائل الاعلام وأخطرها السوشيال ميديا، مستهدفة بذلك التأثير على الآراء والمشاعر ومن ثم السلوك، وصولاً إلى الهدف الأسمى لها وهو إحداث الفوضى.. ومع أن الشعب المصرى قد أدرك جيدًا من خلال التجربة الأخيرة حجم المؤامرات التى استهدفت وطنه ومقدراته وعزته وكرامته، ويدرك الآن وأكثر من أى وقت مضى قيمة الاستقرار والتنمية والتحولات والحداثة التى تشهدها مصر، إلا أن البعض ما زال يسهم بدون وعى فى تسميم المجتمع سواء من خلال تداول بعض الشائعات على وسائل التواصل دون أن يدرى أنه يسهم فى الفوضى، أو بصورة أخرى مثل التعصب الكروى الأعمى الذى يشكل احتقانا فى المجتمع.. وهنا يجب التوقف أمام انزلاق الاعلام الوطنى وبعض الفضائيات وتجديدًا من العاملين فى الحقل الاعلامى بعيدًا عن المهنية والحيادية إلى حد أنهم فقدوا المسئولية الوطنية، وتسببوا فى مزيد من الشائعات والالتباسات والمغالطات التى تسهم فى احتقان مجتمعى مقيت، بعد أن سيطرت عليهم انتماءاتهم الرياضية وتعصبهم الأعمى فى مساهمة مجانية من الاعلام المصرى مدفوعة الأجر من الدولة المصرية، ومساهمة لكل ما يبثه أعداء الوطن فى الداخل من سهام ترمى المجتمع بأدنى ما تملكه من قيم فاسدة.
حفظ الله مصر