مرة أخرى: خطاب مفتوح إلى الحكومة القادمة
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
ذلك المقال نشر بعد إعادة انتخاب الرئيس لمدة رئاسية جديدة، ولما كان الرئيس قد كلف نفس رئيس الوزراء لتشكيل الحكومة الجديدة وجدت من المناسب أن أكرر على سيادته وحكومته الجديدة نفس المقال الذى أعتبره أشبه بخطاب التكليف الشعبى ومكملا لخطاب التكليف الرئاسى لعل وعسى أن يجد صدى لدى المسئولين، وهاكم النص السابق :
لما كان من الطبيعى أن يشكل الرئيس حكومة جديدة بعد الانتخابات الرئاسية التى شرفه المصريون فيها بهذا الاجماع الشعبى غير المسبوق لولاية جديدة، فإن من حق شعبنا الرائع أن يتطلع لتشكيل حكومة على قدر مسئولية المرحلة وتحدياتها الداخلية والاقليمية والدولية، حكومة واعية بمكانة مصر التى تتنامى فى محيطها الاقليمى وعلى المستوى الدولى، حكومة واعية بمصالح الشعب الآنية والمستقبلية وقادرة على تحويل دفة الاقتصاد من استسهال الاستدانة والاعتماد على الغير إلى نمط الاقتصاد الانتاجى الربحى، ولعله من المفيد هنا أن نذكر حكومتنا الرشيدة القادمة بأن مصر غنية بمواردها الطبيعية والبشرية معا وإلا ما قال النبى يوسف عليه السلام لفرعون وقت الأزمة العنيفة التى أحلت بمصر فى عصره «اجعلنى على خزائن الأرض»!، ولعل من المناسب هنا التأكيد أيضا على أهمية الثروة البشرية التى تملكها مصر وتفشل الحكومات المتعاقبة فى استغلالها الاستغلال الأمثل! وكم يحزن الانسان المصرى أن تعتبره حكومته عبئا ثقيلا عليها بدلا من أن تجتهد فى الحرص على رعايته صحيا واجتماعيا وتعليمه التعليم الجيد الذى يؤهله للابداع واتقان العمل، فضلا عن خلق فرص عمل مجزية له تمكنه من الاحساس بجودة الحياة والعيش سعيدا فى وطن يحميه ويرعاه! ولعلى أُذكرهم هنا أيضا بمقولة الفيلسوف الفرنسى الشهير جان جاك روسو حينما أراد أن يضع معيارا يفاضل به بين أنواع الحكومة فقال «إن أفضل أنواع الحكومات هى تلك التى يكثر فى عهدها الناس وينعمون بالاستقرار والرخاء»! وبالطبع فإن هذا هو التحدى الحقيقى أمام أى حكومة ناجحة تعمل لصالح الشعب كله وليس لمصلحة أفرادها وذويهم وطبقتهم!
إن المصريين أيها السادة هم خير شعوب الأرض كما أنهم خير أجنادها، وهم لا ينقصهم الجدية ولا العزيمة والاصرار، فقط يريدون أن يروا حكامهم قدوة لهم فى الالتزام بالقانون والحرص على أداء الواجب الوظيفى بتجرد وأمانة واخلاص، يريدون أن يشعروا بأن حكومتهم تحرص على العدالة واتاحة الفرص المتساوية أمام الجميع بلا وساطات ولا محسوبيات، يريدون أن يشعروا بأن حكومتهم قادرة على ضبط الأسواق ومنع الاحتكار وتحرص على اتاحة الخدمات والسلع للجميع بلا تمييز، يريدون أن يروا أن الكل أمام القانون سواء، يريدون أن يروا أن شوارعهم نظيفة ومنضبطة كما يرون ذلك فى دول العالم الأخرى.
إن مصر غنية بمفكريها ومثقفيها وفنانيها، فقط افتحوا النوافذ على مصراعيها ولا تكبلوهم بفرض الضرائب والجمارك على المواد الخام التى يحتاجونها لصناعاتهم الإبداعية التى كفلت لمصر دائما الريادة فى الفكر والأدب والفن، ارفعوا القيود عن التأشيرات والزيارات حتى تعود لمصر الريادة فى السياحة الثقافية وسياحة التعليم والتعلم والمؤتمرات والمهرجانات! فمن غير المعقول مثلا أن يدفع الطلاب العرب للدراسة فى مصر ضعف ما يدفعونه للدراسة فى أوربا وأمريكا ثم نشتكى من قلة الموارد الدولارية والنقد الأجنبى!! ومن غير المعقول كذلك أن يمنع أو أن توضع القيود على تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر وهى تروج لآثار مصر وحضارتها!!. إن الروتين الحكومى والقيود والعوائق أمام الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية فى كل المجالات لا تزال موجودة رغم ادعاء أننا دخلنا عصر الرقمنة!. إن أعضاء حكومتنا الجديدة التى لم تتشكل بعد يجب أن يتحلوا بأكبر قدر من الجدية والتجرد حتى يعطوا المثل والقدوة للجميع أننا بالفعل نطمح إلى دخول عصر جديد وجمهورية جديدة تعمل لخير ورفعة شأن ورخاء شعبها بكل أطيافه وطبقاته . إن عليهم أن يعوا حقيقة « أن الحكومة فى خدمة الشعب وليس الشعب فى خدمة الحكومة»!! وأن يوظفوا قدراتهم وخبراتهم لتحقيق طموحات المصريين فى دولة عادلة؛ «فالعدل أساس الملك» ولنا فى تاريخنا العريق العظيم القدوة والمثل الأعلى حيث كان دستور مصر القديمة وأساس الملك فيها يتلخص فى «الماعت» وهى كلمة تعنى ببساطة «العدالة والنظام»؛ حقا فلو عاش المواطنون فى ظل نظام عادل لساد النظام ولنعم الجميع بالاستقرار والرخاء.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نحو المستقبل رئيس الوزراء الإنسان المصرى یریدون أن
إقرأ أيضاً:
تحدّيات المرحلة المقبلة أمام الحكومة
كتب زياد عبد الصمد في "النهار": تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة مجموعة معقدة من التحديات التي تتطلب استجابات سريعة وحلولاً جذرية. فعقب النزاع الأخير والتوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة إلى تثبيت الاستقرار الأمني من خلال توحيد السلاح تحت سلطة الدولة وضمان سيادتها على كامل أراضيها. وفي الوقت ذاته، تستمر الأزمة الاقتصادية في التفاقم، ما يستدعي إطلاق مسار إصلاحي شامل يشمل إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واستعادة ثقة المجتمع الدولي والجهات المانحة، وإرساء أسس الحوكمة الرشيدة. إلى جانب ذلك، تُلقي التحديات الاجتماعية بثقلها على المشهد العام، حيث بلغت معدلات الفقر والبطالة مستويات غير مسبوقة، ما يتطلب تبنّي سياسات تنموية شاملة تضمن العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين. وفي سياق الإصلاحات الضرورية، يبقى تحديث قانون الانتخابات أمراً محورياً لضمان نزاهة العملية الديموقراطية وتعزيز ثقة اللبنانيين بمؤسسات الدولة. لبنان اليوم عند مفترق طرق، ومسار الحكومة الجديدة سيحدد ملامح المرحلة المقبلة، بين ترسيخ الاستقرار والانطلاق نحو التعافي، أو الاستمرار في دوامة الأزمات المتلاحقة. يُشكّل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بمندرجاته كافة، خاصة توحيد السلاح تحت سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، أولوية قصوى. ويشمل ذلك السيطرة على جميع المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، لمنع أي انتهاكات أمنية أو استخدام هذه المعابر في عمليات غير شرعية. وفي هذا السياق، برز موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جلسة الثقة، حيث بدا متملصاً من الاتفاق عندما أشار النائب فراس حمدان إلى دوره في المفاوضات، إذ قال بري إنه لم يوقع على الاتفاق، غير أن الجميع يدرك دوره المحوري في التوصّل إليه عبر المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بوساطة أميركية قادها المبعوث عاموس هوكشتين. وعلى الرغم من محاولات بعض الأطراف، لا سيما قيادات "حزب الله"، تفسير الاتفاقية وفق مصالحهم الخاصة، فإن نصوصها واضحة وتُلزم الدولة اللبنانية بتنفيذها التزاماً بالقرارات الدولية. كما أن تطبيق الاتفاقية يُسقط الذرائع التي تستغلها إسرائيل للبقاء في لبنان ومواصلة انتهاكاتها، بما في ذلك عمليات الاغتيال والغارات الجوية والتحليق المستمر للطائرات المسيّرة في الأجواء اللبنانية.وترتبط مسألة إعادة الإعمار بمدى التزام لبنان بالاتفاقية، وبالتالي ضمان استقرارها والتأكد من أن الحرب لن تتكرر، ما يجعل الحدود اللبنانية آمنة. فمن المعروف أن حجم الدمار هائل، ولا يقتصر على تدمير البيوت، بل يشمل البنية التحتية والخدمات العامة التي استهدفها العدو بطريقة إجرامية تفوق الوصف. وفي مواجهة التحديات الكبرى التي سيبدأ هذا العهد بمواجهتها عندما يبدأ العمل الفعلي لتحقيق أجندته الإنقاذية في مجالي السيادة والإصلاح، من الهام ألا يبتعد عن الحاضنة الشعبية الداعمة التي من المرجح أن تشكل الدعامة والحصانة في مواجهة المنظومة التي طالب ناس 17 تشرين بمحاسبتها. لذا، فإن نجاح الحكومة في تحقيق الإصلاحات المطلوبة مرهون بقدرتها على مواجهة هذه العوائق، وبإرادة شعبية تدعم التغيير، وتطالب بالشفافية والمساءلة، وتسهم في استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي، بما يمهّد الطريق نحو مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار وبناء دولة القانون والمؤسسات.