قديما قالوا: من أمن العقوبة أساء الأدب.. وحديثا نقول: إن مبدأ الثواب والعقاب والمساواة أمام القانون هما أساس النجاح والتقدم.. وغيابهما.. سيادة الفساد وبداية الاضمحلال والسقوط السريع لأعتى الحضارات وأكبر الأمم.
ومن هذا المبدأ.. شهد مجلس النواب الأمريكى الأسبوع الماضى جلسة عاصفة.. للتحقيق فيما سمى بفشل المنظومة الصحية فى مواجهة جائحة كورونا.
فعلى مدار 15 شهرا.. و 100 ساعة استماع مغلقة.. وفحص آلاف الوثائق.. بحث النواب الأمريكيون ما أسموه بالفشل فى مواجهة الجائحة.. وكذلك احتمال تورط أحد العلماء الأمريكيين فى تخليق الفيروس الذى أرعب العالم.
والعالم هو انتونى فوسى مدير وكالة «ايكو هيلث» غير الربحية للأبحاث الطبية المعنية بدراسة الفيروسات.. والتى يخول لها القانون تمرير جزء من تمويلها للمتعاونين معها علميا من خارج البلاد.. وكان مختبر الفيروسات فى ووهان الصينية، المدينة التى اندلع منها الوباء.. إحدى هذه الجهات التى تحصل على تمويل الوكالة الأمريكية.. وبالطبع كان الحرص على مراقبة كيفية انفاق أموال دافعى الضرائب الأمريكيين.. وعدم تركها نهبا لكل من يتيح له منصبه ذلك.. أحد أهم دوافع وأهداف التحقيق البرلماني.. أما مقياس نجاح أو فشل المنظومة الصحية فى مواجهة الجائحة.. فكان عدد الوفيات المسجلة مقارنة بعدد من الدول المتقدمة.. «المتقدمة فقط».. وكان ذلك هو معيار المحاسبة.. النظر لمن هم فى القمة وليس القاع.. وهذا شأن من أراد التقدم دوما.. لم تسجل الجلسات طيلة 15 شهرا كلمة واحدة لنائب أو مسئول حكومي.. حاول فيها تبرير الفشل.. ولو بالمقارنة مع الدول الأقل أداء.. أو القول لنحمد ربنا أننا لم نكن مثل دولة كذا أو كذا.. أو أن أوضاع مواطنينا أفضل من غيرهم فى بلاد أخرى.. ولنحمد الله على نعمة الأمن والاستقرار قبل غلق باب المناقشة!.. فلا مجال هنا للعبث.. أو خلط الأوراق.. بل كانت «القمة»، والإخفاق فى تقدم الصفوف، هما معيار التقييم والمحاسبة.
بالطبع دافع د. فوسى عن نفسه فيما وجه له من اتهامات.. واستطاع عبر بريد اليكترونى بتاريخ 2020 أن يثبت حرصه على عدم حدوث أى تسريب معملى فى وكالته.. لكنه عاد وأكد أن سلالة الفيروس التى ضربت العالم.. انتقلت إلى الإنسان عبر الحيوانات.. زاعما أنه لا يمكن علميا تخليقها معمليا.. كما بحث النواب فى علاقة د. فوسى بشركات الأدوية.. خاصة المصنعة للقاحات.. لفحص شبهة التربح من الجائحة.
وبغض النظر عن نتائج التحقيق البرلماني.. وإدانة العالم الأمريكى من عدمه.. يكفى مجلس النواب.. إظهار الجدية وعدم التهاون فى تطبيق مبدأ المحاسبة ومعاقبة المقصرين فى حق الوطن.. وهو التحرك الذى يضمن أداء أفضل وثغرات أقل بكثير فى المواقف المشابهة مستقبليا.. وإن لم ينته التحقيق لشيء.
فمن هنا.. ومن هنا فقط.. تكون نقطة الانطلاق بالأوطان للقمة.. لا أحد فوق القانون.. لا إخفاق دون مساءلة.. ولا إهدار للأموال دون معاقبة.
فكم حلمًا ضاع.. وكم وهمًا استنفد طاقتنا.. وكم شركة أفلست.. وكم أهدر الصغار أموالنا.. دون عقاب.. وكم مستهين بمقدرات الأمة أفلت من المساءلة.. فاستمرأ من خلفهم الفشل.. وتحول فشل التخطيط.. إلى التخطيط للفشل.. وكم بقينا، نعيب زماننا والعيب فينا، وما لـزماننا عيب سوانا.. ونهجو ذا الزمان بغير ذنب، ولو نطق الزمان لنا هجانا.. ودمتم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: لوجه الله مجلس النواب الأمريكي
إقرأ أيضاً:
قبل مناقشته بمجلس النواب.. ننشر أهداف قانون الإجراءات الجنائية الجديد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعكف مجلس النواب خلال جلساته العامة لهذا الأسبوع، علي إجراء حوار مجتمعي موسع حول قانون الاجراءات الجنائية وذلك بعد الجدل الكبير الذي اثاره القانون أثناء التعديلات التي أجراها المجلس عليه منذ أشهر .
ويعد القانون خطوة هامة فى تحديث النظام القانونى فى مصر، ويهدف إلى تحقيق نقلة نوعية فى فلسفة الإجراءات الجنائية، حيث يمنح النيابة العامة اختصاصات أوسع فى تحريك الدعوى الجنائية، كما يشمل مجموعة من الضمانات التى تعزز من حقوق الإنسان، منها تقليص مدة الحبس الاحتياطى، وتقييد سلطات مأمورى الضبط القضائى فى القبض والتفتيش، ووضع ضوابط لتعويض المتهمين عن الحبس الاحتياطى الخاطئ، كما يتضمن المشروع تنظيما متكاملًا لحماية الشهود والمبلغين والمتهمين والمجنى عليهم، وتقديم تسهيلات لذوى الهمم فى مراحل التحقيق والمحاكمة، بالإضافة إلى تنظيم التحول التدريجى للإعلان الرقمى والتحقيق والمحاكمة عن بعد.
حيث يعكس القانون روح الدستور المصرى ويلبى احتياجات المجتمع، مع مراعاة أدق التفاصيل القانونية والحقوقية؛ وجاءت المسودة النهائية بعد مراجعات شاملة وتعديلات متأنية، لتؤكد أن التشريع هو نتاج عمل جماعى تشاركى، هدفه الأساسى إرساء نظام قضائى عادل يحمى حقوق الأفراد ويصون استقرار المجتمع.