باريس- قبل 3 أيام من انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر أن تجرى في فرنسا الأحد 9 يونيو/حزيران الجاري وبعد الاحتفال بالذكرى الـ80 لإنزال قوات الحلفاء في نورماندي بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والمستشار الألماني أولاف شولتس خاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشعب عبر القنوات الفرنسية.

وبينما كان من المتوقع أن يركز ماكرون حديثه مساء أمس الخميس على حملته الانتخابية لجذب انتباه الناخبين عاد للتطرق إلى الحرب بين أوكرانيا وروسيا وتكرير موقفه بشأن الدولة الفلسطينية، منتهزا الفرصة أيضا لتأكيد مخاطر انتصار اليمين المتطرف في أوروبا.

يأتي ذلك في وقت تتراوح فيه نوايا التصويت لحزب ماكرون بين 15 و20%، وهو أدنى مستوى منذ بدء حملة الانتخابات الأوروبية، على عكس حزب الجبهة الوطنية الذي تجاوز الضعف بقيادة جوردان بارديلا، وفقا لاستطلاعات الرأي.

وانطلقت الانتخابات بالفعل أمس الخميس وتستمر حتى التاسع من يونيو/ حزيران الجاري، حيث سيدعى نحو 360 مليون ناخب في مختلف دول الاتحاد الأوروبي لاختيار 720 عضوا بهذا البرلمان.

ويختلف موعد الانتخابات بين دول الاتحاد حيث بدأت أمس الخميس في هولندا، وتقام اليوم الجمعة في أيرلندا، وغدا السبت في كل من لاتفيا ومالطا وسلوفاكيا، في حين يصوت الناخبون في إيطاليا والتشيك على مدى يومي الجمعة والسبت، ثم تنعقد الانتخابات في بقية دول الاتحاد الأوروبي يوم الأحد 9 يونيو/حزيران المقبل.

تراجع الشعبية

ولطالما اتبع ماكرون نمط "استيعاب الأزمة والجمود ثم الانطلاق مجددا" منذ إعادة انتخابه في عام 2022، لكن نتائج استطلاعات الرأي واختيار فاليري هاير لرئاسة قائمة حزبه "النهضة" في الانتخابات الأوروبية لاقت انتقادات كثيرة.

وعن رفض الأعضاء المعروفين داخل حزب ماكرون ترؤسه قائمة الترشح، فسر أستاذ العلوم السياسية توماس غينولي ذلك بعدم رغبتهم في المخاطرة لأنهم لا يتوقعون أن تكون النتيجة لصالحهم "ومن هنا جاء اختيار هاير التي لم يكن يعرفها أحد على المستوى الوطني قبل هذه الانتخابات، وهي عضوة من الدرجة الثانية في الحزب".

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار غينولي إلى أن عدم تمكن ماكرون من الترشح لولاية رئاسية ثالثة يعني أن الكتلة المركزية تمتلك زعيما لم يعد له نفس الصخب والاهتمام الشعبي في معركة السلطة الرئاسية، مما يضعف قيادته تلقائيا مع غياب أي أسماء سياسية جديدة لهذه الكتلة في الوقت الحالي.

من جانبه، اعتبر ستيفان زومستيغ مدير قسم السياسة والأبحاث في معهد "إبسوس" أن خطاب الرئيس الفرنسي في جامعة السوربون الشهر الماضي ومقابلته على القنوات الفرنسية أمس الخميس "لم يكن لهما أي تأثير إيجابي".

وقال إنهما جاءا في سياق لا يحظى فيه ماكرون بشعبية كبيرة في فرنسا وليس قادرا على دعم قائمة معسكره الانتخابي، ورغم محاولته تقديم نفسه كـ"زعيم لأوروبا" لم يجد مكانه في الانتخابات الأوروبية رغم أهميتها، وفق زومستيغ.

وأضاف زومستيغ للجزيرة نت أن ماكرون انشغل في الفترة الأخيرة بالشؤون الأوروبية واتخذ مبادرات دون سابق إنذار لشركائه الأوروبيين في أحيان كثيرة ومضى بمفرده في إستراتيجيته دون استشارة الآخرين، مستذكرا تصريحاته بشأن إرسال الجنود إلى أوكرانيا ورد الفعل المعارض من ألمانيا وإيطاليا.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (الفرنسية) معاقبة الرئيس

وعلى خلاف الحزب الرئاسي "النهضة" تتصدر قائمة التجمع الوطني بزعامة بارديلا -وتحت وصاية مارين لوبان– قائمة نوايا التصويت بفارق كبير في انتخابات بعد غد الأحد.

وفي هذا الإطار، لا يعتقد المسؤول في معهد "إبسوس" المتخصص في الدراسات السياسية وتحليل استطلاعات الرأي أن تصريحات ماكرون السابقة وأخطاءه ستؤثر سلبا على حملته الانتخابية بشكل مباشر وتكون سببا في انتصار اليمين المتطرف، لكن التأثير الأكثر فعالية -برأيه- هو غياب شعبيته لدى الفرنسيين.

في المقابل، هناك تقدم كبير لحزب التجمع الوطني الذي قد يشكل دعم الشعب له في التصويت عقوبة لرئيس الجمهورية، وسيصب ذلك في مصلحة لوبان.

وأوضح زومستيغ أن التجمع الوطني يتمتع اليوم بدعم شعبي منذ تولي لوبان قيادة الحزب، مشيدا ببرنامجها الانتخابي "لأنها تخلت عن فكرة الخروج من أوروبا والحديث عن ملف الهجرة بالحدة نفسها، وركزت على ما يريده ناخبوها الفرنسيون".

"كما تمكنت من مخاطبة الأوساط الشعبية والتطرق إلى الخدمات العامة والمساعدة الاجتماعية، وهذه خطوة تحسب لها وتمنحها الفرصة لجذب ناخبين جدد"، حسب زومستيغ.

لكن المحلل السياسي توماس غينولي يرى أن صوت الفرنسيين غير مفيد على الإطلاق في هذه الانتخابات، لأنهم لا يعتبرونها قضية ذات أهمية بالنسبة لهم رغم أن البرلمان الأوروبي يتمتع بقدر كبير من السلطة يحدد من خلالها قوانين تؤثر على مختلف شعوب دول الاتحاد الأوروبي.

وقد اتهمت زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان في مقابلة على قناة "بي إف إم تي في" ماكرون بـ"التلاعب بالرأي" من خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي التي سيلقي خلالها كلمة أمام نواب الجمعية الوطنية الجمعة.

واعتبرت أن السلطة التنفيذية تحاول "الاستفادة سياسيا" من احتفالات يوم الإنزال التي ينبغي أن تكون "لحظة للوحدة الوطنية".

فشل متوقع

وبينما يحاول الرئيس الفرنسي ورئيس وزرائه غابرييل أتال الظهور بشكل لافت على وسائل الإعلام المحلية في الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية فإن التوقعات لا تزال تدور في حلقة مفرغة عنوانها الرئيسي: الفشل.

ويعتقد 72% من الفرنسيين أن فشل حزب النهضة في الانتخابات الأوروبية سيؤدي إلى عواقب سياسية كبيرة، مثل حل الحكومة أو التعديل الوزاري.

وتحظى هذه الفرضية بدعم أغلبية مؤيدي أحزاب المعارضة بنسبة 87% من حزب الجبهة الوطنية و74% من حزب "فرنسا الأبية" بقيادة جان لوك ميلانشون.

وفي انتظار نتائج صناديق الاقتراع يؤكد ستيفان زومستيغ أن "كل ما لدينا حتى الآن هو استطلاعات رأي تظهر أن التجمع الوطني لا يزال متقدما، في حين يحافظ حزب ماكرون على مركزه المتراجع".

وأضاف أنه على الرغم من إستراتيجيات ماكرون وأتال ومناوراتهما لتحسين صورة الحكومة في الأشهر الأخيرة فإنهما لم يشعرا بأي تغيير أو تحسن في المشاكل والأزمات الداخلية.

وفي حال خسارة معسكر ماكرون في هذه الانتخابات يرى أستاذ العلوم السياسية غينولي أنها ستفسر في فرنسا على أنها هزيمة خاصة به "لكن السؤال الذي سيُطرح لاحقا هو: هل سنأخذ رئيس البلاد على محمل الجد فيما يتعلق بالشؤون الأوروبية في المستقبل؟".

وأشار إلى أن هذا الفشل المتوقع "لن يكون مهينا جدا بالنسبة لماكرون، لأن قوة اليمين المتطرف ستكون هائلة في العديد من الدول الأوروبية، ولن يقتصر الأمر على فرنسا فقط".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الانتخابات الأوروبیة الرئیس الفرنسی التجمع الوطنی أمس الخمیس حزب ماکرون

إقرأ أيضاً:

كيف تسببت المقامرة الضخمة لماكرون في فوز اليمين المتطرف بفرنسا؟

استعرضت مجلة "نيويوركر" الأمريكية تفاصيل الخطأ الذي ارتكبه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بعد دعوته لإجراء انتخابات مبكرة، في مقابلة مع الخبيرة في السياسة الفرنسية، سيسيل ألدوي.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الفرنسيين أدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات الجمعية الوطنية التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون في وقت سابق من الشهر الماضي قبل ثلاث سنوات من الموعد المقرر لها. وكانت النتيجة أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف - حزب المرشحة الرئاسية السابقة مارين لوبان - حصل على حوالي 34 بالمئة من الأصوات، يليه تحالف أحزاب اليسار، بحوالي 28 بالمئة من الأصوات.

وجاء ائتلاف ماكرون الوسطي في المركز الثالث بنسبة 21 بالمئة من الأصوات. ولم تُعرف بعد النتائج المحددة لكل مقعد على حدة، ولكن يبدو أن اليمين المتطرف على وشك الحصول على أغلبية تشريعية - وهو ما يعني أن التجمع الوطني قد يختار رئيس الوزراء المقبل - أو برلمانا معلقا مع سيطرة اليمين المتطرف على معظم المقاعد.

وجاء قرار ماكرون الصادم بالدعوة إلى التصويت مباشرة بعد أن تجاوز اليمين المتطرف التوقعات في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وكان المقصود منه إضعاف صعود اليمين المتطرف، الذي اعتبره ماكرون تهديدا لمستقبل فرنسا. وأصر ماكرون على خروج الفرنسيين للتصويت، وقد فعلوا ذلك بالفعل، لكن النتائج أظهرت فقط مدى قوة اليمين المتطرف.

وفي هذا التقرير، ناقشت سيسيل ألدوي، أستاذة الدراسات الفرنسية في جامعة ستانفورد والمتخصصة في اليمين الفرنسي المتطرف، سبب قيام ماكرون بمثل هذه المقامرة الضخمة، وكيف تغيرت علاقة الشعب الفرنسي باليمين المتطرف في العقد الماضي، وما إذا كان يمكن للوسط واليسار أن يتّحدا في 7 تموز/ يوليو وفي المستقبل.

وفي سؤالها عن أهم استنتاجاتها من نتائج الجولة الأولى، قالت ألدوي إن ماكرون خاض هذه المقامرة الضخمة على أمل أن يعيد الأغلبية لائتلافه، وأن المعارضة لن يكون لديها الوقت الكافي لإعداد وحشد قواتها، وقد خسر مقامرته. لكن الدرس الذي لا لبس فيه في الواقع هو أن تحالف ماكرون تلقى ضربة قوية قد تكلفه خسارة حوالي مائتي مقعد.

ثم هناك حقيقة أن نسبة المشاركة كانت هائلة مما يعني أن نسبة الأربعة والثلاثين بالمئة التي حصل عليها التجمع الوطني، وهي نسبة غير مسبوقة في حد ذاتها، تعادل حوالي 12 مليون شخص. إنها تعبئة ضخمة، وتعادل تقريبًا ما حصلت عليه مارين لوبان في الجولة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية في سنة 2022.



وقالت ألدوي إنه كان من المتوقع أن تكون نسبة المشاركة أعلى بكثير مما كانت عليه في سنة 2022، وهي المرة الأخيرة التي أجريت فيها أيضًا انتخابات للجمعية الوطنية، واعتقد الناس أن هذا يعني حشد الناس ضد اليمين المتطرف. لكن ما حدث في الواقع هو أن الجميع حشدوا قواتهم. لذا فقد تمكن اليمين المتطرف من جمع زخم أكبر مما كان عليه قبل ثلاثة أسابيع خلال الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وكسب أعداد أكبر من الأصوات.

لفترة طويلة، كان علماء السياسة والمعلقون يرون أن جزءًا كبيرًا من سبب تصويت الناس لليمين المتطرّف هو التعبير عن احتجاجهم ضد المؤسسة. لذلك كان الاختيار افتراضيًا. لكن لا يمكن قول ذلك بعد الآن. فكثير من الناس يؤمنون بما يقترحه التجمع الوطني، ويجتمعون عليه باعتباره لصالح أجندة محددة. لذلك يعتبر الأمر مذهلًا ليس فقط من حيث النتائج وإنما أيضًا ما يعنيه التغيير في صفوف السكان الفرنسيين، فيما يعتبرونه مهما لمستقبل فرنسا.

وأوضحت ألدوي أن الأحزاب الحاكمة الراسخة حتى مثل الحزب الجمهوري الفرنسي، أو الحزب الاشتراكي، لو حصلت قبل خمس عشرة سنة على ثلاثين بالمئة في الجولة الأولى، لكانوا سعداء للغاية. وأشارت إلى أن ذلك كان نصرًا كبيرًا، لأننا نسير في نظام من جولتين. إنه ليس نموذجًا ثنائي القطب، كما هو الحال في الولايات المتحدة.

وفي سؤالها عن سبب قيام ماكرون بفعل ذلك، قالت ألدوي إن هناك أسبابًا رسمية، وأسبابًا انتخابية، وأخرى نفسية. وهي تعتقد أن السبب الرسمي يتمثل في أن الانتخابات الأوروبية أظهرت رفضًا قويًا لائتلاف الرئيس، الذي حصل على نسبة 14 بالمائة، وهو أمر سيء للغاية. وكان هناك خطر يتمثل في أن الحكومة الحالية لن تكون قادرة على تمرير قوانين جديدة، لأنها لا تملك الأغلبية المطلقة في الكونغرس. لذلك كان عليهم أن يفرِضوا إصلاح نظام التقاعد، وإصلاح نظام الهجرة. وأصبح من الصعب حقًا إصدار التشريعات وبالتالي اتخاذ أي إجراء ملموس في الحكومة. لذلك أراد تعديل كل شيء وجعل الناخبين يواجهون مسؤولياتهم في تحديد الاتجاه الذي يريدون أن تسلكه البلاد.

كان السبب الانتخابي أن الانتخابات المبكرة تم تنظيمها بسرعة كبيرة، في أقصر حملة انتخابية في فرنسا منذ سنة 1958. وكانت الحسابات تشير إلى أن أحزاب الأغلبية كانت منظمة للغاية بالفعل ومتحدة بينما كان اليسار في حالة من الفوضى والانقسام. وفي حين لم يكن التجمع الوطني منظما بشكل جيد ولم يتمكن من التحالف لأنه منبوذ لفترة طويلة، لكن اليسار نظم نفسه في أربعة أيام وأنشأ هذا الائتلاف الجديد. وعندما تمكن التجمع الوطني من إيجاد حلفاء في صفوف الحزب الجمهوري، غيّر النتيجة بأكملها.

ويتمثّل السبب الثالث وراء الانتخابات المبكرة في أن التقارير الواردة من كيفية اتخاذ القرار ومن المطلعين على بواطن الأمور تشير إلى أن ماكرون كان دائمًا يريد تقديم نفسه على أنه المنقذ من مخاطر مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية.



لذا فإن هذا الموقف المتمثل في كونه الشخص الذي يمكنه تغيير التاريخ، وتعطيل التاريخ، وإنقاذه من نفسه، كان بمثابة روايته الشخصية، وقصته الخاصة. وبدأ يشعر بأنه لم يعد لديه مجال للمناورة والتصرف ليكون الرئيس الاستباقي الذي يكتب التاريخ بسبب هذا النوع من الأغلبية النسبية التي يتمتع بها. لذلك، أراد تعديل الأمر وخلق شيء تاريخي.

وترى ألدوي أن النتيجة ليست بالضبط ما كان يدور في ذهنه، ولكن هناك عنصر نفسي لشخص مشبع بإحساس قوته وقدرته على تغيير التاريخ. فهو لم يتشاور مع كثير من الناس بل اتخذ هذا القرار بشكل فردي تماما. لذلك هناك العنصر النفسي للشخصية النرجسية للغاية، في الطريقة التي يمارس بها السلطة مع القليل جدًا من المشورة من الآخرين، ورغبة قليلة جدًا في استشارة مختلف فروع الحكومة، مثل زعيم مجلس الشيوخ، كما كان من المفترض القيام به وفقا للدستور.

واستعرضت ألدوي رأي الطرف المعاكس، مشيرة إلى أنه في انتخابات البرلمان الأوروبي حصل اليمين المتطرف على واحد وثلاثين بالمائة من الأصوات وأربعة وثلاثين بالمائة في الجولة الأولى من هذه الانتخابات. وفي صحيفة نيويورك تايمز قام أحد حلفاء ماكرون بطرح فكرة أن أحد أسباب دعوة ماكرون للانتخابات الآن هو الشعور بأن شعبية اليمين المتطرف كانت ترتفع وستزداد بعد إعلان ماكرون عن المزيد من الإجراءات الاقتصادية التي لا تحظى بشعبية. لذا حتى لو أن هذا سيبدو سيئًا جداً بالفعل، فقد كان من الأفضل القيام بذلك عاجلًا وليس آجلًا.

واعتبرت ألدوي بأن هذا التفكير سطحي جدًا. لقد كانت الانتخابات القادمة مقرّرة في سنة 2027، بعد الانتخابات الرئاسية عندما يتعين على ماكرون التنحي. لقد كان ماكرون يتوقّع بالفعل أن مارين لوبان ستفوز في سنة 2027، وفي هذه الحالة ستخوض انتخابات للجمعية الوطنية بعد ذلك مباشرةً وتخوض الانتخابات بأغلبية مطلقة، ولكن هذا في الحقيقة هو توقّع بالهزيمة قبل ثلاث سنوات. وفي سنة 2027، سيكون الناس على علم بوجود الانتخابات. لذا سيحظى اليمين واليسار التقليديان بفرصة أكبر لتنظيم أنفسهم لمحاولة تقديم مرشح جديد حيث لا يمكن لماكرون أن يكون مرشحًا.

وفي سؤالها عن مدى تفاؤلها بأن يتمكن اليسار والوسط من تشكيل جبهة موحدة في الأسبوع القادم، ذكرت ألدوي أنه بعد التصويت، كان هناك أيضًا تصريح واضح جدًا من قبل رئيس الوزراء غابرييل أتال، وهو رئيس الأغلبية المركزية الحالية، قال فيه إنه في أي دائرة يكون فيها احتمال أن يفوز مرشح اليمين المتطرف، إذا جاء الوسطيون في المركز الثالث في تلك الدائرة؛ فإنهم لن يترشحوا في الجولة الثانية، خدمةً لهذه الجبهة الجمهورية، لضمان أن يكون هناك اختيار بين مرشحين اثنين فقط وتكون هناك فرصة للمرشح البديل من اليسار للفوز.

وبسؤالها عن موقف الجمهوريين، وهو حزب من اليمين الوسط، بشأن تشكيل تحالف مع اليمين المتطرف، أوضحت ألدوي أن حزب الجمهوريين الفرنسي قد انقسم فعليًا بسبب هذه الانتخابات. فرئيس الحزب قد قرر تشكيل تحالف مع التجمع الوطني وتمت إقالته من الحزب. ومع ذلك، فإن القاعدة والناخبين قد تبادلوا العبارات تقريبًا، وقد ظنوا بالفعل أن التجمع الوطني والجمهوريين متبادلان. لذا هناك تداخل كبير بالفعل بين الناخبين. لذا حقيقة أن قادة الحزب في نزاع حول الاتجاه الذي يجب أن يسلكوه لا تعني الكثير فيما يتعلق بالناخبين، لأن الناخبين المحليين قد بدأوا بالفعل التصويت إما للتجمع الوطني أو الجمهوريين اعتمادًا على الانتخابات والمرشحين أمامهم.

وبسؤالها عما إذا كان هناك أحد يفكر على نطاق واسع حول ما يجب تطويره في السياسة على مدى السنوات القليلة المقبلة لتقديم بديل، أشارت ألدوي إلى أنه لا يتم معالجة المشكلة ذاتها ولكن يتم إصلاحها فقط، وذلك من خلال تشكيل تحالف طارئ لضمان وجود أقل عدد ممكن من ممثلي التجمع الوطني، وذلك في الوقت الذي يعمل فيه برنامج التجمع الوطني على تقويض الديمقراطية الفرنسية.

اعتبرت ألدوي أن "الأفضلية الوطنية" التي من شأنها أن تمنح الوظائف، والسكن، والرعاية الاجتماعية وعددًا من المنح الدراسية الممولة من الدولة إلى المواطنين الفرنسيين، وفي نفس الوقت تختزل من يمكن أن يصبح فرنسيًا في أولئك الذين لديهم ما يسمى بالدم الفرنسي في عروقهم فقط، هي تعريف عنصري للمواطنة، وهو حقًا نقطة تحوّل تاريخية.

وشددت ألدوي على أن ما قام به ماكرون هو تدمير اليمين الوسط واليسار الوسط وتقديم فرنسا لعصر لم يعد هناك استقرار على الإطلاق من حيث سياسات الأحزاب، ولكن في نفس الوقت، لم يتمكن من الحكم بطريقة تجلب الدعم الكافي لحركته المركزية.

وأضافت سيسيل ألدوي أن الهدف هو تقويض الأحزاب اليسارية التقليدية والأحزاب اليمينية التقليدية لإنشاء مركز كبير يحكم بطريقة أكثر براغماتية وودية وتجنب التقسيم. وما خلقه كان ما خطط له، وهو أنه قد قوض تمامًا اليمين واليسار التقليديين، وقد اختفوا تقريبًا. بسبب كل هذه الأمور فقد يتجه الناخبون إلى التجمع الوطني بعد انهيار اليمين واليسار، ليصبح الموقف كما هو: إما ماكرون أو لوبان، وبالتالي عندما يكون الناس ضده؛ فإنهم يتجهون إلى لوبان.

مقالات مشابهة

  • الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التاريخية في فرنسا تنطلق السبت
  • معركة «النفس الأخير» لماكرون ضد اليمين المتطرف.. «الوحدة الأوروبية في خطر»
  • غموض وتوتر قبل 3 ايام من الدورة الثانية للانتخابات التشريعية الحاسمة في فرنسا
  • كيف تسببت المقامرة الضخمة لماكرون في فوز اليمين المتطرف بفرنسا؟
  • مدن إسبانية تتراجع عن إحتضان مباريات كأس العالم 2030
  • ‎تعرض المتحدثة باسم حكومة فرنسا للاعتداء خلال حملة انتخابية
  • صحيفة روسية: هل تتخلى فرنسا عن أوكرانيا إن خسر ماكرون؟
  • ماكرون: لن نحكم مع حزب فرنسا الأبية حال تشكيل تحالف ضد اليمين المتطرف
  • وصول اليمين المتطرف للسلطة في فرنسا
  • ماكرون: لن نحكم مع "فرنسا الأبية" في حال تشكيل تحالف ضد اليمين المتطرف