تحسن التصنيف يعزز مكانة عمان كوجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات، ويسهم في تراجع كلفة التمويل وأعباء الدين المستقبلية

مع حجم الأعباء المرتبطة بالدين، كان خفضه وتسريع سداده أهم أولويات الاستدامة المالية، وإتاحة توجيه الموارد نحو دعم الجوانب الاقتصادية والاجتماعية

تتوقع وكالات التصنيف استمرار المنحنى النزولي للدين لنحو 31% من الناتج المحلي بحلول 2027

خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، أشاد حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه - مجدَدا بكافة الجهود التي قادت لتحسين الوضع المالي واستمرار رفع تصنيف سلطنة عمان من قبل وكالات التصنيف الائتماني العالمية، وتأتي الإشادة السامية لتتوج ما حققته سلطنة عمان من تقدم يفوق التوقعات في استغلال مواردها المالية والنتائج الملموسة للإصلاحات المالية وجهود تقوية الوضع المالي للدولة ونقله من مرحلة المخاطر الكبرى إلى استقرار يعززه المؤشرات الإيجابية الحالية من تراجع الدين العام ورفع التصنيف الائتماني، ومكاسب طويلة الأمد ترسيها التوجهات الناجعة في حسن استغلال عائدات النفط وإدارة المحفظة الإقراضية وخفض الأعباء المستقبلية للقروض، مما أحدث تحسنا متواصلا في آفاق الاستدامة المالية.

وكان للتحسن الكبير في الوضع المالي والتصنيف الائتماني العديد من الانعكاسات الإيجابية خاصة تعزيز مكانة سلطنة عمان كوجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات، واستفادت سلطنة عمان بشكل مباشر من ارتفاع جدارتها الائتمانية من خلال تراجع كلفة التمويل وتمكنها من إعادة هيكلة المحفظة الإقراضية واستباقية سداد الديون المكلفة واستبدال بعضها بأخرى أقل كلفة مما حقق وفورات كبيرة في أعباء الديون المستقبلية، حيث أشارت تقديرات وزارة المالية إلى أن خفض إجمالي الدين العام وإدارة المحفظة الإقراضية حقق وفورات سنوية من خدمة الدين العام المستقبلية تبلغ 350 مليون ريال عُماني.

ومنذ تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى في عام 2020، واصل الدين العام التراجع مسجلا أدنى مستوياته هذا العام، وجاء التراجع في كل من إجمالي حجم الدين ونسبته للناتج المحلي الإجمالي.

ويعزز المضي قدما في تنفيذ توجهات الاستدامة المالية الخفض المتواصل في أعباء الميزانية العامة من خلال ترشيد الإنفاق وإعادة هيكلة الميزانية وخفض الأعباء المرتبطة بالقروض المستحقة، وخلال العام المالي 2023 وجهت سلطنة عمان 400 مليون ريال من مواردها المالية الاحتياطية لمخصصات سداد القروض المستقبلية وبلغ مخصص خدمة الدين أكثر من مليار ريال عماني وتم سداد ما يصل إلى 2.2 مليار ريال عماني من القروض الخارجية، وكانت وزارة المالية قد أشارت إلى أن إجمالي ما تم سداده لخدمة الديون منذ عام 2020م حتى نهاية عام 2023م يتجاوز 4 مليارات ريال عماني.

ومع هذا الحجم من الأعباء المرتبطة بالدين، تأتي أهمية النتائج التي حققها سلطنة عمان نحو خفض الدين وأعبائه وتسريع سداده كأهم الأولويات التي تعزز آفاق الاستدامة المالية، بما يتيح توجيه الموارد نحو دعم آفاق التنويع والأولويات الاجتماعية للرؤية المستقبلية.

وضمن التقدم المتواصل الذي تحققه جهود تحسين الوضع المالي وخفض حجم الديون، يكشف إعلان وزارة المالية أمس عن استمرار التطورات الإيجابية في ملف الدين، والملامح الأساسية للتعامل مع ملف الدين العام خلال الفترة المقبلة، ومن أهم هذه الملامح استمرار مراجعة تكاليف التمويل وبناء الاحتياطيات التي تعزز مرونة الوضع المالي حاليا ومستقبلا في مواجهة تقلبات النفط، إضافة إلى التوجه نحو سوق الدين المحلي بهدف خفض كلفة التمويل وتنويع محفظة الإقراض بما يسهم في خفض وتنويع المخاطر، وقد كشفت وزارة المالية عن سداد 700 مليون ريال عماني من الصكوك الدولية المستحقة، وتراجع حجم الدين العام من 15.3 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2023م إلى 14.5 مليار ريال عُماني وتراجع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 36.5 بالمائة بنهاية العام الماضي إلى 33.9 بالمائة خلال النصف الأول من العام الجاري، وتتوقع وكالات التصنيف الائتماني العالمية استمرار المنحنى النزولي للدين العام للدولة ليبلغ نحو 31 بالمائة من الناتج المحلي بحلول عام 2027، وهو يضع الدين العام عند الحد الآمن الذي تقدره وحدة السياسات المالية الكلية بوزارة المالية بنحو 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الحد الذي يمكن الحكومة من الوفاء بمتطلبات الدين العام والحفاظ في الوقت نفسه على مستويات النمو الاقتصادي.

وتأتي هذه التطورات الإيجابية في ملف الدين امتدادا لما حققته سلطنة عمان من نجاح في خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات القليلة الماضية، مما أدى لوصوله إلى قرب الحدود الآمنة، بعد أن كان الدين قد وصل إلى ذروة ارتفاعه في عام 2020 حين صعدت نسبته للناتج المحلي إلى حوالي 70 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وقبل بدء تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى، كان من المرجح أن يتخطى الدين حجم الناتج المحلي مما أنذر بالمخاطر الواسعة التي تهدد المركز المالي للدولة في ظل تفاقم العجز المالي السنوي للميزانية الذي بلغ 19.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وأدى تراكم هذا العجز سنويا إلى الارتفاع الحاد في حجم الدين العام ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تم تغطية الاحتياجات التمويلية بالاقتراض المحلي والخارجي والسحب من الاحتياطيات العامة.

وخلال السنوات الماضية، قادت التوجيهات السامية ما شهدته سلطنة عمان من تحول جذري في الوضع المالي وتقدم نحو الاستدامة المالية كممكن أساسي لإنجاح مستهدفات رؤية "عمان 2040" حيث وجه جلالته - حفظه الله - بتنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى، وسرعة سداد الدين وتحقيق أقصى استفادة من الفرصة المواتية لارتفاع النفط التي حققت إيرادات إضافية للميزانية العامة من خلال ما تم تسجيله من فائض مالي، ووفق التوجيهات السامية، تم استغلال الفوائض المالية التي تحققت في سداد نسبة كبيرة من الديون والاستباقية في سداد بعض القروض، وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات التنموية لدعم توجهات التنويع فضلا عن تعزيز الإنفاق الاجتماعي من خلال مخصصات الدعم والمساهمات في الميزانية وبدء تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من الناتج المحلی الإجمالی بالمائة من الناتج المحلی الاستدامة المالیة التصنیف الائتمانی وزارة المالیة سلطنة عمان من الوضع المالی الدین العام ملیار ریال ریال عمانی من خلال

إقرأ أيضاً:

سهل صلالة الزراعي مورد داعم للاقتصاد المحلي في سلطنة عُمان

العُمانية: يُمثل سهل صلالة الزراعي نموذجًا للإنتاجية والاستدامة الاقتصادية وتعزيز الأمن الغذائي في سلطنة عُمان من خلال جمعه بين أساليب الزراعة التقليدية والطرق الحديثة وإنتاج عددٍ من المحاصيل والصناعات المرتبطة بالمنتجات الزراعية.

ويمتد سهل صلالة الزراعي على مساحة تقدر بـ 5 آلاف فدان، ويشهد هطول الأمطار الموسمية السنوية في موسم الخريف خلال الفترة من 21 يونيو إلى 21 سبتمبر من كل عام، حيث يبلغ الهطول السنوي للأمطار نحو 100 ملم، وتشكل هذه الظروف المناخية فرصة لتعزيز خصوبة التربة.

وقال المهندس فائل بن محمد الجحفلي المدير العام المساعد للزراعة وموارد المياه بمحافظة ظفار: إنّ الإنتاج الزراعي يعمل على تعزيز الجوانب الاقتصادية لسلطنة عُمان من خلال الإنتاج المباشر لعددٍ من المحاصيل منها على سبيل المثال لا الحصر الموز الذي يشكل نحو 15.3 % من إجمالي إنتاج الفواكه في السهل، إذ يصل إنتاجه السنوي إلى نحو 4928 طنًّا، ويُصدر منه إلى الأسواق الإقليمية مثل دول الخليج، مما يساهم في رفد القطاع الاقتصادي المرتبط بالزراعة.

وأضاف: يُنتج السهل نحو 7 آلاف طنٍ سنويًّا من جوز الهند ذي القيمة الغذائية العالية، وتُستخدم ثماره في التصنيع الغذائي، مثل زيت جوز الهند وفي العديد من مكونات مستحضرات التجميل والعناية بالجسم.

وأكد أنّ سهل صلالة الزراعي يدعم نمو قطاع السياحة الزراعية خلال موسم الخريف، ويُعد نقطة جذب أساسية للسياح الذين يستمتعون بمشاهدة مناظر المزارع الممتدة لجوز الهند وغيرها من الأشجار المثمرة كالموز والفيفاي وتجربة تناول ثمارها الطازجة من أكشاك بيع مخصصة لهذا الغرض، لافتًا إلى أنّ السهل يُزرع فيه كذلك عددٌ من المحاصيل الأخرى كالمانجو، وأنواع الحمضيات، وأصنافٌ متعددةٌ من الخضار، إلى جانب أنواعٍ من الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها الماشية، إضافة إلى زراعة النباتات العطرية والطبية التي تحتاج إلى مناخ مشبع بالرطوبة.

وأشار إلى أنه بالرغم من المساهمة الاقتصادية الكبيرة لسهل صلالة إلا أنه يواجه تحديات تتعلق بالتضاريس الجبلية التي تحد من توسيع الرقعة الزراعية وتجعل الوصول لبعض المناطق الزراعية صعبًا، بالإضافة إلى تحدي توفر الموارد المائية والاعتماد على مياه الأمطار وتقسيم المزرعة إلى مساحات صغيرة وهي طريقة تقليدية غير مجدية اقتصاديًّا، وتأجير المزارع للقوى العاملة الوافدة، والزحف العمراني، فضلًا عن التحديات الناجمة عن انتشار بعض الآفات الزراعية.

وأكد أنّ وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تعمل على تذليل هذه الصعوبات وتقديم الدعم المناسب للمزارعين، من خلال إدخال عددٍ من التقنيات الحديثة في الزراعة التي تتمثل في الري بالتنقيط والرش، واستخدام المحاور لتحسين استدامة الزراعة، إضافة إلى الزراعة في البيوت المحمية والمظلات، واستخدام تقنية الزراعة المائية دون تربة، وأنظمة الطاقة الشمسية.

وتابع أنّ المديرية تنفذ عددًا من البرامج والمشروعات لدعم المزارعين من بينها، تمويل صندوق التنمية الزراعية والسمكية لمشروعات زراعة (الكركم والزنجبيل والبن العربي)، إلى جانب مشروعات دعم تقاوي القمح وخدمة الحاصدات الزراعية، وتوزيع الشتلات الزراعية، بالإضافة إلى تدريب وإرشاد المزارعين على الزراعة العضوية التي تساعد في تقليل استخدام المواد الكيميائية.

ويقوم عددٌ من المزارعين وأصحاب المزارع في سهل صلالة بالزراعة في البيوت المحمية التي تعد تقنية زراعية حديثة تهدف إلى تحسين إنتاج المحاصيل في بيئة خاضعة للرقابة، وتتميز هذه الطريقة باستخدام هياكل محمية تُبنى من مواد مثل البلاستيك أو الزجاج، مما يسمح بحماية النباتات من التغيرات المناخية مثل الرياح والحرارة المرتفعة أو الأمطار الغزيرة.

وحول هذه التقنية قال عبد الله بن محمد الشنفري أحد المهتمين بنمط زراعة البيوت المحمية: إنّ هذا النوع من الزراعة يعتمد على التهوية والإضاءة، ويتم من خلاله توزيع النباتات على رفوف تسهل الوصول إليها، مما يجعل عملية الري والتسميد والحصاد أكثر كفاءة، مشيرًا إلى أنّ نظام الزراعة في البيوت المحمية يمر بخطوات معينة تبدأ بتصميم البيت المحمي، الذي يجب أن يكون مناسبًا لمساحة هذه الرفوف، مع مراعاة الإضاءة والتهوية، ثم يأتي اختيارها، إذ يمكن استخدامها من مواد مقاومة للرطوبة، مثل البلاستيك أو المعدن.

وأضاف: تأتي بعد ذلك مرحلة توزيع النباتات حسب احتياجاتها من الضوء والرطوبة، لافتًا إلى أنه يمكن استخدام أنظمة الري بالتنقيط أو الرش لضمان توزيع الماء بشكل متساوٍ إلى جانب استخدام أسمدة مناسبة لضمان نمو صحي للنباتات، موضحًا أن من المحاصيل المناسبة للزراعة في البيوت المحمية بالرفوف هي الأعشاب مثل الريحان والنعناع، والخضروات مثل الطماطم والفلفل، وبعض أنواع الفواكه.

من جانبه قال علوي بن عبد الله مقيبل: إنّ الزراعة في صلالة تتميز بتاريخ عريق ونمط زراعي يتماشى مع الظروف المناخية والتضاريس في المنطقة، موضحًا أنّ من أنماط الزراعة التقليدية، الزراعة المطرية التي تعتمد على الأمطار الموسمية، خاصة خلال فترة الخريف حيث تتساقط الأمطار بكميات وفيرة ويتم زراعة المحاصيل مثل الشعير، والقمح، والذرة، التي تتكيف مع ظروف الجفاف.

وأضاف أنّ هناك نمط الزراعة على المدرجات في المناطق الجبلية، مما يساعد على تقليل فقدان التربة والمياه، حيث كان يُزرع في المدرجات المحاصيل الجبلية مثل الحبوب والخضروات إلى جانب الزراعة باستخدام المحراث التقليدي، لافتًا إلى أن تغير المناخ كان له أثر على كميات الأمطار ودرجات الحرارة، مما أدى إلى تغير في أنماط الزراعة، كما أدى التوسع العمراني إلى تقليص المساحات الزراعية.

مقالات مشابهة

  • 24.8 مليار ريال إجمالي السيولة المحلية في سلطنة عمان بنهاية أكتوبر
  • سهل صلالة الزراعي مورد داعم للاقتصاد المحلي في سلطنة عُمان
  • العراق الخامس عربيا باكبر اقتصاد من حيث الناتج المحلي الإجمالي
  • يشكل 50% من الناتج المحلي| الاقتصاد غير الرسمي “كنز” غير مستغل.. وخبراء يقدمون روشتة لدمجه
  • الإعلامي عمرو خليل: ارتفاع عجز الموازنة في تل أبيب إلى 8% من الناتج المحلي
  • تتويج "الصفاء للأغذية" بـ"كأس الرسيل الصناعية"
  • 10.3 مليار ريال مساهمة المؤسسات الخاصة النشطة في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية
  • الناتج المحلي لسلطنة عُمان يرتفع بنسبة 2.7 %.. عاجل
  • أحمد يعقوب: قطاع الزراعة من الركائز الأساسية للاقتصاد المصري ويشكل 12% من الناتج المحلي (فيديو)
  • كاتب صحفي: قطاع الزراعة يشكل 12% من الناتج المحلي| تفاصيل