هل ينسحب غانتس من حكومة الطوارئ الإسرائيلية؟.. السيناريوهات والبدائل
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
القدس المحتلة- بدت الأجواء في الساحة السياسية بإسرائيل ضبابية، وذلك عشية انتهاء المهلة التي حددها رئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس، الذي هدد بالانسحاب من حكومة الطوارئ ومجلس الحرب إذا لم يوافق رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، على التوصل إلى صفقة تبادل وإعادة المحتجزين.
وتتجه الأنظار إلى مساء السبت الثامن من يونيو/حزيران الجاري؛ الموعد النهائي لانسحاب غانتس الذي منح -خلال مؤتمر صحفي يوم 18 مايو/أيار الماضي- نتنياهو مهلة 3 أسابيع لتقديم سلسلة من الخطط بخصوص مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وعودة المحتجزين، و"اليوم التالي للحرب"، والوضع على الجبهة الشمالية.
وتعيش الخارطة السياسية بإسرائيل حالة تأهب إلى حين خروج عطلة السبت، حيث تُجمع التقديرات في "المعسكر الوطني" أن غانتس سيقدم استقالته ما لم تحدث مفاجآت بقبول نتنياهو الصفقة مما يعني تراجع غانتس عن انسحابه.
سيناريو واقعييأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه تهديدات رئيس حزب "عظمة يهودية"، إيتمار بن غفير، ورئيس "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، بتفكيك حكومة اليمين المتطرف التي تعتمد على 64 من أعضاء الكنيست، والتوجه إلى انتخابات مبكرة، إذا وافق نتنياهو على أي صفقة تفضي إلى وقف الحرب.
وترجح قراءات محللين سياسيين انسحاب "المعسكر الوطني" من حكومة الطوارئ، فيما يبدو أنه السيناريو الواقعي الذي سيُنفَّذ، لكن مع وجود اعتبارات داخلية وخارجية كثيرة بالنسبة لغانتس قد تدفعه إلى التراجع عن تهديده وإنذاره.
وأجمعت هذه التقديرات على أن غانتس، الذي قيّد نفسه بالموعد الذي حدده، وربط ذلك بقانون تجنيد الحريديم، كما حدد 6 شروط للبقاء في حكومة الطوارئ، سيكون رهينًا للتطورات الميدانية والتصعيد على الجبهة الشمالية مع لبنان، ورهينًا لاستمرار مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وسط تعزيز الآراء بأنه لا ينبغي أن يترك إدارة الحرب بأيدي سموتريتش وبن غفير.
ويعتقد المحلل السياسي لموقع "زمان يسرائيل" الإلكتروني، شالوم يروشالمي، أن غانتس مقتنع بأن وقته في هذه الحكومة قد انتهى. وقال إن حجة غانتس الرئيسية وغادي آيزنكوت الوزير بمجلس الحرب، هي أنهما فقدا نفوذهما، وأن نتنياهو بات رهينًا في قبضة اليمين المتطرف التي يشددها عليه سموتريتش وبن غفير.
لكن برأي المحلل، فإن هيمنة هذين الوزيرين وسطوتهما على المشهد السياسي بظل الحرب، قد تكون سببا ممتازا بالنسبة لغانتس للبقاء في حكومة الطوارئ ومجلس الحرب، وتحرير نتنياهو قدر الإمكان من قبضة الشركاء "المتطرفين"، وعدم ترك النفوذ الكامل في أيديهم لإدارة الحرب ومستقبل إسرائيل.
بدائلورجّح يروشالمي أن غانتس سيأخذ بعين الاعتبار -قبل حسم قراره بالانسحاب- أن إسرائيل في خضم حرب صعبة على جبهتين، ومفاوضات بشأن صفقة المحتجزين، وأن هذه أيام حاسمة سيتقرر فيها ما إذا كانت تل أبيب ستخوض أيضا حربا شاملة في لبنان.
وأوضح أن غانتس وآيزنكوت يعلمان أن سموتريتش وبن غفير ينتميان إلى مجموعة "مسيحانية ليس لها بالضرورة اعتبار عقلاني". وباعتقاده، فإن الحرب في لبنان يمكن أن تستمر عدة أشهر وتتحول إلى حملة إقليمية شاملة؛ فهذا ليس الوقت المناسب لبدء حرب في الشمال ما داموا في غزة، ولا أحد يعرف كيف ومتى ستنتهي، وما هو الثمن التي ستدفعه إسرائيل.
وتحت عنوان "بعد إهانتهم وحتى التحريض ضدهم، نتنياهو يفتقد غانتس وآيزنكوت"، كتب محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، مقالا استعرض فيه السيناريوهات التي ستشهدها الساحة السياسية والحزبية في إسرائيل مع انتهاء المهلة التي حددها غانتس.
وبتقدير فيرتر، فإن انسحاب "المعسكر الوطني" من حكومة الطوارئ ومجلس الحرب هو سيناريو محتمل، وهذا على افتراض عدم اندلاع حرب شاملة على الجبهة الشمالية مع حزب الله، أو في حال تم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
وأوضح أن انسحاب غانتس و"المعسكر الوطني" سينزع الشرعية ويبدد الحصانة التي تحظى بها حكومة نتنياهو التي ستفقد مصداقيتها أمام المجتمع الدولي، وستفقد الطابع الذي ساعدها على الظهور بمظهر "أكثر مسؤولية وتوازنا وأقل تطرفا ومسيحانية".
وفي حال انسحاب غانتس، يعتقد محلل الشؤون الحزبية أن مشهد الواقع السياسي في إسرائيل -كما كان خلال الأشهر الثمانية للحرب على غزة- سيتغير بشكل كبير، حيث ستتسع دائرة الاحتجاجات المطالبة بإسقاط حكومة نتنياهو وحل الكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة.
مفاجآت ومؤامراتتقول محللة الشؤون السياسية في موقع "والا" الإلكتروني، طال شيلو، إذا لم تكن هناك مفاجآت دراماتيكية في اللحظة الأخيرة، ولا ينبغي استبعاد ذلك في الواقع المتقلب والفوضوي الذي تعيشه إسرائيل، فإن غانتس سيقف، مساء السبت، خلف المنصة ويلقي خطابه الأخير كوزير في حكومة الطوارئ.
"إسرائيل قبل كل شيء"، غرد غانتس بعد وقت قصير من توقيع الاتفاق مع نتنياهو في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي التغريدة نفسها -تذكر شيلو- التي غرد بها في 26 مارس/آذار 2020، عندما حل حزب "أزرق أبيض" وشكّل مع نتنياهو حكومة الطوارئ لمواجهة جائحة كورونا.
وكما هو الحال في السابق والآن في ظل الحرب على قطاع غزة، تقول شيلو "لم يتمكن رئيس الأركان السابق غانتس، المسلح بسلاح آخر احتياطي، سواء كان غابي أشكنازي أو غادي آيزنكوت، من الوقوف مكتوف الأيدي لإنقاذ إسرائيل في حالة الطوارئ".
ولكن باعتقادها، فإن إسرائيل من نسخة 2020 إلى نسخة 2024، لم تتغير، معتبرة أن "المؤامرة تكشفت أكثر، حيث بعد وقت قصير من منح غانتس نتنياهو طوق نجاة وحصانة، سئم رئيس الوزراء منه وبدأ في انتهاك الاتفاق وهو ما قد يدفع غانتس للانسحاب، مثلما حدث بجائحة كورونا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات من حکومة الطوارئ المعسکر الوطنی أن غانتس
إقرأ أيضاً:
في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
يمانيون../
رحل رجل الظل، ابن الموت، ذو السبعة أرواح، البأس الشديد الذي لا يخشى الموت، مفجر الطوفان، ومؤسس وحدة الظل، شبح الكيان، وقاهر الاحتلال، من هزَّ الأرض عرضاً وطولاً، ودوّخ استخبارات وجيوش العدو، قائد أركان كتائب القسام، البطل المقاوم الشهيد المجاهد الجنرال محمد دياب إبراهيم المصري؛ الملقب “محمد الضيف”، إلى السماء في حضرة الشهداء.
رحل الضيف اللاجئ في وطنه إلى وطنه الأبدي ضيفاً في جنات ربه، وبقت ذكرى بطولاته خالدة في أعماق كل عربي حراً مقاوم، وسيخلد الرجل المقاوم، الذي أعلن الحرب على كل شيء، العجز والضعف والصمت والتواطؤ والخيانة والعملاء والعمالة والهزيمة، المنهزمين، والتطبيع والمطبّعين قبل أن يعلنها على المحتل والاحتلال، والطغاة والكيان والمستعمرين.
واقعة الاستشهاد
رحل رأس الأفعى -كما تسميه “إسرائيل”- القائد المرعب محمد الضيف “أبو خالد”، شهيداً يوم 13 يوليو 2024، (قبل ستة أشهر ونصف) بخيانة العميل السري للكيان، الخائن سعد برهوم، الذي بلغ عن مكان الضيف ورافع سلامة، وفر هارباً إلى العدو – شرق خان يونس، ومع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تم انتشال جثمانه الطاهر، لكن تأخرت كتائب القسام في إعلان الخبر حتى إتمام صفقة تبادل الأسرى، وعودة النازحين.
الخبر الموجع
في مساء يوم خميس 30 يناير 2025، أعلنت كتائب القسام رسمياً الخبر الموجع في تسجيل صوتي بصوت أيقونة المقاومة، الجنرال المجاهد أبو عبيدة، نبأ استشهاد قائد الأركان محمد الضيف “أبو خالد”، وبعض رفاقه؛ أبرزهم: نائبه مروان عيسى، وقائد لواء خانيونس رافع سلامة، وقائد لواء الشمال أحمد الغندور، وقائد لواء الوسطى أيمن نوفل، وقائد ركن القوى البشرية رائد ثابت، وقائد ركن الأسلحة غازي طماعة، رحمهم الله جميعاً، وأسكنهم فسيح جناته.
خطاب الطوفان
في خطابه الشهير عبر الرسالة الصوتية، فجر يوم السابع من أكتوبر 2023، أعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام، محمد الضيف، الذي لم يظهر إلا صوتًا وظلاً إلا في مشاهد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بدء عملية عسكرية على “إسرائيل” باسم “طوفان الأقصى” بهجوم مباغت بإطلاق خمسة آلاف صاروخ وقذيفة خلال الدقائق العشرين الأولى من العملية.
وقال: “إننا نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، اليوم يتفجر غضب الأقصى، غضب شعبنا وأمتنا ومجاهدينا الأبرار، هذا يومكم لتفهموا العدو أنه قد انتهى زمنه.. نفذوا هجماتكم على المستوطنات بكل ما يتاح لكم من وسائل وأدوات، نحن شعبا ظلمنا وقهرنا وطردنا من ديارنا، نحن نسعى إلى حق، ومهما حاول الطغاة قلعنا ستثبت البذور”.
أسطورة مقاوم
قال عنه رئيس الشاباك الأسبق، كرمي غيلون: “أنا مجبر على القول؛ عليّ أن أكون حذراً في الكلمات، لكن: طوّرت تجاهه “محمّد الضيف” تقديراً مرتفعاً جداً، حتى – إن أردتِ – نوعاً من الإعجاب.. أنتَ ميّت لأن تقتله، مثلما هو ميّت لأن يقتلك، لكنه خصم مُستحقّ.. نتحدّث هنا عن مستوى ليت عندنا مثله، كنتَ ستريد أن يكون قائدًا لسرية الأركان”.
وقال مدير معهد أبحاث الأمن القومي السابق، الجنرال احتياط تمير هايمان: “الضيف يملك قدرة إدراكية، وقد أصبح رمزا وأسطورة بعد نجاته من عدة محاولات اغتيال، وبمجرد ذكر اسمه فإن ذلك يحفز المقاتلين الفلسطينيين”.
بشكل عام، علقت المنصات العبرية، بعد سماع خبر استشهاد الضيف، بقولها: “مات القائد الوحيد الذي أعلن جيشنا اغتياله 100 مرة.. وبعد كل إعلان نتفأجا بأنه لا يزال حيا”.
عاش ألف مرة
والكلام للثائر الفلسطيني إبراهيم المدهون: “كم مرة قالوا: قُتل، وكم مرة عاد من بين الركام، يبتسم، ويتحسس موضع الجرح، ثم يكمل المسير؟
2002، 2003، 2006، 2014.. توالت المحاولات، تناثرت الشظايا، سقطت جدران البيوت، وسقط أحبّته شهداء بين يديه، زوجته، بناته ابنه علي، رفاقه الذين سبقوه، لكنه ظل واقفًا، كالنخيل في العاصفة، ينهض من بين الموت كأن الحياة لا تليق إلا به، وكأن فلسطين أبت أن تفقده قبل أن يكتب لها مجدًا يليق بها”.
قائد أركان كتائب القسام
ولد محمد دياب إبراهيم المصري – الملقب محمد الضيف- عام 1965 في أسرة فلسطينية لاجئة أجبرت على مغادرة بلدتها “القبيبة” داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، ونشط في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، ومجال المسرح، وتشبع بالفكر الإسلامي في الكتلة الإسلامية، ثم انضم إلى حركة حماس حتى أصبح قائداً عسكرياً يهابه العدو.
تحاط شخصيته بالغموض والحذر والحيطة وسرعة البديهة، ونجا من 7 محاولات اغتيال سابقة، أصيب ببعضها بجروح خطرة، واستشهدت زوجته ونجله في إحداها.
اُعتقل عام 1989، وقضى 16 شهرا في سجونها، وبقي موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.
“أنا عمري انتهى”!!
عُيّن قائداً لكتائب القسّام عام 2002، ولقب بـ”الضيف” لتنقله كل يوم في ضيافة الفلسطينيين تخفياً من عيون “إسرائيل”.
أشرف أبو خالد على عدة عمليات؛ أسر فيها الجندي “الإسرائيلي” نخشون فاكسمان، بعد اغتيال القائد يحيى عياش يوم 5 يناير 1996، ونفذ سلسلة عمليات فدائية انتقاما له، منها قتل 50 إسرائيليا.
يقول الضيف، بعد محاولة اغتياله في حرب 2014، في المنزل الذي كان متواجدا فيه بثلاث قنابل خارقة للحصون، لم تنفجر سوى قنبلة، ونجا هو وآخرون، واستشهدت زوجته وولده علي: “أنا عمري انتهى من هذه الضربة.. اللي عايشه بعد هيك زيادة”.
“سيظل يطارد الكيان
في 14 يوليو 2024، أعلنت “إسرائيل” اغتياله في منطقة المواصي “غرب مدينة خان يونس” بعملية قصف جوي اُستشهد فيها 90 فلسطينيا وأصيب 300 آخرون، بينهم عشرات من الأطفال والنساء.
في نهاية الكلام، كانت نهاية القائد القسامي البطل الذي أرهق “إسرائيل” لعقود بطولية، ومثلما كان غياب رجل الظل عن الأنظار وهو حياً يمثل حضوراً يطارد الاحتلال، سيظل ضيف فلسطين والأمة وأيقونة المقاومة، وبطل المقاومين ومحرر الأسرى، كذلك شبحاً يخيف العدو بخلود ذكرى أسمه، وشجاعة رجال كتائب القسام، وتأكيد مقولتهم: “حط السيف قبال السيف نحن رجال محمد ضيف”.
السياســـية – صادق سريع