خلال جولة في أفريقيا قبل 6 أشهر، وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"حقبة جديدة" في علاقات فرنسا مع دول القارة السمراء أساسها الشراكة والمساواة.

وقال ماكرون حينها إن القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا ستدار بشكل مشترك بين القوات الفرنسية والقوات المحلية، مع خفض الوجود العسكري الفرنسي في القارة.

وكان من المقرر أن تكون الحقبة التي بشّر بها ماكرون مرحلة جديدة في إعادة ضبط العلاقات الفرنسية الأفريقية التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي أول مرة في خطاب ألقاه في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، عام 2017، قال فيه إنه "ينتمي لجيل لا يأتي إلى القارة السمراء ليخبر الأفارقة بما يجب عليهم فعله".

لكن يبدو أن الانقلاب العسكري، الذي شهدته النيجر الأسبوع الماضي على الرئيس المنتخب محمد بازوم، يقوض الآمال الفرنسية في إقامة علاقات جديدة مع دول القارة السمراء، وفق تحليل نشرته مجلة "إيكونوميست" (Economist) البريطانية بعنوان "النيجر تفسد خطة ماكرون لإعادة رسم علاقة فرنسا بأفريقيا".

فبعد الانقلاب، خرج المتظاهرون في العاصمة النيجرية نيامي في 30 يوليو/تموز المنصرم وهم يهتفون بشعارات أبرزها "تسقط فرنسا!" ويلوحون بالأعلام الروسية.

كذلك هاجمت حشود غاضبة السفارة الفرنسية في النيجر، وأضرم المحتجون النار في باب مبنى السفارة وحطموا نوافذه. في حين بدأت فرنسا إجلاء رعاياها من النيجر في الأول من أغسطس/آب الجاري، وكذلك إجلاء المواطنين الأوروبيين الراغبين في مغادرة البلد الأفريقي.


مصالح فرنسا على المحك

وترى المجلة أن الانقلاب يثير فزع فرنسا، التي أعادت تمركز قواتها في النيجر بعد انسحابها من مالي العام الماضي، الذي مثّل ضربة قوية لهيبتها، واعتبرت النيجر بلدا مستقرا نسبيا في منطقة مضطربة.

وتحتفظ فرنسا بقاعدة عسكرية دائمة في النيجر مجهزة بطائرات مقاتلة ومسيرات، ويوجد بها حاليا 1500 جندي فرنسي.

كما يأتي انقلاب النيجر بعد انقلابين شهدتهما بوركينا فاسو العام الماضي، وهو ما مثل ضربة أخرى للوجود الفرنسي في منطقة الساحل. وقد أمر قادة الانقلاب الثاني في بوركينا فاسو جميع القوات الفرنسية بالمغادرة، فاضطرت باريس لسحب قواتها العام الجاري.

وتشير إيكونوميست إلى أن الانقلاب على رئيس النيجر محمد بازوم لا يبدو أن له علاقة بأسباب إستراتيجية تتعلق بالعداء لفرنسا، بل قادت إليه دوافع شخصية ضيقة، ورغم ذلك فإن كونه استخدم للتعبير عن مشاعر عداء قوية تجاه الفرنسيين يكشف عن مدى عمق المشكلة بالنسبة إلى فرنسا.


أين أخطأ ماكرون؟

ترى المجلة البريطانية أن ماكرون حاول أن يأخذ فرنسا نحو الطريق الصحيح، فأعاد لدول أفريقية -من بينها بنين والسنغال- أعمالا فنية تعود لها كانت معروضة في متاحف باريس ولطالما أثار وجودها هناك استياء بلدان القارة السمراء، كما وعد بإنهاء اعتماد البلدان الأفريقية على "الفرنك"، العملة الإقليمية المدعومة من فرنسا، وطلب الصفح عن بلاده للدور الذي قامت به في مذابح الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا عام 1994.

وأعلن ماكرون نهاية حقبة التدخل الفرنسي في أفريقيا، أو ما عبّر عنه بعصر "فرنسا الأفريقية"، في إشارة إلى شبكة النفوذ الخبيثة والمساعدات العسكرية والعقود التجارية التي كانت تربط فرنسا بمستعمراتها السابقة، وفق المجلة.

كما أعادت فرنسا أيضا التفكير في عملياتها العسكرية في القارة السمراء منذ انسحاب قواتها من مالي العام الماضي. وسعت للاستفادة من الدروس التي تعلمتها من تجربتها في مالي، فكانت تتصرف كحليف في النيجر وليس بصفتها قوة متحكمة.

ورغم كل ما سبق، فإن إيكونوميست ترى أن مشكلة خطط فرنسا الرامية لإعادة رسم علاقتها بمستعمراتها السابقة في أفريقيا بما يضمن مصالحها تكمن في كونها جاءت متأخرة للغاية.

فهناك قوى أخرى تعمل في غرب أفريقيا بصمت على الصعيد الاقتصادي، هي الصين وروسيا وتركيا، وقد حلت الصين محل فرنسا فأصبحت المصدر الرئيسي للواردات إلى المنطقة. وفي المجال الأمني والعسكري، تقوم دول أوروبية أخرى بتدريب القوات في منطقة الساحل، في حين تدير أميركا عمليات استخباراتية كبرى من أرض النيجر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القارة السمراء فی أفریقیا فی النیجر

إقرأ أيضاً:

تطورات جدري القرود بالقارة السمراء.. نقص الاختبارات يدق ناقوس الخطر

ما زالت جائحة جدري القرود تؤرق بلدان العالم، وذلك في الوقت الذي تخشى فيه المنظمات الصحية العالمية تفشي المرض، مع اقتراب فصل الخريف، ويعقبه الشتاء ..الفصل الأخص بانتشار الأمراض.

ويشار إلى أن جدري القرود ينتمي إلى نفس عائلة الفيروسات مثل الجدري ولكنه يسبب أعراضا أخف مثل الحمى والقشعريرة وآلام الجسم. يمكن للأشخاص الذين يعانون من حالات أكثر خطورة أن يصابوا بآفات على الوجه واليدين والصدر والأعضاء التناسلية.

 

أول تصريح للقاح الجدري 

وتجدر الإشارة إلى أن لقاح جدري القرود في طريقه للتنور.. بعدما أعلنت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، أنها منحت أول ترخيص لاستخدام لقاح ضد جدري القردة "إم بوكس" للبالغين، واصفة إياه بأنه خطوة مهمة نحو مكافحة المرض في أفريقيا وخارجها.

وكان الترخيص الأولي للقاح من إنتاج شركة بافاريان نورديك يعني أن الجهات المانحة مثل التحالف العالمي للقاحات والتحصين (غافي) ويونيسيف يمكنها شراؤه. لكن الإمدادات محدودة لأن هناك مصنعا واحدا فقط.

فيما قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس: "إن هذا الترخيص الأولي الأول للقاح ضد جدري القردة هو خطوة مهمة في حربنا ضد المرض، سواء في سياق تفشي المرض الحالي في أفريقيا أو في المستقبل".

آخر مستجدات المرض بالكونغو

من جهة أخرى، أكد المركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها خلال أغسطس 2024 إن ما يقرب من 70 في المئة من الحالات في الكونغو - البلد الأكثر تضررا من جدري القردة- هي لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، والذين شكلوا أيضا 85 في المئة من الوفيات.

وقال مركز مكافحة الأمراض في أفريقيا، الخميس، إنه تم تسجيل 107 حالة وفاة جديدة و3160 حالة جديدة في الأسبوع الماضي، بعد أسبوع واحد فقط من إطلاقه ومنظمة الصحة العالمية لخطة استجابة قارية.

 

الدول الأكثر ثراء على أهبة الاستعداد

ويشار إلى أن هناك بيانات عامة ووثائق وتقديرات من منظمات غير حكومية، تشير إلى أن الدول الغنية لديها مئات الملايين من جرعات اللقاحات التي يمكن أن تسهم في مكافحة تفشي مرض جدري القردة في إفريقيا، حيث يقل عدد جرعات اللقاحات المقدمة من دول متبرعة عن العدد المطلوب كثيرا.

وتخزن اللقاحات لسنوات في دول مثل اليابان والولايات المتحدة وكندا تحسبا لعودة مرض الجدري، وهو مرض تم القضاء عليه وينتمي إلى سلالة قريبة من سلالة جدري القردة، إلا أنه أكثر خطورة.

مقالات مشابهة

  • استطلاع: شعبية ماكرون تهبط إلى أدنى مستوياتها
  • القارة والأرخبيل:أسباب توقيع أستراليا وإندونيسيا على اتفاقية تعاون دفاعي جديدة
  • فرنسا.. اليسار الراديكالي يتحرك لعزل ماكرون
  • وزارة الزراعة الفرنسية تؤكد حظر شوكولاتة المرجان الجزائرية
  • إيكونوميست: مودي يبدأ ولايته الثالثة بمعارك خاسرة
  • دول أوروبية جديدة تشدّد الإجراءات ضدّ التدخين.. هل سيُصبح ممنوعاً في الهواء الطلق؟
  • الجمعية الوطنية الفرنسية توافق على إجراءات عزل إيمانويل ماكرون
  • التحقق من الهوية عبر اتصال فيديو.. إجراءات جديدة لحجز موعد فيزا فرنسا بالمغرب
  • تطورات جدري القرود بالقارة السمراء.. نقص الاختبارات يدق ناقوس الخطر
  • المغرب يتجه نحو تعزيز قدراته العسكرية بصفقة مروحيات مقاتلة جديدة مع فرنسا