غزة- في الأسابيع الأخيرة، صعّد الاحتلال الإسرائيلي استهدافه عناصر تتبع وزارة الداخلية بغزة، كان آخرها يوم الثلاثاء الماضي 4 يونيو/حزيران الجاري، حيث اغتالت صواريخه 8 من عناصر الشرطة في مدينة دير البلح وسط القطاع.

وفي 27 مايو/أيار الماضي اغتال جيش الاحتلال 3 عناصر خلال قيامهم بعملهم في مخيم النصيرات، وتزامنا مع حملة لضبط الأمن والأسواق في مدينة دير البلح أطلقتها الشرطة، اغتال جيش الاحتلال، يوم 19 مايو/أيار الماضي، مدير مباحث شرطة المحافظة الوسطى العقيد زاهر الحولي.

ويرى مراقبون أن إسرائيل ماضية في خططها الساعية إلى إحداث حالة من الفوضى والانفلات الأمني، داخل قطاع غزة، من خلال استمرارها في استهداف جهاز الشرطة خاصة.

اغتال الاحتلال عددا من قادة شرطة غزة وضباطها منذ الأمس في وسط وشمال القطاع وقبل ذلك في الجنوب، واستهدف قبل قليل اللجان التي تعمل على تأمين وصول المساعدات إلى الجائعين في الشمال.

يسعى الاحتلال جاهدا لترسيخ الفوضى وضرب الأمن بكافة أشكاله ضمن حرب الإبادة والتجويع التي يخوضها ضد…

— رضوان الأخرس (@rdooan) March 19, 2024

استهداف ممنهج

وتقول وزارة الداخلية في سلسلة بيانات، اطلعت عليها الجزيرة نت، إن "الشرطة جهاز مدني محمي بموجب القانون الدولي، وإن إقدام الاحتلال على اغتيال ضباطها وعناصرها يأتي دون أي مبرر، سوى أنهم يقومون بواجبهم الخدماتي والإنساني تجاه المواطنين".

ويؤكد مصدر أمني مسؤول، في قطاع غزة، أن إسرائيل تستهدف جهاز الشرطة بشكل ممنهج منذ بداية الحرب، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق خطة تسعى إلى إحداث "انهيار أمني" داخل المجتمع.

ويضيف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته لحساسية منصبه، للجزيرة نت، أن الاستهداف الإسرائيلي يزداد كلما بدأت الشرطة في تنفيذ خطط تهدف إلى ضبط الحالة الأمنية ومحاربة الفوضى، وأن جيش الاحتلال ينفذ خطة تسعى إلى تفكيك منظومة الأمن داخل غزة، من خلال استهداف قيادات وضباط وعناصر جهاز الشرطة، التي تحافظ على الأمن وتحمي الجبهة الداخلية.

كما ركّز الاحتلال -وفق المصدر الأمني- على استهداف عناصر الشرطة خلال تأمينهم سيارات المساعدات الغذائية والطبية الآتية للقطاع، "في دليل واضح على سعيه لخلق بيئة تساعد على سرقتها ونهبها وإشاعة الفوضى".

ولفت إلى أن الشرطة هي جهاز مدني وفق القوانين الدولية، ويحظر استهدافها من قِبل الاحتلال، وأقر بأن سياسة الاحتلال "أدت إلى انتشار الفوضى في بعض الأماكن، وتعرّض المواطنين للخطر جراء بعض الأحداث الأمنية الداخلية".

وذكر أن الاعتداءات الإسرائيلية أعاقت بشكل كبير عمل الشرطة، وهو ما اضطرها إلى العمل وفق خطط طوارئ بديلة.

يرى حقوقيون أن إسرائيل تستهدف شرطة غزة لنشر الفوضى (الجزيرة) خرق القانون الدولي

ورغم استمرار الاستهداف الإسرائيلي "الإجرامي"، شدد المصدر الأمني المسؤول على أن جهاز الشرطة سيواصل عمله في ضبط الحالة الأمنية ومنع تدهورها، ومحاربة الفوضى، وأكد أنه لديهم المرونة العالية لذلك، وطمأن المواطنين بأنهم سيبذلون قصارى جهدهم رغم المخاطر الشديدة التي يتعرضون لها يوميا.

من جانبه، يرى رئيس مجلس إدارة "مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان" مصطفى إبراهيم أن استهداف إسرائيل للشرطة يأتي ضمن تنفيذ مخططها المعلن بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأجهزتها السلطوية والمدنية.

وقال إبراهيم، للجزيرة نت، إن إسرائيل ماضية في محاولاتها للقضاء على جهاز الشرطة بغزة رغم أن استهدافها خرق القانون الدولي، واتفاقية جنيف التي تعتبرها جهازا مدنيا.

ويضيف "الشرطة جهاز مدني، وعناصرها ليسوا مقاتلين، وهم أفراد يحافظون على فرض سلطة القانون ويضبطون الأمن، وما تمارسه إسرائيل مخالف للقانون الدولي الذي يدعو إلى حمايتهم وليس إلى قتلهم".

وبحسب الحقوقي إبراهيم، فإن إسرائيل تسعى من خلال ضرب جهاز الشرطة إلى "خلق حالة من الفوضى والفلتان الأمني"، في محاولة لدفع السكان لتقبل أي بديل عن حركة حماس بعد الحرب.

وحذر من أن حالة الفوضى التي تسعى لها إسرائيل خطرة، وتهدد النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وقد تؤدي إلى تفتيته، ومن نشر الجريمة وخلق ظواهر "سلبية" لم تكن موجودة.

خاص – #الجزيرة | منزل مدير جهاز المباحث في شمال #غزة رائد البنا، المسؤول عن تأمين دخول المساعدات الإنسانية إلى #جباليا ومخيمها، والذي استشهد مع عائلته إثر قصف إسرائيلي استهدف منزلهم الليلة الماضية#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/vpkxjkPikK

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 19, 2024

نشر الفوضى

وبرأي الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، فإن الاحتلال يركز هجماته على جهاز الشرطة كلما بدأت حملات لضبط الأمن، ومحاربة الفوضى.

وقال عفيفة -للجزيرة نت- إن هذا الأمر تكرر أكثر من مرة، وكان آخره الشهر الماضي، حينما اغتال الاحتلال مدير مباحث محافظة وسط القطاع زاهر الحولي، بعد بدئه حملة لضبط الأمن في المدينة التي استقبلت أعدادا كبيرة من النازحين من رفح.

واستذكر أن الاحتلال شن خلال الشهور الماضية هجمات كثيرة على ضباط الشرطة وعناصرها في رفح، حينما كانت تستضيف مئات الآلاف من السكان، بهدف منعها من تنظيم أمورهم وضبط الأمن.

كما أشار إلى الاعتداءات الإسرائيلية على جهاز الشرطة في مدينة غزة وشمالي القطاع، خاصة حينما عملت على حماية المساعدات الإغاثية من عمليات النهب والسلب.

ويضيف عفيفة "واضح أن الاحتلال يرصد ويتابع، ويكون شديد الحرص على قطع الطريق أمام أي حالة لضبط الأمن، بهدف تعميق أزمة الناس في غزة".

اغتيال جيش المرتزقة 3 ضباط شرطة في 24 ساعة، خطة لإحداث فوضى وإفشال ترتيبات تأمين المساعدات في شمال القطاع.
العميد فائق المبحوح مدير العمليات للشرطة في غزة.
المقدم محمود البيومي مدير مركز شرطة النصيرات.
المقدم رائد البنا مدير جهاز المباحث في شمال غزة.
رحمهم الله وتقبلهم مع الشهداء pic.twitter.com/bxEwLWhv8u

— ali saada (@alisaada2) March 20, 2024

واتفق مع الحقوقي إبراهيم في أن ضرب جهاز الشرطة أحد أهداف الحرب الإسرائيلية، التي تسعى إلى القضاء على حركة حماس وأجهزتها، ونشر الفوضى، بغرض دفع السكان لقبول أي حكومة بديلة عن حماس، فيما يُعرف بـ"اليوم التالي للحرب".

ورغم نجاح الاحتلال في "تعطيل عمل جهاز الشرطة بشكل كبير"، فإن عفيفة يعتقد أنه لا يزال يحافظ على الحد الأدنى من ضبط الأمن وعدم انهيار الأوضاع، وخصوصا في المناطق التي لا تشهد اجتياحا بريا من جيش الاحتلال.

ويضيف أنه بعد كل موجة، تكون هناك محاولات من الشرطة لتجديد الأدوار لضبط الحالة الأمنية، ولو بالحد الأدنى، وباستخدام أساليب جديدة، كعدم ارتداء الزي الشرطي، أو الاستعانة بمتطوعين، أو تجنيد عناصر جديدة وتوسيع حالة المشاركة المجتمعية في ضبط الحالة الأمنية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات جیش الاحتلال جهاز الشرطة لضبط الأمن ضبط الأمن شرطة فی

إقرأ أيضاً:

رشاد حامد يكشف دور إسرائيل «الخفي» في استيلاء الإرهابيين على السلطة بسوريا ويفند الأسباب

قال الدكتور رشاد حامد، مستشار منظمة اليونيسيف لتحليل البيانات، إنه في يونيو 2010، تم اكتشاف حقل غاز «لفيتان»، الذي يعد من أكبر الحقول في شرق البحر المتوسط آنذاك، ولكن هذا الاكتشاف أثار إشكالية كبيرة، إذ أن نقل الغاز إلى أوروبا بطرق اقتصادية يتطلب المرور عبر سوريا ثم تركيا.

وأضاف حامد، في مقال له بعنوان «البعض يظنها ثورة.. إليكم الحكاية من البداية»، منشور على حسابه في إكس: في هذا السياق، تعززت خطط تقسيم الشرق الأوسط، التي أطلقتها كونداليزا رايس عام 2003 تحت مسمى «الفوضى الخلاقة»، ومع بداية عام 2011، بدأت مظاهرات في أنحاء سوريا نقلتها قناة الجزيرة، تلاها ظهور تنظيمات مسلحة مثل «داعش» و«النصرة» و«الجيش الحر»، التي تلقت دعماً عسكرياً من الولايات المتحدة، وهذا الدعم أدى إلى نشوب حرب أهلية في سوريا، رافقها تداول مصطلحات جديدة مثل «المعارضة المسلحة» وتحول اسم الجيش السوري إلى «جيش النظام»، بالإضافة إلى ظهور مصطلح «الشبيحة».

وتابع: مع تصاعد الضغط على الجيش السوري، استعان بحزب الله وإيران، الأمر الذي انسجم مع رغبة إيران في تعزيز نفوذها في المنطقة. بالتوازي، تزايدت حدة التوتر بين روسيا وأوروبا بسبب أزمة القرم، مما دفع روسيا للتدخل في سوريا لضمان عدم مرور الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، وبالتالي إجبار أوروبا على رفع العقوبات المفروضة عليها، وأما تركيا، فقد وظفت الأزمة لتحقيق مكاسبها، مستغلة الحرب السورية لتعزيز نفوذها الإقليمي، ومعالجة ملف الأكراد، فضلاً عن السعي للاستفادة من عوائد نقل الغاز الإسرائيلي عبر أراضيها.

وواصل: توقف التصعيد لبعض الوقت إلى أن وقعت أحداث 7 أكتوبر وحرب غزة، تلتها تطورات في لبنان، وتمكنت إسرائيل خلالها من تصفية قيادات في حزب الله واستهداف إيران، مما أدى إلى إضعاف القوى المناوئة لها في المنطقة، وفي ظل انشغال روسيا بحربها في أوكرانيا، وجدت إسرائيل وتركيا وأمريكا فرصة لاستئناف تنفيذ خططها.

وأردف: وبمجرد عقد الهدنة مع لبنان، قامت هذه القوى بتحريك الجماعات المسلحة للسيطرة على سوريا. وخلال أيام قليلة، تم تنفيذ المخطط حيث غيّرت قيادات الجماعات المسلحة أسلوبها ومظهرها حتى تتنصل من تاريخها الإرهابي الدموي، وهرب بشار الأسد، وتم تدمير القدرات العسكرية السورية بالكامل على يد إسرائيل، وهذه الوقائع تعكس واقعاً مريراً، ومن يعتقد أنها «ثورة» ليس إلا ضحية لخطاب مضلل يغسل العقول عبر وسائل إعلام مثل قناة الجزيرة.

اقرأ أيضاًمحمد هويدي: رفع العقوبات المفروضة على سوريا لن يتحقق دون مسار سياسي واضح

بريطانيا تقدم مساعدات إنسانية لسوريا بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني

حولتها إلى دولة «منزوعة السلاح» بدعم الميليشيات.. لماذا احتلت إسرائيل جبل الشيخ والحدود العازلة مع سوريا؟!

الرئيس السيسي عن الوضع في سوريا: أصحاب البلد إما يهدوها أو يبنوها

مقالات مشابهة

  • محلل إسرائيلي يدعو واشنطن لدعم قسد لهذه الأسباب.. وصفها بالشريك الموثوق
  • شرطة دبي تحجز 17 مركبة وتحرر 101 مخالفة بسبب إثارة الفوضى والإزعاج في شارع الميدان
  • لهذه الأسباب..جوله تفقدية مفاجئة لـ "محافظ الدقهلية" بحي غرب المنصورة
  • سيناريوهات الخراب.. الجيوش العربية ضحية الفوضى.. إسرائيل تستغل سقوط النظام فى الإجهاز على القوات السورية.. الناتو يقضى على الجيش الليبى.. والغزو الأمريكى يحل الجيش العراقى
  • رشاد حامد يكشف دور إسرائيل «الخفي» في استيلاء الإرهابيين على السلطة بسوريا ويفند الأسباب
  • لا أمطار قريبا في لبنان.. لهذه الأسباب غابت المنخفضات وهكذا سيكون طقس عيد الميلاد
  • داخلياً وخارجياً.. تعرّف على مظاهر الفوضى السياسية التي يشهدها الاحتلال
  • نتنياهو يطلب تشديد الرقابة على تغطية مفاوضات غزة لهذه الأسباب
  • لهذه الأسباب.. الأونروا تجدد تعليق خدماتها في مخيم جنين
  • في 22 محافظة.. لهذه الأسباب أنشئت الحكومة المدارس المتخصصة