الصين: على الولايات المتحدة الالتزام بمبادئ السوق وقواعد التجارة الدولية
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
بكين-سانا
طالبت الصين الولايات المتحدة بالالتزام الجاد بمبادئ السوق وقواعد التجارة الدولية، وخلق بيئة سليمة للمنافسة النزيهة بين الشركات من جميع الدول.
ونقلت وكالة شينخوا للأنباء عن “ماو نينغ” المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية قولها للصحفيين رداً على سؤال بشأن مزاعم للرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن تقديم الصين إعانات لإغراق السوق الأمريكية بسيارات كهربائية: “إن منتجات الطاقة الجديدة الصينية، ومن بينها السيارات الكهربائية تكتسب شعبية في السوق الدولية بالاعتماد على ابتكار تكنولوجي مستمر وسلاسل صناعة وإمداد سليمة ومنافسة سوقية كافية”.
وأضافت ماو: إن “شعبية هذه المنتجات تأتي نتيجة للتأثير المشترك للمزايا النسبية وقوانين السوق ولجهود الشركات الصينية وليس نتيجة لما يسمى “الإعانات”.
وذكرت ماو أن الصين صدرت العام الماضي 13 ألف سيارة كهربائية فقط إلى الولايات المتحدة وهو مايدحض مزاعم إغراق السوق الأمريكية، مبينة أن سياسات الدعم الصناعي تنبع من الولايات المتحدة وأوروبا وتتبناها دول في جميع أنحاء العالم على نطاق واسع.
وشددت ماو على أن سياسات الدعم الصناعي في الصين تلتزم بشكل صارم بقواعد منظمة التجارة العالمية، وتتميز بمبادئ النزاهة والشفافية وعدم التمييز على نحو مستمر، مشيرة إلى أن هذه السياسات لا تنطوي على أي إعانات محظورة كما حددتها منظمة التجارة العالمية.
وأضافت المتحدثة الصينية: إن الولايات المتحدة من جانبها تتبنى إجراءات تمييزية ضد السيارات الكهربائية الصينية، الأمر الذي ينتهك قواعد منظمة التجارة العالمية ويعطل استقرار سلاسل الصناعة والإمداد العالمية، وسيضر بالمصالح الأمريكية في نهاية المطاف.
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب ومنظمة التجارة وسلاح الرسوم الجمركية
بلغت التجارة السلعية للولايات المتحدة الأميركية 5.1 تريليونات دولار بتقديرات عام 2023، وهو ما يمثل 18.7% من ناتجها المحلي الإجمالي البالغ 27.8 تريليون دولار، وذلك وفقًا لأرقام قاعدة بيانات البنك الدولي.
وجاءت الصادرات السلعية لأميركا بحدود تريليوني دولار، بينما سجلت وارداتها السلعية 3.1 تريليونات دولار، وبذلك بلغ العجز التجاري الأميركي نحو 1.1 تريليون دولار.
ويبلغ إجمالي التجارة السلعية للعالم كله في العام نفسه قرابة 48 تريليون دولار، وبما يمثل 45.5% من إجمالي الناتج المحلي للعالم البالغ 106.7 تريليونات دولار.
وبذلك يمثل إجمالي التجارة الخارجية السلعية للولايات المتحدة 10.6%، من إجمالي التجارة السلعية للعالم.
وبالنظر إلى هذه الأرقام يتخذ الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب من مجال التجارة الخارجية لبلده ورقة ضغط لتمرير أجندته السياسية، مع العديد من الدول على رأسها الصين والاتحاد الأوروبي.
بل ويفضل ترامب التجارة ورقة ضغط على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا، ما لم تقبل مقترحه بإنهاء الحرب. كما يرى ترامب أن آلية فرض الرسوم الجمركية العالية على تجارة روسيا مع أميركا ودول أخرى، أكبر تأثيرا من العقوبات الاقتصادية.
إعلانفهل يحق لترامب أن يستخدم الرسوم الجمركية، لمواجهة مشكلة الهجرة غير النظامية مع المكسيك وكندا؟ أو مع الاتحاد الأوروبي والصين، من أجل خفض العجز في الميزان التجاري لبلاده معهما أو من أجل تمرير أجندته السياسية؟
الصين واحدة من الاقتصادات الكبرى التي يرغب ترامب في أن يحل معها مشكلة العجز التجاري (غيتي) أميركا ومنظمة التجارةمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، سعت دول العالم لتنظيم شؤون الاقتصاد العالمي، حيث تم إنشاء المؤسستين الماليتين، البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وبقيت قضية التجارة العالمية، تدار عبر ما يعرف بالاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة حتى نهاية عام 1994.
ولم تر أميركا عقب الحرب العالمية الثانية، مصلحة في قيام منظمة التجارة، ولم تسع لتفعيلها كما فعلت مع إنشاء البنك والصندوق الدوليين.
إلا أنها سعت في نهاية 1994 لإقرار ميلاد منظمة التجارة العالمية، كبديل لاتفاقية الغات، وذلك في مؤتمر الدار البيضاء، لتدخل المنظمة حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 1995.
وكانت خطوة الولايات المتحدة بتفعيل منظمة التجارة، تتويجًا لسيطرتها على النظام العالمي، كقطب أوحد، بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينيات، وقدمت أميركا ومعها أوروبا العديد من الوعود لكافة الدول النامية لكي تنضم للمنظمة.
وكان من أبرز تلك الوعود:
رفع الدعم عن القطاع الزراعي في أميركا وأوروبا. فتح أسواقهما أمام المنتجات الزراعية للدول النامية. العمل على نقل التكنولوجيا للدول النامية.ولكن لم يتحقق من تلك الوعود شيء، على الرغم من مرور 3 عقود.
وتهتم المنظمة بشكل رئيس بقضايا التجارة الدولية، وكان أشهر اتفاقياتها، اتفاقية مكافحة الإغراق، واتفاقية مكافحة الدعم، واتفاقية الوقاية من الواردات، بالإضافة إلى اتفاقية الحماية الفكرية، واتفاقية حرية الاستثمار. وبذلك نُظمت أعمال التجارة، على المستوى العالمي.
وتعد هيئة فض المنازعات بالمنظمة، الجهة المنوطة باتخاذ القرارات تجاه أي ممارسات تتظلم منها الدول، نتيجة تلك الأعمال التي تتضرر منها على صعيد التجارة أو الخدمات.
ترامب هدد بفرض رسوم جمركية على العديد من الشركاء التجاريين (الفرنسية) محاولات ترامب عرقلة المنظمةفي ولايته الأولى، أنعش ترامب الحمائية التجارية، وجعل العالم يعيش حربا تجارية فعلية، سواء في السعي لرفع الرسوم الجمركية خارج نطاق قواعد منظمة التجارة العالمية، وتهديده آنذاك بالانسحاب من المنظمة، أو تعطيل تعيين بعض القضاة داخل المنظمة، مما يجعل المحكمة المعنية بفض المنازعات غير مؤهلة للقيام بعملها.
إعلانوبشكل عام، يعتقد ترامب، أن اتفاقيات التجارة الأميركية متعددة الأطراف من خلال منظمة التجارة، أو من خلال التجمعات التجارية الأخرى مثل "نافتا" هي اتفاقيات سيئة، وليست في صالح الولايات المتحدة الأميركية.
إلا أن الجديد هو توظيف آلية الرسوم الجمركية، لتحقيق أغراض سياسية، وهو ما عبر عنه ألكسندر بارولا ممثل البرازيل في منتدى دافوس، بقوله "أعتقد أن استخدام الرسوم الجمركية لأغراض سياسية يؤدي إلى تداعيات سلبية وسيضر حقا بالنظام الدولي القائم على القواعد… أعتقد أن هذه رسالة سيئة".
وتعد القضية الأبرز هنا، التي تفرضها تهديدات ترامب، أو خطواته المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ، أنها تضر بأهم مبدأ لمنظمة التجارة العالمية، وهو حرية التجارة، وقد عبرت تقارير صندوق النقد الدولي غير مرة أن خطوات ترامب نحو الحماية التجارية -إبان ولايته الأولى- أحد مهددات النمو الاقتصادي على مستوى العالم.
كيف يتم التعامل مع مخالفات التجارة العالمية؟هناك خطوات لا بد من اتباعها لإثبات وجود تجاوز من قبل دولة ما تجاه دولة أخرى، ولا يتعلق الأمر بمجرد قرار إداري يصدره رئيس أو وزير في دولة ما.
مثلا في حالة الإغراق، على الدولة التي مورس ضدها الإغراق، أن تثبت الأضرار التي لحقت بها من جهة رخص المنتج الأجنبي قياسا لأسعار المنتج المحلي أو تراجع أرباح شركاتها أو زيادة مخزوناتها المحلية بسبب السلع الأجنبية. في حالة ارتكاب دولة مصدرة لمخالفة دعم صادراتها، بعيدًا عن الأدوات المعتمدة من منظمة التجارة، كأن تقدم الدول المصدرة دعمًا لصناعتها من خلال الإعفاءات الضريبية أو الجمارك، ففي هذه الحالة من حق الدولة المتضررة أن تشكو للمنظمة التجارة، وتطالب بتعويضات. في حالة اتفاقية الوقاية من الواردات، فإذا زادت الواردات لدولة ما عن متوسط وارداتها خلال 3 سنوات مضت، وأدى ذلك إلى أضرار بميزان مدفوعاتها، يصبح من حقها أن تلجأ إلى نظام الحصص من الواردات، لكن هذا الحق مقيد بأن تكون الحصص موجهة للسلع بشكل عام، وليس ضد دولة بعينها. اتفاقية الحماية الفكرية، تعطي الحق لأصحاب الحقوق الفكرية، بالحصول على تعويضات، في حالة إثبات الاعتداء على تلك الحقوق من قبل مؤسسات أو دول.ترامب يفضل ورقة التجارة للضغط على روسيا لإنهاء حربها على أوكرانيا (شترستوك) سوابق للمخالفات الأميركية
في عهد جورج بوش الابن، تم فرض رسوم جمركية على بعض المنتجات الخاصة بالاتحاد الأوروبي واليابان ودول أخرى، كما تم ذلك في ولاية ترامب الأولى بشكل أوسع، وهو ما دعا تلك الدول إلى اللجوء لمنظمة التجارة العالمية، لتقديم شكاوى ضد الولايات المتحدة، لما لحق بتلك الدول من أضرار بسبب القرارات الأميركية.
إعلانومؤخرًا صرحت تجوزي أكونجور إيويلا مديرة منظمة التجارة العالمية، أن الدخول في نظام الحماية التجارية، عبر الرسوم الجمركية، من شأنه أن يؤدي إلى كارثة، ويعوق معدلات النمو الاقتصادي.
وثمة شكوى من قبل الدول أعضاء منظمة التجارة العالمية، بسبب تعنت أميركا تجاه جهاز القضاء بالمنظمة، كيف ذلك؟ بعد صدور الأحكام الأولية، يمكن للأعضاء أن يلجؤوا لمحكمة الاستئناف بنفس المنظمة، لكن أميركا عطلت تعيين قضاة جدد لهذه المحكمة فلم تتمكن من القيام بوظيفتها منذ عام 2019، بسبب عدم اكتمال أعضاء المحكمة.
المنظمة ومواجهة ترامبخلال الأيام المقبلة، سنكون أمام مشهد إقدام ترامب على ما وعد به، أو التراجع عنه. كما سنكون أمام سيناريوهات عديدة للمواجهة من قبل باقي أعضاء المنظمة، أو المنظمة نفسها.
فهل سيتجاهل ترامب المنظمة، خاصة أنها تعاني من ضعف يتعلق بإمكانية استغنائها عن التمويل الأميركي؟
سينتظر عالم التجارة أيضا أن تكون خطوة إقدام ترامب على تنفيذ آلية الرسوم الجمركية، فرصة لأن تتوحد باقي دول العالم لترسم خطوة جديدة على خريطة النظام العالمي متعدد الأقطاب، وتنشئ جبهة أمام تصرفات ترامب.
هذه الجبهة إما أن تدفع الرئيس الأميركي للقبول بقواعد نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، أو أن ينجح هو في تقويض هذا النظام عبر تهميش دور منظمة التجارة العالمية، أو الانسحاب من عضويتها.