الجديد برس:

لم تكن تطورات البحر الأحمر، السبب الوحيد الذي أجهض عملية السلام في اليمن. ففي موازاة تلك التطورات، ثمة مواقف أخرى ثابتة، وقفت كحاجز صدّ لخطوات السلام. ولعلّ الموقف الأمريكي الصريح والواضح ضد المساعي السعودية نحو التسوية، مثّل التحدي الأكبر لجهود المملكة في هذا الإطار، وهو الموقف المسنود أيضاً من أبو ظبي والقوى المحلية التابعة لها.

غير أن إرادة المملكة إغلاق ملف الحرب في اليمن، لم تكن ناتجة من مراجعات قامت بها المملكة، بل هي نتاج فشل الحسم عسكرياً، وتغير المعادلة لمصلحة صنعاء منذ استهداف منشآت «أرامكو» في أيلول 2019، خصوصاً أن تلك العملية شكّلت محطة تاريخية فارقة، ليس في مسار الحرب بين السعودية واليمن فحسب، بل أيضاً في مسار العلاقة بين الرياض وواشنطن، حيث حمّلت الأولى، الأخيرة، المسؤولية عن هزيمة السعودية في اليمن، بعد أن أوقفت الولايات المتحدة صفقات التسلح، وحرّكت ضد حليفتها الملفات الضاغطة، الحقوقية والإنسانية.

وكانت قد حاولت السعودية حشد الحلفاء، وعلى رأسهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لتزخيم حربها على اليمن، على اعتبار أن سيطرة «أنصار الله» على هذا البلد تشكّل تهديداً مشتركاً لكل تلك الدول مجتمعة.

لكن الرياض، في نهاية المطاف، وجدت نفسها وحيدة، تخوض مواجهة صعبة مع صنعاء، الأمر الذي أدّى بها إلى رسم مسار الخروج من المستنقع اليمني بأقل الخسائر الممكنة، والذهاب منفردة إلى هندسة السلام الذي يدفع الضرر فقط عنها، لا ذاك الذي يحل مشكلات جارتها. ورغم أن صنعاء لم تطلق، خلال أكثر من عامين، رصاصة واحدة في مواجهة الرياض، إلا أن الأخيرة لم تلتزم بحل ملف واحد من ملفات الحرب الإنسانية، فضلاً عن الملفات السياسية.

السعودية استثمرت في معركة صنعاء ضد الملاحة الإسرائيلية، لترميم علاقتها بواشنطن

وفي خضم هذه المراوحة السعودية، جاءت معركة صنعاء ضد الملاحة الإسرائيلية، لتبدأ معها الرياض فصلاً جديداً في التعاطي مع الشأن اليمني. إذ حاولت، خلال الأشهر الأولى، أن تنأى بنفسها، ثم مع بدء العدوان الأميركي – البريطاني على اليمن، رفضت الانخراط ضمن الحلف الأميركي.

لكن مع مرور الوقت، تغيّر الموقف السعودي لمصلحة الولايات المتحدة، ليس في الجانبين العسكري والأمني، وإنما ربطاً بالملفات السياسية والاقتصادية، الأمر الذي وتّر العلاقة مجدداً بين صنعاء والرياض، وأوصل ملف السلام إلى حافّة الهاوية.

ويبدو أن السعودية استثمرت في معركة صنعاء ضد الملاحة الإسرائيلية، لمصلحة ترميم علاقتها بواشنطن، خصوصاً في ما يتعلّق بالتعاطي مع الملف اليمني، على اعتبار أن الإمكانات العسكرية لدى «أنصار الله»، لا تشكّل فقط تهديداً للسعودية، بل أيضاً لمصالح الولايات المتحدة ووجودها في المنطقة، فضلاً عن التهديد الأمني الذي تمثله لإسرائيل.

ورغم فشل واشنطن في إقناع الرياض بفتح الجبهات مجدداً في اليمن، إلا أن السعودية لن تتردد، على ما يبدو، في خوض مواجهة جديدة ضد هذا البلد، ضمن حلف تقوده الولايات المتحدة، بعد الموافقة على شروط السعودية، المتمثلة في تقديم حماية أمنية أميركية مطلقة للأخيرة، وهو ما تم العمل عليه بشكل متسارع، خلال الأشهر القليلة الماضية، في إطار التحالف الدفاعي المنشود بين الدولتين.

وإذ من شأن ذلك أن يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقة السعودية – الأميركية، فهو قد يفضي إلى انتهاء المراوحة السعودية في التعاطي مع ملفات السلام في اليمن.

*أحمد الحسني – جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: الضربات الإسرائيلية في اليمن تثير القلق

نددت الأمم المتحدة بالتصعيد بين إسرائيل واليمن، وأعربت عن قلقها إزاء الضربات الجوية الإسرائيلية على مطار صنعاء الدولي وموانئ على  البحر الأحمر ومحطات كهرباء.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة  أنطونيو غوتيريش، إن "الضربات الجوية الإسرائيلية اليوم على مطار صنعاء الدولي وموانئ البحر الأحمر ومحطات الكهرباء في اليمن مثيرة للقلق بشكل خاص"، وعبّر عن مخاوفه من احتمالات حدوث مزيد من التصعيد في المنطقة.

وقالت إسرائيل إنها قصفت أهدافا مرتبطة بميليشيا الحوثيين المتحالفة مع إيران في اليمن يوم الخميس، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي. وأفادت وسائل إعلام تابعة للحوثيين بأن 6 أشخاص على الأقل قتلوا.

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن عبر منصة "إكس" أن طائرات مقاتلة نفذت ضربات على أهداف عسكرية تابعة للحوثيين على الساحل الغربي والداخل اليمني قبل فترة وجيزة.

وأضاف أن الميليشيا اليمنية كانت قد هاجمت إسرائيل مراراً بطائرات دون طيار وصواريخ أرض-أرض.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الضربات على  الحوثيين في اليمن "لن تتوقف حتى اكتمال المهمة"، وإن إسرائيل ستواصل "قطع ذراع الإرهاب لمحور الشر الإيراني".

وأوضح البيان أن الجيش الإسرائيلي استهدف البنية التحتية العسكرية التي تستخدمها الميليشيا في ​​أنشطتها العسكرية في كل من مطار صنعاء الدولي ومحطتي حزيز ورأس قنتيب للطاقة. بالإضافة إلى قصف البنية التحتية العسكرية في موانئ الحديدة والصليف ورأس قنتيب على الساحل الغربي".

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذر: الضربات الإسرائيلية في اليمن تفاقم الأزمة
  • الأمم المتحدة: الضربات الإسرائيلية في اليمن تثير القلق
  • انفوجرافيك- أوسع هجوم إسرائيلي على اليمن.. مرحلة حرب جديدة
  • حركة الجهاد الإسلامي تدين العدوان الثلاثي على اليمن
  • المؤتمر وحلفاؤه يستنكرون العدوان الثلاثي على اليمن ويدعون للصمود
  • واشنطن بوست”: “إسرائيل” أبلغت الولايات المتحدة بالهجمات على اليمن قبل تنفيذها 
  • وزير الخارجية: واشنطن تسعى لربط ملف السلام في اليمن بوقف التصعيد في البحر الأحمر
  • اليمن “الجريح” في مواجهة السعودية لمواصلة مشواره في كأس الخليج
  • عدن.. وزير الخارجية يلتقي مدير الصحة العالمية الذي يزور اليمن لأول مرة
  • تصريحات مدرب اليمن قبل مواجهة السعودية الحاسمة في كأس الخليج.. ماذا قال؟