كتب- محمد أبو بكر:

أعلنت الإعلامية قصواء الخلالي، مقدمة برنامج في المساء مع قصواء" والذي يذاع على قناة "cbc"، تعرضها منذ ستة أشهر تقريبًا وحتى الآن، لحملة استهداف وإرهاب ممنهجة من جانب جماعات الضغط الأمريكية الصهيونية الداعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، عبر استخدامهم كل الوسائل المملوكة لهم والأدوات.

وأضافت "الخلالي"، بحسب بيانها، الجمعة: آثار الحملة بدأت بعد انسحاب متحدث الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط على الهواء من برنامجي للمرة الثانية، بعد سؤالي له عن وصفهم الشعب والمقاومة الفلسطينية بالإرهابيين، ورفضهم وصف سلوك إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بالإرهاب أو الإبادة، مشيرة إلى أن المرة الأولى كانت حول مصير الأطفال الفلسطينيين المشردين، وما أتبع ذلك من:-

١- حجب بث برنامجي إليكترونيًا، وإغلاق لصفحاتي على المنصات، وحجب وتشويش على فقرة الضيف الأمريكي، تبعها حذف بعض الحلقات، واستمر الأمر حتى نجحنا بالتضامن الصحفي والجهد المؤسسي في إعادة البث مرة أخرى، واستعادة المنصات الإليكترونية الشخصية والخاصة بالبرنامج.

٢- بعد ذلك، تعرضت لحملات ممنهجة من حسابات إليكترونية، استهدفتني وبرنامجي وفريق التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي والهواتف والرسائل التهديدية، وبعد الشكوى وتتبعها من قبل المتخصصين، تم اكتشاف أن معظمها يعود لجهات تابعة لدعم إسرائيل، تقوم بعمل حسابات تتخاطب باللغة العربية، وتهاجم الأصوات الصحفية المصرية والعربية؛ التي تتبنى الموقف والحق الفلسطيني، وتعضد الدور المصري في حمايته ودعمه، بهدف إرهابها وإسكاتها.

وأشارت إلى أنه بعد ذلك، يتم اجتزاء تصريحاتها مع ضيوف البرنامج في بعض الصحف الأمريكية الموالية لنفس الاتجاه والإسرائيلية، مضيفة: كنا نتجاوز عن هذا، حتى ظهر أحد أشهر وأقدم مراكز البحث في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو مركز “MEMRI” المتخصص في دراسات الشرق الأوسط، ويضم يضم مجلسُ أمنائه عددًا من أبرز السياسيين الأمريكيين والوزراء الإسرائيليين السابقين، ومجموعات بحثية أمريكية، والتي تتبع جميعها مراكز الضغط الصهيونية الإسرائيلية في أمريكا وتستهدف الصحافة الداعمة للقضية الفلسطينية، وقام هذا المركز باستهدافي بحثيًا وفقًا لمنهجيته الموتورة في دعم إسرائيل، وقام باجتزاء مقاطع من حديثي التلفزيوني, وبثها على تلفزيونه بترجمة مشبوهة، كما قام بعمل تحليل محتوى "تحريضي موجّه" وتحليل مضمون لخطابي الإعلامي لحلقات من برنامجي عبر موقعه الصحفي والتحليلي.

وتابعت: وصفني المركز حلقاتي بخطاب "كراهية إسرائيل والعنصرية ضد الصهيونية"، وبأنني أدعم الإرهاب الفلسطيني وأؤيده، وأروج للمقاومة الفلسطينية إعلاميًا، وقام بنشر أجزاء عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي، واضعًا "روابط" ((صفحاتي الشخصية)) في منصاته على وسائل التواصل الإجتماعي، ومحرضًا ضدي؛ لأتلقى بعدها عددًا كبيرًا من الكتابات والتعليقات العنيفة والرسائل من شخصيات مؤثرة أمريكيًا وإسرائيليًا، تجاوزت السب ووصلت للتهديدات بالعنف والحرق مع الفلسطينيين والتهجير من مصر والتربص عند السفر.

كما تابعت: قام المركز بعدها بتكرار نشر هذه المواد والإشارة لحساباتي مرارًا وتكرارًا، في سلسلة من التحريض ضدي لإرهابي، فما كان مني إلّا الرد التلفزيوني عبر برنامجي في واحدة من حلقاته، على هذا المركز الداعم للصهيونية، والذي يعتبر واحد من أشهر مراكز اللوبي الإسرائيلي في أمريكا، ليقوم بعد ذلك مركز "#MEMRI" للمرة الثانية بعمل تحليل مضمون جديد، واجتزاء ردّي وحديثي من جديد وحذف الحقائق التي ذكرتها عن حرب الإبادة الجماعية، التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتعليقي الداعم لمظاهرات الطلاب في جامعات أمريكا، واقتصاص حديثي ونشره المقطع المرئي منقوصًا، ليبدو كهجومٍ غير مبرر على إسرائيل، ويقوم بالإشارة لحساباتي الشخصية عبر منصات التواصل الاجتماعي مجددًا، لأتلقى المزيد من التهديدات والهجوم والإرهاب من قبل الإسرائيليين والأمريكيين الداعمين للصهيونية الإسرائيلية.

وأكملت: هذا بجانب اجتزاء متكرر لبعض مقاطع مبتورة من حديثي وضيوفي في تحليلات عبر نيويورك تايمز، وفورين بوليسي، وتحويلها لتبدو هجوم غير مُسبَب على إسرائيل، سيرًا في نفس الاتجاه من الأذرع المتنوعة، ودون أي تعليق من جانبي، وهذا السلوك تم اتباعه أيضًا من نفس الصحف ضد عدد من الصحفيين المصريين، وبعدها بعدة أيام، فوجئت بمقال تحريضي عنيف شديد اللهجة، من البروفيسور "ريتشارد إبستين" #richard_Epstein، وهو واحد من أهم وأبرز القانونيين الأمريكيين، والسياسيين، والمُشرّعين، وصاحب ثقل بارز في جماعات الضغط الأمريكية لصالح إسرائيل، ومؤثر "مسموع الكلمة" في الانتخابات الأمريكية، وزوجته هي السيدة "إيلين إبستين" عضوة مجلس الأمناء الأبرز في منظمة "الخدمة العالمية اليهودية الأمريكية" والتي اشتهرت بدورها البارز؛ في دعم الحملات الانتخابية للرئيس الأمريكي الأقرب لإسرائيل، وجمعها التبرعات العملاقة من الشخصيات والشركات الكبرى لصالح الحملات الصهيونية والدعم السياسي لها، وتتكامل مع زوجها في الدور السياسي الذي يشكل كتلة مؤثرة في القرار الأمريكي الداعم لإسرائيل،

كما أكملت: كان المقال الذي أصدره "ريتشارد" تحليلًا طويلًا يحمل عنوان "العدالة غير المتماثلة في غزة"، كتب فيه البروفيسور "أبستين" أن إسرائيل لها الحق في كل مايجري دفاعًا عن نفسها، وعلى العالم أن يدعمها، معلنًا رفضه للموقف المصري الذي "يرفض تهجير الفلسطينيين"، لإتاحة الفرصة لإسرائيل لاجتياح رفح وغزة كاملة، ومعلنًا رفضه لبرنامجي ولشخصي، ومستعينًا بمقاطع من خطابي الإعلامي، وذاكرًا (اسمي وشخصي) كنموذج من أبرز الصحفيين المصريين المؤيدين للشعب الفلسطيني، والمحرّضين ضد إسرائيل، والرافضين للتهجير ودعم الحركات الطلابية في أمريكا، معلنًا رفض كل هذا، وملوّحًا في ختام مقاله بضرورة حماية أمريكا لإسرائيل من كل هؤلاء!؛ ليخرج مقال ريتشارد أبستين الشهير، محرّضًا ضدي وضد الخطاب الصحفي والإعلامي الداعم للقضية الفلسطينية في #مصر، عالميًا وليس المستوى الأمريكي فقط، ورافعًا صوت خطابه حد التهديد الضمني، والذي بعد البحث والتدقيق تبين أنه على علاقة وطيدة بمركز “MEMRI” الذي يُعد واحدًا من أذرع "المنظمة اليهودية الأمريكية" والذي بعد التواصل مع الزملاء في اتحادات الصحفيين الأمريكيين، تبين أن هذا السلوك ليس بجديد، وإنما تكرر مع عدد من الصحفيين العرب داخل أمريكا، وتسبب في مضايقات ممنهجة ضدهم، وكذلك خارج الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا.

واستطردت: قام الزملاء في عدد من الاتحادات الصحفية في إسبانيا وفرنسا؛ بشرح جوانب من تجارب صحفية كان خلاصتها التحذير واتخاذ الحيطة، نتيجة الاستهداف الممنهج لتحركات الصحفيين المؤيدين للقضية الفلسطينية بعد التحريض ضدهم، من قبل جماعات الضغط في أمريكا، عبر المتطرفين الداعمين لأفكارهم، وذلك في وقائع صحفية حدثت مؤخرًا تزامنًا مع حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، مع استهدافهم بالتضييق في بعض المطارات الدولية، وتعمّد عرقلة تحركاتهم ومهامهم، والتعدّي على خصوصياتهم وتحجيم منصاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي يتحكم في نسبة كبيرة منها اللوبي الصهيوني في أمريكا، والذي تشابه مع ما جرى مع بعض الصحفيين المصريين والعرب، ومع كثير من المواقع الصحفية الإلكترونية والمنصّات المصرية ولا يزال، وعليه:-

- أعلن رفضي، واحتجاجي على هذا السلوك التحريضي, وهذه الممارسات الإرهابية، ضدي وضد الصحافة المصرية, والعربية، بأنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة، الكاشفة لممارسات إسرائيل الصهيونية، واستخدامهم الأدوات، ومراكز القوة في إرهاب الصحفيين بتخصصاتهم، واستمرار عرقلة المواقع والمنصات الخاصة بنا وفِرَق العمل، بل وممارسة أدوات التحريض ضدنا "كأشخاص" على أخطر مستوى، لدرجة الاستهداف والتهديد، وذلك لتقديم دعم مطلق لإسرائيل، في محاولة لإسكات الأصوات في دول الجوار الفلسطيني؛ وفي مقدمتها مصر الرافضة لممارسات إسرائيل وتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه.

- أعلن أنني أتقدم بشكوى لنقابة الصحفيين المصريين، ونقابة الإعلاميين المصريين، وهيئة الاستعلامات المصرية، والاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين الأمريكيين، والتي جرى تنفيذ بعض منها بالفعل.

* كما سيتم التقدم بخطاب احتجاج رسمي وقانوني للسفارة الأمريكية بالقاهرة، يشرح كل ما جرى بالتفصيل والتوثيق، وسيتم اتخاذ كل الإجراءات والتدابير المهنية والقانونية، لحمايتي الشخصية والمهنية من عملية الإرهاب، والاستهداف الممنهج، التي تمارس ضدي منذ ٦ أشهر والمستمرة حتى الآن.

- نتضامن سويًا ونُشجّع وندعو جميع الصحفيين والإعلاميين والباحثين المصريين، ألّا يخضعوا لأي إرهاب إلكتروني، أو صحفي، أو سياسي، أو شخصي، واستمرار تقديم الدعم للموقف الصامد للشعب وللصحافة الفلسطينية التي نقلت الصورة إلى العالم واستُشهد منها ما يقترب من ١٥٠ صحفي وإعلامي فلسطيني، دفاعًا عن الحقيقة، والتي لا تزال تعمل بكوادرها الفلسطينية الصامدة المُقاومة في أسوأ ظروف مرّت في تاريخ العمل الصحفي الإعلامي الحديث، ودعم المحددات الإنسانية للموقف الفلسطيني والمصري والعربي والدولي الأخلاقي، والإصرار على انسحاب إسرائيل الكامل، واكتفائهم بما ارتوى به جنود الجيش الإسرائيلي من دماء الأطفال الفلسطينيين، ودخول المساعدات الإنسانية بما يكفي المشردين والنازحين والمصابين الفلسطينيين، والاستمرار في دعم مسار إقامة دولة فلسطينية، ووقف نزيف دماء الشعب الفلسطيني الأعزل،

- لن تنجح السياسة السوداوية، إذا واجهتها صحافة وإجراءات قوية، ولن تتوقف الدماء الفلسطينية، إلا بالمزيد من الفضح للإبادة الإسرائيلية، وإذا كان الفلسطينيون العزّل يقاومون الإبادة والتجويع والتهجير على الأرض، فنحن نقرأ ما ترسله دماؤهم، ونكتبه من جديد بأقلامنا وأصواتنا وأدواتنا، ليسمعه العالم عنوة،

- أطلب أيضًا من مجلس النواب المصري الموقّر، عقد جلسة مدعومة بطلبات إحاطة من نواب هذا الوطن الشرفاء من لجان الأمن القومي والصحافة والثقافة والاتصالات وغيرها، لبحث كيفية دعم الصحافة والإعلام المصري، وتعزيز خطاب الحرية، والداعم للقضية الفلسطينية، وكذلك مجلس الشيوخ المصري المُوقّر.

- أطلب من مجلس أمناء الحوار الوطني المصري، والمشاركين فيه، مناقشة حرية الصحافة والإعلام، ومساحاتهم الآمنة في دعم القضية الفلسطينية، والمشاركة بمخرجات سريعة في صناعة أدوات حمائية لصوت الصحافة المصرية من الإرهاب والاستهداف الأمريكي والإسرائيلي وأدواته، باعتبارنا أحد أبرز ملفات "الأمن القومي" الذي يناقشه الحوار الآن، وإننا إذ نجدد جميعًا رجاءنا الذي تبناه بيان الحوار الوطني، من القضاء المصري الشامخ، في "الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا" على ذمة قضايا رأي تتعلق بدعم القضية الفلسطينية، وقد انفعل أصحابها في لحظات من الغضب الشعوري غير المقنن، فنلتمس الإفراج عنهم قبل عيد الأضحى إنسانيًا، ملتمسين عفوًا عن المزيد من مسجوني الرأي صغار السن والذي لم تتوان عنه الدولة المصرية سابقًا.

- أطلب من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بالتعاون مع الهيئة الوطنية والمؤسسات الصحفية؛ عقد جلسة عاجلة، والخروج بطرح يقدّم أدوات وآليات لدعم وحماية الإعلاميين والصحفيين المصريين في عملهم، ومنع استهدافهم من الجانب الصهيوني الأمريكي والإسرائيلي، وأدعو أصحاب الرأي والسياسيين والمؤثرين والكيانات والأحزاب الفاعلة، دعم هذه المسارات بأدواتهم، مروءةً ونخوة وإنسانيةً وعملًا سياسيًا يرفع من مقاماتهم في قلوب المخلصين للوطن وأمنه، وقضية القضايا "فلسطين".

- أطلب من كل هذه المؤسسات والشخصيات تقديم رسائل احتجاج إلى لسفارة الأمريكية بالقاهرة أولًا، وللجهات الدولية المعنية، وعدم التأخر في توثيق حقنا جميعًا في نقل الحقائق عن القضية الفلسطينية، وحماية أمننا القومي، وانتصارًا لإنسانيتنا وكرامتنا والدماء التي سالت، والموقف الذي تتحمله مصر بشرف ونزاهة وندفع جميعًا ثمنه، وكي تصدح رسالتنا لتعلو طاولات التآمر والمصالح السياسية، كي نغيّر مساراتها إلى الأفضل فيما استطعنا إليه سبيلاً.

- أطلب من جموع الصحفيين والإعلاميين والسياسيين المصريين والعرب، مهما كانت توجهاتهم واختلافاتهم، الاتفاق على ما تبقى من إنسانيتنا، والتحلّي بالصبر، والإصرار، وعدم اليأس، والإبقاء على القضية الفلسطينية في مقدمة الأولويات المهنية، واعتبارها أكبر القضايا الإنسانية، والتي نرى خلالها "الشعب الفلسطيني" الأعزل يتعرض لأعنف وأسرع إبادة جماعية في التاريخ الحديث، من جانب سلطة الاحتلال الصهيونية "إسرائيل" مُسقطةً مئات الآلاف من الأمهات والأطفال والشيوخ بين شهداء وجرحى ومرضى وجوعى ومشردين ومفقودين، ومخلّفةً دمارًا لا يمكن إعادة بنائه إلّا بالصمود والأمل؛ حتى يُحقّ الله الحقّ، ولو بعد حين.

واختتمت الإعلامية قصواء الخلالي: فمن أجل هذا كانت الصحافة، ومن أجل هذا جُعل الإعلام، وبهذا تُعزَّز السياسة، ويُحفَظُ الأمن القومي متماسكًا، ومن هذا تكون رسائلنا وأصواتنا واحدة ومسموعة، بأننا على عهد الوطن والقضية، لا يُثنينا استهداف، ولا يكسرنا إرهاب، ولا تُشتتنا خلافات، بل؛ من أجل هذا خلقنا الله.

المصدر: مصراوي

كلمات دلالية: حكومة مدبولي الطقس أسعار الذهب سعر الدولار معبر رفح التصالح في مخالفات البناء مهرجان كان السينمائي الأهلي بطل إفريقيا معدية أبو غالب طائرة الرئيس الإيراني سعر الفائدة رد إسرائيل على إيران الهجوم الإيراني رأس الحكمة فانتازي طوفان الأقصى الحرب في السودان قصواء الخلالي إسرائيل الولايات المتحدة المقاومة الفلسطينية التواصل الاجتماعی للقضیة الفلسطینیة الصحفیین المصریین القضیة الفلسطینیة الشعب الفلسطینی فی أمریکا أطلب من جمیع ا فی دعم الذی ی

إقرأ أيضاً:

مكافحة الإرهاب في الساحل.. بين الضرورات الأمنية والتحديات السياسية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في خطوة لتعزيز الأمن الحدودي، أطلقت مالي والسنغال عمليات دوريات مشتركة على طول حدودهما المشتركة البالغة ٧٠٠ كيلومتر في ٢٠ فبراير ٢٠٢٥، وذلك لمواجهة تهديدات جماعة نصرة الإسلام المسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة. جاءت هذه المبادرة بعد سلسلة هجمات إرهابية في غرب مالي، بما في ذلك اختطاف وقتل أحد الزعماء الدينيين البارزين في المنطقة.
تم إطلاق العمليات المشتركة من منطقة "ديبولي"، وهي نقطة استراتيجية على الحدود بين البلدين. وتشمل هذه الدوريات مشاركة وحدات عسكرية متخصصة من الجانب السنغالي، مثل المنطقة العسكرية رقم ٤ ومجموعة المراقبة والتدخل السريع، إلى جانب القوات المسلحة المالية وأجهزة الأمن الداخلي. وتهدف هذه الجهود إلى تعزيز المراقبة على المحاور الاستراتيجية وحماية المدنيين من هجمات الجماعات الإرهابية.
وأشاد رئيس الوزراء المالي السابق، موسى مارا، بالمبادرة، مؤكدًا أهمية التعاون العابر للحدود في مواجهة انعدام الأمن. وأكد على ضرورة تعزيز التعاون بين دول المنطقة لمكافحة الإرهاب بشكل فعال. تأتي هذه المبادرة في إطار دبلوماسي أوسع. فخلال زيارته الأخيرة إلى باماكو، أعاد وزير الدفاع السنغالي، بيرام ديوب، ونظيره المالي، الجنرال ساديو كامارا، تأكيد التزامهما المشترك بمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، رغم انسحاب مالي من مجموعة "الإيكواس".
وأعربت سلطات البلدين عن نيتها جعل هذه الدوريات دائمة على طول الحدود، بهدف إنشاء آلية مراقبة دائمة لتقليل مخاطر الهجمات والجريمة.
ويستند هذا التعاون إلى تجارب سابقة في التعاون الإقليمي، مثل العمليات المشتركة التي نفذتها مالي والسنغال وموريتانيا في سبتمبر ٢٠٢٤ في مناطقهم الحدودية. كما يتم تعزيز التعاون العسكري بين مالي والسنغال من خلال تبادل المتدربين العسكريين منذ توقيع اتفاقية فنية في مارس ٢٠٢١.
في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها منطقة الساحل، يبرز التعاون بين مالي والسنغال كنموذج للتعامل مع الأزمات عبر الحدود. ومع ذلك، فإن تحقيق النجاح المستدام سيتطلب جهودًا متواصلة لضمان استقرار المنطقة على المدى الطويل.
السياقات والدلالات
يمثل التعاون الأمني بين مالي والسنغال تطورًا لافتًا في خريطة المواجهة الإقليمية للإرهاب، حيث يأتي في وقت تعاني فيه منطقة الساحل من تحولات جيوسياسية وأمنية عميقة. من أبرز هذه التحولات انسحاب مالي من مجموعة الإيكواس، وهو قرار أضعف بشكل ملحوظ التعاون الأمني التقليدي بين دول المنطقة، مما أثار مخاوف بشأن قدرة باماكو على مواجهة التهديدات الإرهابية بمفردها. ورغم هذا الانسحاب، فإن الاتفاق مع السنغال على إطلاق دوريات مشتركة يعكس إدراكًا عمليًا بأن الأمن الإقليمي لا يمكن التعامل معه بمعزل عن الجوار، وأن المصالح الوطنية تتطلب في بعض الأحيان تجاوز الأطر الإقليمية الرسمية لصالح تعاون ثنائي مباشر أكثر مرونة وفاعلية.
هذا التعاون يكتسب أهمية إضافية نظرًا لطبيعة التهديد الذي يستهدفه، حيث تتعرض المناطق الغربية من مالي لهجمات متزايدة من قبل جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لتنظيم القاعدة. خلال الأشهر الأخيرة، صعدت الجماعة من عملياتها الإرهابية، مستهدفة مواقع عسكرية وأمنية، بالإضافة إلى شخصيات دينية بارزة، كما حدث مع الزعيم الديني الذي تم اختطافه وقتله مؤخرًا.
هذا التصعيد يعكس تحولًا استراتيجيًا في نشاط الجماعة، حيث لا تقتصر عملياتها على المواجهة العسكرية التقليدية مع القوات الحكومية، بل تشمل أيضًا محاولة فرض هيمنتها على البنية الاجتماعية والدينية للمنطقة، من خلال استهداف الرموز الدينية والسيطرة على المؤسسات المحلية.
اختيار هذه الجماعة كهدف رئيسي للدوريات المشتركة ليس مجرد قرار عسكري، بل هو خطوة ذات أبعاد سياسية وأمنية عميقة. فمن جهة، تسعى الحكومتان في مالي والسنغال إلى إرسال رسالة مفادها أن هناك تنسيقًا جادًا لمواجهة هذه التهديدات، في ظل تصاعد الهجمات العابرة للحدود. من جهة أخرى، فإن هذه العمليات تسلط الضوء على أن الخطر الذي تمثله الجماعات الإرهابية في الساحل لا يقتصر فقط على الجانب العسكري، بل يمتد إلى المجال الأيديولوجي والاجتماعي، ما يتطلب استراتيجيات مواجهة متعددة المستويات، تشمل العمل الأمني إلى جانب التنمية ومكافحة الفكر المتطرف.
علاوة على ذلك، فإن هذه الخطوة قد تكون مؤشرًا على تحولات أوسع في طبيعة التعاون الأمني في الساحل. ففي ظل التغيرات التي طرأت على التحالفات الإقليمية، وتزايد الدور الذي تلعبه الدول منفردة في مكافحة الإرهاب بعيدًا عن المنظومات الإقليمية التقليدية.
وقد يكون التعاون بين مالي والسنغال نموذجًا لمقاربات أمنية جديدة تعتمد على الاتفاقات الثنائية بدلًا من الاعتماد على الأطر الجماعية التي باتت تواجه تحديات سياسية تعوق فاعليتها. ومع ذلك، فإن مدى نجاح هذا التعاون سيظل مرتبطًا بقدرته على الاستمرارية والتكيف مع التهديدات المتغيرة في المنطقة.
الأثر على مكافحة الإرهاب وتناميه
تمثل الدوريات الأمنية المشتركة بين مالي والسنغال خطوة مهمة في تعزيز الأمن على الحدود المشتركة، خاصة في ظل استغلال الجماعات الإرهابية، مثل "نصرة الإسلام والمسلمين"، للفراغات الحدودية كمعابر آمنة لنقل المقاتلين والأسلحة.
انتشار القوات الأمنية في هذه المناطق يعكس إدراكًا متزايدًا لأهمية السيطرة على هذه المساحات غير المحكومة، التي لطالما شكلت ملاذًا للجماعات المتشددة. ومع ذلك، فإن التجارب السابقة تشير إلى أن الحلول العسكرية، رغم أهميتها، تظل غير كافية ما لم يتم دعمها بمقاربات أكثر شمولًا، تعالج الأسباب الجذرية لتمدد هذه الجماعات.
من أبرز التحديات التي تواجه مثل هذه العمليات مسألة استدامتها على المدى الطويل. فمن المعروف أن الحملات الأمنية غالبًا ما تبدأ بزخم كبير، لكنها سرعان ما تصطدم بعقبات لوجستية ومالية تعوق استمرارها. فالعمليات الحدودية تتطلب موارد ضخمة، تشمل التجهيزات العسكرية، والقدرة على تأمين الإمدادات، وتوفير المعلومات الاستخباراتية المحدثة. وفي حال لم تحصل مالي والسنغال على دعم مستمر، سواء من الداخل أو من الشركاء الدوليين، فقد تتحول هذه الحملة إلى مجرد إجراء مؤقت لا يُحدث تغييرًا جذريًا في المعادلة الأمنية.
إلى جانب البعد اللوجستي، هناك تحدٍ سياسي يتعلق بالتنسيق بين البلدين، خاصة أن لكل منهما أولوياته الأمنية الخاصة. مالي، على سبيل المثال، تواجه ضغوطًا متعددة بسبب نشاط الجماعات الإرهابية في عدة مناطق، مما قد يجعلها تعطي الأولوية لمناطق أخرى على حساب الحدود السنغالية. من جهتها، السنغال، التي تُعتبر من أكثر دول غرب إفريقيا استقرارًا، قد تجد نفسها مضطرة إلى مراجعة انخراطها في العمليات المشتركة إذا ما أدى ذلك إلى استنزاف مواردها أو إلى تصاعد التهديدات داخل أراضيها.
التحدي الآخر الذي لا يقل أهمية هو موقف السكان المحليين من هذه العمليات. إذ إن المجتمعات الحدودية في الساحل تعاني من غياب الدولة وضعف الخدمات الأساسية، ما يجعل بعضها أكثر تقبلًا لوجود الجماعات المسلحة، خاصة عندما توفر هذه الجماعات بدائل اقتصادية أو تطرح نفسها كحامٍ في ظل غياب الأمن الرسمي.
في هذا السياق، أي حملة أمنية لا تراعي البعد الاجتماعي قد تؤدي إلى نتائج عكسية، حيث قد يدفع القمع العشوائي أو الاستهداف الخاطئ بعض السكان إلى التعاطف مع المسلحين بدلًا من التعاون مع الدولة. إضافةً إلى ذلك، فإن الجماعات الإرهابية نفسها أثبتت قدرة عالية على التكيف مع الضغوط الأمنية، سواء من خلال إعادة الانتشار إلى مناطق جديدة، أو عبر تغيير تكتيكاتها القتالية.
وفي حال لم يتم تعزيز العمليات العسكرية بجهود استخباراتية فعالة، فقد تجد هذه الجماعات طرقًا بديلة لمواصلة نشاطها، مما يقلل من تأثير الدوريات المشتركة على المدى الطويل.
بناءً على ما سبق، فإن نجاح هذه المبادرة مرهون بمدى قدرتها على دمج الحلول الأمنية مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فإذا تمكنت الحكومتان من تقديم مشاريع تنموية تعزز ثقة السكان بالدولة، بالتوازي مع العمليات العسكرية، فقد يشكل ذلك ضربة استراتيجية للجماعات المسلحة.
أما إذا اقتصر الأمر على العمل العسكري فقط، فمن المرجح أن يكون التأثير محدودًا، ما يسمح للإرهاب بإعادة إنتاج نفسه بطرق مختلفة.
نحو مقاربة شاملة؟
يمثل التعاون بين مالي والسنغال خطوة إيجابية نحو تعزيز الأمن الإقليمي، لكنه لن يكون كافيًا ما لم يُدمج في استراتيجية أوسع تشمل جوانب تنموية واجتماعية. فمكافحة الإرهاب لا يمكن أن تقتصر على العمل العسكري وحده، بل يجب أن تستهدف معالجة الأسباب العميقة التي تغذي العنف المسلح، مثل الفقر، البطالة، والتهميش الاجتماعي.
فالمناطق الحدودية التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية غالبًا ما تعاني من ضعف الخدمات الأساسية وغياب الدولة، مما يجعل السكان أكثر عرضة للتجنيد من قبل الجماعات المسلحة التي تقدم لهم إغراءات مادية أو حماية بديلة. لذلك، فإن نجاح أي جهود أمنية يتطلب استثمارات طويلة الأمد في البنية التحتية، الصحة، والتعليم، لضمان خلق بيئة لا تشجع على انتشار التطرف.
إلى جانب التنمية، فإن تعزيز الحوكمة الرشيدة يمثل عنصرًا حاسمًا في أي مقاربة شاملة. فكثير من التوترات في منطقة الساحل تعود إلى مشكلات الحكم وسوء إدارة الموارد، ما يؤدي إلى تآكل ثقة المواطنين في الدولة.
لذا، فإن تحسين كفاءة المؤسسات الحكومية، وضمان الشفافية، ومحاربة الفساد، يمكن أن يسهم في تقليص قدرة الجماعات الإرهابية على استغلال المظالم المحلية لصالح أجنداتها.
كما أن تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة شئونها، عبر الحكم اللامركزي، يمكن أن يخلق نوعًا من الشراكة بين الدولة والمجتمع، مما يسهم في بناء مناعة أقوى ضد التطرف.
على المستوى الإقليمي، فإن توسيع نطاق التعاون ليشمل دولًا أخرى مثل موريتانيا والنيجر يمكن أن يخلق بيئة أمنية أكثر تكاملًا، خاصة مع تصاعد التهديدات العابرة للحدود. فالحدود بين دول الساحل تظل مناطق رخوة يسهل استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية، ما يجعل من الضروري تبني آليات تنسيق أمني أكثر شمولًا، مثل تبادل المعلومات الاستخباراتية، وإجراء عمليات مشتركة على نطاق أوسع، وتعزيز التعاون في مجال مراقبة الحدود. وقد أثبتت تجارب سابقة، مثل "مجموعة دول الساحل الخمس"، أن التعاون متعدد الأطراف يمكن أن يكون أكثر فاعلية من الجهود الفردية للدول.
ومع ذلك، فإن أي مقاربة إقليمية ناجحة يجب أن تراعي التغيرات الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة، خاصة مع تراجع الدور التقليدي للقوى الغربية مثل فرنسا، وبروز لاعبين جدد مثل روسيا وتركيا. كما أن الانقسامات بين دول المنطقة، كما هو الحال بين مالي والإيكواس، قد تعرقل فرص التعاون الفعّال. لذلك، فإن إيجاد آليات جديدة للتنسيق، سواء عبر اتفاقيات ثنائية أو مبادرات إقليمية مرنة، قد يكون أكثر واقعية من الاعتماد على الأطر التقليدية التي تواجه تحديات سياسية تعوق فعاليتها.
في النهاية، يعتمد نجاح التعاون الأمني بين مالي والسنغال على قدرته على التطور من مجرد استجابة عسكرية مؤقتة إلى نهج شامل يعالج العوامل العميقة التي تغذي الإرهاب.
فالمواجهات العسكرية وحدها، رغم أهميتها، لن تكون كافية ما لم تُرافق بإصلاحات سياسية وتنموية تعزز ثقة السكان بالدولة وتحدّ من قدرة الجماعات المتطرفة على استقطاب الأفراد.
لذلك، فإن تحويل هذه المبادرة إلى نموذج مستدام يتطلب رؤية طويلة الأمد تشمل تحسين الحوكمة، الاستثمار في البنية التحتية، وتوفير الفرص الاقتصادية للشباب الذين يشكلون الفئة الأكثر استهدافًا من قبل التنظيمات الإرهابية.
وعلاوة على ذلك، فإن مأسسة هذا التعاون وجعله جزءًا من استراتيجية إقليمية أوسع سيكون عاملًا حاسمًا في نجاحه. فإذا لم تتمكن مالي والسنغال من ضمان استمرارية هذا النهج وتعزيزه عبر اتفاقيات دائمة وآليات تنسيق فعالة، فسيظل خطر عودة الجماعات المسلحة إلى التمدد قائمًا، مما قد يؤدي إلى إعادة إنتاج الأزمة الأمنية من جديد.
وبذلك، يصبح التحدي الحقيقي ليس فقط في التصدي الفوري للتهديدات الإرهابية، بل في خلق بيئة أمنية مستقرة تمنع تكرارها وتضمن مستقبلًا أكثر أمنًا لمنطقة الساحل بأكملها.

مقالات مشابهة

  • سفير مصر السابق بدولة الاحتلال: إسرائيل تسعى لتهجير الشعب الفلسطيني إلى الصومال
  • الخارجية الأمريكية تصف ترامب بـ الحليف الأعظم لإسرائيل
  • الخارجية الأمريكية تصف ترامب بـ الحليف الأعظم لإسرائيل - عاجل
  • فتح: إسرائيل تواصل تنفيذ مخططات التهجير ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • مكافحة الإرهاب في الساحل.. بين الضرورات الأمنية والتحديات السياسية
  • إلهام شاهين لـ البوابة نيوز: أتعرض لهجوم مستمر وأواجهه بالتجاهل والتزام الصمت
  • لأنه بلد غير آمن.. بريطانيا تحذر مواطنيها من السفر إلى الجزائر
  • "المنظمات الأهلية الفلسطينية": قرار إسرائيل بوقف المساعدات لغزة سيكون له تداعيات خطيرة
  • الحكومة الأمريكية تعلن تسريع تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل
  • مصر القوة الداعمة لاستقرار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا| شراكات اقتصادية ودبلوماسية