سودانايل:
2024-12-23@05:28:19 GMT

في الذكري السنويه لفض إعتصام القيادة العامة

تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT

تعتبر جريمة فض الإعتصام التي هلت علينا ذكراها السنويه من أكبر الجرائم التي إرتكبها تحالف فلول النظام السابق من الاسلاميين مع جنرالات الجيش، فبرغم الحرب الطاحنة والتشريد والموت وفقد الممتلكات وشقاء العمر الذي يحدث الآن بسبب الحرب، برغم ذلك فإنها ستبقي في الذاكرة الجمعيه للسودانيين ربما لأجيال عديدة.
السبب في ذلك يعود إلي الغدر والوحشية التي تم بها القتل والتحقير والتعذيب و الإغتصاب لشباب مسالم لا يملك من السلاح غير إيمانه بضرورة الإنتقال السلمي نحو دولة القانون والعدالة والتنميه بعد ثلاثة عقود من الفساد والاستبداد.

وكذلك برغم أن نظام الكيزان ومنذ مجيئه بإنقلابه العسكري علي حكومة مدنية منتخبة، كان قد إرتكب جرائم حرب يندى لها الجبين في الجنوب وجبال النوبه ودارفور ومناطق أخري، إلا إن فض الإعتصام كان جريمة معلنة highly visible crime وقد شهدها كل العالم تقريبا واذكر أن الخبر الصاعق نقلته حتي وسائل الإعلام الكنديه المحلية في حينه CBC Radio Broadcast وذلك بعد وقت قصير من حدوث تلك الجريمة البشعة.
سبب آخر يميز جريمة فض إعتصام القيادة العامة عن قائمة جرائم الكيزان المتطاولة الأخري ويجعلها حية في الذاكرة الجمعية، أنها كانت قد تمت أمام سمع وبصر الجيش السوداني وأمام مقره، وفي ذلك رمزية عالية لأن إختيار دافع الضرائب للإعتصام أمام مقر قيادة جيشه أمر له مدلولات عميقة تعبر عن الوضع " الطبيعي لجيش أي بلد" في ذهن المواطن وليس عن الوضع " الشاذ" الذي نعيشه الآن.
لكننا حينما نضع تلك الجريمة في السياق العام للاحداث منذ إندلاع ثورة ديسمبر التي نجحت في إقتلاع عمر البشير ، سنكتشف وبسهولة أنها كانت تقريبا بدايات التحرك الجاد من قبل الفلول لقطع الطريق علي التفاوض حول الوثيقة الدستورية بإعتباره قد يقود إلي توافق يمكن البلاد من الانتقال السلمي الديمقراطي. من الأشياء التي ميزت قوي الحرية والتغيير رغم محاولات الفلول المستمرة، بمساعدة آخرين للأسف، شيطنتها، أنها، أي قوي الحرية والتغيير، تميزت بالمرونة والصبر في التفاوض مع العسكر وإستطاعت أن تمتص الصدمة وكذلك فعل الشعب الذي لم يخضع للإبتزاز بعد فض الإعتصام والقتل والترويع الذي صاحبه كما كان الكيزان يتوقعون.
بيد أن تحالف الفلول مع جنرالات الحيش كان قد واصل في محاولاته المستميتة لإجهاض ثورة ديسمبر بإستخدام ما عرف ب " حاضنة الموز" وحمايتها كي يتعلل بفرية التمثيل representstion ثم اردف ذلك بالإنقلاب علي الوثيقة الدستورية في اكتوبر وإعادة تمكين عناصر النظام السابق، رغم كل ماعرفوا به من فساد وإفساد ، وصولا إلي مسئوليته الراهنة عن الحرب الكارثية منذ ١٥ أبريل من العام الماضي.
أيضا، من الأشياء التي ستجعل هذه الجريمه عالقة بالاذهان في تاريخنا الحديث، إنه لم يتم الكشف بعد عن تفاصيلها وتمليك الشعب الحقائق كاملة بما حدث، وتعتبر قيادات الجيش والدعم السريع إضافة إلي لجنه " أديب" هي المسؤولة عن ذلك التعتيم رغم أن كل الدلائل تشير وبقوة إلي أن كتائب الاسلاميين وفلول النظام السابق هي من نفذ الجريمة ضد المدنيين السلميين بتلك الوحشية والقذاره التي شهدناها عبر وسائل التواصل الحديثة.
وتعتبر ثقافة العنف المقدس أو "الجهاد" والتي تتعارض مع مفهوم التعددية والتعايش السلمي في المجتمعات المدنية الحديثة، هي المسئولة عن الكراهية والعداء وشيطنة الأبرياء وإستباحتهم بتلك الدرجة من الفظاعة، كذلك لا يمكن ابدا إهمال الدوافع السياسية للفلول بالعودة إلي حكم البلاد والإنفراد بخيراتها.
أهم درس يجب أن نعيه بعد هذه التجارب القاسية هو ضرورة إحداث إختراق داخل عش الدبابير لمعرفه التآمر والتصدي له قبل وقوعه. ولنا في التجربة الإنسانية ما يمكن أن نتعلمه خاصة إذا عرفنا أن أقدم ديمقراطية في العالم لم تكن لتصمد لولا حسن التدبير وإختراق جسد الأعداء وهذا ما فعله المستنيرون حينما قاموا بطرد الملك جيمس السادس الكاثوليكي المتطرف وتتويج الملكه ميري وزوجها فيما عرف بالثورة المجيده في العام ١٦٨٨م Glorious Revolution.
وبذلك كانوا قد تمكنوا من بسط الحريات العامة ما أمكن ودعم مبدأ التسامح وضرورة التعايش السلمي بين الأديان في المجتمع البريطاني. كان ذلك قد تزامن مع الدور العظيم للسكرتير العام في ذلك الوقت فرانسيس وولسنقهام Francis Walsingham الذي استطاع تجنيد عدد من الوطنيين لمعرفه ما يدور من تآمر علي بريطانيا في الدوائر الكاثوليكية المتطرفة داخل الفاتيكان وفرنسا واسبانيا.
كان لذلك العمل تأثيره العظيم في كشف المؤامرات ووأدها في المهد ، قبل أن يستفحل شرها، وذلك حماية لأول نظام كان يخطو حثيثا نحو التحديث والدمقرطة ولكن دون أن يهمل مسألة تقليم أظافر التطرف الديني.

طلعت محمد الطيب

talaat1706@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الأكثر بحثا في ٢٠٢٤ .. حكاية 3 فنانين تصدروا التريند

تمكن 3 فنانين من التواجد ضمن قائمة الشخصيات العامة الأعلى بحثًا عبر موقع البحث الشهير جوجل خلال عام 2024.

https://www.youtube.com/shorts/vd0UdAUG2SE
‎ومن أوائل الفنانين الذين تواجدوا داخل القائمة، وجاءت في المركز الثالث ضمن قائمة الشخصيات العامة الأعلى بحثًا عبر موقع جوجل ، وهي الفنانة جميلة عوض، التي احتفلت هذا العام بزواجها علي المونتير الشهير أحمد حافظ ، حيث اقامت حفل زفاف حضره عدد كبير من الفنانين.

ثاني الاسماء من الفنانين المتواجدين في القائمة للشخصيات العامة الاعلي بحثا هذا العام، الفنان صبحي خليل، الذي احتل المركز الرابع ، حيث احتفل هذا العام بزفاف ابنته علي الفنان الشاب أحمد عبد الوهاب، الذي تالق وذاع صيته بعد عرض مسلسلي الحشاشين وأشغال شقة خلال شهر رمضان الماضي.

واخيرا تواجد اسم الفنان حسين فهمي ضمن قائمة الشخصيات العامة الاعلي بحثًا علي موقع جوجل، حيث احتل المركز الثامن ، وجاء تواجد اسم الفنان حسين فهمي  في القائمة بعد وفاة شقيقه الفنان مصطفي فهمي، بالإضافة الي رئاسته لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي .

https://www.youtube.com/shorts/vd0UdAUG2SE

مقالات مشابهة

  • داليا عبد الرحيم: التحول الديمقراطي السلمي في سوريا مرهون بإنهاء مخططات الهيمنة
  • حصاد 2024.. أبرز الخواتم الذكية التي أطلقت في هذا العام
  • النائب العام يدشن الموقع الالكتروني لجمعية النواب العموم العرب
  • تدشين أول مسار للنقل العام بالحافلات في جزيرة فرسان
  • عاجل| القيادة العامة بسوريا: الشرع ناقش في لقائه مع الفصائل العسكرية شكل المؤسسة العسكرية الجديدة
  • (عودة وحيد القرن) كانت من أنجح العمليات التي قام بها قوات الجيش السوداني
  • الأكثر بحثا في ٢٠٢٤ .. حكاية 3 فنانين تصدروا التريند
  • القيادة العامة السورية الجديدة تعلن تكليف أسعد الشيباني بحقيبة وزارة الخارجية
  • الجبهة الشعبية القيادة العامة تسلم بعض مواقعها للجيش
  • سوريا.. “القيادة العامة” تكشف ما دار في اجتماع الشرع مع وفد الخارجية الأمريكي