عنقاءُ تِرْمِي
(Phoenix of Tirmi)
3 يونيو 2024
موسى المكي
___________________
أهديك موطني السلام
وما تبقى من شآبيب الغرام
وصادق الأيام
وروعة الخريف في الخيام
وذكريات بوحنا العظام
حين يلزم السلام نهرك الغيور وسهلك الهمام
وما استقام من جبالك العظام
فنحن عند صامد
الجبال "ترميً
نروم في مخاضك العشم
نصنع الحقيقة لتدفن الوهم
نقوم كالعنقاء
من نارك العظيمة والسخام
نكافح الغيلان والآلام
إليك بائع المكاسب السريعة
وحاقن العروق بالخديعة
غارس الخصام والوقيعة
أما كفتك أعوام النفاق
وأنهر الدماء والفضيحة؟
أما لديك غير سكة السهام
وبيعة النفاق في المدن؟
وفاسدي الذمم
وباهظ الثمن
أما لديك غير رقصة الفناء والعدم
في كل جولة غذاؤكم
دماؤنا بلا ندم
ففي اتفاقكم والإختلاف
فناؤنا هو المُراد للرِّمَم
إذن أهلا وسهلا يا وطن
إلى مدائن الظنون
واعتياد خوفها الحميم
السلم فيها بائس كظيم
مقهورة أحلامها
فيها الحلم شاخ
واستطال الليل طال
الغياب في كتابها حضور
في حلقها تعثرت مخارج النذور
ورمز السر فيها ضاع
كالأطلال في مزابل الدهور
ومخبر الآثار سارقٌ
وغارق اللسان واليدين في الشرور
.
وطني تحاصر الذئاب مهرتي
بلحن الموت والمنافي والصريخ
تتكفف التاريخ
تناشد الجميع ستر عورها،
لتخذلك بنادق الأنذال بالضجيج
وتنهشك بيادق الرمال بالفحيح
وتسكنك هزائم الغياب والنبيح
وليس في نحورنا
سوى الأشواك والقبائل
في نصلها الأحقاد بالكناية والصريح
منها لسان حال البوم
رحلة الجميع صوب
ميلاد جديد للضريح
صانع المسالخ العمائم
والمذابح التوائم
والمسارح القبور
وفي مجاهل البحار والعتمور
نفوسنا تعالج المسير
في رحلة الرمضاء والتنور
الفجر فيها غائر
في غيهبٍ ديجور
ورغم كل ظالم يجور
وحارقي البخور؛
نحن لم ولن نمت
وإن أخفيتم الرفات في المياه والرمال والقبور،
سنحيا رغم كل شيء
وإن تطاولت دهور
واستحال كل عمرنا فجور
سيفلت الصباح من عقالكم يثور
وتُنبِتُ الأمطار في رمالنا البذور
لترفد الثمار والزهور
وكيفما حرمتم الحداء في البكور
وكلما دفعنا من دمائنا المهور
ستبقى في الضمير أغنية عزيزة وواحدة
وأمنيات خالدة
وآخر العناد صحوة الضمير وفارع النشيد:
المجد للسودان بائن المصير
وليسقط البغاة في السعير
ولينزل العقاب بسارق القنطار والقطمير
يا أيها الفجر الجريح
إذا تعثرت خطاك
سنسلك الآلام كالمسيح
متسامح لا يقبل الإغواء
سواسية نعالج الأحلام
وكل سعينا الحثيث والكسيح
نقيل رقصة الغياب
وكذبة المديح،
فنحن لن نسير للكهوف
والقول ما قالت (حزام) للأُلُوف:
لنا الطريق وشاهق الأحلام واستقامة الصفوف،
ولأرضنا الحياة والجروف
وما خط الميامين المعالم والحروف
وللمرابين العدالة والانكسار والكسوف !!!
_________________________
***
تِرمِي جبل شاهق ضمن سلسلة جبال النوبة في اواسط شرقي أرض تقلي فيه آثار فخيمة لحضارة موغلة في القدم تنتظر التنقيب.
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
رحلة من صنعاء إلى بيروت
مازن هبه
أسبوع نعيش في القمة، لا أقصد بالقمة هنا وصف الجغرافيا أو مباني بيروت العالية وإنما قمة الهرم الاجتماعي وكأننا ملوك نتيجة الحفاوة والمحبة التي غمرنا بها الأخوة اللبنانيين..كنا نتوقع أن يحتفوا بنا نتيجة موقف قائدنا الاستثنائي-حفظه الله- في معركة الإسناد ولكن الواقع فاق التوقع وبمراحل! الجميع يقابلك بابتسامة عريضة خصوصاً إن كنت ترتدي الزي اليمني الذي تتوسطه “الجنبية” ويبدأ في صب المديح:
“الله يحيي أبطال اليمن”
“نقبل أيديكم يا أنصارالله”
“أنتو والله أشجع ناس”
“الله يحفظكم ويحفظ السيد عبدالملك”
“أنتو تاج على رؤوسنا”…الخ
ترحيب من الجميع رجالاً ونساءً شيباً وشباباً وكأن الناس وجدوا أبطال طفولتهم !! أبطال خارقين صنعتهم المواقف المشرفة ونصرة المستضعفين.. لم تصنعهم أفلام “مارفل” أو القصص المصورة وآلة الدعاية الغربية.
بإحدى المرات كنت وعدد من الإخوة نتمشى والبعض يلبس الجنبية -التي تميزنا- وسط الشوارع المزدحمة “وسط العجقة” كما يسميها اللبنانيين، الكل يسلم علينا ويلقي التحية، بعض سائقي الدراجات يمر سريعاً من جانبنا وبعد ملاحظتنا يعود بدراجته فقط ليقول “الله يحيي أبطال اليمن”، فجأة أوقف أحد السائقين سيارته وسط الشارع ونزل يسلم علينا ويتصور معنا وتجمع القوم حولنا ما تسبب بأزمة سير.
بالطبع هذا المشهد لم يرق لمرتزقة السعودية في لبنان، لا أقصد مشهد أزمة السير وإنما مشهد الحفاوة فانفجروا غيضاً وذهبوا يناطحون التاريخ بربطة عنق وبدلة مستوردة! ولكنهم مجرد مشهد عابر يثير الشفقة لغريق حاقد جرفه سيل من المحبين.
هذه الحفاوة ليست محصورة في الشيعة (جمهور حزب الله) وإنما في كل الطوائف اللبنانية، بالإضافة إلى اخوتنا الوافدين من العراق وإيران وغيرها من البلدان العربية والأعجمية فالجميع كانوا يقابلوننا بنفس الإعجاب والحفاوة رغم أنهم ضيوف مثلنا؛ وكأننا “اليمنيين” جئنا من كوكب آخر!!.
لا أقصد بقولي “كوكب” أننا كنا غرباء فأهلنا الكرماء في لبنان كانوا يقولون لنا أنتم لستم ضيوف أنتم أهل البيت “صدر البيت لكم والعتبة إلنا”، ولا أقصد أن أشكالنا مختلفة كما تصور هوليوود سكان المريخ لا؛ ولكن ربما مواقف قائدنا الحكيم والمؤمن الاستثنائية في نصرة المستضعفين جعلت صورتنا في نظرهم كائنات ملائكية قادمة من كوكب آخر لتحقيق العدل في هذا الكوكب الذي ملأه الشر شرقاً وغرباً، لذلك يعقدون علينا آمال الخلاص.
وسط هذا المشهد أكثرت من التسبيح والحمد والشكر لله وأدركت أننا أمام مسؤولية كبيرة، وأننا تحت المجهر، وأن كل خطأ أو تقصير أو تفريط يحصل منا فإننا سنكون بذلك جنينا على أنفسنا وعلى الأمة كل الأمة، فكل تشريف لا يأتي إلا مع تكليف، والله شرفنا بهذه المسيرة القرآنية والقائد العلم لنكون شاهداً على عظمة الإسلام ومشروع القرآن في مواجهة مشروع الشيطان؛ لذلك علينا أن نكون بمستوى المسؤولية وإلا فإن عاقبتنا إذا ما فرطنا وانحرفنا هو الاستبدال واستحقاق اللعنة من الله كما حصل مع بني إسرائيل..
وللحديث بقايا…