استهداف المطاعم يهدد بيئة الاستثمار.. دائرة "سلبية" تحوط العراق والشركات الأجنبية تحترس
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
عاد الحديث مجدداً عن تضائل فرص قدوم الشركات الأجنبية إلى العراق، بعد موجة استهداف مسلح لعدد من الشركات والمطاعم الحاصلة على وكالات بينها أمريكية وبريطانية وغيرها من الجنسيات مؤخراً في بغداد، لاسباب عزتها الجهات المنفذة لارتباط هذه الشركات بدول تدعم العدوان الإسرائيلي على غزة، هذا الامر وبحسب خبراء سيقوض فرص اقناع الحكومة العراقية بالدخول للبلاد والاستثمار بمختلف القطاعات لوجود مخاطر أمنية حقيقية.
وفي هذا الشأن، يرى الخبير الاقتصادي عبدالرحمن المشهداني، أن الهجمات التي طالت مجموعة من الشركات والمطاعم في بغداد، ستلقي بظلالها على الواقع الاستثماري داخل العراق.
وقال المشهداني، إن “الاستهداف المتكرر لعدد من الشركات الوكالات العالمية او غيرها، تعطي رسالة واضحة بأنه لامكان ولارغبة بقدوم الشركات الأجنبية إلى العراق، الامر الذي سيضيف من العوامل السلبية المؤثرة في مناخ الاستثمار داخل البلاد”، لافتاً الى ان “الحكومة العراقية، عملت خلال الفترة الماضية على تحسين المناخ الاستثماري وعلى جذب الشركات المختلفة وتقديم جميع التسهيلات ومنها الشركات الأمريكية التي التقائها رئيس الوزراء محمد شياع السودتني خلال زيارته الاخيرة إلى واشنطن واعطتء اشارات بوجود بيئة مناسبة للاستثمار، الا ان وبعد ماحصل من هجمات فأنه تلك الشركات اخذت انطباعاً سلبياً على الواقع الأمني في العراق بشكل عام، على اعتبار تلك الشركات لاتعرف شارع فلسطين او الكرادة، بل ان موقفها يكون شاملاً لجميع انحاء البلاد غير مستقرة”.
واضاف، أن “معظم رجال الاعمال والمستثمرين يعتمدون على وكالات التصنيف العالمية لما تمنحه من تصنيفات ائتمانية للعراق، ووفقاً للتصنيفات التي وضعت العراق في مستويات متأخرة وتعتمد على مؤشرات الاستقرار الأمني والسياسي، فأن الامر ايضاً سيعزز من عدم رغبة دخول الشركات العالمية إلى العراق”.
واردف المشهداني، أن “الاحداث التي حصلت مؤخراً في قلب العاصمة بغداد، لايمكن وصفها بجانب احادي ان كانت امنية او سياسية وانما الامرين معاً”، مشيراً الى ان “القوات الامنية لا تستطيع ان تتعامل مع الجهات المسؤولة عنها، على اعتبار ان هذه الاطراف مدعومة من قوى سياسية مشاركة في السلطة”.
ومنذ أواخر شهر آيار الماضي تعرضت مطاعم وشركات تحمل علامات تجارية أمريكية لهجمات واعتداءات حيث هاجم أشخاص مطاعم في منطقة شارع فلسطين وسط بغداد، وكانت قد سبقتها هجمات على مطاعم وشركات في مناطق متفرقة من العاصمة.
فيما طالبت وزارة الخارجية الأمريكية، الحكومة العراقية بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات التي استهدفت المطاعم والشركات الأمريكية والدولية في العاصمة بغداد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر، في إيجاز صحفي، إن “تلك الهجمات تضر العمال العراقيين كما تضر رأس المال الذي يجري توظيفه هناك وبالتالي فهي هجمات على الشعب العراقي”.
وشهدت شوارع العاصمة بغداد، انتشاراً مكثفاً تحسباً لأي طارئ، وذلك في أعقاب هجمات استهدفت مطاعم أميركية خلال الفترة الماضية، وألحقت بها أضراراً دون وقوع خسائر بشرية.
وتأتي الهجمات تعبيراً عن الغضب من الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل في حربها على غزة، حيث تشهد بلدان عدة حملات مقاطعة واسعة للمنشآت الغربية، لا سيما الأميركية.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار
إقرأ أيضاً:
الشركات الأمريكية وسيادة حُكْم القانون
حان الوقت لقادة الأعمال الأمريكيين كي يحددوا موقفهم تجاه حكم القانون مع تهديد إدارة ترامب برفض الامتثال للأحكام القضائية وتدخلها في سلطة الادعاء الخاصة بالحكومة الفيدرالية. هل يجهر هؤلاء القادة بوقوفهم الى جانب قوانين أكبر اقتصاد في العالم حين يتم التلاعب بها وتجنب الخضوع لها من أجل غايات سياسية وشخصية؟
تختار الشركات من كل أنحاء العالم التعامل مع الولايات المتحدة بالضبط بسبب سيادة حكم القانون. أي بالنظام المرتَّب بعناية والذي يضمن تنفيذ تعاقدات هذه الشركات والمقاضاة في نزاعاتها بحسن نية ودون رشاوى أو تدخل سياسي. لكن متخذ القرار الذي لا يردعه شيء عما ينوي فعله يمكنه تطويع القانون لخدمة أهدافه بطرائق عديدة من بينها تحويل الحكم بواسطة القوانين إلى حكم بواسطة الأفراد. ويبدو أن إدارة ترامب تمضي في هذا الدرب تماما.
فمثلا نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس جادل بأن «القضاة غير مسموح لهم بالسيطرة على السلطة الشرعية للجهاز التنفيذي». ومَثَّلَ لذلك بقضية «افتراضية» تحاول فيها المحكمة توجيه قائد عسكري بالطريقة التي ينفذ بها عملية عسكرية. هذا الزعم لا غبار عليه كحجة قانونية بشأن المجال النسبي للسلطة التنفيذية والقضائية. وفي الواقع أدركت المحاكم منذ أمد بعيد أن بعض المسائل التي تُرفع إليها ذات طبيعة سياسية وليست قضائية وبالتالي يجب البت فيها بواسطة الأجهزة السياسية.
المسألة هنا لا تتعلق بوجود حدود للسلطة القضائية أو التنفيذية أو التشريعية. المسألة هي أن على المحاكم تقرير هذه الحدود وعلى الفرعين الآخرين (التنفيذي والتشريعي) التقيد بأحكامها وفق الدستور. مع ذلك قال فانس علنا في مدوَّنة صوتية عام 2021 إن على الجهاز التنفيذي ببساطة رفض الامتثال للأحكام القضائية التي تحدّ من سلطته. وبدا أن الرئيس دونالد ترامب يمهِّد لِحُجَّة مماثلة. فقد كتب على منصَّة «أكس» وأيضا منصة «تروث سوشيال» أن «من ينقذ بلده لا ينتهك أي قانون».
دانييل ساسون، التي عيَّنها ترامب مدعية عامة بالإنابة للولايات المتحدة لمنطقة جنوب نيويورك ولا تشوب نزعتها المُحافِظة شائبة، استقالت في الشهر الماضي بعد توجيهها بإسقاط قضية فساد ضد عمدة نيويورك إريك آدمز. فعلت ذلك على أساس أن التوجيه الذي صدر لها من وزارة العدل ينتهك واجبها المهني «بعدم استخدام سلطة تطبيق القانون الجنائي للولايات المتحدة لغايات سياسية أو تحقيق أي أغراض أخرى غير سليمة» لذلك، لماذا لا يحتج قادة الأعمال على التهديدات التي تتعرض لها سيادة حكم القانون كما يفعل موظفو الخدمة العامة مثل ساسون؟
تبنى بعض الرؤساء التنفيذيين للشركات استراتيجية استباقية لاسترضاء ترامب بتغيير الأفراد والسياسات تماشيا مع قواعد حركة ماغا (أصحاب شعار لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى). ويتخلى آخرون عن برامج التنوع والمساواة والشمول الخاصة بشركاتهم. وعندما تحدثتُ إلى قادة الأعمال عن الفوضى التي ستترتب عن الرفض الرئاسي للتقيد بالأحكام القضائية كانت إحدى الإجابات التي سمعتها أن الأسواق في هذه الحال ستنهار على الفور وعندها سينتبه ترامب ويتراجع. في الواقع ستنهار الأسواق بالضبط لأن الولايات المتحدة ستتحول فجأة إلى بلد يقل كثيرا تفضيل رجال الأعمال له لممارسة أعمالهم.
لنفترض أن الأسواق تنهار وترامب لا يأبه لذلك وأن الطريق مُغْرٍ جدا إلى السلطة المطلقة بتدمير نظام الكوابح والتوازنات بأكمله (نظام الكوابح والتوازنات يعني نظام الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية - المترجم). ولنفترض أيضا أن إيلون ماسك أو رفيق آخر للرئيس يريد شراء شركات متنوعة بأثمان بخسة. حينها يمكن لمكتب الإيرادات الداخلية وأيضا الوزارات الحكومية الأخرى تقييد هذه الشركات بتدبير تحقيقاتٍ وفرضِ غرامات تخفِّض أسعار أسهمها. ويمكن أيضا مقاضاة الرؤساء التنفيذيين خصوصا أولئك الذين لا يؤيدون ترامب. ويمكن للقضاة الذين يُوَادُّون حركة «ماغا» ويستحسنونها النظر في قضايا تافهة مرفوعة ضد شخصيات وشركات بقصد استنزاف وقتها وأموالها على أتعاب المحاماة.
أو لنفترض أن الأسواق لم تشهد انهيارا. فعندما اقترح الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت (1933-1945) تعيين قضاة إضافيين في المحكمة العليا لكي يحكموا لصالحه تراجعت الأسواق. لم يكن تراجعها دراميا. لكن ما حدث كان فيضانا من الرسائل المعبرة عن الرأي العام والمعنونة إلى أعضاء الكونجرس الذين لم يكن باستطاعتهم قراءتها كلها لكثرتها إلى جانب اندلاع احتجاجات مختلفة في أرجاء الولايات المتحدة.
باختصار، قادة الأعمال يخاطرون كثيرا حين يلوذون بالصمت. اللحظة الراهنة هي الوقت المثالي للجهر بمناصرة حكم القانون خصوصا مع إلحاق المحكمة العليا أول هزيمة بإدارة ترامب. (أمر المحكمة الماضي بوقف إجراء تنفيذي اتخذه ترامب بتجميد نحو ملياري دولار من المساعدات الأجنبية - المترجم). سينضم قادة الأعمال بذلك إلى صف زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ جون ثون ورئيس لجنة القضاء تشاك جراسلي وعضوي مجلس الشيوخ جوش هاولي ومايك راوندز وكل هؤلاء من عتاة المحافظين الذين أصروا على وجوب امتثال الحكومة لقرارات المحاكم. أوضح جراسلي أنه تعلم «الفصل بين السلطات» بالمدرسة في مقرر التربية المدنية في الصف الثامن. ذلك صحيح. لذلك لا ينبغي أن تكون مناصرة الحرية تحت حكم القانون بمثل هذه الصعوبة.
آن ماري سلوتر الرئيسة التنفيذية لمركز الأبحاث نيوأمريكا (أمريكا الجديدة)
الترجمة عن الفاينانشال تايمز