أصدرت الإعلامية قصواء الخلالي، مقدمة ورئيسة تحرير برنامج «في المساء مع قصواء»، على قناة «cbc»، اليوم الجمعة، بيانا تكشف فيه عن تعرضها إلى استهداف أمريكي إسرائيلي بسبب مواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني.

وجاء نص البيان كما يلي:

أعلن أنا الكاتبة والصحفية التلفزيونية والإعلامية المصرية "قصواء الخلالي"، مقدمة ورئيسة تحرير البرنامج التلفزيوني "في المساء مع قصواء" والذي يذاع على قناة (cbc) المصرية، وهو برنامج "توك شو" الرئيسي للقناة ويذاع 4 حلقات بث مباشر أسبوعيًا، وكاتبة رأي صحفية، بأنني أتعرض منذ ستة أشهر تقريبًا وحتى الآن، لحملة استهداف وإرهاب ممنهجة من جانب جماعات الضغط الأمريكية الصهيونية الداعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، عبر استخدامهم كل الوسائل المملوكة لهم والأدوات،

والتي بدأت آثارها بعد انسحاب متحدث الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط على الهواء من برنامجي للمرة الثانية، بعد سؤالي عن وصفهم الشعب والمقاومة الفلسطينية بالإرهابيين، ورفضهم وصف سلوك إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بالإرهاب أو الإبادة، أما المرة الأولى فكانت حول مصير الأطفال الفلسطينيين المشردين، ما أتبع ذلك:

1- حجب بث برنامجي إليكترونيًا، وإغلاق لصفحاتي على المنصات، وحجب وتشويش على فقرة الضيف الأمريكي، تبعها حذف بعض الحلقات، واستمر الأمر حتى نجحنا بالتضامن الصحفي والجهد المؤسسي في إعادة البث مرة أخرى، واستعادة المنصات الإليكترونية الشخصية والخاصة بالبرنامج،

2- بعد ذلك تعرضت لحملات ممنهجة من حسابات إليكترونية، استهدفتني وبرنامجي وفريق التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي والهواتف والرسائل التهديدية، وبعد الشكوى وتتبعها من قبل المتخصصين، تم اكتشاف أن معظمها يعود لجهات تابعة لدعم إسرائيل، تقوم بعمل حسابات تتخاطب باللغة العربية، وتهاجم الأصوات الصحفية المصرية والعربية، التي تتبنى الموقف والحق الفلسطيني، وتعضد الدور المصري في حمايته ودعمه، بهدف إرهابها وإسكاتها،

3- بعد ذلك كان يتم اجتزاء لتصريحاتي وضيوف برنامجي في بعض الصحف الأمريكية الموالية لنفس الاتجاه والإسرائيلية، وكنا نتجاوز عن هذا، حتى ظهر أحد أشهر وأقدم مراكز البحث في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو مركز “MEMRI” المتخصص في دراسات الشرق الأوسط.

والذي يضم مجلسُ أمنائه عددًا من أبرز السياسيين الأمريكيين والوزراء الإسرائيليين السابقين، ومجموعات بحثية أمريكية، والتي تتبع جميعها مراكز الضغط الصهيونية الإسرائيلية في أمريكا وتستهدف الصحافة الداعمة للقضية الفلسطينية.

فقام هذا المركز باستهدافي بحثيًا وفقًا لمنهجيته الموتورة في دعم إسرائيل، وقام باجتزاء مقاطع من حديثي التلفزيوني وبثها على تلفزيونه بترجمة مشبوهة، كما قام بعمل تحليل محتوى "تحريضي موجّه" وتحليل مضمون لخطابي الإعلامي لحلقات من برنامجي عبر موقعه الصحفي والتحليلي، واصفًا حلقاتي بخطاب "كراهية إسرائيل والعنصرية ضد الصهيونية"، وبأنني أدعم الإرهاب الفلسطيني وأؤيده، وأروج للمقاومة الفلسطينية إعلاميًا، وقام بنشر أجزاء عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي، واضعًا "روابط" ((صفحاتي الشخصية)) في منصاته على وسائل التواصل الإجتماعي، ومحرضًا ضدي، لأتلقى بعدها عددًا كبيرًا من الكتابات والتعليقات العنيفة والرسائل من شخصيات مؤثرة أمريكيًا وإسرائيليًا، تجاوزت السب ووصلت للتهديدات بالعنف والحرق مع الفلسطينيين والتهجير من مصر والتربص عند السفر.

4- بعدها قام المركز بتكرار نشر هذه المواد والإشارة لحساباتي مرارًا وتكرارًا، في سلسلة من التحريض ضدي لإرهابي، فما كان مني إلّا الرد التلفزيوني عبر برنامجي في واحدة من حلقاته، على هذا المركز الداعم للصهيونية، والذي يعتبر واحد من أشهر مراكز اللوبي الإسرائيلي في أمريكا.

5- ليقوم بعد ذلك مركز "MEMRI" للمرة الثانية بعمل تحليل مضمون جديد، واجتزاء ردّي وحديثي من جديد وحذف الحقائق التي ذكرتها عن حرب الإبادة الجماعية، التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتعليقي الداعم لمظاهرات الطلاب في جامعات أمريكا، واقتصاص حديثي ونشره المقطع المرئي منقوصًا، ليبدو كهجومٍ غير مبرر على إسرائيل، ويقوم بالإشارة لحساباتي الشخصية عبر منصات التواصل الاجتماعي مجددًا، لأتلقى المزيد من التهديدات والهجوم والإرهاب من قبل الإسرائيليين والأمريكيين الداعمين للصهيونية الإسرائيلية،

هذا بجانب اجتزاء متكرر لبعض مقاطع مبتورة من حديثي وضيوفي في تحليلات عبر نيويورك تايمز، وفورين بوليسي، وتحويلها لتبدو هجوم غير مُسبَب على إسرائيل، سيرًا في نفس الاتجاه من الأذرع المتنوعة، ودون أي تعليق من جانبي، وهذا السلوك تم اتباعه أيضًا من نفس الصحف ضد عدد من الصحفيين المصريين، .

6- بعدها بعدة أيام، فوجئت بمقال تحريضي عنيف شديد اللهجة، من البروفيسور "ريتشارد إبستين" #richard_Epstein، وهو واحد من أهم وأبرز القانونيين الأمريكيين، والسياسيين، والمُشرّعين، وصاحب ثقل بارز في جماعات الضغط الأمريكية لصالح إسرائيل، ومؤثر "مسموع الكلمة" في الانتخابات الأمريكية، وزوجته هي السيدة "إيلين إبستين" عضوة مجلس الأمناء الأبرز في منظمة " #الخدمة_العالمية_اليهودية_الأمريكية" والتي اشتهرت بدورها البارز، في دعم الحملات الانتخابية للرئيس الأمريكي الأقرب لإسرائيل، وجمعها التبرعات العملاقة من الشخصيات والشركات الكبرى لصالح الحملات الصهيونية والدعم السياسي لها، وتتكامل مع زوجها في الدور السياسي الذي يشكل كتلة مؤثرة في القرار الأمريكي الداعم لإسرائيل،

فكان المقال الذي أصدره "ريتشارد" تحليلًا طويلًا يحمل عنوان "العدالة غير المتماثلة في غزة"، كتب فيه البروفيسور "أبستين" أن إسرائيل لها الحق في كل مايجري دفاعًا عن نفسها، وعلى العالم أن يدعمها، معلنًا رفضه للموقف المصري الذي "يرفض تهجير الفلسطينين"، لإتاحة الفرصة لإسرائيل لاجتياح رفح وغزة كاملة، ومعلنًا رفضه لبرنامجي ولشخصي، ومستعينًا بمقاطع من خطابي الإعلامي،

وذاكرًا (اسمي وشخصي) كنموذج من أبرز الصحفيين المصريين المؤيدين للشعب الفلسطيني، والمحرّضين ضد إسرائيل، والرافضين للتهجير ودعم الحركات الطلابية في أمريكا، معلنًا رفض كل هذا، وملوّحًا في ختام مقاله بضرورة حماية أمريكا لإسرائيل من كل هؤلاء!!!

7- ليخرج مقال ريتشارد أبستين الشهير، محرّضًا ضدي وضد الخطاب الصحفي والإعلامي الداعم للقضية الفلسطينية في #مصر، عالميًا وليس المستوى الأمريكي فقط، ورافعًا صوت خطابه حد التهديد الضمني، والذي بعد البحث والتدقيق تبين أنه على علاقة وطيدة بمركز “MEMRI” الذي يُعد واحدًا من أذرع "المنظمة اليهودية الأمريكية" والذي بعد التواصل مع الزملاء في اتحادات الصحفيين الأمريكيين، تبين أن هذا السلوك ليس بجديد، وإنما تكرر مع عدد من الصحفيين العرب داخل أمريكا، وتسبب في مضايقات ممنهجة ضدهم، وكذلك خارج الولايات المتحدة الأمريكية وفي أوروبا.

كما قام الزملاء في عدد من الاتحادات الصحفية في إسبانيا وفرنسا، بشرح جوانب من تجارب صحفية كان خلاصتها التحذير واتخاذ الحيطة، نتيجة الاستهداف الممنهج لتحركات الصحفيين المؤيدين للقضية الفلسطينية بعد التحريض ضدهم، من قبل جماعات الضغط في أمريكا، عبر المتطرفين الداعمين لأفكارهم، وذلك في وقائع صحفية حدثت مؤخرًا تزامنًا مع حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، مع استهدافهم بالتضييق في بعض المطارات الدولية، وتعمّد عرقلة تحركاتهم ومهامهم، والتعدّي على خصوصياتهم وتحجيم منصاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي يتحكم في نسبة كبيرة منها #اللوبي_الصهيوني في أمريكا، والذي تشابه مع ما جرى مع بعض الصحفيين المصريين والعرب، ومع كثير من المواقع الصحفية الإليكترونية والمنصّات المصرية ولا يزال،

وعليه:

فأنني أعلن رفضي، واحتجاجي على هذا السلوك التحريضي وهذه الممارسات الإرهابية، ضدي وضد الصحافة المصرية والعربية، بأنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة، الكاشفة لممارسات إسرائيل الصهيونية، واستخدامهم الأدوات، ومراكز القوة في إرهاب الصحفيين بتخصصاتهم، واستمرار عرقلة المواقع والمنصات الخاصة بنا وفِرَق العمل.

بل وممارسة أدوات التحريض ضدنا "كأشخاص" على أخطر مستوى، لدرجة الاستهداف والتهديد، وذلك لتقديم دعم مطلق لإسرائيل، في محاولة لإسكات الأصوات في دول الجوار الفلسطيني، وفي مقدمتها مصر الرافضة لممارسات إسرائيل وتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه،

كما أعلن أنني أتقدم بشكوى لنقابة الصحفيين المصريين، ونقابة الإعلاميين المصريين، وهيئة الاستعلامات المصرية، والاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين الأمريكيين، والتي جرى تنفيذ بعض منها بالفعل،

كما سيتم التقدم بخطاب احتجاج رسمي وقانوني للسفارة الأمريكية بالقاهرة، يشرح كل ما جرى بالتفصيل والتوثيق، وسيتم اتخاذ كل الإجراءات والتدابير المهنية والقانونية، لحمايتي الشخصية والمهنية من عملية الإرهاب، والاستهداف الممنهج، التي تمارس ضدي منذ 6 أشهر والمستمرة حتى الآن،

كما نتضامن سويًا ونُشجّع وندعو جميع الصحفيين والإعلاميين والباحثين المصريين، ألّا يخضعوا لأي إرهاب إلكتروني، أو صحفي، أو سياسي، أو شخصي، واستمرار تقديم الدعم للموقف الصامد للشعب وللصحافة الفلسطينية التي نقلت الصورة إلى العالم واستُشهد منها ما يقترب من 150 صحفيا وإعلاميا فلسطينيا، دفاعًا عن الحقيقة، والتي لاتزال تعمل بكوادرها الفلسطينية الصامدة المُقاومة في أسوأ ظروف مرّت في تاريخ العمل الصحفي الإعلامي الحديث، ودعم المحددات الإنسانية للموقف الفلسطيني والمصري والعربي والدولي الأخلاقي، والإصرار على إنسحاب إسرائيل الكامل، واكتفائهم بما ارتوى به جنود الجيش الإسرائيلي من دماء الأطفال الفلسطينيين، ودخول المساعدات الإنسانية بما يكفي المشردين والنازحين والمصابين الفلسطينيين، والاستمرار في دعم مسار إقامة دولة فلسطينية، ووقف نزيف دماء الشعب الفلسطيني الأعزل.

فلن تنجح السياسة السوداوية، إذا واجهتها صحافة وإجراءات قوية، ولن تتوقف الدماء الفلسطينية، إلا بالمزيد من الفضح للإبادة الإسرائيلية، وإذا كان الفلسطينيون العزّل يقاومون الإبادة والتجويع والتهجير على الأرض، فنحن نقرأ ما ترسله دماؤهم، ونكتبه من جديد بأقلامنا وأصواتنا وأدواتنا، ليسمعه العالم عنوة،

وعلى هذا فإنني أطلب أيضًا من "#مجلس_النواب_المصري" الموقّر، عقد جلسة مدعومة بطلبات إحاطة من نواب هذا الوطن الشرفاء من لجان الأمن القومي والصحافة والثقافة والاتصالات وغيرها، لبحث كيفية دعم الصحافة والإعلام المصري، وتعزيز خطاب الحرية، والداعم للقضية الفلسطينية، وكذلك مجلس الشيوخ المصري المُوقّر.

كما أطلب من "مجلس أمناء الحوار الوطني المصري"، والمشاركين فيه، مناقشة حرية الصحافة والإعلام، ومساحاتهم الآمنة في دعم القضية الفلسطينية، والمشاركة بمخرجات سريعة في صناعة أدوات حمائية لصوت الصحافة المصرية من الإرهاب والاستهداف الأمريكي والإسرائيلي وأدواته، باعتبارنا أحد أبرز ملفات "الأمن القومي" الذي يناقشه الحوار الآن،

وإننا إذ نجدد جميعًا رجاءنا الذي تبناه بيان الحوار الوطني، من القضاء المصري الشامخ، في "الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا" على ذمة قضايا رأي تتعلق بدعم القضية الفلسطينية، وقد انفعل أصحابها في لحظات من الغضب الشعوري غير المقنن، فنلتمس الإفراج عنهم قبل عيد الأضحى إنسانيًا، ملتمسين عفوًا عن المزيد من مسجوني الرأي صغار السن والذي لم تتوان عنه الدولة المصرية سابقًا،

كما أطلب من #المجلس_الأعلى_لتنظيم_الإعلام بالتعاون مع الهيئة الوطنية والمؤسسات الصحفية، عقد جلسة عاجلة، والخروج بطرح يقدّم أدوات وآليات لدعم وحماية الإعلاميين والصحفيين المصريين في عملهم، ومنع استهدافهم من الجانب الصهيوني الأمريكي والإسرائيلي.

كما أدعو أصحاب الرأي والسياسيين والمؤثرين والكيانات والأحزاب الفاعلة، دعم هذه المسارات بأدواتهم، مروءةً ونخوة وإنسانيةً وعملًا سياسيًا يرفع من مقاماتهم في قلوب المخلصين للوطن وأمنه، وقضية القضايا "فلسطين"،

كما أطلب من كل هذه المؤسسات والشخصيات تقديم رسائل احتجاج إلى السفارة الأمريكية بالقاهرة أولًا، وللجهات الدولية المعنية، وعدم التأخر في توثيق حقنا جميعًا في نقل الحقائق عن القضية الفلسطينية، وحماية أمننا القومي، وانتصارًا لإنسانيتنا وكرامتنا والدماء التي سالت، والموقف الذي تتحمله مصر بشرف ونزاهة وندفع جميعًا ثمنه، وكي تصدح رسالتنا لتعلو طاولات التآمر والمصالح السياسية، كي نغيّر مساراتها إلى الأفضل فيما استطعنا إليه سبيلاً.

وختامًا فإنني، أطلب من جموع الصحفيين والإعلاميين والسياسيين المصريين والعرب، مهما كانت توجهاتهم واختلافاتهم، الاتفاق على ما تبقى من إنسانيتنا، والتحلّي بالصبر، والإصرار، وعدم اليأس، والإبقاء على "القضية الفلسطينية" في مقدمة الأولويات المهنية، واعتبارها أكبر القضايا الإنسانية، والتي نرى خلالها "الشعب الفلسطيني" الأعزل يتعرض لأعنف وأسرع إبادة جماعية في التاريخ الحديث، من جانب سلطة الاحتلال الصهيونية "إسرائيل" مُسقطةً مئات الآلاف من الأمهات والأطفال والشيوخ بين شهداء وجرحى ومرضى وجوعى ومشردين ومفقودين، ومخلّفةً دمارًا لا يمكن إعادة بنائه إلّا بالصمود والأمل، حتى يُحقّ الله الحقّ، ولو بعد حين.

فمن أجل هذا كانت الصحافة، ومن أجل هذا جُعل الإعلام، وبهذا تُعزَّز السياسة، ويُحفَظُ الأمن القومي متماسكًا، ومن هذا تكون رسائلنا وأصواتنا واحدة ومسموعة، بأننا على عهد الوطن والقضية، لا يُثنينا استهداف، ولا يكسرنا إرهاب، ولا تُشتتنا خلافات، بل، من أجل هذا خلقنا الله.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: قصواء الخلالي قضية فلسطين في المساء مع قصواء قنوات المتحدة للقضیة الفلسطینیة الصحفیین المصریین القضیة الفلسطینیة التواصل الاجتماعی الشعب الفلسطینی جماعات الضغط فی أمریکا أطلب من جمیع ا الذی ی فی دعم

إقرأ أيضاً:

لماذا تكتفي السلطة بموقف المتفرج أمام محاولات الاحتلال لتقويضها؟

الضفة الغربية - صفا

طوال تسعة شهور من الحرب الإسرائيلية الدموية في قطاع غزة، كانت الحكومة الإسرائيلية تسعى وبقوة نحو تطبيق خطة ضم الضفة الغربية المحتلة وتقويض السلطة الفلسطينية، عبر إطلاق يد وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش في محاصرة السلطة ماليا وتعزيز خطط الاستيطان.

وقبل أيام، كشف تسجيل صوتي حصلت عليه صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن خطة سرية للوزير سموتريتش لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وإجهاض أي فرصة لأن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية.

وخلال لقاء مع مجموعة من المستوطنين في 9 يونيو/حزيران الجاري، قال سموتريتش إن "حكومة بنيامين نتنياهو منخرطة في خطة سرية لتغيير الطريقة التي تحكم بها الضفة الغربية، لتعزيز سيطرة إسرائيل عليها بشكل لا رجعة فيه، بدون اتهامها بضمها رسميا".

وشدد سموتريتش على أن الهدف الرئيسي لهذه الخطة هو منع الضفة الغربية من أن تصبح جزءا من الدولة الفلسطينية.

ويظهر من التسجيل المسرب أن سموتريتش وضع خطة واضحة لانتزاع السيطرة على الضفة بالتدريج من أيدي جيش الاحتلال الإسرائيلي وتسليمها لموظفين مدنيين يعملون تحت إمرته، وتم بالفعل نقل بعض السلطات إلى المدنيين.

وقال "لقد أنشأنا نظاما مدنيا منفصلا، لكن الحكومة سمحت في الوقت نفسه لوزارة الدفاع بأن تظل منخرطة في العملية حتى يبدو للعالم أن الجيش لا يزال في قلب الحكم في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة سيكون من السهل ابتلاع الضفة دون أن يتهمنا أحد بأننا نقوم بضمها".

وفي المقابل؛ لا زالت السلطة تحافظ على هدوئها وسباتها دون أي خطوات عملية على الأرض لمواجهة التحديات، وكأنها تُراقب نفسها وهي تندثر.

ويبين الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي أن الحكومة الإسرائيلية وقبل السابع من أكتوبر، انتهجت سياسيات تهدف لتقويض السلطة الفلسطينية.

وأوضح أنه عندما أنشأ نتنياهو هذه الحكومة اليمنية المتطرفة ضم إليها بن غفير وسموتريتش وهما ليسوا سياسيين، وإنما من غلاة المستوطنين، ويؤمنون بأن التوجه الآن يجب أن يكون لضم الضفة بالكامل وإنهاء الوجود الفلسطيني بكل أشكاله، وإنهاء أي كيان سلطوي فلسطيني، والذهاب لضم 60% من مساحة الضفة ووضع الباقي في كانتونات، وفرض القانون الإسرائيلي، وتوسيع المستوطنات.

وأضاف أنه بعد 7 أكتوبر، كان هناك خطوات لتخفيض هذا التوجه بسبب أعباء الحرب على غزة، لكن لم ينس هؤلاء ذلك، وبقي الموضوع مستمرا طوال الحرب، وهما يبتزون نتنياهو ويأخذون مكاسب في الضفة على حساب مواقفهم تجاه الحرب.

وأشار إلى أن سموتريتش من خلال توليه وزارتي المالية والاستيطان، بات يتحكم في الأموال الفلسطينية، ويحجب الأموال عن السلطة، ويدعم تطور الاستيطان، أما بن غفير فمن خلال وزارة الأمن القومي اتخذ كل الإجراءات الأمنية ضد الشعب الفلسطيني؛ ابتداء من الحواجز وعددها 700 حاجز في الضفة وانتهاء بممارساته القمعية ضد الأسرى.

دون المستوى المطلوب

وأكد عنبتاوي أن الرد الرسمي الفلسطيني لم يكن بمستوى هذه الاحداث، رغم أن الصورة واضحة بأن هؤلاء لا يريدون أي سلطة فلسطينية مهما كان شكلها، لأنهم يؤمنون بأن أي سلطة يمكن أن تتحول إلى كيان فلسطيني مستقل ودولة، ولهذا فهم يحاربون ذلك بكل قوة ويضعفون السلطة من خلال حجب الأموال ومواصلة الاعتداءات.

وقال إن المطلوب من السلطة مغاير لما هي عليه، وذلك بالتوجه بشكل كبير لوحدة الشعب الفلسطيني لأن الشعب بكامله مستهدف، ومع أن وجود حرب دموية في غزة لكن هناك حرب غير معلنة في الضفة وأطماع المستوطنين تتركز بالأساس في الضفة.

والمطلوب من السلطة -حسب عنبتاوي- أن تأخذ دورها بإعادة بناء منظمة التحرير من جديد، وتطبيق الاتفاقات التي وقع عليها الأمناء العامون للفصائل، وتغيير مسار ووظائف السلطة بالكامل.

ويرى بأن السلطة تحاول فقط حماية نفسها عبر الإبقاء على موقعها، وتعتمد في ذلك على بعض الوعودات العربية والأمريكية، لكن الاحتلال لا يأبه بكل هؤلاء ولا بقانون دولي ولا بأي علاقات إقليمية أو دولية، وهو ماض في تقويض السلطة وأي إمكانية لقيام كيان فلسطيني مستقل.

وحول جدوى لجوء السلطة لحل نفسها، يقول عنبتاوي إن السلطة جاءت بموجب اتفاقات أوسلو بكل مساوئها، واستلمت القضايا الحياتية من تعليم وصحة وغيرها، وأرست نوعا من الحكم، وإن حل السلطة قد يؤدي إلى فلتان يخدم الاحتلال.

ولهذا، فإنه وقبل أن يُتخذ قرار بحل السلطة، يجب أن يكون هناك قرار إجماع وطني واتفاق على اليوم التالي، وعلى البديل للسلطة بإعادة بناء منظمة التحرير والقيادة الوطنية الموحدة للشعب الفلسطيني، ويجب التغيير في المسار السياسي من خلال الإجماع الوطني وليس بشكل منفرد كما كان سابقا.

ويتفق المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس مع ما ذهب إليه عنبتاوي، ويبين أن اليمين الإسرائيلي ينظر إلى الشعب الفلسطيني بأنه مجتمع من الهمج ويجب أن لا يكون منظما بأي طريقة، وأن لا يكون هناك أي كيان سياسي مهما كان يمثل الفلسطينيين بشكل مجتمع.

ويضيف أن اليمين الإسرائيلي يعتقد أن أكبر خطر استراتيجي على إسرائيل هو اتفاق أوسلو رغم أنه صمم من ألفه إلى يائه ليخدم مصالح إسرائيل ويحوّل أي كيان فلسطيني إلى كيان أمني ووظيفي.

ويشرح أبو العدس بأن اليمين يتخوف من أنه ربما في فترة معينة ستأتي جهات معادية لإسرائيل وتسيطر على السلطة، سواء بانتخابات أو في ظرف سياسي ما، ولهذا فهو يرى بأن وجود كيان فلسطيني جامع هو خطر استراتيجي على إسرائيل.

ويلفت إلى أن ما تقوم به إسرائيل في الساحات الفلسطينية الثلاث هو أن تكون البيئة الفلسطينية غير قابلة للحياة.

ويضيف أن الاحتلال ينتهج الهدم العمراني الكامل في غزة، وفي الداخل الفلسطيني يعمل لنشر الجريمة والإهمال الحكومي، وفي الضفة يعمل على تفكيك الكيان الذي يسيّر الحياة اليومية للفلسطينيين وتحويله إلى مجموعة من الكيانات الفاشلة المتنافسة.

ويبين أن ما يقلق إسرائيل هو الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، ومن دول أوروبية وازنة، لأن الجهة الوحيدة التي تمثل الفلسطينية دوليا هي السلطة، وإذا فككت فهذا يعني أنه لا وجود لما يعترف به العالم.

ويشير أبو العدس إلى طرح خطير قدمه مردخاي كيدار من أجل إفشال المقاومة في الضفة بإغراق المجتمع الفلسطيني بالفوضى، وبقاء السلطة كهيئة ناظمة يعرقل ذلك، ولهذا يطرح تقسيم هذه السلطة بين عدد من الكيانات، في الخليل حكم العشائر، وفي رام الله والشمال يكون حكم رجال الأعمال والميليشيات المسلحة.

تكتيك ورهانات خاطئة

ويعزو أبو العدس موقف السلطة حيال هذه المخططات، إلى عاملين رئيسيين؛ أولهما طريقة تفكير حركة فتح ومنظمة التحرير، إذ لم يثبت تاريخيا أن كان عندها خطة استراتيجية بعيدة المدى، وإنما تكتيكات وخطط لمراحل محدودة.

أما العامل الثاني، فهو ارتباط السلطة العضوي والبنيوي بالاحتلال وبالإدارة الامريكية، ما يجعلها غير قادرة على الفعل، لأن أخذ أي خطوة على أرض الواقع تتطلب المواجهة مع الاحتلال، في حين أن عقيدة السلطة والفئات الحاكمة هي تجنب المواجهة مع الاحتلال مهما كان الثمن.

ويرى أن السلطة أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما البدء بإصلاحات داخلية والذهاب لانتخابات وتشكيل رؤية سياسية شاملة وبعيدة المدى في الصراع، أو أن تبقى تدور في نفس الدائرة الراهنة وهي دائرة انتظار المواقف الأمريكية والأوروبية حتى تشفع لها عند الاحتلال ومحاولة إثبات أنها تقوم بكل ما يجب عليها في التفاهمات الأمنية، لعلها بذلك تحتفظ بقيمتها الاستراتيجية لدى الاحتلال.

ويعتبر أن نتنياهو لن يستطيع كبح جماح اليمين، بالرغم من التقارير الأخيرة التي تحدثت عن تمسكه ببقاء السلطة، فاليمين مصمم على تنفيذ أهدافه، وحتى لو عارض نتنياهو مخططاتهم فيمكن أن ينفذوا ما يريدون، وأن يدفعوا بالضفة الغربية نحو حالة من الفوضى تجبر على إسرائيل على السيطرة على مقاليد الحكم، وبذلك يتحقق أهداف اليمين.

مقالات مشابهة

  • "التعاون الإسلامي" تدين مصادقة الاحتلال الإسرائيلي على بؤر استيطانية
  • ملتقى فلسطينيي الخارج يناقش بإسطنبول تداعيات طوفان الأقصى
  • السفير الفلسطيني بالقاهرة: انطلاق حرب عالمية من غزة ليس في مصلحتنا
  • السفير الفلسطيني: الرئيس السيسي أحبط مخطط إسرائيل لإفراغ غزة من أهلها
  • أبو مرزوق : هناك 3 عوامل ستجبر نتنياهو على وقف حرب غزة
  • مسيرات حاشدة بالضالع لنصرة الشعب والقضية الفلسطينية ومقاومته الباسله
  • الأردن يؤكد ضرورة وقف إرهاب المستوطنيين ويدين شرعنة بؤر استيطانية في الضفة
  • أبو مرزوق للجزيرة نت: دور روسيا سيختلف إذا توسعت الحرب والسلطة تُفشل المصالحة
  • بلا قيود : لا يزال التعذيب أداة في منطقة الشرق الأوسط لقمع المعلومات وإعاقة التحقيقات الصحفية وأداة ممنهجة لقمع حرية الصحافة
  • لماذا تكتفي السلطة بموقف المتفرج أمام محاولات الاحتلال لتقويضها؟