الحصار المالي يدفع القطاع الصحي في فلسطين نحو حافة الانهيار
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
سرايا - ألقت الأزمة المالية الخانقة، التي تواجهها الحكومة الفلسطينية، بظلال ثقيلة على العديد من القطاعات الحيوية والمهمة سواء الحكومية أو الخاصة، وأصبحت تداعياتها الخطيرة تهدد بانهيار بعضها.
تفاقمت الأزمة المالية، بعد تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عندما قرر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، اقتطاع قيمة ما تحوله الحكومة من أموال إلى قطاع غزة، إلى جانب الاقتطاعات غير القانونية السابقة، من أموال المقاصة، ومنها احتجاز مخصصات أسر الشهداء والأسرى.
وتحتجز حكومة الاحتلال أكثر من 6 مليارات شيكل من أموال المقاصة، وهي ضرائب تجبيها المالية الإسرائيلية، عن السلع الواردة شهريا، وتقوم بتحويلها إلى وزارة المالية الفلسطينية.
الأزمة المالية أثرت على تمويل موازنة وزارة الصحة، الأمر الذي انعكس سلبا على القطاع الصحي في فلسطين، وأثر على القدرة التشغيلية والتوريد وحتى على المخزون الأساسي للأدوية والمستهلكات الطبية في مستودعات الوزارة المركزية.
البنك الدولي، في تقرير أصدره في 18 أيلول/ ديسمبر 2023، قال إن “القيود على المالية العامة تلقي بثقلها على النظام الصحي الفلسطيني، ولا سيما على قدرته في التعامل مع العبء المتزايد للأمراض غير المعدية، وأدت العديد من المعوقات التي تحول دون توفير الرعاية الصحية، إلى جعل نظام الإحالات الطبية الخارجية للعلاج في المستشفيات غير الفلسطينية، عملية معقدة، تتأثر سلبا بالقيود المفروضة على حركة المرضى الفلسطينيين، ونظام التصاريح البيروقراطي الذي يستغرق وقتا طويلا، ما يجعل من الصعب للغاية في كثير من الأحيان توفير الرعاية الصحية الكافية أو المنقذة للحياة في الوقت المناسب”.
وكيل وزارة الصحة وائل الشيخ، أكد لـ”وفا” أن الأزمة المالية لها تداعيات كارثية على القطاع الصحي الفلسطيني، وانعكاس خطير على قدرة الوزارة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المرضى، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة من توفير الأدوية وتقديم الخدمات الطبية، بينما أصبح عدد كبير من الأدوية مفقودا حاليا من مستودعات الوزارة المركزية.
وأضاف أن المديونية التراكمية العالية لوزارة الصحة، والتي بلغت أكثر من (2.7) مليار شيكل حتى تاريخ 28/05/2024، أثرت سلبا على قدرة الشركات المورّدة على توريد عدد من أصناف الأدوية ومستهلكات طبية ومواد مخبرية، وتسببت في نقص المخزون للعديد من الأصناف، التي وصل رصيد بعضها إلى الصفر (سواء الأدوية أو المستهلكات الطبية والمخبرية).
وأشار إلى أن نقص مخزون الأدوية وعدم القدرة على توفير بعض الأصناف الدوائية دفع وزارة الصحة للاعتماد بشكل أكبر على تحويل المرضى للعلاج في المستشفيات الخاصة والأهلية، مما أدى إلى زيادة فاتورة التحويلات وشراء الخدمة.
وبين أن الضغط على المستشفيات الأهلية والخاصة، جعلها هي الأخرى تعيش أزمة مالية داخلية، لعدم قدرة وزارة الصحة على تسديد التزاماتها المالية تجاهها من جانب، وزيادة عدد المرضى والمراجعين عن طاقتها الاستيعابية من جانب آخر.
وأوضح وكيل وزارة الصحة أن هذه الأزمة انعكست سلبا على هذه المستشفيات وقدرتها على تأمين رواتب موظفيها وتأمين جميع أصناف الأدوية والمستهلكات الطبية لعلاج المرضى المحولين إليها من الوزارة.
ولفت إلى أن من أكثر هذه المستشفيات غير الحكومية تأثرا بالأزمة المالية، هي: مستشفيات القدس الشرقية، خاصة مستشفى المقاصد الإسلامية الخيرية، ومستشفى أوغستا فكتوريا “المطلع” المتخصص بعلاج السرطان، والتي تعتبر من أكبر المراكز التحويلية لوزارة الصحة، وفي الوقت نفسه تعتمد هذه المستشفيات بشكل كبير على تحويلات شراء الخدمة من الوزارة.
البنك الدولي، قال في تقرير أصدره في 18 أيلول/ ديسمبر 2023، إنه نظرا لارتفاع الأسعار التي تفرضها المستشفيات الخاصة والمستشفيات التابعة للجمعيات الأهلية، يستحوذ نظام التحويلات الطبية الخارجية على نصيب كبير من نفقات وزارة الصحة، وينجم عن ذلك زيادة معدلات الإنفاق غير المستدامة، ولذلك أثر إضافي على المالية العامة التي تعاني بالفعل من ضغوط.
وفي قطاع الأدوية، انخفضت نسبة الأدوية والمستهلكات الطبية المتوفرة في مخازن وزارة الصحة، علاوة على نفاد العديد من الأصناف الحيوية اللازمة لإنقاذ حياة مئات المرضى من مستشفيات ومخازن الوزارة، بما في ذلك أصناف معينة من أدوية السرطان وغسيل الكلى، وغيرهما، مما شكّل خطرا حقيقيا على حياة هؤلاء المرضى.
وبين الشيخ أن عدم القدرة على توريد المستهلكات الطبية والمواد المخبرية إلى أقسام العناية المركزة وغيرها من الأقسام الحيوية في المستشفيات، أثر سلباً على جودة الخدمات الطبية وسلامة المرضى أحيانا، وزاد من تحويل المرضى للقطاعين الخاص والأهلي.
وذكر أن “بعض المستشفيات الحكومية، وبسبب الأزمة الحالية، وضعت قوائم انتظار طويلة للعمليات الجراحية رغم أن بعضها طارئة ومستعجلة، وفي الوقت ذاته لن تستيطع الوزارة الاستمرار في تحويل بعض هذه الحالات إلى المستشفيات الخاصة والأهلية بسبب الديون المتراكمة عليها”.
ولفت إلى أن “الشركات المنتجة والمصدّرة للأدوية والمستلزمات الطبية، أصبحت مؤخرا غير قادرة على توريد كافة طلبيات وزارة الصحة بسبب تراكم الديون المستحقة عليها”.
وقال الشيخ: بسبب هذا الوضع، فإن هناك 78 صنفا من أصل 592 صنفا من الأدوية أصبح رصيدها صفرا في المستودعات المركزية، أي ما نسبته 13% من الأدوية الأساسية، و138 صنفا من الأدوية المتوفرة في المستودعات المركزية، رصيدها يكفي لأقل من شهر فقط.
وبالنسبة للمستهلكات الطبية والمواد المخبرية، بين الشيخ أن 605 أصناف من أصل 3330 صنفا من المستهلكات الطبية العامة أي بنسبة 18%، و153 صنفا من أصل 618 صنفا من المستهلكات الجراحية الطبية، أي ما نسبته 25%، و25 صنفا من أصل 200 صنف من المواد المخبرية، أي ما نسبته 12.5%، جميعها تمتلك أرصدة صفرية، في مستودعات الوزارة.
هذا الوضع أضاف عبئا ماديا جديدا على متلقي الخدمة، الذين يضطرون إلى التوجه للصيدليات الخاصة للحصول على الأدوية المطلوبة، وكثير منهم قد لا يستطيعون دفع أثمانها في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وتقلص رواتب الموظفين.
وللعام الثالث على التوالي لا تستطيع الحكومة الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفي القطاع العام، وتسدد جزءا من رواتبهم الشهرية، بسبب استمرار الأزمة المالية وزيادة الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة أو وقف تحويلها، الأمر الذي أثر على جودة الخدمة التي تقدم للمرضى، فالمطلوب من الأطباء الالتحاق بعملهم بشكل يومي رغم عدم تلقيهم رواتبهم كاملة، وفي الوقت ذاته زاد الإقبال على المستشفيات والعيادات الحكومية وأصبح أعلى بكثير من طاقتها الاستيعابية، بسبب التأمين الصحي وتوفير العلاج المجاني لكبار السن وللأطفال دون سن الخامسة.
وللخروج من الأزمة الحالية، قال وكيل وزارة الصحة وائل الشيخ، “ليس لدينا عصا سحرية، وبالوقت نفسه نحتاج إلى حلول عاجلة وسريعة لتمويل القطاع الصحي، وتخفيض المديونية ودعم استدامة الإمداد بالأدوية والمستهلكات الطبية والمواد المخبرية، لأن استمرار الوضع الحالي يهدد بانهيار القطاع الصحي”.
وأكد الشيخ، أن وزير الصحة ماجد أبو رمضان، يبذل جهودا مضنية مع المنظمات الصحية الدولية وكافة الوكالات الدولية للتعاون الدولي في الدول الصديقة والشقيقة، لحشد الدعم والمساندة العاجلة للوزارة في ظل الازمة المالية الخانقة للحيلولة دون انهيار القطاع الصحي الفلسطيني.
وأضاف الشيخ أن وزير الصحة اجرى سلسلة من اللقاءات الهامة خلال مشاركته في الدورة الـ77 لمنظمة الصحة العالمية في جنيف مؤخرا، إضافة إلى لقاءاته مع مبعوثين دوليين في فلسطين، من اجل توفير الدعم المالي اللازم للقطاع الصحي الفلسطيني.
وأشار إلى أن الوزير أبو رمضان ركز في لقاءاته كافة على ضرورة العمل على وقف العدوان في قطاع غزة فورا، وزيادة المساعدات الطبية لإغاثة ابناء شعبنا.
وبين الشيخ أنه على تواصل دائم مع مقدمي الخدمات الطبية سواء في المستشفيات الخاصة أو الأهلية وشركات توريد الأدوية، لحثهم على الاستمرار بتقديم خدماتهم، والعمل سويا للخروج من هذه الأزمة.
وجدد الشيخ دعوته للمجتمع الدولي للضغط على حكومة الاحتلال بشكل جدي لإلزامها بالإفراج عن أموال المقاصة ووقف الاقتطاعات المالية، وشدد على ضرورة تدخل الدول المانحة لسد العجز في ميزانية الحكومة وتمكينها من إدارة القطاعات الحيوية، ومنها القطاع الصحي.
وطالب المؤسسات والمنظمات الدولية العاملة في القطاع الصحي كافة، بالتحرك والعمل على توفير النقص من الأدوية والمستهلكات الطبية والمخبرية في المستودعات المركزية بشكل عاجل من خلال الدعم المباشر.
وأكد ضرورة ضمان استمرارية الدفعات الدورية للموردين ومزودي الخدمات الصحية، من خلال مساهمة المانحين والدول العربية الشقيقة والصديقة والجهات الدولية في الدفع المباشر أو المساهمة المالية في هذه الدفعات عبر وزارة المالية.
وطالب الدول المانحة بزيادة المبالغ المخصصة ضمن آلية الدعم المالي المباشر لمستشفيات القدس الشرقية من أجل سداد الديون، ووضع آلية مشابهة للدفع المباشر إلى شركات الأدوية.
في الضفة استهدف الاحتلال القطاع الصحي بالحصار المالي، وفي قطاع غزة كان هدفًا أساسيًا لآلة الحرب الإسرائيلية خلال عدوانها المتواصل منذ نحو ثمانية شهور.
وتشير إحصائيات وزارة الصحة إلى أن الاحتلال شن منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، أكثر من 340 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها، ومنعها من الحصول على الإمدادات والمستلزمات الطبية وإمدادات الوقود والماء والغذاء والكهرباء، ودمر الطرق التي تؤدي إليها.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الأدویة والمستهلکات الطبیة المستشفیات الخاصة المستهلکات الطبیة الصحی الفلسطینی الأزمة المالیة فی المستشفیات أموال المقاصة القطاع الصحی وزارة الصحة من الأدویة فی الوقت من أموال الشیخ أن صنفا من من أصل إلى أن
إقرأ أيضاً:
«وزارة الصحة» تطلق الدليل الوطني للكشف الصحي لطلبة المدارس
أطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع، الدليل الوطني للكشف الصحي المدرسي للطلبة، بالتعاون مع الجهات الصحية والتعليمية والاجتماعية، وذلك بهدف الكشف المبكر عن الحالات الصحية أو النمائية لدى الطلاب بدءاً من مرحلة الروضة، وحتى الصف الثاني عشر.
ويتيح هذا الدليل التدخل، وتقديم الدعم اللازم في الوقت المناسب لتعزيز صحة الأجيال الحالية والقادمة، ضمن منظومة عمل متكاملة من خلال إجراء الفحوص الصحية المدرسية في الدولة، وتوحيد جهود الرعاية الصحية للطلاب، إلى جانب إنشاء قاعدة بيانات وطنية وموثوقة لنتائج الكشف الصحي المدرسي للطلاب، ما يسهم في تعزيز صحة المجتمع، وتحسين جودة الحياة.
جاء ذلك، خلال فعالية نظمتها الوزارة في دبي، بحضور سعادة الدكتور حسين عبد الرحمن الرند، الوكيل المساعد لقطاع الصحة العامة في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، ومسؤولين من الإدارات والأقسام المعنية بالوزارة، وممثلي الجهات الصحية والتعليمية والاجتماعية في الدولة.
ويشكل الدليل الوطني للكشف الصحي المدرسي للطلبة، إطاراً وطنياً شاملاً للكادر الصحي بالدولة لتقديم الخدمات الصحية الوقائية وفق نهج ثابت ومسار موحد ضمن جدول زمني محدد، كما يتضمن الدليل سلسلة توعوية مناسبة لاحتياجات الطلبة في المراحل العمرية المختلفة لتعزيز الوعي الصحي لديهم.
أخبار ذات صلة 100 لاعب يشاركون في «الفنون القتالية المختلطة» برنامج "شتاء صندوق الوطن" .. إثراء للهوية وتعزيز للغة العربيةويشتمل الدليل على الخطوات التفصيلية النموذجية للكشف المبكر عن الحالات الصحية والنمائية لدى الطلبة، من خلال إجراء الفحوصات الصحية المدرسية وتحديث التاريخ الطبي لكل طالب سنوياً، وتقييم مؤشرات النمو كالطول والوزن ومؤشر كتلة الجسم، بالإضافة إلى فحص البصر، ومتابعة حالة التطعيم لجميع الطلاب وتحديثها، وفقاً للبرنامج الوطني للتحصين، بجانب إجراء فحوص متخصصة أهمها الفحص البدني الشامل، والكشف عن حالات ميلان العمود الفقري، وفحص السمع، وصحة الأسنان، والصحة النفسية والسلوكية، والتقييم عن حالة التدخين لدى الطلبة فوق سن العاشرة لتقديم المشورة الطبية.
وأكد الدكتور حسين الرند أن هذا الدليل يعكس التزام وزارة الصحة ووقاية المجتمع بتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال الرعاية الصحية المدرسية، من خلال توظيف كل الإمكانات المتطورة في إنشاء قاعدة بيانات وطنية لنتائج الكشف الصحي لطلاب المدارس الحكومية والخاصة، بما يتماشى مع معايير منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، ما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويلبي طموحات مئوية الإمارات 2071، لإعداد أجيال تتمتع بأفضل مستويات الصحة والجاهزية للمشاركة في بناء مستقبل مستدام.
وأضاف أن حكومة الإمارات، بفضل توجيهات القيادة الحكيمة، أولت اهتماماً استثنائياً بالأطفال واليافعين في قلب سياساتها التنموية، إيماناً بأن الاستثمار في صحتهم هو استثمار في مستقبل الوطن، لذلك تقود الوزارة الجهود الوطنية لتعزيز الصحة العامة لطلبة المدارس، وضمان توفير رعاية صحية وقائية ومتكاملة لهم من خلال تطوير وتحديث الأدلة العلمية للكشف الصحي المدرسي، بالتعاون مع كافة الشركاء الإستراتيجيين في الدولة.
من جهتها، أشارت الدكتورة سعاد العور، رئيسة قسم صحة الأسرة في وزارة الصحة ووقاية المجتمع، إلى تضافر جهود جميع الجهات الصحية والتعليمية والاجتماعية في الدولة لتعزيز صحة طلاب المدارس، وهي المرحلة التي تشكل الجزء الأكبر من طفولتهم، مؤكدة الدور الحيوي للبرامج الوطنية في الدولة، ومنها البرنامج الوطني لمكافحة السمنة والبرنامج الوطني للتطعيمات، وغيرها.
المصدر: وام