الضفة الغربية - صفا

حذّر جهاز الأمن العام للاحتلال "الشاباك"، من انهيار السلطة الفسطينية بفعل الإجراءات التي استهدفتها مؤخراً، من بينها حجز أموال المقاصة التي تشكل نسبتها 65% من إجمالي الإيرادات المالية للسلطة.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم، إن السلطة الفلسطينية تمر في أزمة اقتصادية عميقة ومركبة، وتختلف عن سابقاتها من الأزمات المالية.

وبيّن أن الاقتصاد الفسطيني يعاني ضغوط كبيرة ويتعرض لاستنزاف مستمر بسبب إجراءات الاحتلال التعسفية على مدار عقود، من تقييد لحركة المواطنين والتغول الاستيطاني الكبير، الذي عطّل بدوره الحياة الاقتصادية في مختلف محافظات الضفة، إلى جانب الاقتطاع من أموال المقاصة.

ومنذ نوفمبر/ تشرين ثاني من عام 2021، لم تتمكن السلطة من دفع كامل أجور موظفيها، والتزمت بدفع 80%-85% منها، حتى بداية العدوان على غزة في أكتوبر/ تشرين أول الماضي.

وأضاف الدكتور عبد الكريم أن إجراءات الاحتلال العقابية اشتدت قساوة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين أول، إذ تم منع أكثر من 200 ألف عامل الفلسطينيين من العمل في الأراضي المحتلة، وأغلق الاحتلال كافة حواجزه العسكرية مع الضفة، منذ دخول الحرب على غزة.

وأوضح أن منع العمال الفلسطينيين من العمل في الداخل أدى إلى فقدان ما يقارب مليار ونصف شيكل شهرياً، وشح السيولة النقدية المتاحة، التي انخفضت إلى أكثر من ٦٠٪.

وأفاد بأن حجز 40% من أموال المقاصة، أي ما يعادل نحو 300 مليون شيكل، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العدوان على غزة، ومن ثم كامل المقاصة، أدى إلى فقدان أكثر من 70 % من السيولة التي كانت تضخها في الاقتصاد شهرياً.

وقال إن الاحتلال كان ينتهج خطة الأمن مقابل الاقتصاد سواء في غزة أو الضفة، لتقليل التهديدات الأمنية التي تتعرض لها، وفق رؤية تعتقد أن الرخاء المادي يقلل الاضطرابات، واحتواء وتيرة المقاومة سيؤدي إلى الاستقرار الأمني، إلا أن ما حدث في 7 أكتوبر نسف كل هذه النظريات.

وأشار الدكتور عبد الكريم إلى أن الأزمة الحالية عميقة ومرتبطة بموضوع سياسي، لافتاً إلى أن حكومة الاحتلال لديها نية مبيتة فيما يخص مستقبل الصراع، تهدف إلى تقويض فكرة إنشاء دولة فلسطينية، وفصل غزة عن الضفة وتغيير شكل السلطة الفلسطينية.

وذكر أن السلطة قادرة على الاستمرار بسبب إيجادها مصادر تمويل بدون تكلفة، عن طريق الاستدانة من رواتب الموظفين، وعدم دفع مستحقات القطاع الخاص إلى جانب الاقتراض، وغيرها من المصادر التي تحقق لها نقل الأعباء المالية دون سدادها، موضحاً أن باستطاعة الحكومة الاقتراض من البنوك لفترات قصيرة ومحدودة، لأن البنوك لن تستطيع تحمل مخاطر أكبر.

وأدى احتجاز المقاصة إلى جانب تراجع المنح الخارجية إلى مفاقمة أزمة السلطة المالية، ودفعها إلى التوجه للاقتراض من البنوك المحلية، ليصل الدين العام إلى 14 مليار شيكل مع نهاية الربع الأول لعام 2024.

وحول احتمالية أن تخلق هذه الأزمة المالية حالة تذمر في الشارع الفلسطيني، قال الدكتور عبد الكريم أن غالبية المواطنين الفلسطينيين يعتقدون أن السلطة حالياً غير قادرة على دفع رواتبهم بسبب إجراءات الاحتلال، وأن التذمر ضد السلطة يعني تذمراً ضد الضحية.

وبيّن أن الخيار المطروح أمام السطلة للخروج من المأزق، هو وقف العدوان ووضع أفق ساسي لتحقيق حل الدولتين، وتوحيد الصف الفلسطيني ووقف الإجراءات المالية العقابية من قبل الاحتلال.

وقال إن تراجع الدعم العربي والدولي، يعكس أن هذه الدول ترتقب ترتيبات سياسية جديدة، مع العلم أن الدول المؤيدة للسلطة والحريصة على بقائها، قادرة على إنقاذها وحل الأزمة.

ولفت إلى ضرورة وضع خطة تقشف وإصلاح إداري ومالي، كفيلة باستعادة الثقة بين المواطنين والحكومة، دون المبالغة في الاعتماد على نتائجها وحدها.

وتشهد المنح الخارجية للميزانية الفلسطينية تراجعاً كبيراً، حيث تدهور الدعم من 1.2 مليار دولار في عام 2012، إلى أقل من 350 مليون دولار في نهاية 2023.

وأموال المقاصة هي الضرائب التي يدفعها الفلسطينيون على السلع المستوردة من "إسرائيل"، أو من خلال المعابر الحدودية يمتوسط شهري 220 مليون دولار.

ويصل إجمالي اقتطاع الاحتلال السنوي من أموال المقاصة إلى 1.5 مليار دولار، ما يعادل تقريباً 50% من إجمالي أموال المقاصة، ونحو 25% من إجمالي الموازنة الفلسطينية السنوية.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: السلطة الفلسطينية أموال المقاصة عبد الکریم

إقرأ أيضاً:

اكتشاف 12 حالة كمومية جديدة بخصائص غير مسبوقة

أعلن فريق من الباحثين من جامعة كولومبيا عن اكتشاف نحو 12 نوعا جديدا من الحالات الكمومية، مما يضيف مجموعة مثيرة من الظواهر إلى ما يسميه العلماء بـ"حديقة الحيوانات الكمومية"، ونُشرت تفاصيل هذا الاكتشاف في دراسة حديثة بدورية "نيتشر".

تقول ييبينغ وانغ، الباحثة في قسم الكيمياء بجامعة كولومبيا، والمؤلفة الرئيسية للدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "اكتشاف هذا العدد الكبير من الحالات الجديدة أمر بالغ الأهمية، لأنه يوسع بشكل كبير معرفتنا بالحالات الكمومية ويضم مجموعة جديدة لـ "حديقة الحيوان الكمومية" للدراسة، هذا بدوره سيفتح آفاقا جديدة للفهم الأساسي للمواد الكمومية ولتطبيقات مستقبلية مثل تطوير أجهزة كمومية أكثر كفاءة".

سيشكّل مرور الشبكتين أنماطا مثيرة وغريبة أمام عينيك (ويكيميديا) المفتاح الملتوي للاكتشاف

ركز الباحثون عملهم على مادة مكونة من طبقتين رقيقتين تعرف باسم "ثاني تيلورايد الموليبدينوم"، حيث تلتوي كل منهما بزاوية صغيرة جدا بالنسبة للأخرى، مما خلق نمطا شبكيا يُعرف باسم "نمط مواريه"، وهو مسؤول عن نشوء خصائص إلكترونية فريدة لا تظهر في المواد التقليدية.

تخيل الأمر كأنك تمرر شبكتين رقيقتين فوق بعضهما بشكل غير متواز، صانعا زاوية صغيرة بينهما. سيشكّل مرور الشبكتين أنماطا مثيرة وغريبة أمام عينيك، لكن الأغرب مما يتشكل أمامك هو ما ينتج عن هذا التراكب غير المثالي، حيث تتشكل مناطق تكون فيها الذرات متطابقة، أي فوق بعضها، وأخرى تكون في إزاحة أي بعيدة عن بعضها، مما يؤدي إلى ظهور نمط تكراري جديد أكبر، وهذا هو نمط مواريه.

إعلان

ولأن الطبقتين اللتين تتحركان هما بسُمك ذرة واحدة تقريبا، أي مواد ثنائية الأبعاد، يؤدي ذلك إلى انجذاب الإلكترونات أكثر نحو الذرات عندما تتراكب في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى تجد طاقة حركة الإلكترونات أقل أو مختلفة.

تقول ييبينغ: "في المواد التقليدية، عادة ما تتموضع الإلكترونات حول الذرات في مواضع الشبكة البلورية. أما في دراستنا، فالحالة الكمومية تشير إلى الطريقة المتميزة التي تنتظم بها الإلكترونات داخل طبقات ثنائية من مادة ثاني تيلورايد الموليبدينوم الملتوية بتشكيل نمط مواريه".

وتضيف: "هذه الإلكترونات تكون مرتبطة ارتباطا قويا ببعضها، مما يؤدي إلى سلوكيات غريبة، مثل تشكيل بلورات إلكترونية أو إظهار خصائص طوبولوجية معقدة لا يمكن تفسيرها وفقا للنماذج التقليدية لجسيمات مفردة".

تقنية "مطيافية الضخ والرصد" تُحدث اضطرابا طفيفا في مادة من طبقتين لرصد استجابة النظام بمرور الوقت (ييبينغ وانغ) كشف الحالات الخفية

في هذا البحث الجديد، استخدم الفريق طريقة متقدمة تسمى "مطيافية الضخ والرصد"، حيث تُحدث نبضة ليزر (مضخة) اضطرابا طفيفا في النظام أولا، ثم تقيس نبضة أخرى (راصد) كيفية استجابة النظام بمرور الوقت.

تشرح ييبينغ أهمية هذه الطريقة قائلة: "عادة، تكشف القياسات البصرية أو الكهربائية الساكنة فقط عن الأطوار الكمومية المكتملة والقوية. أما باستخدام مطيافية الضخ والرصد، فنحن نحفز النظام بطريقة خفيفة جدا ونرصد استجابته الفورية، مما يمكننا من كشف الحالات الدقيقة والخفية التي كانت تتلاشى أو ‘تذوب’ قبل أن نتمكن من رصدها بالطرق التقليدية".

كما تسمح تلك الطريقة بالكشف الخالي من التشويش الخلفي، حيث يتم تسجيل التغيرات في المناطق التي تحتوي على ترتيب كمومي أو ارتباط قوي فحسب.

ويتمثل أحد أبرز جوانب هذا الاكتشاف في أن بعض هذه الحالات الكمومية الجديدة المكتشفة قد تكون اللبنات الأساسية للحواسيب الكمومية الطوبولوجية، وهي نوع نظري من الحواسيب يعد بأن يكون أكثر مقاومة للأخطاء التي تعاني منها الحواسيب الكمومية الحالية.

إعلان

تقول ييبينغ: "على عكس الكيوبتات التقليدية التي يمكن أن تتعرض بسهولة للضوضاء الطفيفة، فإن الكيوبتات الطوبولوجية المستقبلية ستتطلب تغييرات كبيرة وشاملة لإفسادها، مما يجعلها أكثر مقاومة طبيعيا للأخطاء".

الحواسيب الكمومية تأتي بأنظمة تسمح بالحالتين، الصفر والواحد في الوقت نفسه (أسوشيتد برس) حواسيب خارقة على مرأى البصر

تخزن الحواسيب العادية المعلومات وتدير العمليات باستخدام قيم ثنائية رقمية وهي الصفر والواحد، وهو ما يُعرف باسم النظام الثنائي، وكل ما يعمل على حواسيبنا وهواتفنا المحمولة الحالية، بل والذكاء الاصطناعي بقدراته المذهلة مدينة لهذا النظام الثنائي بالفضل.

تأتي الحواسيب الكمومية بأنظمة تسمح بالحالتين، الصفر والواحد في الوقت نفسه، بما يسمى بالتراكب الكمي فيما يعرف بالبتات الكمية أو الكيوبت.

وعلى قمة تلك الأنظمة هي الحواسيب الكمومية الطوبولوجية من حيث الثبات والاستقرار ومقاومة الضوضاء.

تشرح ييبينغ الفرق قائلة: "الحواسيب الكمومية الطوبولوجية هي بمثابة أجهزة خارقة تخزن المعلومات داخل حالات كمومية خاصة محمية بواسطة طوبولوجية النظام، بدلا من أن تعتمد ببساطة على القيم الثنائية 0 و1. هذا يعني أن المعلومات تكون مشفرة بطريقة تجعلها محصنة ضد الأخطاء الصغيرة أو الاضطرابات المحلية".

أحد أكبر التحديات التي لطالما واجهت تطوير الحواسيب الكمومية الطوبولوجية هو أن الحقول المغناطيسية المطلوبة لتحقيق بعض الحالات الكمومية تسبب مشكلات تستعصي على الحل. لكن في هذا الكشف الجديد، تمكن الباحثون من إيجاد حالات كمومية جديدة دون الحاجة إلى حقل مغناطيسي خارجي.

تقول ييبينغ: "في الماضي، كان استخدام المغناطيس ضروريا لإنشاء بعض الحالات الكمومية الطوبولوجية، لكن المغناطيس يعطل المواد فائقة التوصيل (اللبنات الضرورية للبيئة اللازمة لتكوين الحالات الكمومية). باستخدام المواد الملتوية مثل ثاني تيلورايد الموليبدينوم، نستفيد من الحقول المغناطيسية الداخلية الناتجة عن بنية مواريه نفسها، مما يلغي الحاجة إلى مغناطيس خارجي".

إعلان تطبيقات واعدة

هذا التطور يفتح المجال لتصميم حواسيب كمومية طوبولوجية أكثر استقرارا وكفاءة. وفي المرحلة القادمة، يخطط الفريق لدراسة طبيعة هذه الحالات الكمومية الجديدة بمزيد من التفصيل، وفهم خصائصها الفردية ومدى قابليتها للتطبيق العملي في مجال الإلكترونيات الكمومية والحوسبة.

كما يأمل الباحثون أن تلهم تقنيتهم، القائمة على مطيافية الضخ والرصد، باحثين آخرين في جميع أنحاء العالم لاستكشاف مزيد من الحالات الكمومية المخفية في مواد أخرى. في النهاية، يبدو أن "حديقة الحيوانات الكمومية" لا تزال تخبئ المزيد من المفاجآت المثيرة في أقفاصها الذرية الخفية للعلماء والمهندسين على حد سواء، ومع كل اكتشاف جديد، نقترب خطوة إضافية نحو تسخير عجائب ميكانيكا الكم في حياتنا اليومية.

مقالات مشابهة

  • اكتشاف 12 حالة كمومية جديدة بخصائص غير مسبوقة
  • الاحتلال يعتقل الصحفي علي السمودي بعد مداهمة منزله
  • حماس: “الحرب الشاملة محاولة إسرائيلية يائسة لكسر المقاومة الفلسطينية
  • حماس: الاحتلال يُحاول يائسا كسر المقاومة الفلسطينية
  • شاهد | السلطة الفلسطينية.. من عباس إلى الشيخ.. تبديل الأسماء تثبيت السلوك
  • حسن خريشة لـعربي21: هذا سر تمسك السلطة الفلسطينية بالاتفاقيات مع إسرائيل
  • خبير اقتصادي: ضرورة ضبط السياسات المالية والتقشف لإنقاذ الاقتصاد الليبي قبل فوات الأوان
  • خبير اقتصادي:(7) مصارف في مشروع ” حسابي” لتوطين رواتب موظفي الإقليم
  • خبير اقتصادي: ضروري من اعتماد ميزانية موحدة بقانون رسمي
  • سياسات الاحتلال تجاه الضفة.. على ماذا تراهن السلطة؟