بدأت أمس الخميس في مدينة جينيف السويسرية فعاليات أول محكمة ضمير عالمية بشأن الحرب الدائرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول / أكتوبر الماضي,, بمشاركة قانونيين ومحامين ونشطاء عرب ودوليين.

وجاءت فكرة إنشاء هذه المحكمة الدولية بمبادرة من خمس منظمات حقوقية غير حكومية مقرها جنيف هي: المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان، الاتحاد الدولي للحقوقيين ـ جينيف، مركز جنيف للديمقراطية وحقوق الإنسان، العدالة الواحدة، والمعهد الدولي للسلام والعدالة وحقوق الإنسان، بدعم وإسناد من التحالف القانوني العالمي من أجل فلسطين وعشرات المنظمات الحقوقية الدولية.



وأعلن القائمون على هذه المحكمة، أن الهدف من عقدها ليس فقط توثيق جرائم الاحتلال وعرضها أمام العالم، والجهات المختصة منه تحديدا بهذا النوع من الجرائم ومتابعة مرتكبيها، وإنما أيضا في أن تكون مساهمة في العمل من أجل منع تكرار مثل هذه الجرائم عبر قضاء دولي نزيه يحتكم إلى المبادئ الحقوقية الكونية ومعايير العدالة والنزاهة الدولية.

"عربي21" وفي إطار متابعتها لفعاليات هذه المبادرة، تحاور اليوم المحامي الكويتي مبارك المطوع نائب رئيس اتحاد الحقوقيين الدوليين ورئيس مكتب اتحاد الحقوقيين الدوليين في جينيف ورئيس اللجنة الإسلامية لحقوق الإنسان..

س ـ لنبدأ من تقييمك للحرب في غزة.. كيف تقرأ مسار الحرب إلى حد الآن؟

  ـ لا بد في قراءتنا للحرب في غزة، أن نعود إلى التاريخ ونربطه بالحاضر.. هذه الحرب لها شكل حديث أخذ شكل الوحشية والدمار والإبادة الجماعية، لكنها في الحقيقة حرب مستعرة ومستمرة منذ عشرات السنين، ما يفوق المائة عام والحرب قائمة.. بين قوى الشر وقوى الخير وبين الأمة وأعدائها..

هذه المرة تأخذ هذه الحرب شكلا جديدا، بعد سبات وردح من الزمن عانت فيه الأمة كثيرا من الهزائم.. ونحن الآن في شهر حزيران، في هذا التاريخ من العام 1967 عانت الأمة من حرب على مستوى الدول وخرجت بهزيمة نكراء سموها النكسة وقبلها النكبة، وهذه جزء من حياة الأمة لا ينكر أحد ذلك..

ومنذ ذلك التاريخ كان هناك احتلال غاشم معروف وليس له أي أساس، وبطلان في كل القرارات التي قام عليها.. منذ العام 1917.. فنحن نتحدث عن أكثر من مائة عام.. هذا الاحتلال بين مد وجزر وحرب تستعر وتقف.

هذه المرة أخذت الحرب شكلا مختلفا، فقد اتخذت طابعا هجوميا ومختلفا لأن الشر استفحل، والعدو دنّس كل شيء بما في ذلك المسجد الأقصى، والأمة لا تتحرك.. فما هو الحل؟

فكان لا بد أن يحصل شيء من هذا القبيل وقد حصل.. الآن أكثر من ثمانية أشهر أثبت فيها المقاوم الفلسطيني أنه صاحب حق، وأنه لا يقاوم معتديا، بل يقاوم ردا لاعتداء، وردا لاحتلال لم يبدأ مع 7 أكتوبر 2023 ولا بعده، وإنما منذ ما قبل نشأة إسرائيل عام 1948، فقد كان هناك احتلال أنجليزي دخل من العقبة والتاريخ معروف، هذا الآن كله يُحصر بأن هناك احتلال واعتداء وهناك مقاومة..

لماذا هذه المقاومة تكون مشروعة لغير الفلسطينيين ولغير المسلمين، ولدينا أمثلة كثيرة عن ذلك، لما احتل الألمان فرنسا والآن في أوكرانيا، ولما يأتي الاحتلال في فلسطين يكون هذا الضعيف الذي لا يملك سلاحا ولا طائرات ولا قذائف، هو الملام وهو المعتدي؟ لذلك بدأ العالم يفكر في هذاالأمر.. فبعد طول مدة الحرب بدأ العالم ينتبه إلى هذا الحدث وإلى هذه المصيبة.. عقول الناس غُيّبت لفترة طويلة.. أمم كاملة تم تغييبها.. والآن نحن أمام واقع صعب ومعقد وقتال شرس ومستمر وأمامنا ضحايا ضعاف لأنهم لم يجدوا فرصة ليقاتلوا المقاتل الحقيقي فقتلوا الضعفاء من الأطفال والنساء والعجائز وهذا في شرعنا محرم..

وهذا ما جعل العالم ينتبه إلى حجم الجريمة، وهو ما دفع بالولولايات المتحدة أن تلجأ إلى الصلح، لأنها تخسر يوميا التأييد على المستوى العالمي، والمعلومة الكاذبة التي كانت سائدة الآن تنكشف، ولذلك نحن كل من موقعه يجب أن يتحرك، وفي البداية أن نحرك أمتنا وقادتنا بمثل هذه المبادرات التي نحن بصددها الآن في مدينة جينيف في سويسرا، وهي إنشاء محكمة عالمية من أجل فلسطين.

س ـ حدثنا عن هذه المبادرة التي أنتم كاتحاد حقوقيين دوليين جزء منها؟

 ـ هذه المبادرة لم تأت بين يوم وليلة، فقد سبق عقد ثلاث اجتماعات في جينيف وخارجها، وتجمع للحقوقيين، وكنا نلتقي ونتدارس، وكان أول لقاء بعد اندلاع هذه الحرب بعشرة أيام، وحصل أكثر من نقاش، ولم نجد بدا إلا أن نجمع كلمة الحقوقيين إلى هذه المحاكمة.. لأن المحاكمات الرسمية لم تجد نفعا حتى الآن، ولم تنفع في شيء حتى الآن، وكلها كانت تخحتلط بالمفاهيم السياسية أو بالتصريحات السياسية، وهذه لا تفيد في شيء، كذلك الدول لم تصل إلى شيء، لكن القانوني يحرك هذه الأوضاع وفق القانون الدولي والإنساني والقوانين المحلية.. وهناك اختصاص لدى بعض الدول بحيث أنها تنتقل من نطاق الدولة نفسها إلى مواطني دول أخرى حال ارتكابهم الجريمة وحال اختراق القوانين الدولية، وهذه قاعدة يجهلها كثير من الناس..

القواعد والقوانين والمعاهدات الدولية إذا أُقرت لدى الدولة وصادق عليها البرلمان أصبحت كالقانون العادي قانون يسري داخل الدولة يجب أن يحترم، وإن كانت الأحكام من الخارج، وبالتالي فهي ملزمة، تلزم القاضي والدولة وتلزم الناس.. هذه جزئية مهمة نناقشها ونعمل لتفعيلها.. ومن يستطيع أن يفعلها، ليس الرجل العادي وإنما رجل الاختصاص، والمحامون مطالبون بهذا الدور..  

هذه الاجتماعات ربما تؤثر على الجانب القانوني، وكذلك على الجانب المدني والإنساني لدى الشعوب..

س ـ هذا يعني أن هذه المحكمة هي عبارة عن منبر لنقل مظالم الشعب الفلسطيني إلى مراكز القرار القضائي والسياسي في العالم؟

 ـ حتى مراكز القرار تتأثر بأي حراك، وهناك اجتماع لرؤساء دول مهم خلال أسبوع، بعد أن وصل أمر المعاناة والكارثة إلى مدى كبير..

س ـ قبل أن نستمر في الحديث عن الحرب ضد غزة والموقف منها، ماذا عن اتحاد الحقوقيين الدوليين الذي يشارك في هذه المبادرة.. من أين أتى؟ ومن يمثل؟

 ـ هذه مؤسسة تم إنشاؤها في إسطنبول، وجاءت الفكرة منذ تسعينيات القرن الماضي، في العام 1996 تحديدا، ثم جاءت ظروف ربما سياسيا لم تستقر البلاد فيها وتم وقف النشاط، حتى عدنا إلى التأسيس مرة أخرى منذ العام 2012 ونحن نقدم الطلب مجموعة من المحامين العرب والأتراك والعالم الإسلامي، حتى أخذنا الموافقة عن ذلك وباشرنا العمل منذ العام 2014.. وللاتحاد نظامه الأساسي وداعموه ومؤسساته.. وهو يعقد جلسة رسمية كل عام وجلسات أخرى لمتابعة الأحداث المستجدة كما هو حال الحرب ضد غزة الآن، وجلسات إدارية أخرى.. وأتولى فيه نيابة الرئاسة منذ تأسيسه..

نباشر التصدي لمثل هذه القضايا على أساس القانون والحق والعدالة.. وهو مؤسسة مستقلى تماما وتعتمد بعد الله سبحانه وتعالى على نفسها وأفرادها وإمكانياتها.. ولا نخضع لأي جهة كانت.. ونحن تشكيلة دولية وليس في تركيا فقط بدليل أن لنا مكتبا في جينيف، ولي الشرف أن أقول أنني أنا من بدأت بالفكرة وأخذت موافقة عن ذلك، والحمد لله أصبح لهذا المكتب وجود ومن بين نشاطاته هذه المبادرة، وقد أسسنا تحالفا دوليا لنصرة هذهن القضية وتحفيز المحامين والقضاة لنصرتها وحكم القانون..

س ـ بعد تسعة أشهر من بداية الحرب، إلى جانب الأوضاع القانونية التي شرحتها، ما الذي يجري من الناحية الحضارية؟

 ـ وإن كان هذا السؤال له علاقة بالجانب السياسي، ونحن بطبيعتنا نتجنب ذلك، ونحاول أن لا نمس هذا الجانب باعتبار أننا نبحث عن حكم القانون.. وحكم القانون بعد الأشهر الثمانية التي مرت واضح.. من مارس الإبادة الجماعية؟ ومن قتل الأبرياء والأطفال؟ من استخدم القوة الغاشمة ويحرق المخيمات على أصحابها؟ ومن قتل ما يقارب الأربعين ألف فلسطيني؟

العالم بدأ يعرف ذلك، ونحن نبني على ذلك، ونحن كقانونيين ليس لنا أي تدخل في الشأن السياسي، لكن من الواضح أن الأطراف الآن بدأت تتجه إلى نهاية الحرب، والولايات المتحدة التي شاركت في الحرب الآن تقدم مشروعا لإنهائها، ولا بد في يوم من الأيام أن تنتهي.. ولا بد أن تنتهي في يوم من الأيام.. وبعد نهايتها يأتي دور القانونيين والحقوقيين مرة أخرى، هذا دورنا الآن: أليس هناك اسمه التعزيضات وإعادة الإعمار وحقوق الإنسان؟ هذه حقوق لا تسقط بالتقادم، وهذا دور المحامين والقضاة لتعويض المصابين والشهداء..

ودعني أكون صريحا وواضحا، وأقولها بوضوح أيضا: الموت في هذه الأمة لمن آمن بالله لا يغير من الأمر شيئا، والموت عند هذه الأمة كالحياة، الحياة لا قيمة لها في أجواء كهذه يديرها مجرمون على مستوى العالم، يبطشون بالإنسان..

صبر الإنسان ناشئ من هذا المعنى، ولذلك لا حاجة للاستمرار في هذه الحرب، لأنها لم تحقق شيئا ولن تستطيع أن تحقق شيئا مهما استمرت.. والخسائر سيجنيها الظالمون..

س ـ محكمة الهدل الدولية أخذت قرارا باتهام الكيان بالأإبادة الجماعية، والجنائية الدولية تتجه لإصدار مذكرات توقيف بحق قادة الاحتلال، وهي كلها قرارات لم يكن لها ترجمة واقعية.. فهل عملهم أنتم سيكون مآله كهذه القرارات؟

 ـ الغرب يكابر فعلا في التعامل مع هذه الحرب ومع مخرجات المحاكم الدولية، هم يمارسون الكذب الصريح.. العالم له عقل الآن.. وإذا بقيت القرارات في وسائل الإعلام من دون ترجمة واقعية فستبقى في شكل قرارات ورقية، ولذلك لا بد أن تكون وراء القرارات قوة داعمة تنفذها..

العدو يعرف أنه قوي وليست هناك قوة تردعه، لكن على الأمم أن تتحرك، هذه حركات قانونية تتم اليوم، وغدا حركة عمال وطلاب وشعبية.. هذه تعطي شيئا من الزخم وتشكل قوة للحق.. لماذا لا تلجأ الأمم المتحدة للجمعية العامة؟ لماذا مجلس الأمن فقط وهو رهين لحق الفيتو؟ لماذا لا يتم طرد كل من يخترق قوانين الأمم المتحدة؟

نحيي في هذا السياق جنوب إفريقيا على كل ما فعلت، ونحيي الجزائر التي أثبتت صدقها وقدمت قرارا لمجلس الأمن بشأن الحرب..

س ـ من يسند ظهر هذه المنظمات الحقوقية؟

 ـ أخاطب في القادة العرب والمسلمين ما بقي فيهم من روح بشرية، أن يقفوا مع المظلوم والضعيف وليس مع الظالم.. فبالرغم من كل ما حصل مازال هناك من يتحدث عن التطبيع.. إذا لم يعد كل إنسان منا إلى عقله ورشده، فإنه لا يستطيع إلا أن يقف مع المظلوم.. ونحن ليس لنا إلا أن نقوم بدورنا وفق القانون، ونطالب بالعدالة كما يمنحنا القانون ذلك، وإذا لم تسعفنا القوانين الدولية، فعلى الأقل أن تسعفنا أنفسنا ونعلن أن هذا هو طريق الحق..

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات فلسطين سويسرا محكمة عالمية فلسطين سويسرا حوار محكمة عالمية المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه المبادرة هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

من حلم الزيارة إلى كابوس الحصار.. عربي21 ترصد استغاثات العالقين في غزة (شاهد)

"أنا مواطن مصري، إسمي محمود جمال عبد المنعم سيف النصر، حاليا في غزة، سبعة شهور ولم نعرف بعد العودة لبلادي؛ طيب هناك أشخاص كُثر خرجوا، ونحن يواصلون القول لنا، دع والدتك تتوجّه إلى الخارجية المصرية، لكن لا مجيب، من سيسمع كلامنا ويستجيب لدعواتنا؟" كانت هذه أول دعوة لمحمود، قبل ما يناهز عام ونصف.

محمود توجّه إلى غزة، لأول مرّة، بغرض زيارة لأهل زوجته، وكان فرحا بالزيارة، وبتوثيق جمال غزة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ قبل أن تنقلب حياته رأسا على عقب، ويجد نفسه عالقا بين حيرتين، أهل زوجته الحامل، وأمه المريضة، المتواجدة في مصر.

واصل المناشدات على حساباته على موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام" وإلى رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، ووزارة الخارجية، ووزارة الهجرة؛ وفي المقابل واصل توثيق معاناة معيشته، قسرا، في قلب واقع بات صعبا على الغزّيين أنفسهم، حيث قصف الاحتلال الإسرائيلي لم يرحم بشرا ولا حجرا.
سنتين من المناشدات

يقول محمود في حديثه لـ"عربي21" بصوت منهك: "مرّت سنتين على مناشداتنا، للعودة إلى مصر، أنا وزوجتي وابني؛ وضعنا للصراحة سيئ جدا؛ كلما كنت أتوجه إلى المعبر، يقولون لنا اسمكم غير موجود في الكشف، وفي المقابل يتوجّهون أهلي لوزارة الخارجية بمصر، لكن لا مستجيب لحدود اللحظة".

مواطن مصري عالق في قطاع غــزة يناشد السلطات المصرية للتدخل وإخراجه بعد تصاعد الأوضاع الأمنية.#مصر pic.twitter.com/goLaWSVeD1 — عربي21 (@Arabi21News) March 29, 2025
ويضيف: "أنا مواطن مصري الأصل، ولأول مرة أزور غزة، كل ما أطلبه هو العودة إلى مصر، أنا وزوجتي وابني، لا أطلب أي شيئ آخر"، مردفا: "الوضع هنا بات منهكا، القصف محيط بنا، ونزحنا لأكثر من مرّة، ولا مكان آمن هنا في غزة".

ويختم محمود حديثه لـ"عربي21" بالقول: "والدتي توفّت، ونحن لا نزال عالقين هنا في واقع صعب، وأكثر من سنتين ونحن نناشد الجهات المختصة للعودة لبلادي أن وزوجتي وأبنائي، الواقع صعب جدا".

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Mahmoud Gamal‎‏ (@‏‎mahmoud_g1990‎‏)‎‏
مناشدات بالجُملة.. هل من مُستمع؟ 
محمود ليس إلاّ واحدا من عالقين كُثر بقلب القطاع المحاصر، الذي يعايش، قسرا، ويلات عدوان الاحتلال الإسرائيلي، حيث انتُهكت كافة القوانين الدولية والمواثيق المرتبطة بحقوق الإنسان، على مرأى العالم. فبات واقعا مأساويا، بالنسبة للغزّيين أنفسهم، وكذا العالقين، من عدد من الدول العربية.

بدوره، أحمد محفوظ صديق خليفة، مواطن مصري آخر، تزوّج من فلسطينية بغزة، وأتى لزيارة أهلها، وعلق بالقطاع المحاصر، تزامنا مع عدوان الاحتلال الإسرائيلي؛ يروي تفاصيل معاناته بالقول: "منذ بداية الإبادة الجماعية، ونحن نعاني كغيرنا من الغزّيين، من القصف الأهوج المتواصل، ومن المجاعة، وصعوبات كثيرة".

وأضاف: "أكرمني الله بطفلة، الآن لو فقط مرضت لن أجد لها علاجا، وأنا لا أطالب بأكثر من الدخول إلى بلدي مصر"، مردفا: "أناشد الرئيس والحكومة المصرية لإنقاذنا من هذا الجحيم، نحن معرّضون للموت، رأيت أمام عيني الأشلاء البشرية وقطع اللحم الممزقة في مدرسة تعرضت للقصف بالقرب منا، والعديد من جيراننا استشهدوا في قصف منازلهم..".

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Mahmoud Gamal‎‏ (@‏‎mahmoud_g1990‎‏)‎‏
وكانت السلطات المصرية، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، قد أعادت 100 من مواطنيها العالقين في القطاع، فيما أطلقت وزارة الخارجية المصرية، في كانون الأول/ ديسمبر 2023، رابطا الكترونيًا للتسجيل، بهدف مساعدة المصريين العالقين في قطاع غزة، وتسهيل عودة المواطنين وأسرهم من القطاع إلى مصر.

وفي السياق نفسه، كان المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المصرية،  أحمد أبو زيد، آنذاك، قد تعهّد بإعداد كشوفات تمهيدا لتسليمها للقائمين على معبر رفح الحدودي من الجانبين المصرى والفلسطينى بشكل مباشر، لتسهيل عبورهم من القطاع إلى مصر، مبرزا أن تلك الوسيلة الوحيدة للعودة لأرض الوطن، وأن أي وسيلة آخرى يتم الحديث عنها، تندرج ضمن أعمال النصب والاحتيال واستغلال الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع.


إلى متى؟
في الوقت الذي لم تتوصّل فيه "عربي21" لأية تقديرات رسمية أو غير رسمية تظهر أعداد العالقين في قطاع غزة، رصدت جُملة من المنشورات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، تبرز بالصوت والصورة أصوات استغاثاث متتالية، هدفها الأساسي وقف حرب الإبادة الجماعية على القطاع المحاصر، وعودتهم لبلادهم سالمين.

دنيا أيت زاكور، مواطنة مغربية، وجّهت نداءات متتالية، على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، طالبت فيها، من الجهات المختصّة ببلادها، إخراجها وأفراد أسرتها من قطاع غزة المحاصر؛ بالقول: "الأمور في غزة كانت جميلة جدا، فجأة انقلب الأوضاع، وباتت صعبة للغاية؛ وأنا خائفة جدا على ابني الصغير، أود صوتي أن يصل إلى المسؤولين".

مغربية متزوجة بفلسطيني تناشد المسؤولين بإجلائها وأسرتها من غزة#فلسطين #المغرب #غزة #viral #SL pic.twitter.com/CiC6wFvGO6 — Hespress هسبريس (@hespress) March 28, 2025
وفي سياق متصل، كشفت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أنها عملت منذ انطلاق عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة على إجلاء خمسة أفواج من المغاربة العالقين بالقطاع وعائلاتهم، حيث بلغ عدد المستفيدين من هذه العملية 369 شخصا.

وأوضحت الوزارة، عبر جواب على رسالة رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أنه: "بسبب تكثيف الأعمال العسكرية الإسرائيلية في القطاع، وما تلا ذلك من إغلاق للمعابر الحدودية وتعقيدات الوضع الأمني اضطرت بلادنا، على غرار دول أخرى، إلى تعليق عمليات إجلاء المواطنين المغاربة من قطاع غزة، في انتظار توفر الظروف الملائمة لاستئناف هذه العمليات" وفق تعبيره.

وأوردت الوثيقة نفسها، أنّ: "خلية الأزمة التي أوكلت إليها مهمة متابعة أحوال المغاربة العالقين بقطاع غزة إثر الأحداث الأليمة التي شهدها القطاع ومازال، سبق لها أن أدرجت اسم المعنية بالأمر ضمن القائمة الخامسة للمواطنين المغاربة الراغبين في مغادرة قطاع غزة، الذين سمح لهم بمغادرة القطاع بتاريخ 8 أبريل 2024".

"غير أنها تخلفت عن الحضور وقتها لمعبر رفح، دون أن تشعر بعثة المملكة المغربية برام الله بأسباب ذلك، وبالتالي تعذّرت مغادرتها القطاع" يسترسل الجواب نفسه، الذي اطّلعت "عربي21" على نسخة منه، مردفا بأن المصالح المركزية لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وتمثيليات المملكة المغربية في البلدان المعنية، مازالت تتابع أوضاع الجالية المغربية بالقطاع، وتنسق مع سلطات بلدان الاعتماد، لتسهيل خروج المواطنين المغاربة العالقين متى توفرت ظروف ذلك.

وأشار المصدر ذاته إلى أنّ: "مصالح السفارة المغربية برام الله تواصلت مع المعنية بالأمر للاستفسار عن أسباب تخلفها عن المجموعة التي غادرت القطاع في 8 أبريل 2024، كما طلبت منها موافاتها بالوثائق الخاصة بزوجها وطفلها حديث الولادة بغرض تنسيق عملية ترحيلها حالما تتوفر الظروف لاستئناف عمليات الإجلاء".


إلى ذلك، كانت بوابة معبر رفح البري على الحدود، بين قطاع غزة ومصر، قد بات عنوانا بارزا لمعاناة ومأساة عشرات آلاف العالقين بغزة بينهم الفلسطينيين من المرضى وأصحاب الوضعيات الخاصة الصّعبة، جرّاء إغلاقه المتواصل، وفتحه على فترات، كانت متباعدة، لسفر أعداد محدودة من أصحاب الحالات الإنسانية.

معبر رفح، الذي يصفه المتواجدون في القطاع، بكونه: "بوابتهم الوحيدة نحو العالم"، كشف لما يناهز عامين كاملين، عن حجم المأساة التي يعيشها العالقين في غزة، الذين يقدر عددهم بنحو 20 ألف راغب بالسفر، لأسباب ترتبط بظروف إنسانية، بحسب وزارة الداخلية في القطاع.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Nour Talal Alnajjar‎‏ (@‏‎nour_alnajjar96‎‏)‎‏
وتغلق السلطات المصرية معبر رفح الواصل بين قطاع غزة ومصر بشكل شبه كامل منذ تموز/ يوليو 2013، وتفتحه استثنائيا فقط لسفر الحالات الإنسانية. فيما تقول الجهات الرسمية المصرية، إن فتح المعبر مرهون باستتباب الوضع الأمني في محافظة شمال سيناء المحاذية لغزة، وذلك عقب هجمات تستهدف مقرات أمنية وعسكرية مصرية قريبة من الحدود مع القطاع.

وفي 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي لعدوانه الأهوج على قطاع غزة، رافضا الانسحاب من محور فيلادلفيا واستكمال مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، عقب إتمام المرحلة الأولى منه بإطلاق حركة "حماس" لـ33 أسيرا بينهم 8 قتلى، فيما أفرج الاحتلال عن 1800 أسيرا فلسطينيا.

ومنذ استئنافه العدوان، جُرح الآلاف من الفلسطينيين والعالقين في كافة أنحاء قطاع غزة المحاصر، فيما تجاوز إجمالي الشهداء منذ بدء الحرب حاجز الـ51 ألفا. وتزايدت التحذيرات من الأوضاع المأساوية التي يعاني منها أهالي القطاع، لا سيما فيما يتعلق بتوافر الغذاء.

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا يطلع على واقع محطات مياه سيجر والعرشاني بريف إدلب
  • مناظرة العيدروس للوليد مادبو التي ارجات احمد طه الى مقاعد المشاهدين
  • عن الابادات الجماعية التي عايشناها .. لكم أحكيها
  • وفد جامعة كفر الشيخ ومجلس اتحاد الطلبة يزورون كنيسة مارمينا
  • خطاب اللجنة الأولمبية الدولية بشأن طلب الاطلاع على قانون الرياضة
  • محطة الفضاء الدولية على حافة الهاوية.. تحذيرات من كارثة محتملة قبل تقاعدها
  • اتحاد الصحفيين: أكثر من 1400 طلب انتساب إلكتروني ‏وعشرات الطلبات الورقية حتى الآن
  • مؤتمر لندن.. ما هي مجموعة الاتصال الدولية التي أراد تشكيلها
  • من حلم الزيارة إلى كابوس الحصار.. عربي21 ترصد استغاثات العالقين في غزة (شاهد)
  • وزير المالية: مشاركتنا بالاجتماعات مع صندوق النقد والبنك الدوليين هي ‏لإحياء التعاون مع المؤسسات المالية الدولية