هجوم السفارة الاميركية: اسباب عديدة وخطر واحد
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
تتواصل التحقيقات في ملف الهجوم على السفارة الاميركية في عوكر، ووفقا للمعلومات ، فان منفذ الهجوم قيس فراج
استطلع السفارة عبر «غوغل»، ولم يحضر الى محيط السفارة من قبل، واستاجر الفان بـ 50 دولارا، ووصف نفسه «بالذئب المنفرد» المنتمي الى تنظيم «داعش»، واشار الى انه اشترى السلاح والذخائر من امواله الخاصة. وقد فتح هذا الهجوم ملف النازحين السوريين، خصوصا ان المنفذ مسجل على لوائح المنظمة الدولية التي تحجب المعلومات عن السلطات اللبنانية، وهذا ما يحتم زيادة الضغوط عليها لتسليم «الداتا» كاملة، بحسب " الديار".
وكتب احمد الايوبي في" نداء الوطن": تبرز نظريتان في مقاربة هذا الحدث:
النظرية الأولى: أن يكون قيس مدفوعاً من مشغّلين تمكنوا من تطويعه واستغلاله حتى يصل إلى نقطة التماس عند جدران السفارة الأميركية، وهنا يجب البحث عن المستفيد والمستثمر المحتمل لهذا النوع من العمليات في ظلّ تصاعد التوتر في لبنان داخليّاً وعلى جبهة الجنوب.
النظرية الثانية: هي أن يكون قيس قد تحرّك بدافع ذاتي ناتج عن ما يرى أنّه تواطؤ أميركي مع جرائم الإبادة الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني في غزة، وهذا احتمال وارد بقوة، لكن تشوبه كتابة الشعارات الداعشية على خوذته باللغة الإنكليزية وإلصاق إسم «الدولة الإسلامية» على لباسه، فلو كان شخصاً متأثّراً فقط بالوضع الفلسطيني ما كان ليحتاج إلى مثل هذه الشعارات.
برز خطر آخر في كون قيس يحمل الجنسية السورية، وهذا ما هدّد بإعادة إشعال الفتنة بين اللاجئين السوريين وبين اللبنانيين، على غرار ما حصل بعد عملية اغتيال باسكال سليمان، وهنا يزداد منسوب المخاطر لأنّ هناك من يريد فعلاً وقوع هذا الصدام، واستثمر في سبيل حصوله ولكنّه لم ينجح حتى الساعة.
وإذا أردنا الربط بين الأحداث، فلا بدّ من التوقف عند إلقاء الجيش اللبناني القبض على مجموعة فتيان وشبّان في منطقة البداوي، بعضهم متأثر بأفكار متطرّفة وقام بأعمال مخلّة بالأمن، وتحرّك على مستوى فردي، حيث لا صلة لهم بتنظيمات إرهابية، لكنّ هذا يفتح الباب لنشوء حالات محلية تختلط فيها أعمال التشبيح بالتطرّف، وهو ما يُعرف بـ»الإحتطاب» الذي يجيز بموجبه هؤلاء لأنفسهم أن يقوموا بأعمال السطو والسلب لتمويل حركتهم الأمنية. وكتبت روزانا بو منصف في" النهار": هل ثمة إعداد لمرحلة ما تنطوي على التحضير لبروز التنظيم في لبنان وتوظيف ذلك؟ والمسلح الذي أتى من عنجر في البقاع هو من الجنسية السورية ومسجل لدى مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة ما يثير بدوره علامات استفهام متعددة بدءا من اقتنائه السلاح والاموال لتنقلاته وليس اقلها الهدف الذي قال المسلح انه هاجم السفارة الاميركية من اجله أي "نصرة لغزة"، ما عزز الاعتقاد ان الامر مدبر وليس بريئا، اذ انه يسيء الى القضية الفلسطينية فيما ان التظاهرات الطالبية وغير الطالبية في الولايات المتحدة ضاغطة من اجل دعم الفلسطينيين. وهذا لا يمكن محاكاته في اي مكان خصوصا بعمليات ارهابية من المرجح ان تعطي مفعولا عكسيا وتسيء اكثر مما تخدم. ولذلك فان الترجيح الاساسي كان التخوف من رسالة لعرقلة او التشويش على الجهود للتهدئة ووقف النار لوجود متضررين من ذلك او رغبة في حجز مقعد ما في هذا السياق.
ولكن السياق الاقليمي لا يحجب المخاوف من اهداف داخلية او توظيف لأهداف داخلية بدءا من الزيارة المرتقبة لقائد الجيش العماد جوزف عون الى واشنطن وصولا الى تأكيد مخاوف قوى لبنانية عدة من ان اللاجئين السوريين او عددا كبيرا منهم يمكن ان يشكلوا قنابل موقوتة يمكن ان تنفجر في اي لحظة في لبنان لاعتبارات مختلفة. ونموذج مطلق النار على السفارة الاميركية مثال لا يمكن دحضه او تجاهله إنْ لجهة توظيفه من اطراف ما او لجهة تهديده مصالح لبنان خدمة لأطراف ما فيما يصر لبنان بقوة على الخطورة التي يمثلها العدد الهائل من اللاجئين السوريين في لبنان. فاهتزاز الاستقرار الداخلي سيشكل عاملا اضافيا للخارج من اجل الضغط في اتجاه انهاء حال المراوحة والتعطيل باعتبار ان الاستقرار هو حاليا الخط الاحمر الذي لا يحتمل احد ان يتم تجاوزه في لبنان في هذه المرحلة. ومن هنا التساؤل عن عملية مدروسة بمطلق وحيد للنار يوجه رسالة ولا يهز استقرارا امنيا بحيث يؤدي الى تغيير في المعادلة التي يلعب من ضمنها اللاعبون المؤثرون.
سيكون مفاجئا جدا اذا كُشف للرأي العام اللبناني، وليس للجانب الاميركي الذي سيعرف كل الحقائق بطبيعة الحال، المحرك الحقيقي وراء اطلاق النار غير اللغة الخشبية المعتادة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: السفارة الامیرکیة فی لبنان
إقرأ أيضاً:
السيد علي الأمين: نتطلّع إلى اليوم الذي تصبح فيه الدّولة هي وحدها المسؤولة
وجه العلامة السيد علي الأمين رسالة إلى اللبنانيين "في هذه الظروف التي يمر بها لبنان" وقال: "منذ عهود مضت ولبنان كان واحة للحرية في العالم العربي وقد شكل نموذجاً حضارياً في العيش المشترك القائم على الانفتاح والتّسامح بين مختلف الطوائف اللبنانية وأعطى بذلك مثالاً على تجربة إنسانية ناجحة في احترام الآخر والقبول به ونبذ التّعصب الذي يشكل سمة من سمات الجهل والتخلف، وقد بقي رباط العيش المشترك يجمع اللبنانيين المتمسّكين بوطنهم لبنان على الرّغم من كل ما حصل على أرضه من حروب ونزاعات لا يتحمل الشّعب اللبناني المسؤوليّة عنها، إنّما كانت حروب الآخرين على أرضه الّذين استفادوا من ضعف الدّولة اللبنانية في تلك المرحلة ليقيموا دويلات الشّوارع و الزواريب و المناطق"
اضاف:"اللبنانيون اليوم كما في الأمس كانوا وما زالوا متمسّكين بلبنان الواحد ومشروع الدّولة الواحدة التّي تشكّل مرجعيّة لجميع اللبنانيين في مختلف الحقول والميادين من خلال نظام سياسي يجعل منها دولة الإنسان التي تحترم مختلف العقائد والمذاهب والأديان من دون أن يكون هناك امتيازات في الحقوق بين المواطنين بسبب الانتماء الديني والحزبي، بل يجب أن يكون الجميع متساوين أمام القانون في الحقوق و الواجبات. إن صيغة العيش المشترك التي قام عليها وطننا لبنان منذ الإعلان عنه في دولة لبنان الكبير الذي جمع اللبنانيين بكل طوائفهم تعتبر نموذجاً راقياً وحضارياً في عالم العلاقات الوطنية والانسانية لأنها تقوم على مبادئ التسالم والمحبّة والتعارف والعدل والمساواة بين البشر ونبذ الفوارق في الأعراق والمذاهب والأديان، وهي من المبادئ التي تسالم العقلاء في العالم على رفعة شأنها وسموّ قدرها، وهي من القيم التي لا تزال الميزان والمعيار في صحة الأفكار والمنظومات الأخلاقية في العلاقات الاجتماعية بين الناس. وقد حمل لبنان هذه الصيغة على أرضه وفي المنطقة، لذلك كان لبنان بهذه الصيغة التي بني عليها أكبر من وطن، إنه رسالة للعالم كما وصفه قداسة الراحل البابا يوحنا عندما زار لبنان في أواخر القرن الماضي· نعم، هذه رسالة لبنان وصورته التي عشناها صغاراً وعاشها الآباء والأجداد، وعنها قلت : معاً عشنا بأرضِ الشرقِ دهراً نصارى إخوةً للمسلمينا ونحنُ على خُطى الأجدادِ نمضي بإيمانٍ وعزمٍ لن يلينا ونبقى الأوفياءَ لِمَا وَرِثْنَا بِسِلْمٍ وَاعْتِدالٍ مؤمنينا نصونُ بذاك عهدَ العيشِ أهلاً- ولن نرضى بغيرِ الحبّ دينا" .
تابع:"من صور هذا العيش أهلاً والحب بين اللبنانيين ما نراه من احتضان لأهلنا النازحين من ديارهم إلى المناطق اللبنانية الأخرى في هذه الأيام العصيبة التي تمر على وطننا لبنان بسبب الحرب المفروضة عليه. ونعود لنقول بأن هذه الرسالة التي يمثلها لبنان تحتاج إلى الرسل والمبشرين كما كانت عليه حال الرسالات السماوية فإنها وصلت إلينا من خلال الرسل والمبشرين الذين جسدوا في سلوكياتهم تعاليم رسالاتهم. وأنتم أيها الناشطون والإخوة والأبناء والطلاب رسل هذه الرسالة اللبنانية الذين تعقد عليكم الآمال والذين نتطلع إليهم في الحفاظ على لبنان الوطن بالاستمرار بالتمسك بهذه القيم الإنسانية التي قام عليها البنيان. إنها المهمة التي تقع مسؤوليتها بالدرجة الأولى علينا نحن اللبنانيين مسيحيين ومسلمين، مسؤولين ومواطنين، علينا أن نعيد الألق لتلك الصورة المثالية،إلى تلك الصّيغة الإنسانية والوطنية للعيش والتعايش وأن نكون نحن لها النموذج الأمثل في منطقتنا والعالم بكل ما تعنيه تلك الصورة الرسالة من شراكة حقيقية في الآمال والآلام والمودة والاحترام وفي المشاريع السياسية الجامعة لكل مكونات الوطن ومن قبول كل منا بالآخر كما هو ،ومن تعاون وطيد على صيانة الوطن وبناء الدّولة المدنيّة التي تحقق العدالة للجميع في إطار حفظ وصون الحريات السياسية والدينية".
أضاف: " لذلك نقول اليوم ما قلناه في الماضي للأحزاب والقيادات المتصارعة على السلطة والنفوذ يجب علينا مسلمين ومسيحيين ألا نفكر مسيحياً أو إسلامياً وإنما يجب أن نفكر وطنياً وإنسانياً في عملية بناء الدولة الحاضنة للجميع والممثلة لهم بحيث تكون هي المسؤولة وحدها عن الجميع ومسؤولة أمام الجميع من خلال مؤسساتها القانونية والدستورية ويجب أن تكون علاقات الطوائف في الداخل والخارج من خلال الدولة ومؤسساتها".
ختم:" نتطلّع إلى اليوم الذي تصبح فيه الدّولة اللبنانية هي المسؤولة وحدها عن الأمن والدّفاع عن الأرض والشعب وعن السياسة الخارجية والمحلية،وعن الإقتصاد والتعليم وعن سائر المهام الّتي تقوم بها الدّول ذات السيادة في شعوبها وأوطانها،وأن تكون الدّولة هي الّتي ينخرط فيها الجميع وينضوي تحت لوائها الجميع وأن تكون وحدها من خلال مؤسساتها صاحبة القرار ومرجعية الحلول عند حصول الاختلاف بحيث يقبل الجميع بأحكامها وتنفيذ قراراتها بدون استثناء على قاعدة أن يكون الولاء للوطن والحكم لدولة المؤسسات والقانون، وبذلك نعزز حالة الانصهار الوطني والتنافس الديمقراطي في عملية إعادة بناء لبنان الذي نريد، لبنان الاستقرار والازدهار ليعود لبنان لؤلؤة الشرق ونموذجاً حضارياً في أرقى وأسمى العلاقات الإنسانية في المنطقة والعالم.عشتم وعاش لبنان".