“كارا”.. تطبيق لكارهي الذكاء الصناعي يجمع الآلاف
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
“أريد أن يقوم الذكاء الصناعي بغسل ملابسي وأطباقي، حتى أتمكن من ممارسة الفن والكتابة، لا أن يقوم الذكاء الاصطناعي بفني وكتاباتي، فيما أغسل أنا الملابس والأطباق”.
هذا ما قالته الكاتبة “جوانا ماسييجيوسكا”، عبر منصة تويتر، وهو تعليق انتشر بسرعة عبر مواقع التواصل، حيث جمهور واسع ممن ينتقدون تطورات الذكاء الاصطناعي الأخيرة، وخاصة فيما يتعلق بالإبداع وسرقته.
تكنولوجيا التعلم العميق، التي يمكن بها إنشاء محتوى جديد كالنصوص والصور، بناء على بيانات جمعت على مدار السنوات القليلة الماضية، نمت شعبيتها مع تطبيقات مرئية، وتطور الأمر مع الذكاء الاصطناعي، لكن هناك سؤال أساسي في صميم المسألة، حول مصدر البيانات التي تستخدمها هذه الأداة، وبينما تقدم هذه التكنولوجيا غير المسبوقة، مجموعة واسعة من الاستخدامات والتطبيقات، إلا أنها لا تخلو من جوانب سلبية وجدل واسع، من أهمها المتعلقة باستخدام المعلومات وحقوق النشر والتنظيم، وحين بدأ فنانون يلاحظون أن نماذج التوليد استولت على أعمالهم الفنية الأصلية لتتطور وتتعلم وتقدم عبر الذكاء الاصطناعي ما يطلب، ثارت ثائرة هؤلاء، وهم يطالبون بوقف أخذ أعمالهم دون موافقتهم لضمها لبرامج التوليد.
حماية من سرقات الذكاء الاصطناعيقبل أشهر ظهر تطبيق جديد يدعى “كارا”، بهدف إنشاء مساحة للفنانين لمشاركة أعمالهم الأصلية ومراقبة توليد الذكاء الاصطناعي عن كثب، كما يشتمل التطبيق، على أداة تسمى “غليز” ، طورها مختبر “ساند” في جامعة شيكاغو”، لحماية الفنانين من البشر، من سطو الذكاء الاصطناعي، وتعطيل تقليد الأسلوب في تدريب نماذج محاكاته، وبهذا يتمكن المبدعون من مشاركة أعمالهم في بيئة خالية من الذكاء الاصطناعي.
وخلال هذا الأسبوع قفز عدد مستخدمي “كارا”، من بضعة آلاف إلى أكثر من 300 ألف، عندما بدأ مستخدمي إنستغرام بمشاركة الروابط إلى ملفاتهم الشخصية الجديدة، مما أدى إلى إطلاق المنصة في المراكز الخمسة الأولى في متجر تطبيقات آبل، ما اضطر الفريق العامل على التطبيق إلى ترقية الخوادم سبع مرات لمواكبة الطلب.
فريق مصممومن المتوقع أن يصبح تطبيق “كارا” مركزًا للفنانين الذين يعملون في تطوير الشخصيات الرقمية والتناظرية، والرسوم المتحركة، والرسوم التوضيحية وغيرها من النصوص الإبداعية.
وأنشئ التطبيق بواسطة المصورة والفنانة، “جينغنا زانغ”، وفريق من المهندسين المساهمين، بالتركيز على الدعوة لحقوق الفنانين وبناء أداة شبكات فعالة للمبدعين، وأكد هؤلاء سعيهم لملء الفجوات في الصناعات الإبداعية البشرية في زمن تسارع فيه الذكاء الاصطناعي.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
يشهد العالم المعاصر تحوّلًا غير مسبوق في تاريخ الوجود البشري، تقوده التكنولوجيا بصفتها القوة الأكثر تأثيرًا في تشكيل ملامح الحياة الحديثة.
لم تعد التكنولوجيا مجرد أدوات أو منصات مساعدة، بل أصبحت بحد ذاتها بيئةً كلية نعيش فيها، وعاملًا حيويًا يُعيد صياغة مفاهيم الإنسان عن ذاته، وعن العالم، وعن الآخرين من حوله. وفي قلب هذا التحول تقف الأجيال الجديدة لا كمتلقٍّ سلبي، بل كنتاجٍ حيّ لهذا العصر الرقمي بكل تعقيداته وتناقضاته.
نتحدث هنا تحديدًا عن جيل Z (المولود بين 1997 و2012)، وجيل ألفا (المولود بعد 2013)، وهما جيلان نشآ في ظل تحوّل تكنولوجي عميق بدأ مع الثورة الرقمية في نهاية القرن العشرين، وتفاقم مع دخول الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والميتافيرس والبيانات الضخمة إلى صلب الحياة اليومية.
جيل Z يمثل الجسر بين عالمين: عالم ما قبل الثورة الرقمية، وعالم أصبحت فيه الخوارزميات هي "العقل الجمعي" الجديد.
لقد عاش هذا الجيل مراحل الانتقال الكبرى: من الكتب الورقية إلى الشاشات، من الاتصالات الهاتفية إلى الرسائل الفورية، من الصفوف المدرسية إلى التعليم عن بُعد. أما جيل ألفا، فهو الجيل الذي لم يعرف سوى الرقمية منذ لحظة الميلاد، إذ تفتحت حواسه الأولى على شاشة، وتكوّنت مهاراته اللغوية من خلال مساعد صوتي، وتعلّم المفاهيم الأولى عن طريق تطبيقات ذكية وخوارزميات دقيقة تستجيب لسلوك المستخدم لحظيًا.
إعلانإننا لا نتحدث عن تغيّر في أنماط الحياة فقط، بل عن إعادة تشكيل حقيقية للذات الإنسانية. ففي السابق، كانت الهوية تُبنى عبر التفاعل مع الأسرة، والمدرسة، والثقافة المحلية، وكانت تنشأ ضمن سياق اجتماعي واضح المعالم.
أما اليوم، فالأجيال الرقمية تبني صورها الذاتية في فضاءات افتراضية عالمية، تتخطى الحواجز اللغوية والثقافية والجغرافية. إنها هوية "مُفلترة"، تُنتجها الصور والمنشورات والتفاعلات المرسومة وفق خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، وتُقاس بكمية "الإعجابات" والمشاهدات، لا بتجربة الذات العميقة.
هذا التحول لا يخلو من مفارقات. فعلى الرغم من الكمّ الهائل من التواصل الرقمي، تشير دراسات عديدة إلى تصاعد مشاعر الوحدة والعزلة، خصوصًا بين المراهقين والشباب.
وقد ربطت تقارير صحية بين الإفراط في استخدام التكنولوجيا وبين ارتفاع معدلات القلق، واضطرابات النوم، وضعف التركيز، وتراجع المهارات الاجتماعية.
جيل Z، برغم إتقانه المذهل للتكنولوجيا، يواجه صعوبة متزايدة في بناء علاقات واقعية مستقرة. أما جيل ألفا، فيُظهر مبكرًا قدرة رقمية خارقة، لكنها تقترن أحيانًا بضعف في التطور اللغوي والعاطفي، وكأن المهارات الإنسانية الكلاسيكية باتت تُستبدل تدريجيًا بكفاءات رقمية جديدة.
هذا لا يعني أن الأجيال الرقمية "أقل إنسانية"، بل إنها مختلفة في تركيبها المعرفي والعاطفي والاجتماعي. إنها أجيال تعيش فيما يمكن تسميته "الواقع الموسّع"، حيث تتداخل فيه الذات البيولوجية بالذات الرقمية، ويذوب فيه الخط الفاصل بين ما هو واقعي وما هو افتراضي.
وهذه الحالة تطرح سؤالًا وجوديًا جوهريًا: من أنا في عالم يُعاد فيه تشكيل الذات بواسطة أدوات لا أتحكم بها بالكامل؟ من يوجّهني فعلًا: أنا، أم البرمجية التي تختار لي ما أقرأ وأشاهد وأرغب؟
في هذا السياق، تتزايد الحاجة إلى تفكيك العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا من جديد. فنحن لم نعد فقط نستخدم التكنولوجيا، بل يُعاد تشكيلنا من خلالها، وقد أصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا خفيًا في اتخاذ القرارات، وتوجيه السلوك، وحتى في تكوين القيم وتصورات العالم. منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإنستغرام لم تعد وسائط ترفيهية فحسب، بل منصات لإنتاج الثقافة والهوية والسلوك الاستهلاكي.
إعلانولعل المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه التكنولوجيا التي وُعدنا بها كوسيلة لتحرير الإنسان، باتت تخلق أشكالًا جديدة من التبعية. فمن جهة، تسهّل الحياة وتختصر الوقت، لكنها من جهة أخرى تُعيد تشكي إدراكنا بطريقة غير مرئية. إنها "القوة الناعمة" الأشد تأثيرًا في تاريخ البشرية.
في ظل هذا الواقع، لا يكفي أن نُحمّل الأفراد مسؤولية التكيف. المطلوب هو تفكير جماعي لإعادة توجيه العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. المؤسسات التعليمية مطالبة بأن تراجع مناهجها، لا فقط لتُدخل التقنية، بل لتُعيد التوازن بين ما هو رقمي وما هو إنساني.
الأسرة، بدورها، لم تعد فقط مصدرًا للقيم، بل أصبحت "ساحة مقاومة" للحفاظ على الحميمية في وجه التمدد الرقمي. أما صانعو السياسات، فعليهم مسؤولية أخلاقية وتشريعية للحدّ من تغوّل التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية، ووضع ضوابط تحمي الأجيال من فقدان الجوهر الإنساني.
ينبغي ألا يكون السؤال: كيف نُقلل من استخدام التكنولوجيا؟ بل: كيف نستخدمها بطريقة تحافظ على إنسانيتنا؟ كيف نُدرّب أبناءنا على التفكير النقدي، والقدرة على التأمل، والانفتاح العاطفي، لا فقط على البرمجة والتصميم؟
نحن نعيش لحظة مفصلية، لحظة يُعاد فيها تعريف الإنسان، لا بالمعنى البيولوجي، بل بالمعنى الوجودي. وإذا لم نُحسن إدارة هذا التحوّل، فإننا قد نخسر القدرة على أن نكون ذاتًا فاعلة حرة في عالم تتزايد فيه السيطرة غير المرئية للأنظمة الذكية.
المستقبل لا تصنعه الآلات، بل الإنسان الذي يعرف كيف يتعامل معها. ولهذا، فإن المعركة الأهم ليست بين الأجيال والتكنولوجيا، بل بين الإنسان وإنسانيته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline