مقاطع فيديو لجريمة بصنعاء هزت اليمن .. والحكومة تطالب المجتمع الدولي بالتدخل ”شاهد”
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
مقاطع فيديو لجريمة بصنعاء هزت اليمن .. والحكومة تطالب المجتمع الدولي بالتدخل ”شاهد”.
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
الطريق إلى السلام في اليمن.. العدالة الانتقالية ضرورة وليست خياراً
أصدرت منظمات حقوقية محلية بالتعاون مع شركاء دوليين دراسة ميدانية موسعة سعت إلى استكشاف رؤية المجتمع المحلي حول العدالة الانتقالية وآلياتها وإمكانية تنفيذها، داعيةً إلى تبني مسار شامل للعدالة الانتقالية كضرورة أساسية لتحقيق سلام دائم ومصالحة مجتمعية حقيقية.
وبحسب دراسة "الطريق نحو السلام" الصادرة عن منظمة سام للحقوق والحريات ورابطة أمهات المختطفين، ضمن مشروع SPARK المدعوم من معهد دي تي، فإن اليمن يشهد منذ ما يقارب عقدًا من الزمن سلسلة انتهاكات جسيمة تطال المدنيين، في ظل ضعف الدولة، وتعدد أطراف النزاع المحلي والإقليمي، وانتشار الإفلات من العقاب. وأكد التقرير أن العدالة الانتقالية بما تمثله من مبادئ الإنصاف، والمساءلة، وجبر الضرر، وكشف الحقيقة، يجب أن تكون حجر الأساس لأي عملية سياسية أو اتفاق سلام قادم.
اعتمدت الدراسة على منهجية نوعية، شملت مقابلات فردية وجلسات بؤرية. حيث أجريت 122 مقابلة، منها 109 مع مواطنين من مختلف الفئات، و13 مع خبراء في العدالة الانتقالية. كما عقدت 20 جلسة بؤرية حضرها 203 مشاركًا من الذكور والإناث، موزعين على ست محافظات رئيسية: صنعاء، عدن، تعز، الحديدة، مأرب، وحضرموت. وتم جمع البيانات باستخدام أدوات إلكترونية مثل منصة Kobo Toolbox، وتحليلها عبر برنامج SPSS وMaxqda لضمان الموثوقية.
أنماط الانتهاكات وآثارها على الضحايا
وبيّنت الدراسة أن 79% من الضحايا الذين شملهم الاستطلاع أكدوا تعرضهم أو أحد أفراد أسرهم لانتهاك مباشر، والذي تراوح بين الاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب، ونهب الممتلكات، والتحرش الجنسي، والعنف الأسري، وتجنيد الأطفال، وقصف الأحياء السكنية، وانتهاكات داخل بيئات العمل، بالإضافة إلى ممارسات الإقصاء والتمييز على أساس مناطقي أو سياسي. وأشار بعض المشاركين إلى أن النساء والفئات الضعيفة كالأقليات والنازحين والمهمشين هم الأكثر تضررًا من هذه الانتهاكات، حيث يواجهون تحديات مضاعفة في الوصول إلى العدالة.
مسارات العدالة الانتقالية المقترحة
وعن محاور العدالة الانتقالية الأنسب للسياق اليمني، رأى المشاركون ضرورة إنشاء آليات لتعويض الضحايا (82%)، وإجراء الإصلاحات في المؤسسات الحكومية (79%)، وإنشاء مبادرات وأنشطة لدعم المصالحة والتعايش السلمي (75%)، بالإضافة إلى كشف حقيقة الانتهاكات (75%)، وتعزيز الرقابة والمساعدة الدولية (70%)، فضلًا عن محاسبة المتورطين في الانتهاكات (70%).
تحديات تنفيذ التعويضات
بحسب المشاركين في الجلسات البؤرية، فإن تعويض ضحايا الانتهاكات يشكل أحد الأركان الأساسية في مسار العدالة الانتقالية، إلا أن هذه العملية تواجه تحديات كبيرة ومتعددة، حيث أشار 28.3% إلى غياب هيئة وطنية نزيهة مختصة بحصر وتقدير التعويضات كأبرز التحديات، بينما رأى 21.4% أن المحسوبية والتمييز والفساد تعيق تنفيذ التعويضات بعدالة، كما عزا 19.5% التحديات إلى نقص الموارد المالية، في حين أشار 11.3% إلى ضعف الوعي الرسمي والشعبي وعدم اهتمام المسؤولين. وعبّر 8.2% عن عدم اقتناع الضحايا بفكرة التعويض بسبب جسامة الانتهاكات، مثل القتل والاغتصاب والإخفاء القسري، بينما اعتبر 5.7% أن استمرار وجود المنتهكين في المشهد وعدم رفع الحصانة عنهم، إلى جانب استمرار الصراع، يمثلان عائقاً حقيقياً أمام تحقيق العدالة وجبر الضرر.
حلول مقترحة لمسار العدالة
عند مناقشة الحلول المقترحة لتحقيق العدالة الانتقالية، أشار المشاركون في الجلسات البؤرية إلى أهمية بناء مقاربة شاملة تعالج جذور الأزمة، حيث رأى 39.4% أن إنهاء الصراع وتفكيك الميليشيات وإقامة دولة موحدة وقادرة على فرض سيادتها القانونية والأمنية هو المدخل الأساسي. بينما دعا 21.1% إلى ضرورة حشد دعم المنظمات الدولية والدول المانحة، وتوفير الخبراء والموارد في إطار آلية شفافة ونزيهة. في حين اعتبر 18.3% أن التوعية المجتمعية بقيم العدالة الانتقالية وتجارب الماضي تُمثل ركيزة لمنع تكرار الانتهاكات، وأكد 9.9% على أهمية إنشاء صندوق وطني لتعويض الضحايا وجبر الضرر، فيما شدد 7% على ضرورة تكاتف الجهود الرسمية والشعبية. كما أشار 4.2% إلى أهمية إشراك الضحايا أنفسهم في إدارة هذه العملية، باعتبارهم الأدرى بتفاصيلها واحتياجاتها الفعلية.
الانقسام بين المصالحة والمحاسبة
وانقسمت آراء المشاركين بين من يرى أولوية المصالحة وإنهاء الحرب (64.3%)، ومن يفضل المحاسبة والمساءلة أولًا (35.7%). وأشار التقرير إلى أن هذا الانقسام يعكس الحاجة إلى نموذج مرن يوازن بين مطالب الضحايا بتحقيق العدالة والمصالحة وضمان عدم الإفلات من العقاب.
تمثيل الفئات المهمشة
وأظهرت الدراسة تأييدًا لافتًا لإشراك الفئات المهمشة في عمليات العدالة الانتقالية، حيث طالب غالبية المشاركين بضرورة تمثيل النساء، النازحين، والأقليات في اللجان المختصة، وتوفير مساحات آمنة لسماع أصواتهم، وبناء قدراتهم الحقوقية والقانونية، كما اقترح المشاركون تشكيل لجان مصالحة محلية تضم مختلف فئات المجتمع، وتوفير الدعم القانوني والمالي لهذه الفئات.
العقبات أمام سعي الضحايا للعدالة
في المقابل، أوضح المشاركون أن هناك عقبات تحول دون سعي الضحايا للعدالة، أهمها: الخوف من الجناة والانتقام (91%)، وعدم وجود ضمانات قانونية (76%)، ضعف الوعي القانوني (63%)، والافتقار إلى الموارد المالية (59%). بينما أشارت النساء على وجه الخصوص إلى أن العادات والتقاليد تشكل حاجزًا كبيرًا، حيث عبّرت مشاركات عن الخوف من العار والنبذ المجتمعي حال كشف الانتهاكات.
أدوار الفاعلين المحليين
وأجمع غالبية الخبراء المشاركين في المقابلات (13 خبيرًا) على أن دور الأحزاب السياسية في تنفيذ آليات العدالة الانتقالية يجب أن يتركز على صياغة التشريعات الداعمة، ودفع مسارات المصالحة الوطنية، وتيسير تعويض الضحايا. ومع ذلك، عبّر عدد من المشاركين في الجلسات البؤرية عن تشكيكهم في مدى استعداد الأحزاب لأداء هذا الدور، مشيرين إلى انحيازها لمصالحها الضيقة وافتقارها إلى الإرادة الجادة.
مشروع دعم السلام في اليمن من خلال المساءلة والمصالحة وتبادل المعرفة (SPARK)، يهدف إلى تعزيز المصالحة الوطنية والعدالة المستدامة، من خلال تقييم وعي وقدرات المجتمع المدني، واستكشاف تصورات المجتمع المحلي حول آليات العدالة الانتقالية. يعمل المشروع على ثلاث مراحل: التقييم الميداني، بناء القدرات، وتجريب مبادرات محلية للعدالة التصالحية، إلى جانب تبادل الخبرات والدعوة للاستثمار الدولي في مسار العدالة الانتقالية.وأكدت على أهمية دور المجتمع المدني في دعم العدالة الانتقالية، حيث دعا إلى تعزيز قدراته في مجالات التوثيق، والمناصرة، والدعم القانوني للضحايا، وتنظيم حملات توعية مجتمعية. كما شدد على ضرورة توفير تمويل مستدام وشراكات دولية لدعم منظمات المجتمع المدني، وضمان استقلاليتها وقدرتها على الوصول إلى المتضررين.
جماعة الحوثي.. بين الإقصاء والاحتواء
وحول مشاركة جماعة الحوثي في عملية العدالة الانتقالية، أظهرت الدراسة انقسامًا حادًا في الآراء، حيث اعتبر عدد من المشاركين ـ لا سيما من صنعاء ـ أن الجماعة تمثل عائقًا رئيسيًا أمام أي عملية مصالحة أو حوار، بسبب ما وصفوه بالنهج الأيديولوجي المتشدد، ورفضهم التام للشفافية والمساءلة. في المقابل، رأى آخرون أن استبعاد أي طرف رئيسي سيقود إلى اتفاقات هشة وغير شاملة، ودعوا إلى آليات ضغط دولية لدفع الجماعة للانخراط في حوار غير مشروط.
الجدل حول دور المشايخ والأعراف القبلية
وانقسمت آراء المشاركين حول دور المشايخ والأعراف القبلية في العدالة الانتقالية، حيث أيد 70% من العينة إشراكهم مقابل 30% عارضوا ذلك، واستند المؤيدون إلى مكانتهم المجتمعية وتأثيرهم الكبير، إذ اعتبر 30.4% أنهم يحظون بالاحترام، و26.8% رأوا أن قوتهم يمكن أن تساهم في تحقيق الأمن والسلام، فيما أكد 14.3% دورهم الفاعل والإيجابي. بالمقابل، رفض المعارضون دورهم لأسباب أبرزها أنهم مصدر للصراعات ويمتلكون نفوذاً خارج الدولة (43.8%)، ويعززون المناطقية ويقوضون سلطة القانون (18.8% لكل منهما). ورغم هذا التباين، أجمع 13 خبيراً على ضرورة إشراكهم، لما لهم من تأثير قوي (30%)، ولدورهم في تسهيل نجاح العدالة الانتقالية (15%)، خاصة في ظل غياب الدولة والطبيعة القبلية المتجذرة في المجتمع.
الفرص المتاحة والمرتكزات المستقبلية
وأشارت الدراسة إلى أنه ورغم التحديات الجسيمة التي تواجه مسار العدالة الانتقالية في اليمن، إلا أن هناك فرص واعدة يمكن البناء عليها، من أبرزها الإرث التوافقي لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، الذي يرى فيه المشاركون إطارًا عامًا صالحًا للتحديث بما يتماشى مع المتغيرات السياسية الراهنة. كما أن وجود خبرات محلية في المصالحات المجتمعية يمثل رصيدًا عمليًا يمكن تفعيله على المستوى المحلي كنقطة انطلاق، إلى جانب ذلك، فإن استمرار اهتمام المجتمع الدولي ودعمه لآليات المساءلة والمصالحة يشكّل فرصة استراتيجية للضغط على الأطراف اليمنية للانخراط في عملية شاملة وعادلة، تُبنى على أسس محلية، وتُدار بتوافق وطني ورقابة مستقلة.
وشددت الدراسة على أن تجاهل العدالة الانتقالية يعني تكريس الإفلات من العقاب، وتعميق الانقسامات، وتهديد أي إمكانية لتحقيق السلام المستدام في اليمن، داعيًا إلى تحرك عاجل ومسؤول من كافة الفاعلين المحليين والدوليين لإنصاف الضحايا وبناء مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا.
التوصيات النهائية للدراسة
واختتمت الدراسة الميدانية الصادرة عن سام ورابطة أمهات المختطفين بمجموعة من التوصيات المفصلة التي تهدف إلى دعم مسار العدالة الانتقالية في اليمن على نحو شامل وفعّال، بما في ذلك ضرورة تضمين مبادئ العدالة الانتقالية في أي اتفاقية سلام مستقبلية، مؤكدًة أن معالجة انتهاكات الماضي وكشف الحقيقة وجبر الضرر لا يمكن أن تكون قضايا مؤجلة، بل يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من أي تسوية سياسية قادمة.
وشددت الدراسة على أهمية إنشاء محكمة وطنية متخصصة بجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لضمان محاسبة المسؤولين ووقف حالة الإفلات من العقاب، مع التأكيد على ضرورة تقديم الدعم الفني والتقني من قبل الجهات الدولية الفاعلة.
كما دعت الدراسة إلى تمكين الضحايا والمجتمع المدني من قيادة مسار العدالة، عبر فتح المجال أمامهم للمشاركة الفعّالة في تصميم وتنفيذ آليات العدالة الانتقالية، وإشراكهم في النقاشات الوطنية حول مستقبل العدالة والمصالحة.
وأشارت إلى أهمية دعم المبادرات المحلية للمصالحة وربطها بهياكل وطنية، بحيث تتحول هذه المبادرات من جهود محدودة إلى مسارات مؤسسية قائمة على الشفافية والاستدامة. ويعد ذلك مفتاحًا لبناء الثقة بين المكونات المجتمعية والسياسية المختلفة.
وطالبت الدراسة الميدانية بضرورة توفير الدعم النفسي والمادي للضحايا وأسرهم، بما يشمل خدمات التأهيل الجسدي والعلاج النفسي والتمكين الاقتصادي، باعتبار ذلك جزءًا أصيلاً من جبر الضرر وضمان التماسك الاجتماعي.
وفيما يتعلق بالمجتمع المدني، حثت دراسة "الطريق نحو السلام" على أهمية بناء قدراته في مجالات الرصد والتوثيق والمناصرة، مع توفير التدريب والشراكات التي تعزز من حضوره وتأثيره في الميدان، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجهه من ضعف الموارد وغياب الحماية القانونية.
يشار إلى أن مشروع دعم السلام في اليمن من خلال المساءلة والمصالحة وتبادل المعرفة (SPARK)، يهدف إلى تعزيز المصالحة الوطنية والعدالة المستدامة، من خلال تقييم وعي وقدرات المجتمع المدني، واستكشاف تصورات المجتمع المحلي حول آليات العدالة الانتقالية. يعمل المشروع على ثلاث مراحل: التقييم الميداني، بناء القدرات، وتجريب مبادرات محلية للعدالة التصالحية، إلى جانب تبادل الخبرات والدعوة للاستثمار الدولي في مسار العدالة الانتقالية.