تقرير إنترنيوز إعداد: الدكتورة إيزابيل شلابفر وروزي باركين

توفر وسائل الإعلام في المنفى أخبار ومعلومات مستقلة مهمة للجماهير في البيئات القمعية التي قد يعوزها الوصول إليها.

ويوثق تقرير إنترنيوز الجديد المشكلات التي تواجهها وسائل الإعلام في المنفى وكيف يمكن للحكومات والجهات المانحة وغيرها دعم هذه المنافذ لمواصلة عملها الحيوي.

ويستند التقرير، الذي يقع في 64 صفحة ويحمل عنوان “كفاح من خارج الوطن: دعم وسائل الإعلام في المنفى من أجل البقاء والاستدامة”، إلى مقابلات مع 25 وسيلة إعلامية منفية من 17 دولة من بينها السودان وكوبا وسوريا وروسيا والصين.

وقالت الدكتورة إيزابيل شلابفر، مديرة الأبحاث في إنترنيوز ومؤلفة التقرير: “إن وسائل الإعلام في المنفى مهمة للغاية- فهي واحدة من المصادر القليلة التي تقدم معلومات دقيقة ومستقلة للمواطنين في الدول الاستبدادية. ويمكنها لعب دور حاسم في توفير بديل لروايات النظام والمعلومات المضللة ومحاسبة الحكومات والمؤسسات”.

ووجد البحث الجديد أن وسائل الإعلام في المنفى تواجه العديد من التحديات  بما في ذلك:

– الوقوع في براثن العقوبات وقيود التأشيرات التي تفرضها البلدان المضيفة على بلدان المنشأ.

– توظيف الصحفيين المهرة، سواء في المنفى أو في بلد المنشأ، والتأكد من أن هؤلاء الصحفيين يمكنهم تقديم تقاريرهم بأمان.

– تردد الممولين المرتقبين في الدول المضيفة خوفا من إثارة الجدل حول دعم الصحفيين من الدول “المدرجة على القائمة السوداء”.

– صعوبة الوصول إلى الجماهير في البلدان الأصلية بسبب عمليات قطع الإنترنت التي تفرضها الحكومات.

– استمرار محاولات الرقابة من حكومات البلدان الأصلية، بما في ذلك هجمات الحرمان من الخدمة الموزعة، والتشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من أشكال المضايقات العابرة للحدود الوطنية.

– إشكالية الإشراف على المحتوى من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي مما يحد من رؤية التقارير الإعلامية.

– إيجاد أعمال ناجحة عندما تكون الإيرادات من أسواق البلد الأصلي مغلقة.

وتشمل النتائج الرئيسية للتقرير ما يلي:

* تعمل العديد من وسائل الإعلام في نموذج هجين، والوضع الأكثر شيوعاً هو أن تعمل وسائل الإعلام مع محررين خارج البلاد، ومراسلين داخل وخارج البلاد (76%).

* إيرادات جميع وسائل الإعلام تقريباً إما خيرية أو ليس لها إيرادات: 8% منها تعمل بدون إيرادات، 28% ممولة بالكامل من المنح ويتم تمويل 64% منها بمزيج من المنح وإيرادات الأعمال.

* تمنع عقبات التسجيل في البلدان المضيفة العديد من وسائل الإعلام من التسجيل كمنظمات إعلامية، حيث تم تسجيل معظمها كمنظمات غير حكومية (56%).

ويوصي التقرير بخلق المزيد من فرص التواصل لوسائل الإعلام في المنفى لبناء التضامن وتقاسم الموارد، وإتاحة التمويل المرن للحفاظ على تشغيل وسائل الإعلام وتقديم المزيد من المساعدة القانونية فيما يتعلق بمتطلبات التسجيل والتأشيرة في البلدان المضيفة.

وقالت الدكتورة شلابفر: “نادرا ما يكون المنفى مؤقتا، لذا يجب على وسائل الإعلام إيجاد طرق للتكيف واستدامة العمليات عن بعد. نحن ندعو إلى تمويل أكثر مرونة من الجهات المانحة لأن هذه المنافذ ببساطة لم تكن لتوجد بدونه”.

الوسومإنترنيوز إيزابيل شلابفر السودان الصحفيين الصين روسيا سوريا كوبا وسائل الإعلام

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان الصحفيين الصين روسيا سوريا كوبا وسائل الإعلام

إقرأ أيضاً:

تماثيل معطوبة القصيدة التي تستنطق وجعُ الوطنٍ في رحلة لعذابات الجنوب… لناظم كاطع الساعدي

بقلم : سمير السعد ..

في قصيدته “تماثيل معطوبة”، لا يكتب الشاعر العراقي ناظم كاطع الساعدي من على هامش الحياة، بل من قلبها النابض بالألم، ومن وجدانٍ تشرب من دجلة وميسان ونخيل العمارة. قصيدة تنبض بالصدق، وتحمل بين سطورها نداءً إنسانيًا خالصًا، ينهل من مرارة الحروب ومخلفاتها، ويعيد صياغة المشهد الوطني من زاوية القلب والذاكرة.

“لذلك الغبار الأصفر
لتلك الشناشيل
التي غادرتها قناديلها
وعصافيرها دون رجعة…”

بهذه الصور يفتتح الساعدي نصه، حيث يتحول الغبار إلى ذاكرة، والشناشيل المهجورة إلى رمزٍ لانطفاء الحلم، ولغياب الألفة التي كانت تملأ المدينة ذات زمن. الشعر عنده ليس لغة تجريد، بل مرآة لحياةٍ حقيقية عاشها وشارك أهلها تفاصيلها.

ناظم كاطع الساعدي لم يكن شاعرًا وكاتبًا فحسب، بل كان وما يزال ابنًا بارًا لمدينته العمارة، محبًا لأزقتها، وفياً لنخلها، متماهياً مع نبض أهلها. من أسرة عراقية أصيلة تنتمي إلى قبيلة “السواعد”، إحدى أعرق عشائر الجنوب المعروفة بالكرم، والنخوة، والمواقف الأصيلة. وقد انعكست هذه القيم في شخصيته، حيث اشتهر ببساطته وتواضعه وتعاونه مع الجميع. أبوابه مشرعة، وصدره رحب، وابتسامته تسبق كلماته. كان أخًا حقيقيًا لأصدقائه، ورفيقًا لكل من عرفه، لا يحمل في قلبه سوى المحبة.

رغم انشغاله في مجالات الإدارة والعمل السياسي، لم يتخلّ عن قلمه، ولم يغادر دفاتر الشعر، بل ظل وفياً للقصيدة، لأنها بالنسبة له ليست هواية، بل مسؤولية وطنية وأخلاقية، ونافذة يُطلّ منها على وجع الناس وهمومهم:

“تلك السيدة التي أهدرت
حياتها بين قدر الباقلاء
على رصيف منحني
كأيامها التي لم تذق
غير وبال الحروب…”

في هذه اللوحة الشعرية، تتحول المرأة إلى أيقونة عراقية خالدة، شاهدة على تاريخٍ من الإنهاك والصبر. المرأة التي تمثل أمهاتنا وأخواتنا، اللائي دفعن ثمناً باهظاً لحروب لم يخترنها. مشهد تقشعر له الروح، حيث تصبح الكلمات نياشين على صدر الحزن.

الساعدي يرسم الوطن بملامح البشر، لا بالخرائط. حتى الجندي في قصيدته لا يُقدّم كرمز للحرب، بل كإنسان منهك، يبحث عن الحياة لا الموت:

“صور الجنود الفارين
من رصاصات الموت
بحثًا عن كسرة خبز…”

هنا تبلغ القصيدة ذروتها الإنسانية. إنها لا تُمجّد الموت، بل تُمجّد النجاة، وتدافع عن حق البسطاء في العيش الكريم. ومن هذا المنطلق، تأتي صرخة الشاعر في نهاية القصيدة، صرخة من يريد استبدال الرموز الحجرية بما هو أصدق وأقرب للناس:

“لذا كان لزامًا علينا
أن نستبدل تلك التماثيل
بما يليق بسيدة أرملة
في ريع طفولتها المنسية…”

الساعدي في هذه القصيدة لا يهجو، بل ينهض، ويُطالب بإعادة الاعتبار للإنسان الحقيقي. يقترح علينا نصباً جديدًا، لا من حجر، بل من حب، من وفاء، من وجعٍ صادق.

إن “تماثيل معطوبة” ليست مجرد نص، بل وثيقة شعرية وشهادة زمن، تحفر في ذاكرة الوطن، وتوقظ فينا أشياء كدنا ننساها. قصيدة تعيد تعريف البطولة، وتنتصر للضعفاء، وتقول: إن الشعر الحقيقي لا يُكتب من الرأس فقط، بل من القلب، ومن حب الناس والمدينة.

وفي زمنٍ صاخب بالكلمات الفارغة، يبقى ناظم كاطع السساعدي واحدًا من القلائل الذين يمنحون للكلمة شرفها، وللمدينة قُدسيتها، وللأصدقاء دفءَ المحبة، وللإنسانية حقّها في أن تُروى شعراً.

عن الشاعر:

ناظم كاطع الساعدي، شاعر وكاتب عراقي من محافظة ميسان، مدينة العمارة، ومن أبناء قبيلة السواعد العريقة، المعروفة بأصالتها وكرمها ونخوتها. برز اسمه في المشهد الثقافي العراقي من خلال قصائد تحمل طابعًا إنسانيًا عميقًا، وتُعبر عن واقع الجنوب بصدق وشفافية.

عرفه أصدقاؤه وأحباؤه ببشاشته، وبساطته، وتعاونه الدائم مع الجميع. تولّى مناصب إدارية وسياسية مهمة، ومع ذلك لم يبتعد يومًا عن القصيدة، فظلّ وفيًا لقلمه، ولأهله، ولمدينته التي أحبها حد التماهي. شاعرٌ ينتمي للكلمة كما ينتمي للأرض… بسيطٌ في هيئته، عظيمٌ في حرفه، ومحبٌّ صادقٌ لكل ما هو جميل.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • "الأونروا" تُعقّب على منع إسرائيل دخول وسائل الإعلام الدولية إلى غزة
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • المغاربة يقضون قرابة 6 ساعات يومياً أمام وسائل الإعلام
  • الرسوم الجمركية ومخاوف الركود تلقي بظلالها على أرباح وسائل الإعلام الأمريكية
  • تماثيل معطوبة القصيدة التي تستنطق وجعُ الوطنٍ في رحلة لعذابات الجنوب… لناظم كاطع الساعدي
  • هيئة الإعلام والاتصالات تدعم الانتخابات المقبلة
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • يملك طائرة وشركات.. وسائل الإعلام البريطانية تنشر قصة وفاة غامضة لملياردير بريطاني بالمغرب
  • غدًا .. مسرح الإعلام يشهد الكشف عن تفاصيل الدورة 29 لمعرض مسقط الدولي للكتاب
  • إعلام إسرائيلي: رئيس الشاباك كان يجب أن يستقيل منذ فترة لكنه قرر البقاء