6 يونيو خلال 9 أعوام .. 240 شهيداً وجريحاً في جرائم إبادة جماعية بغارات العدوان على حجة وصعدة ولحج وعمران
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
يمانيون – متابعات
واصل العدوان السعودي الأمريكي في مثل هذا اليوم 6 يونيو حزيران خلال الأعوام 2015م، و2018م، ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي للقرى والمناطق الحدودية بمحافظتي حجة وصعدة ، واستهداف المسافرين في لحج والطريق العام وشاحنات الوقود والخضار والمواد الغذائية بين عمران وصعدة، بعشرات الغارات الجوية والقنابل العنقودية.
أسفرت غارات العدوان عن 110 شهيداً وجرح أكثر من 130 جريح غالبيتهم أطفال ونساء، وتدمير عشرات المنازل ، ونفوق عشرات المواشي ، وتدمير مدرسة وجامع ، وخسائر بعشرات الملايين في الممتلكات الخاصة والعامة، وموجات نزوح داخلية، وحالة من الخوف والهلع والحزن في نفوس الأهالي والمسافرين، وتدمير الطرقات المعبدة بعشرات الغارات الجوية والصواريخ والقنابل المتفجرة والعنقودية.
وفيما يلي أبرز تفاصيل جرائم العدوان في مثل هذا اليوم:
6 يونيو 2015 .. أكثر من 180 شهيداً وجريحاً لغارات العدوان بجرائم إبادة جماعية منظمة بحجة:
في مثل هذا اليوم 6 يونيو حزيران من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعودي مركز صحي، ومدرسة ومنازل وعشش المواطنين في قرية الصغيرة بمنطقة بكيل المير الحدودية ، وقرية دغيج في مديرية حيران، بمحافظة حجة ، بعشرات الغارات الجوية، وتمشيط الأباتشي للقرى الحدودية.
أسفرت غارات العدوان عن مجزرتي إبادة جماعية احاداهن بحق سكان قرية الصغيرة في بكيل المير خلفت 59 شهيداً ، و27 جريحاً ، باستهداف مركز صحي ومدرسة ومنازل مواطنين، وفي جريمة متصلة بذات المنطقة وفي ذات اليوم استشهد 21 مدني في عشش ومنازل المواطنين في قرية صغيرة بكيل اليمر، منهم 14 طفلاً و5 نساء ، و2 رجال.
وجريمة ثالثة في ذات اليوم بحق سكان قرية دغينة خلفت 13 شهيداً وأكثر من 60 جريحاً، في مديرية حيران ، بمحافظة حجة، وخسائر في منازل وممتلكات الأهالي، ونزوح جماعي من بقية القرى والمناطق الحدودية.
هنا الأشلاء والجثث في الجريمة الأولى على ركام المنازل وتحت أنقاضها لم يستثني طيران العدوان واحداً من الأهالي قتل الجميع ولاحق من فر منهم بطيران الأباتشي ، في عملية تطهير دقيقة لقرية بكاملها وتدمير المركز الصحي وسكن الممرضين والأطباء ، والجامع الوحيد في القرية، وكل بيت وعشة.
قرى بلا سكان وسكان بلا مأوى:
أكثر من 20 منزل حولها الطيران السعودي الامريكي والأسلحة الأمريكية إلى دمار وخراب في غمضة عين ، وحول سكانها إلى شهداء وجرحى ونازحين ، هذا يصرخ ويبكي أطفاله واخر ينوح فوق جثمان أبوية ، أطفال يتموا ونساء ثكلا رملن بغارات عدوانية ظالمة.
قرية الصغيرة باتت بلا سكان ومن نجي من أهلها بات بلا مأوى ، كما هو حال الكثير من القرى الحدودية ، التي شرد أهلها وقتلوا عمداً وعن سابق اصرار وترصد ، لاستهداف الحياة ومقوماتها وكل ما يدب على أرضها ويصعد من ترابها.
في أقل من شهر ارتكب طيران العدوان السعودي الأمريكي أكثر من 20 مجزرة جماعية بحق الأهالي في الحدود التهامية مع مملكة العدوان، عكست مستوى التطهير العرقي لتلك القرى، وترويع المواطنين فيها، ودفعهم للنزوح او الجواء.
الهدف أحراق الأرض لإخلاء المنطقة ، بقنابر عنقودية وغارات صاروخية وأخرى انفجارية وتمشيط للأباتشي، وقصف مدفعي وصاروخي عن قرب من الجبال والهضاب المحاذية للأراضي اليمنية.
جرائم الإبادة الجماعية في محافظة حجة نموذج من آلاف جرائم الإبادة للشعب اليمني خلال 9 أعوام متواصلة، خلفت معها مآسي ومعاناة إنسانية يندى لها جبين الإنسانية، وتتطلب تحرك المجتمع الدولي لمحاسبة مجرمي الحرب ، واعادة الحق لأهله وللقوانين والمواثيق الدولية.
6 يونيو 2015 .. 30 شهيداً وجريحاً باستهداف طيران العدوان حافلة تقل مسافرين بلحج:
في مثل هذا اليوم 6 يونيو حزيران من العام 2015م، استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي حافلة نقل جماعي تقل مسافرين ونازحين في مدينة الحوطة بمحافظة لحج.
الغارة الامريكية اوقفت رحلة جماعية يمنية ، وأسفرت عن 14 شهيداً و16 جريحاً، وحرق الحافلة، واستهداف الطريق العام، وحالة خوف وهلع لدى المسافرين ، واهالي المنطقة، وحزن وكمد لدى عشرات الأسر اليمنية التي افقدها العدوان عائلها او قريبها او احد جيرانها.
افادت مصادر محلية “للمسيرة” حينها أن من بين المسافرين نازحين هربوا من الموت إليه، ولم يشفع لهم النزوح على الحافلة القتل من ذات الطيران الذي قصف ودمر قراهم ومساكنهم، قبل قرار الرحلة نحو لحج”.
قتل المسافرين وعابري السبيل على متن سياراتهم ودراجاتهم النارية ، او مشياً على أقدامهم باتت وظيفة شبه يومية لطيران العدوان خلال 9 أعوام حصدت آلاف المدنيين والمهاجرين ، وأحالت رحلاتهم إلى الموت.
6 يونيو 2015 .. 12 شهيداً وجريحاً بعشرات غارت على الطريق العام بين عمران وصعدة:
في مثل هذا اليوم 6 يونيو حزيران من العام 2015م، استهدف طيران العدوان مئات الأهداف المتحركة في الطريق العام بين محافظتي عمران وصعدة ، بغاراته على وسائل النقل وسيارات المواطنين وشاحنات حمل الوقود والخضراء والفواكه والمواد الغذائية.
أسفرت غارا ت العدوان عن 4 شهداء و8 جرحى وحرق اعداد من سيارات المواطنين وشاحنات الوقود والمواد الغذائية، وخسائر بعشرات الملايين ، اتلاف البضائع ، وحالة من الخوف والهلع في صفوف المسافرين من وإلى صعدة وعمران، وصنعاء.
استهداف العدوان للطريق العام وقطعها في وجوه المسافرين والمزارعين والتجار محاولة لوقف الحياة وقطع الامدادات عن المواطنين في صعدة ، وجزء من الحرب الاقتصادية على المنتجات اليمنية، واستهداف رؤوس أموال المواطنين وثمار مزارعهم قبل تسويقها”.
تعبيد الطريق العام بالغارات دمر خطوطها وزاد من معاناة المسافرين والمتنقلين والنازحين ، وكشف الوجه الوحشي للعدوان الغاشم ، على الشعب اليمن ، في صورة تجسد أفظع جرائم الحرب ضد الإنسانية في اليمن طوال 9 سنوات مستمرة.
الاستهداف الممنهج لطريق العام وقتل المسافرين وتدمير سيارتهم وشاحنات الوقود والمواد الغذائية بين صعدة وعمران واحدة من آلاف جرائم حرب الإبادة الجماعية ومحاولاتها لوقف الحياة في الشعب اليمني خلال 9 أعوام متواصلة.
6 يونيو 2015.. 10 شهداء وجرحى باستهداف طيران العدوان منازل المواطنين بصعدة:
في مثل هذا اليوم 6 يونيو حزيران من العام 2015م، واصل طيران العدوان السعودي الأمريكي استهداف منازل المواطنين في قرية آل طنين مديرية ساقين في محافظة صعدة.
أسفرت عن شهيدين و8 جرحى بينهم أطفال ونساء، وتمير المنزل بما فيه من المدخرات والمواد الغذائية ، ونفوق عشرات المواشي ورأسين من الأبقار، وتضرر المنازل المجاورة ، وحالة رعب وهلع بين الأهالي، وموجات نزوح مع كل جريمة.
إنسان وحيوان ومدخرات وأموال وممتلكات وكل ما له قيمة وثمن وغير ذلك حولها العدوان إلى ركام مختلط بالدماء والأرواح، والآهات والأحزان ودموع الأيتام والثكالى، والجرحة ومن هم تحت الأنقاض، ورافعيها تحت تحليق الطيران واستمرار غاراته.
جريمة استهدف المدنيين تحت اسقف منازلهم واحدة من آلاف جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب بحق الإنسانية في اليمن من قبل العدو السعودي الأمريكي التي عمل على ممارستها بشكل يومي، وممنهج في تحداً واضح للقيم والمبادئ الدينة والمواثيق والمعاهدات الدولية والإنسانية.
6 يونيو 2018.. 5 شهداء وجرحى باستهداف غارات العدوان منزل مواطن بصعدة:
وفي مثل هذا اليوم 6 يونيو حزيران من العام 2018م، استهدف طيران العدوان السعودي الأمريكي منزل مواطن في منطقة صرح القهر بمديرية منبه الحدودية بمحافظة صعدة، بغارتين جويتين.
أسفرتا عن شهيدة وجرح 4 أطفال ونساء ومسنين من أسرة المواطن محمد سالم حنش، كانت حالاتهم حرجة حسب ما قاله الأطباء، وتدمير المنزل وتضر رالمنازل المجاورة له وحالة خوف ورعب وحزن في قلوب الأهالي، رافقها موجهة نزوح وترك جبري للمنازل وتشرد مقصود من قبل طيران العدوان.
استهداف منازل المواطنين وقتل من بداخلها جريمة حرب مكتملة الأركان وواحدة من آلاف جرائم الإبادة الجمعية للشعب اليمني من قبل العدوان السعودي الأمريكي، خلال 9 أعوام، وشاهد على صمت وتواطؤ المجتمع الدولي ، وازدواجية المعايير الدولية والقانون الدولي العام ، والمنظمات الإنسانية والحقوقية تجاه مظلومية الشعب اليمني.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: طیران العدوان السعودی الأمریکی استهدف طیران العدوان والمواد الغذائیة الإبادة الجماعیة منازل المواطنین جرائم الإبادة من آلاف جرائم المواطنین فی الطریق العام خلال 9 أعوام أکثر من
إقرأ أيضاً:
شهادات حية يرويها المتضررون.. كارثة إنسانية فى السودان بعد عامين على الحرب.. ميليشيات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية ضد مجتمع المساليت فى دارفور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ يومين، مر عامان على الصراع فى السودان الذى بدأ فى ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وبحسب الأمم المتحدة، فإن البلاد تشهد أكبر أزمة إنسانية فى العالم. خلفت الحرب فى السودان آلاف الضحايا و«١٣ مليون نازح ولاجئ»، ونصف سكان البلاد فى حاجة إلى مساعدات، بحسب مسئول فى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين. كما ارتكبت ميليشيات الدعم السريع إبادة جماعية خلال هذا الصراع ضد مجتمع المساليت فى دارفور.. بعد عامين فقط من اندلاع الحرب، تسلط إذاعة فرنسا الدولية الضوء، من خلال شهادات حية يرويها أبناء السودان لعدد من مراسلى الإذاعة، حول معاناتهم من هذه الحرب التى يكاد أن ينساها العالم تدريجياً.
وصلت رادا آدم عبدالرحمن مطر إلى أدري، على الجانب التشادى من الحدود، إلى مركز الإسعافات الأولية التابع للصليب الأحمر. وبعد أن غادرت نيالا، عاصمة جنوب دارفور على الجانب السوداني، قبل ثلاثة أيام، أصبحت مرهقة للغاية. وتقول إنها لم يكن أمامها خيار سوى الفرار وتضيف "الحرب لن تتوقف فأجبرنا على الرحيل. وبعد ذلك نشعر بالجوع، ونعانى كثيرًا بسببه. ليس لدى أطفالى ما يأكلونه. ولم نعد نتلقى أى أموال. هذه هى الأسباب التى دفعتنا إلى مغادرة البلاد. فى كثير من الأحيان، لا نأكل أى شيء طوال اليوم، ومن الممكن أن نستمر لمدة تصل إلى يومين أو ثلاثة أيام دون أن نأكل أى شيء. المجاعة منتشرة فى جميع أنحاء السودان وذلك بسبب الحرب".
نعمت هارون خميس محمد، ٢٦ سنة ولديها أربعة أطفال، وهى أيضاً من نيالا. لقد عبرت الحدود فى نفس الوقت مع رادا. تقصفنا طائرات الدعم السريع. غالبًا ما يحدث هذا فى منتصف الليل وأنت نائم، وعندما تستيقظ تكتشف من قُصف أثناء نومك. قصفٌ أودى بحياة عمتى وأطفالها الستة فى منزلهم".. وعلى مدار العام الماضي، يسافر محمود محمد بحري، وهو تشادى يبلغ من العمر ٥٦ عامًا، ذهابًا وإيابًا بين مدينتى الحدود: أدري، على الجانب التشادي، وأدينكون، على الجانب السوداني. هو من أحضر المرأتين على عربته كما أحضر الكثير من اللاجئين. وقد شهد وصول العديد منهم خلال الاثنى عشر شهرًا الماضية. يقول سائق العربة: "إنهم مفلسون. وضعهم مأساوي. لم يأكل بعض الناس شيئًا لمدة يومين أو ثلاثة أيام. إنهم جائعون جدًا لدرجة أنهم مستعدون لتناول أى شيء".
فى الأشهر الأخيرة، أدى التحول فى ميزان القوى بين المعسكرين إلى تحول الصراع، وفرض الجيش السودانى نفسه أواخر عام ٢٠٢٤ فى وسط البلاد. وحرر ولاية سنار، ثم الجزيرة، وأخيراً (فى نهاية مارس الماضى) العاصمة الخرطوم. فى قلب المدينة، أصبح القصر الرئاسى الآن تحت سيطرة الجيش. وكان من المقرر أن تعلن ميليشيا الدعم السريع وحلفاؤها عن تشكيل حكومتهم الموازية من هذا المبنى الرمزى للغاية، ولكنهم فوجئوا بالأمر.
بعد عامين من الحصار، كان رحيل قوات الدعم السريع بمثابة ارتياح لكثير من سكان العاصمة. تقول هناء، وهى شابة من أم درمان "لقد كان خبرًا رائعًا! استيقظنا ذات صباح وكان الجميع من حولنا يصرخون: هل سمعتم ذلك؟ لقد رحل رجال الدعم السريع!"، وتشرح كيف أطلق أفراد من القوات شبه العسكرية النار على حيّها، فدمروا المنازل والمدارس ومركزًا صحيًا. وتضيف: "خرجت أنا وأصدقائى للاحتفال فى الشارع . لقد مر وقت طويل لا أستطيع فيه الخروج"!.
وتقول دعاء، وهى أم شابة تعيش فى شرق العاصمة: "إن الأحياء التى احتلتها القوات شبه العسكرية فى الخرطوم هى التى عانى السكان منها أكثر من غيرها". وأضافت وهى تشعر بالارتياح: "فى السابق، كان من الممكن أن تُختطف المرأة، وكانت النساء دائمًا عرضة للاغتصاب. أما الآن، فيمكننا النوم بسلام، ويمكننى الخروج وشراء ما أتناوله". وتواصل "يمكنك أن تتخيل أن طفلى لم يشرب الحليب أو عصير الفاكهة أبدًا، لم نكن نعيش، بل كنا ننجو!".. هذه الشابة، التى تعمل فى مطبخ مجتمعى (مطابخ أُنشئت بأموال أرسلها المغتربون)، تُعرب عن أسفها للوضع الإنساني. وتضيف: "اليوم، نرى شبابًا فى الثلاثينيات من عمرهم يبدون وكأنهم فى الخمسينيات. إنهم نحيفون، مُرهقون، شاحبون، مجرد جلد وعظام.. لقد عشنا فى جو من الخوف الدائم، وهذا واضح على وجوه الجميع".
مدثر، مصور شاب، يرثى حالة العاصمة. يقول إن منطقة وسط المدينة، حيث يقع متجره، كان أشبه بمدينة أشباح: "لا أحد فى الشوارع، والأبواب مفتوحة على مصراعيها، والمبانى خالية تمامًا. نما النبات فى كل مكان، على الطرقات، وعلى الأسطح. أما المبانى المهمة أو التاريخية، فيتحسر قائلًا: لقد احترقت، ولم يبقَ شيء فى داخلها مثل المتحف الوطنى الذى تم نهبه وكان يضم أشياء لا يمكن تعويضها".
واعترفت قوات الدعم السريع مؤخراً ليس بسحب قواتها بل "بإعادة انتشارها"، وذلك بعد هزيمتهم فى العاصمة. لكن القتال يتركز حول مدينة الفاشر فى شمال دارفور. أغلبية أفراد قوات الدعم السريع الذين انسحبوا من الخرطوم ينتشرون فى هذه المنطقة. كما استهدفت البلدات المحيطة بالمدينة بقصف عنيف. وأعلنت قوات الدعم السريع الخميس الماضى سيطرتها على مدينة أم كدادة، التى تقع على بعد نحو ١٨٠ كيلومترا شرق الفاشر. وفى الأسبوع الماضي، أدت تفجيرات سوق نيفاشا ومعسكر أبو شوك إلى مقتل ٢٥ مدنياً وإصابة العشرات. لكن الفاشر لا تزال صامدة فى وجه هذه الميليشيات.
وتسيطر هذه القوات على بقية دارفور. وتعتبر مدينة الفاشر التى يحاولون السيطرة عليها منذ عام، آخر منطقة فى المنطقة لا تزال بعيدة عن متناولهم. وهى أكبر مدينة فى دارفور، بالنظر إلى مساحتها وعدد سكانها، فضلاً عن عدد النازحين الذين يعيشون فى المخيمات المحيطة بها منذ حرب عام ٢٠٠٣. أعلنت القوات شبه العسكرية، الأحد الماضى، سيطرتها على مخيم زمزم، أكبر مخيم للنازحين فى السودان. وبحسب عدد من المنظمات غير الحكومية، فإنه منذ ١١ أبريل، يصل ٢٠ ألف شخص يوميا إلى طويلة، وهى بلدة تقع على بعد نحو ٧٠ كيلومترا من زمزم. ولجأ آخرون إلى مدينة الفاشر الأقرب. وبحسب المنظمات الدولية فإن المخيم أصبح خالياً تماما من سكانه.
يقول عبد الكريم يحيى، أحد النازحين من زمزم: "بعد الهجمات الأخيرة، تدهور الوضع فى زمزم بشكل كبير. وتدهورت الحالة الطبية أيضًا. أما بالنسبة للمنتجات الغذائية فقد أصبحت نادرة. كل هذا بسبب حصار زمزم والفاشر الذى لا يسمح بنقل هذه المنتجات إلى المعسكر". يتابع قائلًا: "أصبحت الحياة صعبة، لأن قوات الدعم السريع أغلقت جميع مداخل المخيم وتمنع دخول المواد الغذائية. تعرضت القرى المحيطة بزمزم، والتى يزيد عددها عن ٧٠ قرية، للنهب والحرق على يد قوات الدعم السريع. فرّ سكانها. بعضهم جاء إلى زمزم، والبعض الآخر إلى الطويلة".
مرة أخرى تهدد قوات الدعم السريع وحلفاؤها بالاستيلاء على الفاشر، كما تزايدت دعواتهم لسكان المدينة بالبحث عن ملجأ فى أماكن أخرى. ويترافق ذلك مع تزايد عمليات القصف باستخدام المدفعية الثقيلة أو الطائرات المسيرة. وتتعالى الدعوات إلى ضمان توفير ممرات آمنة للمدنيين الذين يغادرون المدينة. والحال نفسه ينطبق على سكان مخيم زمزم وسكان أبو شوك.
ويتسم الصراع الذى اجتاح السودان بالعنف الشديد. فى ٧ يناير ٢٠٢٥، اتهمت واشنطن قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية فى دارفور. وتتكون هذه الميليشيات فى معظمها من أفراد القبائل العربية من غرب السودان، وهى ورثة الجنجويد الذين زرعوا الرعب فى دارفور منذ عام ٢٠٠٣ لمواجهة ظهور الجماعات المتمردة. وتتهم الولايات المتحدة هذه الأطراف بأنها "قامت، فى هذه الحرب الجديدة، بقتل الرجال والفتيان - وحتى الرضع - على أساس عرقى بشكل منهجي"، ولكنها تتهمها أيضاً بأنها "استهدفت عمداً النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسى الوحشي". وتابعت وزارة الخارجية الأمريكية: "إن هذه الميليشيات نفسها استهدفت المدنيين الفارين، وقتلت الأبرياء الذين يسعون إلى الفرار من الصراع، ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات الحيوية ".
روضة عبد السلام، ٤٤ عاماً، من مدينة الجنينة فى دارفور. تعيش فى مخيم جوروم بالقرب من جوبا، عاصمة جنوب السودان. لقد شهدت هذا العنف فى غرب بلادها. منذ عام ٢٠٠٣، تمكنت من البقاء على قيد الحياة على الرغم من التهديد المستمر من قبل الميليشيات الجنجويد. لكن عندما اندلعت الحرب فى أبريل ٢٠٢٣، ازداد عنف ورثتهم، قوات الدعم السريع، عشرة أضعاف، وتقول: "ما دفعنى للرحيل هو أن قوات الدعم السريع تقتل الرجال والأطفال، وتغتصب النساء. يغتصبونك أمام زوجك، ثم يضربونه ويقتلونه أمامك. وإذا كان لديك طفل ذكر، يقتلونه. حتى لو كان رضيعًا ما زلت ترضعينه، يقتلونه. أصبحت الحياة جحيمًا مع هذه الحرب. يضربونك ويمكنهم فعل ما يحلو لهم بك. أنت لست آمنًا فى أى مكان. لهذا السبب غادرت". لا تزال صور العنف تطاردها، وخاصة صور اغتيال حاكم غرب دارفور خميس عبد الله فى يونيو ٢٠٢٣. وكان قد أدان آنذاك الإبادة الجماعية. وأدى ذلك إلى اختطافه وقتله بالرصاص على يد قوات الدعم السريع، وتشويه جثته وسحلها فى شوارع الجنينة.
ولا تزال ذكريات هذه المجازر واستهداف المساليت تطارد مخيمات اللاجئين الواقعة فى شرق تشاد. إن قصص الفرار من دارفور مروعة. فايزة خاطر، ٢٠ عامًا، ولدت أيضًا فى الجنينة. وصلت فى عام ٢٠٢٣ إلى مخيم أدرى فى تشاد. تقول "غادرنا منازلنا، وجئنا سيرًا على الأقدام. مشينا ليومين للوصول إلى أدينكون، قبل أدرى مباشرةً.. كان هناك نهب على الطريق. يُقتل الناس، حتى الأطفال. رأيتُ ذلك بأم عيني. هؤلاء هم الجنجويد الجدد. يغتصبون فى شوارع السودان. بدأوا بالإبادة العرقية. سألوا عن عرقنا. على سبيل المثال، إذا كنتَ من المساليت، تُعامل معاملة قاسية. لم يُؤذَنى أحد، لكن الكثيرين عانوا. كثيرًا ما نفكر فى الحرب، رأينا الدماء تسيل، كثيرًا ما نفكر فى ذلك".
وقد أدى هذا السياق من الحرب والمجازر ضد المدنيين إلى إرباك اقتصاد البلاد وخلق حالة غذائية مثيرة للقلق بشكل خاص. وبحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن ما يقرب من نصف السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائى الحاد. وتقدر المنظمة الأممية أنه سيكون من الضرورى هذا العام استيراد ٢.٧ مليون طن من الحبوب (القمح فى الغالب) لتغطية احتياجات الاستهلاك المحلي. وفى حين من المتوقع أن تكون المحاصيل القادمة، وخاصة الذرة الرفيعة، أفضل هذا العام، فإن قنوات التوزيع تعطلت بسبب الصراع المستمر.
وعلى أرض الواقع، فإن القتال والتدمير والسيطرة على الأراضى الصالحة للزراعة تمنع المزارعين من زراعة أراضيهم. وهذا هو الحال فى دارفور وكردفان، وخاصة فى ولاية الجزيرة، سلة الخبز فى البلاد. ولم تسلم من هذا الدمار الذى خلفته الميليشيات المستودعات والمختبرات وبنوك البذور والمعاهد الزراعية فى الخرطوم وود مدني، بحسب دراسة مفصلة أجراها مركز الأبحاث الهولندى كلينجندايل.
وأوضحت منظمة الأغذية والزراعة أن الصراع ألحق أضراراً بالغة بالبنية التحتية، وخاصة الطرق، مما أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد. هناك عقبة أخرى: الحواجز و"القواعد" على الطرق التى تتغير باستمرار. ويقول أحد سائقى الشاحنات إن سير شاحنة محملة بالبضائع من بورتسودان إلى غرب دارفور قد يستغرق شهراً، حيث تمر عبر ٢٥ نقطة تفتيش.
ويضاف إلى ذلك القيود المالية، إذ تؤدى الأزمة الاقتصادية إلى تعطيل الترتيبات المعتادة مثل تسليم المدخلات عن طريق الائتمان للمزارعين الصغار. وبينما تمكن النظام المصرفى من التعافى جزئياً، فإن نقص السيولة وانخفاض قيمة الجنيه السودانى يفرضان ضغوطاً على المنتجين وسلسلة التوريد بأكملها، التى تعانى بالفعل من التضخم.
طوال عامين، فشلت كل محاولات الوساطة. لقد اقترحت كل من جنوب السودان ومصر وكينيا والصومال وأوغندا وإريتريا وجيبوتى وتركيا، فضلاً عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، مبادرات أو عقدت قمم، ولكن كل هذه الوساطات لم تؤد إلى وقف الحرب.
خلال الأشهر الأولى من الحرب، عقدت قمم فى الدول الإفريقية والعربية المجاورة لإيجاد حل، ولكن لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار. وأسفرت هذه الاجتماعات بشكل رئيسى عن إصدار بيانات تعبر عن القلق إزاء تدهور الوضع الإنسانى ودعوات إلى وضع حد للتدخل. لكنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى حل.
والأمل فى الوقت الحالى لا يوجد إلا فى قدرة بعض السودانيين على الصمود والطاقة، كما هو الحال فى مخيم جوروم للاجئين. الآن تعمل روضة عبد السلام فى المطعم الصغير الذى افتتحته. عند مدخل الهيكل الخشبى المصنوع من الخيزران، والمغطى بالحديد المموج، وتخدم روضة موظفى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واللاجئين على حد سواء. بعد أن فقدت كل شيء فى حرب السودان، بدأت هذا العمل بالأساس لكسب قوت يومها وتقول "عندما وصلنا إلى جوروم، كنا نفتقر إلى كل شيء. بدأت ببيع الشاى لشراء الطعام لعائلتي. ثم تمكنت من شراء خمسة كراسي. واصلت العمل، وشيئًا فشيئًا، تمكنت من افتتاح هذا المطعم. نطهو اللحوم وأنواعًا مختلفة من اللحوم فى الصلصة، والباذنجان والفاصوليا والكرشة والبامية.. الحمد لله، الآن أصبح هذا العمل مناسبًا لي. وإذا كان أحدهم جائعًا وليس لديه مال، أخدمه، لأننى لا أفعل هذا من أجل الربح، ما أريده هو مساعدة الناس".
تواصل رضوة أيضًا دعم عائلتها التى بقيت فى السودان: "لديّ عائلة باقية فى البلاد، والقليل الذى أكسبه أرسله لهم. أفضل البقاء هنا لأن الوضع فى السودان ليس جيدًا. ولا أعرف متى ستنتهى هذه الحرب".
ورغم الانتصارات الأخيرة التى حققها الجيش السوداني، وخاصة فى الخرطوم، لا تزال رضوة تتخوف من خطورة قوات الدعم السريع فى دارفور. لذلك فهى متمسكة بالحياة الجديدة التى بنتها لنفسها، هنا فى جوروم.