في سياق تحركاتها النشطة من أجل الدفع باتجاه اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وزعت الولايات المتحدة مشروع قرار معدل على أعضاء مجلس الأمن يرحب بمقترح من شأنه أن يقود إلى وقف إطلاق النار في القطاع.

ويحث مشروع القرار الأميركي المعدل القيادة الإسرائيلية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إعلان التزامهما بتنفيذ بنود الاتفاق المحتمل، بمجرد التوقيع عليه ومن دون أي تأخير أو شروط، وهو ما أكدت القناة الـ12 الإسرائيلية معارضة حكومة بنيامين نتنياهو له بشدة.

هذا الأمر رأى فيه محللان تحدثا لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، أنه يكشف عملية خلط وخداع لفظي تقوم بها الولايات المتحدة بين ما أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن كمقترح يتضمن بنودا لا وجود لها في الورقة الإسرائيلية التي من المفترض أنه كان يكشف عن تفاصيلها، وبين تلك الورقة.

فقال الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة إن واشنطن تتعمد الخلط بين ما أعلنه بايدن، وتم تناقله -حتى من الأوروبيين- باعتباره مبادرة تتحدث عن وقف إطلاق نار دائم وانسحاب شامل، وبين ورقة إسرائيلية خالية من ذلك.

وأضاف أن ما يجري التفاوض حوله هي الورقة الإسرائيلية، وليس إعلان بايدن الذي لا يعكس حقيقة الورقة، وكانت حركة حماس قالت إنها تنظر إليه بإيجابية، معتبرا ما تقوم به الإدارة الأميركية شكلا من أشكال التعويم للمبادرة التي أعلنها بايدن.

خداع لفظي

ويرى الحيلة أن الولايات المتحدة حين تذهب لمجلس الأمن وتحشد 16 دولة للحديث عن مبادرة لوقف إطلاق نار دائم، ثم تدعو حماس للموافقة على الورقة الإسرائيلية، فإنها تقوم بخداع لفظي وإعلامي، في حين لا بد أن تكون الوثائق هي الحاكمة لمجريات التفاوض وما بعدها، كما لا بد أن يلتزم بها كلا الطرفين.

ويضيف المحلل السياسي أن هذا الأسلوب لا يرقى لمستوى إدارة المفاوضات والوساطة النزيهة التي تبحث فعلا عن وقف إطلاق نار دائم وانسحاب شامل يحقق للفلسطينيين الحد الأدنى من مطالبهم، بينما يعلم الجميع أن الاحتلال الإسرائيلي بارع في إجراء مفاوضات لا تنتهي.

بدوره، أكد الدكتور محمود يزبك، الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي، أن الإعلام الإسرائيلي عندما يتحدث عن أن تل أبيب ضد "المقترح الإسرائيلي" الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، فإن ذلك يكشف حجم الضغط الأميركي الحالي.

ويرى يزبك أن هذا الضغط يضع نتنياهو في موقف محرج أمام قطاعات واسعة من المجتمع الإسرائيلي، وليس على المستوى الدولي فقط، وأن هذا الضغط يهدف إلى إجبار إسرائيل على قبول الشروط التي تم تقديمها أساسا من قبلها.

وأشار إلى أن إسرائيل أصبحت مفضوحة أمام العالم بأسره، حيث يعلم الجميع أنها هي من عطلت المقترح الأول الذي أعلنت حركة حماس موافقتها عليه، وهي الآن تتنصل من مقترح ثانٍ من المفترض أنها هي من قدمته.

وأوضح يزبك أن المجتمع الإسرائيلي يجب أن يحدد موقفه: إما الاستمرار في الحرب وما يترتب عليها من خسائر يومية، أو اتخاذ الخطوة الصحيحة والعمل على إيقافها من خلال حراك شعبي حقيقي يشمل كل شرائح المجتمع، وليس فقط ما تقوم به عائلات الأسرى.

تغيير ممكن

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي إمكانية حدوث ذلك، مشيرا إلى رسالة 400 عائلة ممن يخدم أبناؤهم في غزة، اتهموا فيها نتنياهو بتمديد الحرب لمصلحته الشخصية، وكان لهذه الرسالة تأثير كبير على قطاعات مختلفة من المجتمع، حسب تقديره.

كما أشار إلى رسائل متواصلة من جنرالات سابقين ومقالات في صحف كبرى تؤكد أنه لم يعد من الممكن تحقيق النصر في هذه الحرب، لافتا إلى تزايد عدد المتحدثين عبر وسائل الإعلام الإسرائيلية عن ضرورة وقف الحرب مقارنة بما كان عليه الوضع قبل نحو 4 أشهر.

من ناحيته، يقول وليام لورانس، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة رغم كونها داعما أساسيا لإسرائيل في المنطقة، فإنها في هذه المرحلة تحاول أن تعمل مع المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لتغيير موقفها والقبول بمبادرة وقف إطلاق النار.

ويرى لورانس أن الولايات المتحدة غير مسرورة بالخطط والتكتيكات الإسرائيلية التي يتم تطبيقها مؤخرا، لافتا إلى تصريحات لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اعتبر فيها تلك التكتيكات خطأ على المستوى الإستراتيجي والأخلاقي، وقال إن ذلك جزء من حملة الضغط التي تقوم بها الولايات المتحدة على إسرائيل.

ولا يعلم المسؤول الأميركي السابق إذا ما كان ذلك الضغط سيؤتي أكله، لكنه يرى أنه لن يكون كافيا، وأنه لا بد من مزيد من الضمانات وإعادة ترتيب كامل للسياسة الإسرائيلية للتمكن من تطوير وقف إطلاق نار مؤقت يمكن البدء به ليكون دائما.

وأقر لورانس بوجود تناقضات بين ما يرد في تصريحات وبيانات المسؤولين الأميركيين وبين ما ورد في المقترح الإسرائيلي، لكنه يرى أن هناك تفاؤلا أميركيا بإقرار الخطة التي أعلنها بايدن، إذ جاءت موافقة لما أعلنت حماس الموافقة عليه في السادس من مايو/أيار الماضي، ومن ثم تضغط على إسرائيل للقبول به.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة وقف إطلاق نار

إقرأ أيضاً:

هكذا أجاب بايدن على مراسلة سألته حول إمكانية عقد صفقة قبل نهاية ولايته (شاهد)

رد الرئيس الأمريكي جو بايدن بجواب "صادم" على سؤال صحفية حول إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة قبل انتهاء فترة ولايته وتنصيب دونالد ترامب مكانه في 20 كانون الثاني /يناير القادم.

جاء ذلك خلال لقاء مفتوح أمام الصحفيين بين بايدن ورئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في البيت الأبيض، الثلاثاء، حيث وجهت إليه مراسلة القناة "13" الإسرائيلية نيريا كراوس سؤالا حول عما إذا كان يعتقد أنه قادر على إنجاز صفقة الأسرى بحلول نهاية ولايته.

I asked President Biden if he thinks that he can get a hostage deal done by the end of his term. He answered, commenting on the number of cameramen in the room: “do you think that you can get hit in the head by the camera behind you?” pic.twitter.com/B3DCJoHdaw — Neria Kraus (@NeriaKraus) November 12, 2024
ووفقا لمقطع مصور نشرته مراسلة القناة العبرية عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، فإن بايدن أجاب بالقول "هل تعتقدين أنه من الممكن أن تضربك الكاميرا الموجودة خلفك على رأسك؟".

وكان بايدن يتحدث مع رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي أمام الصحفيين، قائلا إنه "لا يجب أن تكون يهوديا لتصبح صهيونيا"، مؤكدا على دعمه المطلق لـ"إسرائيل".


وأضاف مخاطبا هرتسوغ "التزامنا تجاه إسرائيل لا يتزعزع، وأنتم تعلمون ذلك، ونتقاسم صداقة عميقة للغاية".

في المقابل، قال هرتسوغ لبايدن: "أنت بالتأكيد صهيوني، وأشكرك لأنك كنت صديقا مميزا لإسرائيل". وأشار هرتسوغ إلى أنه أجرى لقاء وصفه بالبناء مع الرئيس الأمريكي.

وقدم بايدن دعما مطلقا للاحتلال خلال عدوانه على غزة، وكرر أنه صهيوني مرارا، حيث أقر حزمات مساعدة متتالية عسكرية للاحتلال، كما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد قرارات مجلس الأمن الدولي ذات اللهجة المعتدلة التي تدعو إلى "هدنة إنسانية".


وفي عدة خطابات، أوضح بايدن أنه لا يوجد خلاف بين الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، وكشف عن خطط لتعزيز المساعدات العسكرية الأمريكية للاحتلال بمليارات الدولارات.

ولليوم الـ404 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.

وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ43 ألف شهيد، وأكثر من 102 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: واشنطن عالجت معظم الخلافات مع إسرائيل بشأن لبنان
  • الولايات المتحدة تعرب عن قلقها جراء الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت
  • الجامعة العربية تناشد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التدخل للحيلولة دون تنفيذ خطة اليمين الإسرائيلي بتقويض “الأونروا”
  • نادي صيد الحوثيين.. شارة تكشف حربا عنصرية تخوضها الولايات المتحدة في اليمن
  • واشنطن بوست تكشف عن هدية نتنياهو لترامب في أول أيام ولايته الثانية
  • جو بايدن يلتقي دونالد ترامب: عملية انتقال السلطة ستكون سلسة جدا
  • الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات على وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير
  • هكذا أجاب بايدن على مراسلة سألته حول إمكانية عقد صفقة قبل نهاية ولايته (شاهد)
  • تايوان: الولايات المتحدة من تقرر عودة استخدام صواريخ هوك التي تم إيقافها
  • الحوثي يتحدى الولايات المتحدة: دعوة للبث المباشر من حاملة الطائرات التي استهدفتها القوة الصاروخية اليمنية