أوريان 21: اتهام إسرائيل وحماس على حد سواء تماثل زائف
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
برر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، في إعلانه الصادر يوم 20 مايو/أيار 2024، طلب إصدار أوامر اعتقال تستهدف قادة إسرائيليين ومسؤولين بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) على حد سواء، بالحاجة إلى تطبيق محايد لقانون الصراع المسلح، غير أن هذا الاتهام المزدوج يوشك أن يعطي صورة لتماثل زائف بين الطرفين في فلسطين.
بهذه المقدمة، لخص موقع "أوريان 21" مقالا لأستاذ القانون رافائيل ميزون تطرق فيه إلى الإشكال الذي أثاره طلب إصدار أوامر الاعتقال المذكورة، إذ أعرب الأميركيون وبعض حلفائهم عن سخطهم من التكافؤ بين حركة يصنفونها إرهابية وحكومة دولة يتم تقديمها على أنها ديمقراطية، مقابل جزء آخر من العالم يعبر عن خيبة أمله من تكافؤ زائف يجرم النضال من أجل التحرر الوطني الذي تمارسه المقاومة الفلسطينية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جيروزاليم بوست: حزب الله ينوي غزو شمال إسرائيل وضرب تل أبيب بالصواريخجيروزاليم بوست: حزب الله ينوي غزو شمال ...list 2 of 2مسؤول أميركي: تفاقم الصراع يجعل السودان نسخة أسوأ بكثير من الصومالمسؤول أميركي: تفاقم الصراع يجعل السودان ...end of list
هجوم
وحسب الكاتب، يتفق المراقبون لعمل المحكمة الجنائية الدولية على إدانة عدم إجراء تحقيق في الجرائم الإسرائيلية قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي الفجوة الخطيرة التي يقيم عليها المدعي العام الوضع في فلسطين، إذ ينص التقرير على إجرام الهجوم الذي نفذته حماس "وكذلك الجماعات المسلحة الأخرى" والطبيعة غير المتناسبة والإجرامية أيضا لرد الفعل الإسرائيلي.
وذكّر الكاتب بمقولة الأكاديمي جوزيف مسعد إن "إسرائيل بالنسبة للغرب، ليست أصل العنف أبدا، بل ترد فقط على عنف سابق، وعليه فإن اتهامات المدعي العام لحماس كلها مرتبطة بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول وما تلاها، وهي تتعلق أساسا بأخذ الأسرى وسوء المعاملة التي تعرضوا لها في أثناء الأسر".
وأشار أستاذ القانون إلى صحة التساوي بين المتحاربين في القانون الدولي للحرب، ولكنه شكك في صحة نسبة بعض جرائم القتل خارج سياق الأسر إلى قادة حماس، لأن المدعي العامي لا يستطيع إثباتها لوجود أطراف أخرى، كما شكك في اتهامهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لأن تعريف القانون لها لا ينطبق على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
إن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول -حسب الكاتب- قد استهدف في البداية أهدافا عسكرية، وليس من المؤكد أن عمليات قتل المدنيين التي أعقبت ذلك كانت مخططة أو أنها وصلت إلى المستوى المطلوب من الجرائم ضد الإنسانية.
وذكر الكاتب أن حالات الفظائع التي نقلتها وسائل الإعلام الغربية، من أجل بناء قبول للهجوم الإسرائيلي، لم تظهر في اتهامات المدعي العام، مثل "قطع رؤوس الأطفال" و"الاغتصاب المنهجي"، مما يوحي بأنه لا يملك أدلة قاطعة في هذه المرحلة.
وأشار إلى رغبته في أن يساعد التحقيق في تحديد فاعل الخسائر في صفوف المدنيين، خاصة أن عدة مصادر صحفية إسرائيلية أشارت إلى الاستخدام الفوضوي للقوة من قبل الجيش الإسرائيلي، مما قد يكون أدى لمقتل مدنيين، وإلى احتمال استخدام بروتوكول هانيبال.
عن حرب إسرائيل
وفيما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي على غزة، يؤكد المدعي العام -دون ذكر أطروحة الدفاع عن النفس- أن إسرائيل "لها الحق في اتخاذ إجراءات للدفاع عن سكانها"، وأن لها -بالتالي- أهدافا عسكرية مشروعة في غزة، مؤكدا أن هذا لا يبرر الوسائل المستخدمة، لأن إسرائيل "حرمت عمدا ومنهجيا وبشكل مستمر السكان المدنيين في كامل الأراضي من وسائل العيش الضرورية لبقائهم".
ومن ثم، يبرر المدعي العام شن هجوم عسكري كبير على الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني، دون أن يعلق على أسباب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، من قبل الجماعات الفلسطينية الخاضعة للحصار الصارم، وكأن مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها وفي نضالات التحرر الوطني لا يبرره، بل إن هذا الحق يمحى في قراءة المدعي العام، لصالح القبول برد فعل دولة الاحتلال.
وتركز الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد القادة الإسرائيليين في المقام الأول على الحصار الكامل وتنظيم وقوع المجاعة، وغيرها من أعمال العنف الموجهة عمدا ضد السكان المدنيين، ولكن من دون التطرق "لإخضاع المجموعة عمدا لظروف قد تؤدي إلى تدميرها الكامل أو الجزئي"، إلا باعتباره "أسلوب حرب".
وكأن الهدف ليس تدمير الشعب الفلسطيني في غزة، بل "القضاء على حماس"، وزيادة "الضغط من أجل عودة" الرهائن، مع تجاهل التصريحات ذات طبيعة الإبادة الجماعية التي أدلى بها القادة الإسرائيليون والتي استشهدت بها محكمة العدل الدولية.
صراع داخلي أم دولي؟
وقال الكاتب رافائيل ميزون إن المدعي العام يقدم الجرائم "في سياق نزاع مسلح دولي بين إسرائيل وفلسطين، ونزاع مسلح غير دولي بين إسرائيل وحماس والجماعات الفلسطينية الأخرى في وقت واحد"، مما يظهر الرغبة في تقديم الصراع في غزة على أنه صراع داخلي، متجاهلا أن قانون النزاعات المسلحة الدولية ينطبق في حالة الاحتلال العسكري.
ويؤكد البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977 أن قانون النزاعات المسلحة الدولية ينطبق على "النزاعات المسلحة التي تقاتل فيها الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي وضد الأنظمة العنصرية في العالم"، لممارسة "حق الشعوب في تقرير مصيرها".
ويعبّر وصف المدعي العام للنزاع بأنه داخلي -حسب ميزون- عن رفض المدعي ربط المقاتلين الفلسطينيين بقضية المقاومة أو التحرير الوطني، وكأننا أمام تمرد ضد الممارسة الشرعية لسلطة الدولة، في تجاهل ظاهر للسياق التاريخي للاحتلال والحصار الإسرائيلي.
ويعتقد ميزون أن الاتهامات المقدمة في هذه المرحلة جاءت نتيجة لتسوية، يتم فيها توريط الجماعات الفلسطينية المسلحة وإسرائيل بارتكاب الجريمة نفسها، من دون ذكر الإبادة الجماعية، مما يعني فشل التحقيقات في دعم نظام المسؤولية المرتبط بالإبادة الجماعية الذي بدأت محكمة العدل الدولية في استكشافه.
مكان المحكمة
ويرى الكاتب أن محكمة العدل الدولية تناقش مسؤولية دولة إسرائيل عن الإبادة الجماعية، وهي تتجاوز مسألة مسؤولية قادتها، وإذا تم الحكم على القضية بين جنوب أفريقيا وإسرائيل على أساس موضوعها، فإن مسألة التعويض عن الأضرار الجسيمة التي سببتها سوف تنشأ، في حين يتم تجنبها في الخطابات حول "اليوم التالي".
ولا يزال يتعين تسليط الضوء على عنصرين جديدين يتجاوزان قيود التحقيق الجنائي، أولهما أمر المحكمة لإسرائيل "بالوقف الفوري لهجومها العسكري وأي عمل آخر في رفح من شأنه أن يُخضع مجموعة الفلسطينيين في غزة لظروف معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرهم المادي كليا أو جزئيا".
ويؤكد هذا الأمر رفض الخطاب الإسرائيلي الذي يبرر عملياتها، ويعزز فرضية الإبادة الجماعية التي تتم بالوسائل العسكرية، إلا أن حق النقض الأميركي (الفيتو) سيمنع على الأرجح اعتماد أي عقوبات ضد إسرائيل كحظر الأسلحة والعقوبات الاقتصادية.
أما الموضوع الثاني، فهو بحث محكمة العدل الدولية –بمبادرة من نيكاراغوا– عدم القدرة على منع الإبادة الجماعية والتواطؤ فيها.
ولا تزال حجة نيكاراغوا التي تربط المساعدات العسكرية ووقف تمويل الأونروا بعدم منع الإبادة أو حتى بالتواطؤ في الإبادة الجماعية ليست مستبعدة بشكل قاطع، مما يشير إلى أنه في حالات أخرى من الدعم المستمر، يمكن تحميل حلفاء إسرائيل مسؤولية قانونية على أساس اتفاقية الإبادة الجماعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات السابع من أکتوبر تشرین الأول محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة المدعی العام فی غزة
إقرأ أيضاً:
محللون: الصراع بين نتنياهو وبار يقرب إسرائيل من الحرب الأهلية
القدس المحتلةـ أجمعت قراءات المحللين الإسرائيليين أن إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عزمه إقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، يأتي في سياق سعي نتنياهو للسيطرة على مختلف مقاليد الحكم والمؤسسات وبضمنها جهاز الاستخبارات، وهذا يؤسس لتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية يكون فيها الحاكم فوق القانون.
وتوافقت القراءات أن نتنياهو، الذي يسعى للتفرد بالحكم والتهرب من مسؤولية الفشل والإخفاق في منع "طوفان الأقصى" بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يسعى إلى إحكام سيطرته على "الشاباك" الذي يعتبر صمام الأمان بالحفاظ على "أسس وقيم الديمقراطية"، وكذلك يشرف على التحقيقات والمخالفات القانونية، حيث يخشى رئيس الوزراء كشف الشاباك عن مخالفات قانونية أو فضائح متورط فيها.
ورجحت التحليلات الإسرائيلية أن التوجه نحو إقالة بار بمثابة خطوة مهمة من قبل نتنياهو إلى تعيين شخص موال له بالجهاز وذلك لضمان عدم كشف أي فضائح أو مخالفات قد يكون نتنياهو ضالعا فيها.
وبحسب قراءات المحللين، فإن السعي إلى إقصاء بار من منصبه، تعتبر خطوة أخرى لنتنياهو لتفرده بمقاليد الحكم والمؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية، وذلك بعد إقالة رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، حيث يسعى أيضا إلى إقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا.
إعلان
حرب أهلية
تحت عنوان "المواجهة بين نتنياهو وبار تقربنا من نوع من الحرب الأهلية"، كتب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، مقالا، استعرض من خلاله عمق الشرخ والاستقطاب السياسي بالمشهد الإسرائيلي الذي تكرس عقب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكذلك الانقسام بالمجتمع الإسرائيلي الذي ينقسم مجموعتين، مجموعة نتنياهو ومجموعة ثانية مناهضة له.
ويعتقد برنياع أن هذا الانقسام يقرب إسرائيل إلى نوع من الحرب الأهلية، قائلا إن "الصراع الداخلي الإسرائيلي في الوقت الحالي، لا يزال بلا أسلحة، لكنه يقربنا إلى مرحلة فقدان الثقة والعصيان وعدم انصياع في الأجهزة الأمنية، وسوف ينتهي هذا الأمر بجهاز شاباك مختلف، ومكتب مدع عام مختلف، ثم محكمة عدل عليا مختلفة وقوانين أساسية أخرى".
وأوضح أن الخلافات بين نتنياهو وبار تصاعدت تدريجيا، وذلك على خلفية المظاهرات والاحتجاجات ضد خطة الإصلاحات بالجهاز القضائي، حيث تحفظ الشاباك على الخطة، مشيرا إلى أن الجهود التي بذلها بار بمفاوضات صفقة التبادل أدت إلى تفاقم الأزمة والخلافات، وعلى هذا الأساس سارع نتنياهو إلى إقالة بار من فريق المفاوضات.
إن رئيس الوزراء الذي فقد قبضته ويتصرف بدون كوابح، يقول المحلل السياسي، "سوف يحكمنا كما يشاء، وسوف تتبعه حكومة فاشلة، نحن على الأرجح ندخل أياما من القتال المتزايد في غزة، من دون اتفاق، ومن دون صفقة تبادل، ومن دون أن يتلقى الجمهور الإسرائيلي تفسيرا لسبب التوجه للعمل العسكري، إنها أزمة ثقة أثناء القتال".
صراع إلى حد الفوضى
ويرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل أن نتنياهو يتصرف كما لو أنه لم يعد لديه ما يخسره، حيث إن تصعيد الصراع إلى حد الفوضى يخدم مصالحه، إذ تستعد الحكومة الإسرائيلية لتجاوز آخر عقبة كبيرة في طريقها، بإقرار الموازنة العامة قبل نهاية الشهر الحالي.
إعلانويعتقد هرئيل أن التصعيد غير المسبوق، الذي يشنه نتنياهو ضد جهاز الشاباك وضد الجهاز القضائي، يخدم مصلحته من أجل التصدي ومواجهة شركائه في الائتلاف الحكومي، من تيار الصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية، وربما يعجل ذلك عودة رئيس "عظمة يهودي"، إيتمار بن غفير إلى الحكومة.
وأوضح المحلل العسكري أن نتنياهو لم يتحمل حتى الآن أي مسؤولية عن الإخفاقات التي حدثت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويروج أن مصيره سيحسمه الناخبون وصناديق الاقتراع، وعليه هو يقوم بمختلف الإجراءات والحيل القذرة من أجل إقصاء معارضيه، وكذلك تعزيز فرص فوزه بالانتخابات والبقاء على كرسي رئاسة الوزراء.
ويرى هرئيل أن إقصاء بار من منصبه في حال تحقق ذلك، سيسهل على نتنياهو العبث بانتخابات الكنيست بالمستقبل، قائلا إن "إقالة بار أكثر إثارة للقلق، حتى أكثر من إقالة هاليفي وغالانت، لان من مهام وصلاحيات جهاز الشاباك، تحصين أسس النظام الديمقراطي في إسرائيل والدفاع عنها، بتقويض الشاباك والسيطرة عليه يعني تقويض الديمقراطية".
حاكم فوق القانون
ويعتقد محلل الشؤون القضائية في صحيفة "ذا ماركر"، عيدو باوم، أنه إذا لم يتم وقف إقالة بار، فإن إسرائيل ستصبح دولة يكون فيها الحاكم فوق القانون.
الآن تبدأ المعركة القانونية، يقول باوم، وهو محاضر للقانون في كلية الإدارة في تل أبيب، لكن: "في النهاية، ربما يطرح سؤال واحد على المحكمة العليا، هل يمكن إجبار الحكومة على تعيين رئيس للشاباك لا تريده؟ فالطريق إلى اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة طويل، وقد أعد نتنياهو عاصفة مثالية، بحيث يكون هذا الطريق صعبا ومليئا بالمطبات بالنسبة لإسرائيل بأكملها التي تدخل بحالة فوضى".
وعلى خلفية إقالة بار، يضيف محلل الشؤون القضائية، "يجري الشاباك تحقيقا في مكتب رئيس الوزراء، ولا يمكن استبعاد إمكانية أن يمتد التحقيق إلى نتنياهو الذي سارع بالتلويح إلى إقالة رئيس الشاباك، ومن الواضح بالفعل أن عملية إقصاء بار كانت غير سليمة دون الاعتماد على أي أدلة قانونية، وتقرر القيام بعد جلسة استماع استغرقت بضع دقائق".
إعلانوخلص بالقول: "نتنياهو متهم بارتكاب جرائم، وهو الوحيد الذي لم يتحمل المسؤولية عن إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول، وانتهك اتفاقية تضارب المصالح عندما تدخل في الانقلاب على الجهاز القضائي، ويرفض تشكيل لجنة تحقيق رسمية، لكنه هندس تنحي هاليفي وإقالة رئيس الشاباك بطريقة تسمح له بالادعاء بأن الجميع لديهم تضارب في المصالح، باستثنائه هو".