أكد سفير الولايات المتحدة لدى السعودية، مايكل راتني، أن الاتفاق الأمني ​الذي يجري التفاوض عليه حالياً بين الرياض وواشنطن بأنه "تاريخي"، ومن المتوقع أن يغير "المشهد في الشرق الأوسط نحو الأفضل بشكل جذري".

 

جاء ذلك خلال مقابلة لـ "مايكل راتني" في برنامج Frankly Speaking الذي تقدمه كاتي جنسن على موقع صحيفة "عرب نيوز".

 

وأوضح مايكل راتني أن حزمة الاتفاقات ستكون "فعلاً تاريخية" في مجملها، وستكون قادرة على "تغيير المشهد بشكل جذري في الشرق الأوسط نحو الأفضل، فهي تشمل تعاوناً سياسياً وأمنياً، وتكاملاً اقتصادياً".

 

وقال خلال المقابلة: "هناك دور للفلسطينيين كجزء من ذلك، فقد أوضح السعوديون أن هذا الأمر هو أحد شروطهم، ونحن أيضاً لدينا توقعاتنا الخاصة، فقد عزز الصراع في غزة من مدى إلحاح هذا الأمر، ولذا فإنه يجب أن يكون هناك مسار للمضي قدماً في إقامة دولة للفلسطينيين كجزء من هذا الاتفاق".

 

ورفض السفير الأمريكي، تحديد جدولا زمنيا لإبرام الإتفاق، قائلاً إن "هناك العديد من العناصر التي ما زالت قيد المفاوضات، ولا سيما استعداد إسرائيل للوفاء بالجزء الخاص بها من الصفقة".

 

وتابع: "لا أعتقد أن هناك أي شخص منخرط في هذه المفاوضات لا يرغب في الانتهاء منها غداً، ولكن بالنظر إلى أمور عدة، تعد جزءاً من هذا الاتفاق، فضلاً عن المناقشات المعقدة للغاية والمليئة بالتفاصيل، فلا أعتقد أنه يمكنني وضع تاريخ محدد لإتمامها، كما أن هناك عناصر أخرى فيها أيضاً، بما في ذلك دور مجلس الشيوخ، وكذلك تأثير الوضع في إسرائيل.. ولذا فإنه بقدر ما نرغب في إنجاز هذه الصفقة، فإننا سنمضي قدماً في العملية بأسرع ما يمكن، وبأقصى قدر ممكن من الجدية، وسنقوم بإتمامها بمجرد وضع كل القطع في مكانها الصحيح".

 

وأوضح السفير الأميركي لدى الرياض أن "الاتفاق التاريخي" يتطلب تصديق مجلس الشيوخ الأميركي عليه، و"هو ما يعني أنه اتفاق رسمي لا يرتبط بإدارة معينة، بل سيكون اتفاقاً دائماً ليس بين إدارة أو حكومة بعينها، ولكن بين دولتين، وهذا يجلب اليقين لنا وللسعوديين أيضاً".

 

وتابع: "دعونا نقول فقط إنه سيكون اتفاقاً تاريخياً سيؤدي إلى تحسين مستوى الشراكة الأمنية بين واشنطن والرياض، كما أنه سيؤدي إلى تحسين العلاقات الاقتصادية، فضلاً عن أنه سيجمع إسرائيل والمملكة بشكل أساسي في منطقة واحدة، وسينتج عنه مزايا وطريق للمضي قدماً نحو إقامة دولة للفلسطينيين.. هذه أمور كثيرة، هناك مجموعة معقدة من المناقشات".

 

ولفت راتني، الذي عمل سابقاً دبلوماسياً في إسرائيل، إلى أن هناك الكثير مما يمكن أن تكسبه المنطقة بسبب هذه الصفقة، قائلاً إن "جميع عناصر الصفقة التي تمت مناقشتها كانت ذات قيمة استثنائية، إذ تتمثل قيمتها الحقيقية في جمع كل ذلك معاً".

 

وقال: "كل تلك العناصر التي كانت قيد المناقشة، وجميع الأجزاء الخاصة بالعلاقات الأميركية-السعودية والأجزاء الإسرائيلية والفلسطينية مجتمعة يمكن أن تغير المشهد في الشرق الأوسط بشكل جذري، وهذا هو المنظور الذي نرى الصفقة من خلاله، وهو بالتأكيد المنظور الذي يراها من خلاله مجلس الشيوخ، وسيكون لديهم في نهاية المطاف تصويت للتصديق عليها".

 

وعن سبب تردد واشنطن في الاستماع إلى أقرب حلفائها وممارسة ضغوط أكثر صرامة على تل أبيب، أشار إلى انخراط الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن وكبار المسؤولين الأميركيين بشكل كبير في هذه العملية، "إذ كان هذا هو الشغل الشاغل لهم منذ 7 أكتوبر، فقد تواجدوا في المنطقة بشكل كبير، إذ حضر بلينكن إلى هنا 6 مرات منذ 7 أكتوبر الماضي، وكذلك مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، وفي كل مرة تقريباً كانت الرحلة تتضمن زيارات إلى إسرائيل أيضاً، حيث كانوا يجرون، في بعض الأحيان، محادثات صعبة ومباشرة للغاية.. فلدينا علاقة وشراكة مع إسرائيل، ونحن نستخدم تلك العلاقة والشراكة لإيجاد نهاية لائقة لهذا الصراع".

 

وتحدث راتني، الذي بات سفيراً لدى الرياض منذ حوالي العام، أن العلاقات الثنائية أصبحت أفضل عندما تولى منصبه، وإنه هناك إمكانية لوجود علاقات أقوى، مع توسع الشراكة بين البلدين، بطرق عدة مختلفة لربما كانت غير ممكنة منذ 5 أو 10 سنوات، مضيفا: "دخلنا في المفاوضات حول اتفاق تاريخي محتمل بين بلدينا، ولذلك، إذا كنت أتطلع إلى الأمام لمدة عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، فإن ما أريده هو أن يستمر المسار الحالي وكذلك سرعة هذا التنوع وهذه الشراكة".

 

وعن مجالات التعاون والفرص بين الولايات المتحدة والسعودية، قال راتني إن "هناك الآن مجالاً للتجارة والتبادل في مجال التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الإبداعية"، مضيفاً: "نحن نعمل بشكل مكثف مع الشركات الأميركية التي أصبحت مهتمة بهذا السوق، وذلك من أجل التصدير إليه، والشراكة مع السعوديين والاستثمار هنا، وهو الأمر الذي لا نراه في مجالات مثل الرعاية الصحية فحسب، ولكن أيضاً في مجال البنية التحتية".

 

وتابع: "من الواضح أن هذا البلد يقوم باستثمارات ضخمة في البنية التحتية، والشركات الأميركية تجلب قيمة حقيقية هنا، ففي مجال التكنولوجيا المتقدمة تطمح المملكة إلى أن تصبح مركزاً للابتكار والتطور التكنولوجي، وهو المجال الذي يعد علامة تجارية أميركية، وبالتالي فإن الشركات الأميركية مثل (أمازون) و(جوجل) وغيرها، باتت موجودة هنا، ومهتمة بالمشاركة في العملية، وهي شريكة مع السعوديين في تلك الجهود".

 

ولفت السفير الأميركي لدى الرياض، إلى أن الأوروبيين والصينيين يتنافسون مع الولايات المتحدة على "السوق السعودي"، وأضاف: "لكن يجب أن أقول إنه في حين أن الصين قد تقدم سعراً منخفضاً، فإن الولايات المتحدة تقدم القيمة، وتجلب الابتكار والشراكة بطريقة لا يمكن أن يضاهيها سوى عدد قليل جداً من المنافسين".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: واشنطن السعودية الرياض بن سلمان الكيان الصهيوني الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الاحتواء الأمني أم الحل السياسي؟ مأزق إسرائيل المزدوج

 

كتب / أزال عمر الجاوي

بالنسبة لإسرائيل، لا يكمن مأزقها الاستراتيجي في فشلها في القضاء على حماس، ولا في اضطرارها للقبول باتفاق تبادل الأسرى، رغم أهمية هذين الأمرين. إنما يكمن مأزقها الوجودي في انهيار نظرية “احتواء الفلسطينيين” أمنيًا كبديل عن الحل السياسي للقضية الفلسطينية، وهي النظرية التي رُوِّج لها لعقود وقُبِلت عالميًا، حتى أن دول الغرب، بل وبعض الدول العربية، بنت استراتيجياتها في المنطقة بناءً على هذا الوهم.

 

اليوم، لا تكمن المشكلة الحقيقية التي تواجه إسرائيل في المراحل القادمة من أي صفقة في بقاء حماس في السلطة بغزة، ولا في قضية الأسرى أو إعادة الإعمار، بل في محاولتها استعادة السيطرة على الوضع وإعادة تسويق نظرية “الاحتواء” الأمني كبديل عن استحقاقات الحل السياسي، رغم أن الواقع أثبت فشلها. وهذا يعني أن إسرائيل عالقة بين خيارين كلاهما مرّ: إما تكرار سياسة الاحتواء، التي لم توفر لها الأمن والاستقرار ولم ولن تؤدِ إلى اندماجها في المنطقة كدولة طبيعية، ولم تُنهِ القضية الفلسطينية، أو القبول بحلول سياسية قد تقود في النهاية إلى النتيجة ذاتها، أي تقويض أسس وجودها.

 

والحقيقة أن إسرائيل لا تملك رفاهية القبول بأي حل سياسي، لأن جميع الحلول الممكنة تفرض عليها تنازلات جوهرية تمسّ طبيعة كيانها. وهنا يكمن مأزقها الحقيقي في المضي قدمًا نحو وقف الحرب دون القدرة على إيجاد بديل استراتيجي قابل للحياة.

 

إسرائيل اليوم تواجه مأزقًا مزدوجًا: لا حلول أمنية أو عسكرية حاسمة، ولا حلول سياسية تضمن بقاءها كدولة يهودية على المدى البعيد. ولذلك، كما قُلنا منذ الأيام الأولى عقب “طوفان الأقصى”، فإن إسرائيل كانت أمام خيارين لا ثالث لهما: إما القبول بنتائج الهزيمة في تلك العملية، أو التوجه نحو هزيمة أكبر. وهذا بالضبط ما حدث.

مقالات مشابهة

  • الدغيم: اللجنة عدلت من برامجها بناءً على النقد، والاجتماع سيكون مع مختلف الشرائح وخاصة في المناطق الشرقية وسيكون هناك تمثيل لذوي الضحايا والجرحى والمعتقلين
  • الاحتواء الأمني أم الحل السياسي؟ مأزق إسرائيل المزدوج
  • رئيس حماس في الضفة: أي تراجع عن الاتفاق سيكون شهادة وفاة لأسرى الاحتلال
  • الرئيس اللبناني: إسرائيل خرقت الاتفاق وعلى واشنطن التدخل
  • إيران تفتح باب التفاوض لبيع طائرات شاهد بعد عرض أمريكي.. ما الذي نعرفه؟
  • واشنطن تطرح قرارًا "تاريخيًا" بشأن أوكرانيا في الأمم المتحدة الاثنين
  • الأعرجي يعقد اجتماعا في أربيل لتنفيذ الاتفاق الأمني بين بغداد وطهران
  • في أربيل.. الأعرجي يتابع تنفيذ الاتفاق الأمني بين العراق وإيران
  • رغم النفي الإيراني.. وفد من واشنطن سيصل بغداد قريبا لبدء مفاوضات مع طهران - عاجل
  • الرئيس الإيراني: نريد التفاوض مع أمريكا ودول المنطقة ولن نخشى إسرائيل