علماء معهد ماساشوستس للتكنولوجيا يصنعون خلطة يمكنها تحويل المباني إلى بطاريات عملاقة
تاريخ النشر: 3rd, August 2023 GMT
توصلت دراسة جديدة قام بها علماء من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا إلى أن اثنين من أكثر المواد انتشارا لدى البشرية، وهما الأسمنت وأسود الكربون (الذي يشبه الفحم النباتي ذي الحبيبات الدقيقة)، قد يشكلان الأساس لنظام تخزين طاقة جديد ومنخفض التكلفة.
يمكن لهذه التكنولوجيا أن تسهل استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة المد والجزر، عن طريق السماح لشبكات الطاقة بالبقاء مستقرة رغم التقلبات في إمدادات الطاقة المتجددة.
ووجد الباحثون أنه يمكن دمج المادتين مع الماء لصنع مكثف فائق -بديل للبطاريات- يمكن أن يوفر تخزينا للطاقة الكهربائية. ويقول باحثو معهد ماساشوستس للتكنولوجيا الذين طوروا النظام أنه يمكن في النهاية دمج المكثف الفائق في الأساسات الخرسانية للمنزل، حيث يمكنه تخزين ما يكفي من الطاقة ليوم كامل مع إضافة القليل إلى تكلفة الأساسات، بما يحافظ على القوة الهيكلية المطلوبة.
ويتصور الباحثون أيضا إمكانية إنشاء طرق خرسانية يمكن أن توفر بدون تلامس إمكانية إعادة الشحن للسيارات الكهربائية في أثناء سيرها عبر تلك الطرق.
تم وصف هذه التكنولوجيا البسيطة والمبتكرة في ورقة بحثية نشرت في دورية "بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز" (PNAS)، يوم 31 يوليو/تموز الماضي.
لفهم هذا الابتكار، دعونا نفهم فكرة المكثفات وعملها في مجال الطاقة الكهربية. فالمكثفات، من حيث المبدأ، أجهزة بسيطة للغاية تتكون من لوحين موصلين كهربائيا مغمورين في إلكتروليت ويفصل بينهما غشاء. وعندما يتم تطبيق جهد عبر المكثف، تتراكم الأيونات الموجبة الشحنة من الإلكتروليت على الصفيحة السالبة الشحنة، بينما تتراكم على اللوح موجب الشحنة الأيونات السالبة الشحنة.
ونظرًا لأن الغشاء الموجود بين الصفائح يمنع الأيونات المشحونة من الانتقال عبرها، فإن فصل الشحنات هذا يخلق مجالا كهربائيا بين الألواح، ويصبح المكثف مشحونا. ويمكن للصفيحتين الحفاظ على هذا الزوج من الشحنات لفترة طويلة، ومن ثم توصيلهما بسرعة كبيرة عند الحاجة.
ويمكن للمكثفات الفائقة تخزين شحنات كبيرة بشكل استثنائي. وتعتمد كمية الطاقة التي يمكن أن يخزنها المكثف على المساحة الإجمالية لألواحه الموصلة. ويأتي مفتاح المكثفات الفائقة الجديدة التي طورها الفريق الأميركي من طريقة إنتاج مادة قائمة على الأسمنت مع مساحة سطح داخلية عالية للغاية بسبب شبكة كثيفة ومترابطة من المواد الموصلة ضمن حجمها الأكبر.
أدخل الباحثون أسود الكربون -عالي التوصيل- في خليط خرساني إلى جانب مسحوق الأسمنت والماء، وتُرك يجف، وتشكل المياه بشكل طبيعي شبكة متفرعة من الفتحات داخل الهيكل حيث تتفاعل مع الأسمنت، وينتقل الكربون إلى هذه المساحات لصنع هياكل تشبه الأسلاك داخل الأسمنت المتصلب.
تحتوي هذه الهياكل على هيكل شبيه بالكسيرات، مع فروع أكبر تنبت فروعًا أصغر، والتي ينبت منها فروعا أصغر، وهكذا، وتنتهي بمساحة كبيرة للغاية داخل حدود حجم صغير نسبيا.
يتم بعد ذلك نقع المادة في مادة إلكتروليت قياسية، مثل كلوريد البوتاسيوم، وهو نوع من الملح، يوفر الجسيمات المشحونة التي تتراكم على هياكل الكربون. وقد وجد الباحثون أن قطبين مصنوعين من هذه المادة، تفصلهما مساحة رقيقة أو طبقة عازلة، يشكلان مكثفًا فائقًا قويًا للغاية.
تعمل لوحتا المكثف تمامًا مثل قطبي بطارية قابلة لإعادة الشحن ذات جهد مكافئ عند التوصيل بمصدر للكهرباء، حيث يتم تخزين الطاقة في الألواح، ثم عند التوصيل بحمل، يتدفق التيار الكهربائي مجددا لتوفير الطاقة.
يقول الباحثون إن المكثفات الفائقة المصنوعة من هذه المادة لديها إمكانات كبيرة للمساعدة في انتقال العالم إلى الطاقة المتجددة، إذ تنتج المصادر الرئيسية المتجددة -مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المد والجزر- الطاقة في أوقات متغيرة لا تتوافق غالبا مع ذروة استخدام الكهرباء، لذا فإن طرق تخزين هذه الطاقة ضرورية.
ومع وجود حاجة كبيرة لتخزين الطاقة الضخمة، وارتفاع تكلفة البطاريات الحالية التي تعتمد في الغالب على مواد موجودة بشكل محدود مثل الليثيوم، تبرز الحاجة الماسة إلى بدائل أرخص، وهنا تأتي أهمية الاكتشاف الجديد، لأن الأسمنت موجود في كل مكان.
وحسب الفريق الأميركي، فإن كتلة من الخرسانة النانوية المطلية بالكربون الأسود والتي يبلغ حجمها 45 مترا مكعبا -أي ما يعادل مكعبا بعرض 3.5 أمتار تقريبا- ستكون لها سعة كافية لتخزين نحو 10 كيلووات/ ساعة من الطاقة، وهو متوسط الاستخدام اليومي للكهرباء للأسرة. ويمكن للمنزل الذي يحتوي على أساس مصنوع من هذه المادة تخزين طاقة يومية تنتجها الألواح الشمسية أو طواحين الهواء والسماح باستخدامها عند الحاجة. ويمكن شحن المكثفات الفائقة وتفريغها بسرعة أكبر بكثير من البطاريات.
بعد سلسلة من الاختبارات المستخدمة لتحديد النسب الأكثر فاعلية للأسمنت وأسود الكربون والماء، صنع الفريق مكثفات فائقة صغيرة، بعرض نحو سنتيمتر واحد وسُمك مليمتر واحد، يمكن شحن كل منها إلى 1 فولت، ويخطط الفريق حاليا لبناء سلسلة من الإصدارات الأكبر من البطاريات، بدءا ببطارية في حجم بطارية السيارة النموذجية بجهد 12 فولتا، ثم العمل حتى إصدار 45 مترا مكعبا لإثبات قدرتها على تخزين الطاقة الكهربائية اللازمة للمنزل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة
إقرأ أيضاً:
«تريندز» يستضيف برنامج «نمو 2025» بالتعاون مع «آيرينا»
استضاف مركز تريندز للبحوث والاستشارات، فعاليات برنامج «نمو 2025» التابع للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، الذي جمع نخبة من الخبراء والباحثين لمناقشة أحدث الاتجاهات في مجال التحول نحو الطاقة المتجددة والتغير المناخي.
وشهدت الفعالية جلسات نقاشية حول أبرز القضايا المتعلقة بالطاقة الخضراء، تناول المشاركون فيها أحدث التطورات في مجال تخزين الطاقة، ودور الذكاء الاصطناعي في تطوير الشبكات الذكية، وسياسات تسعير الكربون، وأطر الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، إلى جانب تسليط الضوء على تأثير التغيرات السياسية في تبني مصادر الطاقة المتجددة.
وأكد المشاركون في جلسات البرنامج على الدور الأساسي للبحث العلمي في تطوير حلول مبتكرة لمواجهة التغير المناخي، واستعرضوا أحدث الابتكارات في مجالات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية، وتقنيات تخزين البطاريات، إلى جانب تجارب ورؤى متنوعة حول أهمية العمل الجماعي لتحقيق التحول الأخضر.(وام)