تشارلي.. من حلم مستحيل إلى مسرحية موسيقية
تاريخ النشر: 3rd, August 2023 GMT
بعد النجاح الملحوظ الذي حققته مسرحية "تشارلي" خلال عرضها بالموسم الأول في يوليو/تموز 2022 بالقاهرة وضمن فعاليات موسم الرياض في السعودية خلال يناير/كانون الثاني الماضي على مسرح محمد العلي عاد العمل إلى العرض بموسم جديد في العاصمة المصرية.
مسرحية "تشارلي" تأليف مدحت العدل، وإخراج أحمد البوهي، وبطولة جماعية لكل من محمد فهيم، ونور قدري، وأيمن الشيوي، وداليا الجندي، والمطرب هاني مصطفى، وروان الغاب، بالإضافة إلى أكثر من 50 فنانا استعراضيا.
صمم الاستعراضات عمرو باتريك، والديكور حازم شبل، والأزياء ريم العدل، أما الألحان فألّفها إيهاب عبد الواحد ووزعها نادر حمدي، وسُجلت الموسيقى التصويرية بين فرنسا ومقدونيا.
تنتمي المسرحية إلى فئة الأعمال الموسيقية الاستعراضية الشبيهة بما يقدم على مسارح برودواي، وهو أمر غير معتاد في الوطن العربي لما تتطلبه من إنتاج ضخم.
وعلى عكس ما قد يتوقعه البعض من عمل فني عن حياة تشارلي شابلن (أحد أهم نجوم السينما والمؤثرين في صناعتها بالتاريخ وملك الكوميديا الصامتة) لا يمكن وصف المسرحية بالكوميدية بأي حال من الأحوال.
الصراع الأبدي بين السلطة والمواطنيستعرض العمل الجانب الإنساني في حياة تشارلي، ويسلط الضوء على الصعوبات التي واجهها خلال مشواره العملي وصراعاته الداخلية، وتأثير مأساته الشخصية وعلاقته المعقدة مع أمه على إبداعاته واختياراته الفنية، وتقاطع كل ذلك مع ما يجري بالشأن السياسي العام وموقف السلطة منه.
واتسم تعاطي الجمهور مع ما شاهده على المسرح بالكثير من الوعي الممزوج بحالة خالصة من الانبهار والاستمتاع، سواء في مصر أو السعودية، وهو ما فاجأ صانعي العمل، فمع كامل إدراكهم أهمية ما يقدمونه لكن التقدير والحفاوة الفورية اللذين وجدوهما أدهشاهم وجعلاهم يعيدون تقييم الوعي الثقافي للمشاهد العربي، بل وشجعاهم على المضي قدما والتحضير لاستكمال العروض بالخارج، سواء في دول عربية أخرى أو أميركا وأوروبا.
حلم مستحيل مشتركبدأ الأمر كحلم في 2012 حين أعلن الممثل محمد فهيم عبر صفحته على فيسبوك أمنيته بتجسيد شخصية شابلن يوما ما، وهو ما آمن به وأخذه بجدية وظل لسنوات يجتهد ليصبح نجما شاملا كتشارلي، فشرع في تعلم الرقص والغناء وبعض المهارات الحركية الأخرى التي تجعله مستعدا للفرصة ما إن تلوح في الأفق، وينوي تعلم الإخراج والموسيقى والشروع في الإنتاج وامتلاك أستوديو خاص به مستقبلا.
وبحلول 2021 شارك فهيم حلمه مع صديقه المخرج أحمد البوهي الذي تحمس للفكرة، واستمر الاثنان طوال 8 أشهر يبحثان الأمر ويشاهدان كل الأفلام والوثائقيات والسير الذاتية ويقرآن الكتب والأبحاث التي ارتبطت بشابلن، وحين اختمرت الفكرة وصار لديهما سيناريو مبدئي للعرض الذي يرغبان في تقديمه توجها إلى الكاتب مدحت العدل على أمل إقناعه بحلمهما ومشاركتهما إياه.
المفاجأة كانت إيمانه الفوري بالعمل وإصراره على كتابته بالكامل من قصة وأغنيات وأشعار وحوارات مُقفّاة حتى أنه شاهد 53 فيلما عن حياة شابلن خلال 4 أيام فقط. وهي جرعة الحماس نفسها التي صدرت عن الملحن إيهاب عبد الواحد حين عُرض عليه العمل، فمن جهة يصف عبد الواحد نفسه بأنه مجنون بحب شابلن كونه الممثل الوحيد الذي كان يؤلف الموسيقى التصويرية لأعماله ويلحن أغانيه بنفسه، ومن جهة أخرى لأنه يعشق المسرح الغنائي.
تلك الحالة المتقدة من الشغف التي تعامل بها صانعو العمل مع المشروع امتدت لتشمل الممثلين والراقصين وجعلتهم لا يتوانون عن قضاء 1800 ساعة بين التحضير والبروفات المسرحية التي شملت عشرات التعديلات والتغييرات، لتكون النتيجة نحو 30 استعراضا و40 أغنية و55 قطعة موسيقية.
عمل فني متكامللم يقتصر تميز العمل على الغناء والشعر والرقص والتمثيل، فقد كانت الأزياء من النقاط الإيجابية أيضا في مسرحية "تشارلي"، إذ برعت ريم العدل بتصميم أزياء مناسبة لسرعة العرض وحاجة الممثلين لتبديل الملابس خلال ثوان.
وتمكنت العدل عبر اختيارها الأزياء أن تعكس الفترة الزمنية التي دارت خلالها الأحداث، بداية من عام 1900 وطفولة تشارلي حتى عام 1972 ولحظة حصوله على جائزة الأوسكار الفخرية نظير مساهمته القيمة في صناعة السينما بعد غياب دام 20 سنة عن الولايات المتحدة الأميركية التي منع من دخولها لأسباب سياسية.
كذلك جاء الديكور للمصمم حازم شبل حقيقيا ويعكس موهبة صاحبه، ففي حين تضم المسرحيات الضخمة عادة من 8 إلى 9 تغييرات بالديكور ضمت "تشارلي" 56 تغييرا جرت بسلاسة دون أي إزعاج بصري أو قطع للحالة الشعورية واندماج الجمهور.
أما على مستوى السرد فلجأ المؤلف والمخرج إلى استخدام أسلوب سرد غير منتظم شديد التعقيد وقدماه بحرفية ملحوظة، وظل المشاهد قادرا على معرفة الخطوط الفاصلة بين الأزمان والاستمتاع بالحبكة وتداخلاتها.
ما أشبه البارحة باليومتعد مسرحية "تشارلي" تحديا صارخا للذائقة الجماهيرية السائدة حاليا وخطوة جريئة إن لم تكن متهورة في ظل الصعوبات الإنتاجية بعد جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي تركت أثرها على الجميع.
لهذا يُحسب لصانعي العمل -وعلى رأسهم المؤلف والمنتج- الانتصار لفكرة تقديم حياة شابلن على المسرح وامتلاكهم من الشجاعة ما يكفي للربط بين الأحداث التاريخية التي جرت قديما وما يمر به العالم في الوقت الحالي من صراعات وخلافات سياسية، مسلطين الضوء على التشابه المخيف مع معاناة المواطن اليومية حاليا في ظل كساد وبطالة وخوف من الأنظمة الحاكمة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خالد بن محمد بن زايد: القيادة الرشيدة حريصة على مواصلة الارتقاء بصحة وجودة حياة أفراد المجتمع
أبوظبي – الوطن:
ترأس سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، اجتماع مجلس الإمارات للجينوم.
وتناول الاجتماع خطط المجلس لتعزيز أولوية مبادرات الطب الدقيق التي توظف البيانات الجينية بشكل فعال في الارتقاء بمخرجات الصحة العامة في دولة الإمارات، وتسهم في رفع كفاءة منظومة الرعاية الصحية، وتحفز النمو المعرفي والاقتصادي في هذا القطاع الحيوي، وترسخ مكانة الدولة كمركز عالمي متقدم في الطب الدقيق.
وأكد سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان حرص القيادة الرشيدة على مواصلة الارتقاء بصحة وجودة حياة أفراد المجتمع، منوهاً سموّه بأهمية جهود البحوث والتطوير في مجالات الطب الدقيق، والرعاية الوقائية، وتحسين وتعزيز العمر الصحي، وإسهامات هذه الجهود النوعية في تحقيق نتائج ملموسة ومستدامة في رفع مستوى الصحة العامة.
وأشاد سموّه بكافة الجهود التي تسهم في تعزيز مكانة الإمارات في صدارة الدول الرائدة في مجال بحوث الجينوم وتطبيقاتها العملية.
واعتمد سموّه، خلال الاجتماع، حزمة برامج جديدة للفحص الجيني، بهدف توسيع الاستفادة من البيانات الجينومية وتسريع تبنّي خدمات الرعاية الصحية الشخصية القائمة على الجينوم في دولة الإمارات.
وتتضمن هذه الحزمة برنامج الفحوص الجينية للأطفال حديثي الولادة، ويهدف إلى الكشف المبكر عن الاضطرابات الوراثية القابلة للعلاج لدى الرُضّع، من خلال تقييم 733 جيناً مرتبطاً بأكثر من 800 حالة وراثية.
وتشمل الحزمة برنامج الفحوص الجينية الإضافية للأشخاص البالغين المشاركين في برنامج الجينوم الإماراتي، بهدف تحديد الحالات الوراثية التي يمكن تشخيصها والتعامل معها مبكراً، من خلال تقييم 94 جيناً مرتبطاً بأكثر من 50 حالة وراثية.
كما تضم برامجاً مخصصة للخصوبة، تشمل تقييم 186 جيناً مرتبطاً بأكثر من 130 حالة وراثية، وتقديم حلول علاجية وتوصيات طبية شخصية للأزواج.
وتتضمن الحزمة كذلك برنامج فحوصات القلب والأوعية الدموية، الذي يوفر التشخيص الجيني الدقيق والعلاجات المخصصة له، ويدعم الوقاية والكشف المبكر، من خلال تقييم أكثر من 800 جين مرتبط بأكثر من 100 حالة وراثية.
واطَّلع سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، خلال الاجتماع، على مخرجات دراسة الجينوم الإماراتي المرجعي “التيلومير إلى التيلومير” (T2T)، التي نُفذت تحت إشراف دائرة الصحة – أبوظبي بالتعاون مع جامعة خليفة ومجموعة “M42″، بهدف سد فجوات مهمة في البيانات الجينومية، وتوفير مصدر مرجعي شامل يدعم أبحاث الطب الدقيق، وتعزيز إجراء مقارنات دقيقة مع المراجع الجينومية العالمية، بهدف تطوير الأبحاث المتخصصة في الأمراض، وعلم الجينوم الدوائي، إلى جانب تطوير حلول علاجية متخصصة تُلبي الاحتياجات الصحية الخاصة بالمجتمع الإماراتي.
كما اطَّلع سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان على مستجدات برنامج الاختبار الجيني للمقبلين على الزواج، الذي تم إطلاقه وتنفيذه على المستوى الوطني اعتباراً من الأول من يناير 2025، وذلك تحت إشراف وزارة الصحة ووقاية المجتمع، بالتعاون مع دائرة الصحة – أبوظبي، وهيئة الصحة بدبي، ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، وعدد من الشركاء الاستراتيجيين.
ومنذ إطلاقه، قدّم البرنامج الدعم لـ 2,428 من المقبلين على الزواج، إذ بلغت نسبة التوافق الجيني بينهم أكثر من 92%، وذلك من خلال إجراء فحوصات جينية دقيقة لـ 570 جيناً مرتبطاً بأكثر من 840 اضطراباً وراثياً.
كما وفر البرنامج جلسات استشارات جينية للأزواج الذين أظهرت نتائجهم حاجتهم لمزيد من الدعم، لتقييم عوامل الخطر الوراثية المحتملة، وتقديم حلول مدروسة تدعم عملية اتخاذ القرار بشأن التخطيط الأسري.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز الصحة العامة وجودة حياة أفراد المجتمع، وحماية الأجيال القادمة من الأمراض الوراثية.
واستعرض سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان أحدث مستجدات برنامج الجينوم الإماراتي، الذي نجح في جمع أكثر من 700 ألف عينة جينية من مواطني الدولة، محققاً تقدماً ملحوظاً نحو هدفه الاستراتيجي بالوصول إلى مليون عينة.
كما تمكن البرنامج، في الآونة الأخيرة، من جمع 100 ألف عينة جينية إضافية من مشاركين من جنسيات متعددة، ضمن مبادرة نوعية جديدة تُنفذ بالتعاون مع مجموعة “M42” للاستفادة من القدرات المتقدمة لدولة الإمارات في مجال الجينوم. وتسهم هذه المبادرة الجديدة في سد فجوات مهمة في البيانات الجينية على المستوى العالمي، وتوفير رؤى علمية دقيقة حول الطفرات الوراثية التي تؤثر على أكثر من 2.5 مليار شخص من مختلف الأعراق، بهدف تعزيز التعاون الدولي في مجالات بحوث الطب الدقيق وحلوله.