خبراء يفسرون أسباب تكتم واشنطن على تفاصيل الصفقة بين حماس وإسرائيل
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
واشنطن- يعكس وجود وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في الدوحة، ووصول بريت ماكغورك كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط إلى القاهرة، حجم الضغط الأميركي للتوصل إلى انفراجة بشأن الصفقة التي عرضها بايدن يوم الجمعة الماضي.
وحتى الآن، لم تعلن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) موافقتها الصريحة على الاتفاق على خلفية عدم وجود ضمانات قوية بوقف نهائي للقتال وانسحاب القوات الإسرائيلية من كامل قطاع غزة مع انتهاء مرحلة الاتفاق الثانية.
ويرى بايدن أنه على الطرفين قبول الاتفاق، والبدء في مرحلته الأولى على أن يستمر وقف إطلاق النار ما دام الجانبان مستمرين في التفاوض.
غموضوفي حديث للجزيرة نت، أشار المستشار السابق للقيادة الفلسطينية في المفاوضات مع إسرائيل، خالد الجندي، إلى أن بايدن يعتقد أنه أذكى من الجميع، وأنه من خلال تأطير الاقتراح على أنه إسرائيلي، فيمكن الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتسود حالة من الغموض بسبب اختلاف مطالب وتوقعات أطراف النزاع، مع استبعاد التوصل للمرحلة الثالثة من الاتفاق التي تشمل إعادة أعمار قطاع غزة. ويبدو أن نتنياهو غير مكترث بهذه المرحلة، في حين تخشى حركة حماس عدم الوصول أبدا لها.
وفي مقابلته مع مجلة "تايم" الأميركية، التي نشرت الاثنين الماضي، أجاب الرئيس بايدن بكلمة "نعم" عندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن نتنياهو يطيل حرب بلاده مع حركة حماس لتعزيز بقائه السياسي. وقال بايدن إن "الإجابة قد تكون نعم، هناك كل الأسباب ليستخلص الناس هذا الاستنتاج".
وبعد ساعات، بدا أن الرئيس الأميركي يقول شيئا معاكسا عندما رد على سؤال أحد المراسلين في أثناء مغادرته اجتماعا انتخابيا "هل نتنياهو يستخدم الحرب في لعبته السياسية؟"، وأجاب بايدن: "لا أعتقد ذلك، إنه يحاول حل مشكلة خطيرة لديه".
هذا التناقض دفع بعديد من المراقبين لاستدعاء بعض مواقف البيت الأبيض المتناقضة تجاه تطورات أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وهذا التناقض في ما يطرحه البيت الأبيض من تصريحات وبيانات مع التمسك عمليا بدعم إسرائيل يُرجعه المعلقون إلى رغبة بايدن في استرضاء الفئات الانتخابية المتباينة والمتضاربة في مواقفها في أحيان كثيرة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
فرسائل البيت الأبيض تعمل -وفق معلقين للجزيرة نت- على إرضاء الناخبين المؤيدين لإسرائيل بتأكيد الإفراج عن كل المحتجزين لدى حماس مع ضمان ألا تملك الحركة أي قدرات تسمح لها بمهاجمة إسرائيل مستقبلا. وفي الوقت ذاته، يتم التوصل لوقف إطلاق النار إرضاء للناخبين العرب والمسلمين.
وسيلة ضغطخلال الأشهر القليلة الماضية، لم يخف البيت الأبيض رغبته في حدوث تغيير في قمة السلطة السياسية في إسرائيل، ودعم بايدن مناشدة رئيس الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر ضرورة إجراء انتخابات في إسرائيل سعيا لتغيير نتنياهو.
ودفع ذلك بعض المحللين ليتصوروا أن طريقة طرح بايدن لخطة وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين ما هي إلا خطوة في هذا الاتجاه.
من ناحيته، يقول ديفيد دي روش، أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، والمسؤول السابق بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن بايدن صوّر هذا الاقتراح بشكل غير صحيح على أنه اقتراح للحكومة الإسرائيلية، وهو ما تنصلت هذه الحكومة منه على الفور، وذلك لجذب البعض داخل تل أبيب.
وهذا من شأنه أن يشير إلى أن الاقتراح يهدف إلى تعطيل حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية، وتعزيز حل مجلس الوزراء، ويؤدي إلى حكومة جديدة بقيادة شخص آخر غير نتنياهو، حسب دي روش.
ويعتقد دي روش أن فريق البيت الأبيض اعتبر أن تحرك بايدن بمثابة وسيلة للضغط على نتنياهو وتفتيت حكومته، وأن استياءه من نتنياهو ليس سرا، "من الواضح أن الرئيس الأميركي يعتقد أنه قادر على حل مشكلة غزة إذا كان هناك شريك مختلف في إسرائيل غير نتنياهو".
وفي حديث للجزيرة نت، قال غريغوري أفتانديليان، خبير ملف سلام الشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية في واشنطن، إن بايدن فتح آفاقا جديدة بقوله إن وقف إطلاق النار المؤقت يجب أن يؤدي إلى وقف دائم له يستلزم إطلاق سراح المحتجزين المتبقين.
ولطمأنة الإسرائيليين، يشير أفتانديليان إلى أن الرئيس الأميركي قال "إن حماس لا تملك القدرة على شن هجوم آخر داخل إسرائيل كما فعلت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023″، كما قال بايدن إن ما كشف عنه هو الخطة الإسرائيلية، بدلا من إصدار خطة أميركية، وذلك للضغط على نتنياهو لقبولها دون مطالب جديدة.
ورغم أنها خطة إسرائيلية، فإن نتنياهو لم يكن متحمسا بشأنها، ويخشى أن يؤدي القبول المطلق لها إلى انسحاب أعضاء اليمين المتطرف في حكومته مثل الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وفق أفتانديليان.
مناورة نتنياهومن جهته، اعتبر خالد الجندي أن نتنياهو "يلعب على كلا الجانبين، يقول لواشنطن لقد صوّت لصالح الاتفاق، وفي الوقت نفسه يقول إن هذا العرض ليس دقيقا أمام مجلسه الوزاري، وإنه لا يكفي لتحقيق النصر الكامل".
وعن موقف حركة حماس، يعتقد الخبير دي روش أنها ستقبل الاقتراح، لكنها "ستتلكأ في تنفيذه، وتتجادل بشأن التفاصيل"، "ومع مرور الوقت، رأينا أن عديدا من المحتجزين لديها إما ماتوا أو تحتجزهم جماعات أخرى.
وفي الوقت نفسه، تدرك حماس أن المحتجزين هم الأمر الوحيد الذي يعوق هجوما عسكريا واسعا ضدهم، حسب دي روش، الذي يرى أن الحركة ستطيل هذا لأطول فترة ممكنة، لكنها "ستسعى إلى تصوير نفسها على أنها مستعدة لقبول أي اقتراح سلام".
أما أفتانديليان فيرى أن حماس "تزعم أنها تدرس الاقتراح وقد تقبل به بالفعل، لأن هناك ضغوطا متزايدة من الجانب العربي عليها لإنهاء هذه الحرب".
ورغم أن إسرائيل والولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يوافقوا على عودة حماس إلى السلطة في قطاع غزة، فإن قادتها قد يعتقدون أنها ستظل لاعبا مهما في السياسة الفلسطينية في المستقبل، حسب أفتانديليان.
وفي رأي الجندي، فإن حماس تسعى للحصول على تأكيدات وضمانات لوقف الأعمال العدائية، وفي المقابل تريد إسرائيل أن تكون لها حرية الدخول والخروج من غزة وقتما شاءت، ولذلك فهي تريد اتفاقا لوقف إطلاق النار لا ينهي الحرب.
وختم الجندي بالقول إن أهداف بايدن أن يُظهر للأميركيين -خاصة الشباب- أنه بذل قصارى جهده مع طرفي الصراع، وقوبلت جهوده برفض حماس، وتعنت نتنياهو، بما يُظهر بايدن وكأنه هو الرجل الطيب الذي يحاول إدخال المساعدات الإنسانية، ويحاول إنهاء الحرب والإفراج عن المحتجزين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الرئیس الأمیرکی وقف إطلاق النار البیت الأبیض على أن
إقرأ أيضاً:
غموض يحيط باتفاق وقف إطلاق النار.. وخبير يكشف موقف حماس وإسرائيل
في خضم الصراع المستمر في غزة، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار أمس السبت، لكن حالة من الغموض تكتنف مستقبل الاتفاق، حيث تسعى إسرائيل إلى تمديد هذه المرحلة بينما تطالب حركة حماس ببدء المرحلة الثانية مباشرة.
وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي اللبناني، عبد الله نعمة، إن السبت انتهت المرحلة الأولى من إتفاق وقف إطلاق النار في غزة وسط حالة من الغموض تكتنف استئناف الاتفاق حيث تسعى إسرائيل إلى تمديد المرحلة الأولى بينما تطالب حماس ببدء المرحلة الثانية مباشرة.
وأضاف نعمة- خلال تصريحات لـ "صدى البلد ، أن نتنياهو صرح أن إسرائيل وافقت على مقترح المبعوث الأميركي بخصوص وقف إطلاق نار مؤقت في غزة خلال شهر رمضان وعيد الفصح، لكن حماس سرعان ما ردت على بيان مكتب نتنياهو بالرفض وطالبت الحركة بتطبيق المرحلة الثانية من إتفاق وقف النار
مع إسرائيل.
وأكد نعمة، أن إسرائيل أوقفت إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة حتى إشعار آخر إسرائيل اتخذت هذا القرار في ضوء انتهاء وقف إطلاق النار رسميا السبت بالتوازي مع رفض حركة حماس تمديد المرحلة الأولى من الصفقة.
وأشار نعمة، إلى أن نتنياهو وافق ليل السبت على قرار يمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وهذا القرار اتخذه نتنياهو بالتنسيق مع الأمريكيين، كما أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد ليل الجمعة مشاورات أمنية حضرها كبار الوزراء والمسؤولين الأمنيين طرحت فكرة العودة إلى القتال في غزة في حال انهيار إتفاق وقف القتال في القطاع.
وتابع: "إسرائيل ستنتظر وصول المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط قبل اتخاذ قرارات أخرى بشأن غزة، كما أن إسرائيل لن تسمح بوقف إطلاق النار في غزة دون إطلاق سراح الرهائن".
وتابع: "ومن الواضح أنه لا بد من التدخل المصري عن جديد للتفاوض على المرحلة الثانية بموضوع وقف إطلاق النار في غزة، ولهذا هناك تنسيق بين إسرائيل وامريكا في هذا الموضوع وهذا ما جعل القمة العربية المقرر انعقادها في القاهرة للتأجيل للضغط على الدول العربية وأولها مصر من قبل الإدارة الأمريكية وإسرائيل لأن لهم مطالب في منطقة الشرق الأوسط وهذا ما يجعل باب التفاوض من جديد بموضوع غزة".