أحمد عبدالسلام يكتب: عالم بلا موبايل بلا ضجيج
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
يستمد الإنسان فخره واعتزازه بذاته ونجاحاته ومميزاته وقد يكون بحسبه ونسبه أو عرقه وربما بـ«موبايله» أيضاً! لا تندهش، فالإمساك بالهاتف المحمول له شعور آخر ربما لا تحس به أو لم «تُبتلى به» بمعنى أدق كما ابتُلى مدمنو «المحمول»، عندما اخترح العلماء الهاتف المحمول كان الهدف منه عظيماً؛ كإغاثة الملهوف وإنقاذ المتعثر والاطمئنان على الأهل والأحباب والمغتربين وتسهيل الأعمال.
ولكن أن يكون الموبايل وسيلة للشعور بـ«الجمدان الاجتماعى» ووضعه على الخدين على الفاضى والمليان «لا يمكن أبداً»، ولكن للأسف هذا ما قد كان، وأصبحنا نرى فى واقعنا المعاصر نماذج مريرة تتكرر يومياً لأناس يمسكون بهواتفهم أربعاً وعشرين ساعة للحديث عن أى شىء وكل شىء.
وعندما تحدّق فى أحدهم ليس تطفلاً - لا سمح الله - وإنما من الضجر وكثرة الصداع الذى شملنا به فى المواصلات، يرمقك نظرة استهانة ثم ينأى بجابنه ويعرض بوجهه يميناً أو يساراً ويواصل حديثه إلى ما لا نهاية، فالرجل مشغول، أو ربما تستيقظ على شجار أحدهم مع زوجته أمام منزلك «احترمى نفسك بقول لك.. لا لا لا هى حصلت: أحترم نفسى أنا!!!».
هذه تحدث أيضاً مراراً وتكراراً وكأن صاحب المشكلة الزوجية ضاقت به الدنيا بما رحُبت ولم يجد مكاناً «يفش فيه غلّه الزوجى» إلا أمام بيوت الناس، وكم من تعيس حظ أخرج هاتفه من جيبه ليتكلم فى الشارع ولم يعلم أنه سيكون الخروج الأخير يا كبدى، وإذا بابن الحلال «ينتشه منه» ويكاد يقتلع يده معه أيضاً ويطير به ويريحه ويريحنا منه إلى الأبد.
أجرت جامعة مكغيل دراسة شملت عينتها أكثر من 34 ألف مستخدم للهواتف خلال الفترة بين عامى 2014 و2020، وخلصت إلى نتائج صادمة؛ وهى أن البلدان العربية فى طليعة الشعوب الأكثر استخداماً للهواتف المحمولة، بينما - ويا للعجب - احتلت المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية مراكز متأخرة، أى إن الدول الأكثر تقدماً فى كوكبنا العظيم الأقل استعمالاً للهواتف، إذن فهل هناك ثمة علاقة بين التقدم العلمى وانخفاض معدلات الثرثرة؟!
نعود إلى الماضى الجميل وهو ليس ببعيد، نتذكر حقبة ما قبل الهواتف المحمولة؛ كيف كانت العلاقات الاجتماعية والأسرية وكيف أصبحت؟ هل البشر لا يمكنهم الاستغناء عن هواتفهم ولو ليوم واحد حقاً؟
أظن أنه كان عالماً بسيطاً يشبه من عاصروه فى أدواتهم ومعيشتهم، كان هناك مجال للخيال، للاختلاء بالنفس، لتأمل الطبيعة، لتوطيد العلاقات الاجتماعية التى ظن بعض المساكين أن الهاتف المحمول يقوّى أواصرها ولا يدمرها، صحيح أن الهاتف المحمول اختصر المسافات ولَمّ شمل الفرقاء، ولكن الأمور إن زادت عن حدها قَلّ خيرها وصارت نقمة، فالاعتدال كنز لا يفنى، ولندع أنفسنا نتخيل ماذا سيكون عالمنا بلا هواتف.. بلا ضجيج.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الميديا الموبايل
إقرأ أيضاً:
أحمد عدوية مسيرة حافلة من الإبداع والشعبية حتى النهاية (بروفايل)
رحل عن عالمنا اليوم الفنان محمد عدوية، نجل المطرب الشعبي الكبير أحمد عدوية، عن عمر يناهز 47 عامًا، جاء خبر الوفاة بمثابة صدمة لمحبيه وزملائه في الوسط الفني، حيث عُرف محمد بأخلاقه الرفيعة وصوته المميز الذي أكمل به مسيرة والده في الأغنية الشعبية.
لم تُعلن الأسرة بعد تفاصيل الجنازة أو أسباب الوفاة، بينما انهالت تعازي الجمهور والفنانين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مستذكرين مشواره الفني وأبرز أغانيه التي أثرت في قلوب عشاقه.
الفنان أحمد عدويةالبداية: ميلاد نجم شعبي
ولد أحمد عدوية، أحد أبرز رموز الفن الشعبي في مصر، في 26 يونيو 1945 بمدينة المنيا، نشأ في أجواء بسيطة وسط أسرة متوسطة، وكانت موهبته الفنية تظهر منذ طفولته، حيث عشق الغناء وتأثر بالألحان الشعبية التي انتشرت في الريف المصري.
بزوغ نجمه في عالم الفن
بدأ عدوية مسيرته الفنية في الستينيات كمطرب في الأفراح والمناسبات الشعبية. بفضل صوته القوي وأدائه المميز، جذب انتباه الملحنين ومنتجي الأغاني. انطلق بقوة في السبعينيات بأغنيات حققت نجاحًا مدويًا، مثل “السح الدح امبو” و“زحمة يا دنيا زحمة”، أغنياته لم تكن مجرد كلمات وألحان، بل عكست نبض الشارع المصري وهمومه اليومية.
دخول عدوية عالم التمثيل
لم يقتصر نجاح عدوية على الغناء فقط؛ فقد دخل عالم التمثيل وشارك في أفلام عديدة خلال السبعينيات والثمانينيات، حيث قدم أدوارًا تعكس شخصيته المرحة وروحه الشعبية، من أبرز أفلامه “خمسة باب” و“الباطنية”.
الأزمات والتحديات
واجه أحمد عدوية تحديات كبيرة في حياته، أبرزها حادثة الاعتداء الشهيرة في الثمانينيات، التي أثرت على صحته وأبعدته لفترة طويلة عن الساحة الفنية، ورغم ذلك، ظل محبوبًا من جمهوره ولم يفقد مكانته كرمز للفن الشعبي.
العودة إلى الساحة
في التسعينيات، عاد عدوية إلى الأضواء رغم حالته الصحية، وقدم أعمالًا جديدة بالتعاون مع عدد من الفنانين الشباب، كما أصبح رمزًا للتراث الشعبي وملهمًا للأجيال الجديدة من المطربين.
الوفاة ونهاية المشوار
في 28 ديسمبر 2024، رحل أحمد عدوية عن عالمنا بعد مسيرة فنية امتدت لأكثر من خمسة عقود، وافته المنية بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا كبيرًا وأغنيات ستظل خالدة في ذاكرة المصريين والعالم العربي.
إرث عدوية الفني
سيبقى أحمد عدوية رمزًا للأصالة والبساطة، ونموذجًا للفنان الذي صنع مجده بجهده وموهبته، أعماله ستظل شاهدة على عصر ذهبي من الفن الشعبي، وسيبقى صوته حاضرًا في قلوب عشاقه دائمًا.