الوطن:
2025-04-27@00:21:21 GMT

أحمد عبدالسلام يكتب: عالم بلا موبايل بلا ضجيج

تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT

أحمد عبدالسلام يكتب: عالم بلا موبايل بلا ضجيج

يستمد الإنسان فخره واعتزازه بذاته ونجاحاته ومميزاته وقد يكون بحسبه ونسبه أو عرقه وربما بـ«موبايله» أيضاً! لا تندهش، فالإمساك بالهاتف المحمول له شعور آخر ربما لا تحس به أو لم «تُبتلى به» بمعنى أدق كما ابتُلى مدمنو «المحمول»، عندما اخترح العلماء الهاتف المحمول كان الهدف منه عظيماً؛ كإغاثة الملهوف وإنقاذ المتعثر والاطمئنان على الأهل والأحباب والمغتربين وتسهيل الأعمال.

ولكن أن يكون الموبايل وسيلة للشعور بـ«الجمدان الاجتماعى» ووضعه على الخدين على الفاضى والمليان «لا يمكن أبداً»، ولكن للأسف هذا ما قد كان، وأصبحنا نرى فى واقعنا المعاصر نماذج مريرة تتكرر يومياً لأناس يمسكون بهواتفهم أربعاً وعشرين ساعة للحديث عن أى شىء وكل شىء.

وعندما تحدّق فى أحدهم ليس تطفلاً - لا سمح الله - وإنما من الضجر وكثرة الصداع الذى شملنا به فى المواصلات، يرمقك نظرة استهانة ثم ينأى بجابنه ويعرض بوجهه يميناً أو يساراً ويواصل حديثه إلى ما لا نهاية، فالرجل مشغول، أو ربما تستيقظ على شجار أحدهم مع زوجته أمام منزلك «احترمى نفسك بقول لك.. لا لا لا هى حصلت: أحترم نفسى أنا!!!».

هذه تحدث أيضاً مراراً وتكراراً وكأن صاحب المشكلة الزوجية ضاقت به الدنيا بما رحُبت ولم يجد مكاناً «يفش فيه غلّه الزوجى» إلا أمام بيوت الناس، وكم من تعيس حظ أخرج هاتفه من جيبه ليتكلم فى الشارع ولم يعلم أنه سيكون الخروج الأخير يا كبدى، وإذا بابن الحلال «ينتشه منه» ويكاد يقتلع يده معه أيضاً ويطير به ويريحه ويريحنا منه إلى الأبد.

أجرت جامعة مكغيل دراسة شملت عينتها أكثر من 34 ألف مستخدم للهواتف خلال الفترة بين عامى 2014 و2020، وخلصت إلى نتائج صادمة؛ وهى أن البلدان العربية فى طليعة الشعوب الأكثر استخداماً للهواتف المحمولة، بينما - ويا للعجب - احتلت المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية مراكز متأخرة، أى إن الدول الأكثر تقدماً فى كوكبنا العظيم الأقل استعمالاً للهواتف، إذن فهل هناك ثمة علاقة بين التقدم العلمى وانخفاض معدلات الثرثرة؟!

نعود إلى الماضى الجميل وهو ليس ببعيد، نتذكر حقبة ما قبل الهواتف المحمولة؛ كيف كانت العلاقات الاجتماعية والأسرية وكيف أصبحت؟ هل البشر لا يمكنهم الاستغناء عن هواتفهم ولو ليوم واحد حقاً؟

أظن أنه كان عالماً بسيطاً يشبه من عاصروه فى أدواتهم ومعيشتهم، كان هناك مجال للخيال، للاختلاء بالنفس، لتأمل الطبيعة، لتوطيد العلاقات الاجتماعية التى ظن بعض المساكين أن الهاتف المحمول يقوّى أواصرها ولا يدمرها، صحيح أن الهاتف المحمول اختصر المسافات ولَمّ شمل الفرقاء، ولكن الأمور إن زادت عن حدها قَلّ خيرها وصارت نقمة، فالاعتدال كنز لا يفنى، ولندع أنفسنا نتخيل ماذا سيكون عالمنا بلا هواتف.. بلا ضجيج.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الميديا الموبايل

إقرأ أيضاً:

أحمد ياسر يكتب: مثلث التوترات (إسرائيل - سوريا - تركيا)

الرسالة واضحة: إسرائيل لا تريد تركيا كجار في سوريا ما بعد الحرب

ما يحدث في سوريا ليس مجرد إعادة تشكيل للديناميكيات الداخلية للبلاد، بل يكشف عن صراع أعمق في الرؤى بين تركيا وإسرائيل، وجهات النظر متباعدة  للغاية في تصورهما لمستقبل سوريا. 

بينما تدعو إسرائيل إلى هيكل فيدرالي مجزأ يُعلي من شأن الأقليات مثل الأكراد والدروز، تدعم تركيا دولة سورية موحدة بحكومة مركزية قوية، قادرة على السعي لتحقيق أجندة شاملة لجميع مواطنيها.

فكرة دعم تركيا لسوريا موحدة تعدي الإجراءات الدبلوماسية الشكلية، بل يمثل ضرورة استراتيجية واضحة، فمع تبني الحكومة الانتقالية نهجًا أكثر شمولية تجاه الأقليات، رفضت إسرائيل هذه المبادرات إلى حد كبير، وصوّرت نفسها على أنها "الوصي الفعلي" على جماعات مثل الأكراد والدروز. 

في ظل هذه الخلفية، تُمثل خطوات المصالحة الأخيرة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تهيمن عليها وحدات حماية الشعب والنظام السوري نقطة تحول مهمة، فرغم ترددها الظاهر، إلا أن هذه الخطوة كانت ضرورة استراتيجية لقوات سوريا الديمقراطية في ضوء الانسحاب الأمريكي من سوريا. والأهم من ذلك هو انحياز حزب العمال الكردستاني الواضح لدعوة أوجلان لنزع سلاحه، مما قد يُشير إلى بداية النهاية لصراع لطالما أثقل كاهل تركيا.

مع تزايد الاستقرار وتحسن المشهد الأمني، تهدف تركيا إلى تدريب جيش البلاد المُعاد هيكلته، مُشيرةً إلى موقف استباقي ضد أي عودة لداعش أو تهديدات مماثلة، لكن بالنسبة لإسرائيل، يُعد وجود تركيا الديناميكية والحازمة في الجوار تطورًا غير مرغوب فيه.

 قد يُفسر هذا سبب استهداف الغارات الجوية الإسرائيلية - التي يُزعم أنها تستهدف بقايا ذخائر النظام - مؤخرًا للطرق والبنية التحتية بالقرب من قاعدة T4 الجوية، حيث تخطط تركيا لإقامة وجود عسكري. 

مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تركيا أيضًا لا ترغب في رؤية إسرائيل المُزعزعة للاستقرار تُوسّع نطاق وجودها العسكري في المنطقة، لم يكن الاتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من مطار T4 عملًا إكراهيًا، بل كان نتاجًا لموافقة متبادلة بين أنقرة والإدارة السورية الجديدة.

بالنسبة لإسرائيل، لا يزال شعار "التهديد الأمني" المألوف يُشكّل درعًا مناسبًا لسياساتها التوسعية، فمن احتلالها طويل الأمد لمرتفعات الجولان إلى ضرباتها المتواصلة خارج الحدود، استخدمت إسرائيل لغة إدراك التهديد لتبرير الوضع الراهن الذي يُشبه بشكل متزايد تجاوزًا استراتيجيًا.

من جانبها، تبدو الولايات المتحدة حذرة من التصعيد، قبل توليه منصبه بوقت طويل، حذّر دونالد ترامب من توريط أمريكا في صراع آخر في الشرق الأوسط.

 وقد تجلى هذا الحذر جليًا خلال اجتماع متوتر بشكل واضح مع نتنياهو في البيت الأبيض، وقد كشفت الأجواء التي تلت الاجتماع عن كل شيء: رئيس وزراء إسرائيلي كئيب، مُحبط من إحجام واشنطن عن إعطاء الضوء الأخضر لجبهة أخرى.

تُمثّل المحادثات الأخيرة بين المسؤولين الأتراك والإسرائيليين في أذربيجان خطوة دبلوماسية حاسمة - خطوة صُممت لتجنب صدام مباشر في سوريا، ويكمن في جوهر أي اختراق محتمل مبدأ بسيط: الاعتراف المتبادل بشرعية الإدارة السورية الجديدة وتخفيف العقوبات، فدون هذا الأساس، يبقى كل شيء مجرد هراء.

بالنسبة لأنقرة، الطريق إلى الأمام واضح.. فقد عززت بالفعل اعترافها الدبلوماسي، وبنت علاقات مؤسسية، وأقامت شراكة أمنية متجذرة في الاستقرار الإقليمي. 

لا تحتاج تركيا إلى بذل المزيد من الجهد، فقد قامت بالفعل بالجزء الأكبر من العمل، ويبدو أن واشنطن توافق على ذلك، فقد أقرّ المسؤولون الأمريكيون صراحةً بأن أي خارطة طريق جادة بشأن سوريا تمر عبر أنقرة.

لا يزال الانزعاج قائمًا في واشنطن، وخاصةً بين صانعي السياسات في عهد ترامب، إزاء إدراج أفراد يصفونهم بـ "الجهاديين السابقين" في الحكومة الانتقالية السورية… لكن هذه التسميات تبدو جوفاء، وهي صادرة عن مؤسسة سياسية لطالما دعمت الإرهابيين والجهات الفاعلة العنيفة، بدءًا من عملاء مناهضي كاسترو وقوات الكونترا في نيكاراغوا، وصولًا إلى لوس بيبس في كولومبيا ووحدات حماية الشعب في سوريا. 

ولا يمكن للخطاب أن يخفي نفاق الاستناد الانتقائي إلى المعايير الأخلاقية عندما يخدم ذلك المصالح الجيوسياسية.

في الوقت الحالي، تُقدم القنوات الدبلوماسية المفتوحة إشارة مُطمئنة: إن المواجهة العسكرية المباشرة بين تركيا وإسرائيل ليست وشيكة… لكن صمود هذا الضبط يعتمد على تل أبيب أكثر منه على أنقرة. 

إذا كان من المُحتمل أن يُحوّل أي طرف الوضع نحو التصعيد، فهو "إسرائيل"، بتاريخها الحافل بالسياسات التوسعية والاستفزازات بدافع الاحتلال.

في غضون ذلك، ترسم تركيا مسارًا مختلفًا - مسارًا يهدف إلى الاستقرار ومكافحة الإرهاب وإعادة الاندماج الإقليمي، لكن خطوطها الحمراء واضحة، إذا بدأ عدم الاستقرار في سوريا بالتصاعد مرة أخرى، وخاصةً من قِبل جهات تُقوّض البنية الأمنية لتركيا، فلن تبقى أنقرة مكتوفة الأيدي.

مقالات مشابهة

  • موعد إطلاق خدمات الجيل الخامس للهواتف المحمولة 5G في مصر
  • مراد مكرم بعد يوم كامل من غير موبايل: كنت تايه وحاسس إني عاجز
  • عالم التكنولوجيا.. إطلاق هواتف وشاشات وكاميرات جديدة بمواصفات نوعية
  • شباب يواجهون الأحزاب السياسية والعرف: نحن هنا أيضا
  • أحمد ياسر يكتب: مثلث التوترات (إسرائيل - سوريا - تركيا)
  • تكريم الكاتب الموريتاني أحمد فال الدين بالجائزة العالمية للرواية العربية
  • سامح قاسم يكتب | مجدي أحمد علي.. عينٌ على المدينة وقدمٌ في الحلم
  • خلال ساعات.. التوقيت الصيفي يُحدث خللاً مؤقتًا في محافظ الهاتف المحمول
  • محمد عبدالسلام يكتب: فرنسيس الإنسان.. زعيم روحي تجاوز الحواجز وبنى جسور الأخوة والحوار
  • اعترافات عاطل بسرقة الهواتف المحمولة: أراقب الضحايا حتى استولى على ما أريد