مصطفى بكري: الاصطفاف الوطني وراء القيادة السياسية أمن قومي للدولة المصرية
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
أكد الكاتب الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، أن الاصطفاف الوطني وراء القيادة السياسية هو أمن قومي للدولة المصرية.
وقال مصطفى بكري، خلال برنامج «حقائق وأسرار»، المذاع على قناة صدى البلد: «نواجه تحديات على كافة الجبهات، وهذه التحديات تحتاج إلى اصطفاف داخلي، والناس في الشارع يتحدثون معنا يوجهون إلينا اللوم، ونحن نتحلمهم ونسمع منهم».
وتابع بكري: «الناس مستورة، بس بلاش نضغط عليهم بشدة، بلدنا تحتاج لكل جهد وكل شخص يعمل»، مشيدا بالجهود المصرية لإنهاء أزمة القضية الفلسطينية.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن «أهالينا في فلسطين لهم 8 أشهر يذبحون، والأمريكان لسه فاكرين وقف إطلاق النار.. إسرائيل لو نجحت في القضاء على المقاومة الفلسطينية، ستكون قضيتها الثانية هي مصر.. المقاومة في صالح مصر أراد البعض أو لم يريد».
اقرأ أيضاًمصطفى بكري: على الحكومة الجديدة النظر للغلابة والطبقة المتوسطة «فيديو»
مصطفى بكري: بالذمة مكانش ممكن نجيب 14 مليار جنيه ونسيب العيش لمدة سنة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل إطلاق النار برنامج حقائق وأسرار فلسطين مصطفى بكري مصطفى بکری
إقرأ أيضاً:
شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: لقاء ساخن مع ديفيد هيرست
- هيرست زارني فى مكتبي عام 95.. وتوقع فوز جماعة الإخوان بالانتخابات
- هيكل يعرب عن قلقه على مستقبل النظام فى معرض الكتاب
عندما اعترضت على القانون 93، مبارك قال لى: «مفيش على راسكم ريشة»
هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشتُ فصولَها، انتصاراتهِا وانكساراتِها، حُلوَها ومُرَّها، اقتربتُ من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنتُ ضحيةً لعنفوانهم في أحيان أخرى، معاركُ عديدة دخلتها، بعضُها أودى بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي وقناعاتي.
أروي هذه الشهادات، بصدق وموضوعية، بعضُ شهودها أحياء، والبعضُ رحل إلى الدار الآخرة، لكنَّ التاريخ ووقائعه لا تُنسى، ولا يمكنُ القفزُ عليها، وتزويرُ أحداثها.
1- موعد مع الأستاذ هيكلفى العاشر من فبراير 1995، كنت على موعد مع الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، كنت دومًا التقيه بشكل دوري، مرتين أو ثلاث مرات شهريًا، ليس بالضرورة يكون الموعد مرتبطًا بحدث معين أو إجراء حوار وخلافه، وإنما كنت دومًا أذهب للاستماع إلى رأى الأستاذ في قضية مطروحة، أتبادل معه المعلومات، وآخر التطورات، لقد ربطتني علاقة قوية بالأستاذ هيكل منذ أن عرفني به الأستاذ والكاتب الكبير محمود عوض فى عام 1983، ثم أجريت معه حوارًا عام 1986، أحدث ضجة في مصر، عندما قال: لا أعرف من يحكم مصر الآن، ونشرته فى مجلة كل العرب التي كانت تصدر فى باريس، ثم أعادت نشره صحيفة الشعب المعارضة فى مصر.
مصطفى بكري مع الأستاذ هيكلذهبت في الصباح الباكر إلى الأستاذ هيكل، بمكتبه المطل على شارع النيل بالجيزة، وكان الأستاذ يدخن السيجار كعادته، كانت أمامه كومة من معلومات وقصاصات صحف مصرية وعربية وأجنبية، وهكذا هو الأستاذ هيكل لديه نظام دقيق لكل شيء، يتابع الأحداث وكأنه مازال محررًا صحفيًا شابًا، يتواصل مع الكثيرين، لا يترك كبيرة أو صغيرة.
فى هذا اليوم ذهبت لأستفسر من الأستاذ عن أصداء ندوته الصاخبة التي شهدها معرض الكتاب فى الثامن عشر من يناير حول تصوراته للوضع فى مصر وآفاقه المستقبلية..
- قلت للأستاذ هيكل: الناس قلقة بعد تحليلك الصاخب للأوضاع فى مصر، رد الأستاذ قائلا: كل كلمة كنت أعنيها، المشهد بات معقدًا.
استمعت مجددًا إلى الأستاذ، وتوقعاته بما يشير إلى مخاوف حقيقية على أمن هذا الوطن إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
توقفت كثيرًا أمام مقوله الأستاذ، أن عام 1995، هو عام حاسم فى تاريخ الوطن، وأن نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة ستؤثر على مستقبله، إما باتجاه الإنقاذ أو باتجاه الفوضى والانهيار.
وعندما تساءلت عما إذا كان الأستاذ يشعر بالقلق من جراء توقعاته؟ قال: عليك بمتابعة صحافة الغرب، إنها ترصد كل شيء يجرى على الساحة المصرية، وكانت أمامه مصادفة فى هذا الوقت صحيفة الجارديان البريطانية التي نشرت مقالًا خطيرًا للكاتب الشهير «ديفيد هيرست» حول مستقبل الأوضاع فى مصر.
لم أكن قد اطلعت على هذا المقال ولكنني كنت حريصًا على الاطلاع عليه ومعرفة ماذا كتب ديفيد هيرست عن الأوضاع فى مصر.
2- مكالمة من ديفيد هيرستفى اليوم التالي كان ديفيد هيرست، يتواصل معي لزيارتي فى مكتبي، لقد جاء إلى القاهرة لإجراء تحقيق صحفي حول ما يجرى فى ملوى من أحداث عنف، وقد دار بيننا حوار حول رؤيته للواقع المصري، وسألته عن المواقف المعادية من صحافة الغرب، كان هيرست متشائمًا بشأن مستقبل النظام، وقد قلت له فى هذا الوقت: إن عمر نظام مبارك سيطول وليس كما يعتقد.
كان هيرست، يتفق مع الكثير مما طرحه الأستاذ هيكل، فى ندوته بمعرض الكتاب حول أزمة الحاضر وسيناريو المستقبل، وإن كنت قد استمعت منه فى هذا الوقت أن الإسلاميين وخاصة تيار جماعة الإخوان هم الأوفر حظًا فى احتمال تولى مهام السلطة فى مصر.
وحاولت أن أستفسر من ديفيد هيرست، عن الأسباب التي تدعوه إلى هذا الاعتقاد، فكانت إجابته مبنية على أزمات النظام التي ستفتح الطريق لأكثر التنظيمات تواجدًا على الساحة للفوز فى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
ديفيد هيرستوضرب هيرست، مثالا بقدرة الإخوان فى السيطرة على النقابات المهنية والانتصار على جميع التيارات السياسية الأخرى، وهو أمر له دلالته التي لا تخفى على أحد.
وتوقع هيرست، أن يحقق هذا التيار نتائج كاسحة فى انتخابات برلمانية نزيهة، إلا أنه قال إن الحكومة سوف تسعى إلى تقليم أظافر هذا التيار والحد من سيطرته على البرلمان القادم، مضيفا: النظام الذى أعلن فى أكثر من مرة أنه مع زيادة مساحة الديمقراطية خطوة خطوة أصبح الآن يعمل بهذا الشعار، ولكن بالاتجاه العكسي، أي بالارتداد حتى عن المكاسب التي تحققت طيلة السنوات الماضية.
3- ارتباك المشهد السياسيلقد اختلفت مع ديفيد هيرست، فى بعض هذه التحليلات وأيضًا فيما كتبه عن مصر ومستقبل النظام الحاكم برئاسة الرئيس مبارك.
كنت أعتقد فى هذا الوقت أن الأزمات التي تحاصر النظام كفيلة بحدوث حالة من الارتباك فى المشهد السياسي إلا أن ذلك ليس معناه أن النظام مشرف على السقوط كما ادّعى هيرست.
فى هذا الوقت كان الرئيس مبارك، قد حسم الطريقة التي ستجرى بها الانتخابات البرلمانية لصالح الانتخاب الفردي وهو ما أكده الرئيس مبارك فى حديث كان قد أدلى به لمجلة الحوادث اللبنانية خلال شهر فبراير 1995، وكان ذلك بمثابة هزيمة لتيار الحزب الوطني الداعي إلى الأخذ بطريقة الجمع بين النظام الفردي ونظام القائمة النسبية بنسبة 50%فردى، 50%قائمة نسبية.
وكان أصحاب هذا التيار يرون أن الانتخابات الفردية سوف تحمِّل الحزب الحاكم عبئًا ثقيلًا فى مواجهة منافسيه فى الدوائر الانتخابية بعكس الانتخابات بنظام القائمة والتي ستضمن أولًا نجاحًا مؤكدًا لرؤساء القوائم من الشخصيات العامة التي يسعى الحزب إلى إنجاحها بعيدًا عن لعبة التنافس المباشر مع مرشحين آخرين وقد سعى أصحاب هذا التيار إلى محاولة إقناع الرئيس بوجهة نظرهم إلا أن الرئيس اتخذ قراره وفقًا للاعتبارات القانونية السليمة والتي تضمن عدم الطعن فى الدستورية ومن ثم إدخال البلاد فى حلقة مفرغة من جديد تنتهى بحل مجلس الشعب وإعادة انتخابه مرة أخرى ربما قبل أن يكمل مدته القانونية.
لقد جاء موقف الرئيس هذا استجابة لآراء الكثير من الأصوات العاقلة بما فيها أصوات من الحكم والمعارضة اعتبرت ان الانتخاب الفردي هو النظام الذى يضمن المساواة بين المرشحين أيا كانت اتجاهاتهم أو توجهاتهم.
كان ذلك بداية مشجعة لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي بعد فترة من التخبط أضرت بالنظام وأضرت بسمعته- وتسببت فى حل مجلس الشعب السابق قبيل أن يكمل مدته الدستورية!!
لكن هناك من يتساءل حول مدى إمكانية إجراء الانتخابات القادمة بعيدًا عن عمليات التزوير التي اتسمت بها العملية الانتخابية طيلة الفترة الماضية، خاصة أن هناك حالة من التشاؤم سيطرت على أجواء الشارع عقب إسقاط كل من رشاد عثمان وأحمد سرحان، فى الانتخابات التكميلية التي جرت فى دائرتي منيا البصل وبورسعيد لصالح مرشحي الحزب الحاكم.. !!
لم يكن أحد يستطيع أن يجزم بنزاهة العملية الانتخابية المقبلة نزاهة كاملة حتى وإن التزمت الشرطة جانب الحياد، ذلك أن أحدًا من أركان هذا النظام لن يتنازل إطلاقًا عن ضرورة الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان كحد أدنى وهى النسبة المطلوبة لترشيح رئيس الجمهورية، ثم بعد ذلك يمكن التفاهم أو السماح بنجاح أعداد بعينها من مرشحي المعارضة والمستقلين.
كان الحزب الوطني يدرك أن رصيده فى الشارع أصبح صفرًا، وأن سياساته دفعت بالبلاد إلى الهاوية ولهذا فسوف يلجأ- أردنا أم لم نرد- إلى سياسة تسويد الصناديق واستخدام أساليب البلطجة لصالح مرشحيه بعيدًا عن أية اعتبارات تتعلق بسمعة النظام أو حدوث ردود فعل من شأنها أن تهدم الأمن والاستقرار فى البلاد، وطالما أن الجميع على يقين من ذلك فلا خيار أمام الرئيس لإجراء انتخابات حرة ونزيهة إلا أن يصدر قرارًا بإقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة انتقالية لإجراء الانتخابات على أن تجرى إقالتها فى أعقاب الانتهاء من العملية الانتخابية وتشكيل حكومة من حزب الأغلبية، وهذا الاقتراح لا يمثل بدعة أو شيئًا جديدًا على أرض الواقع فالأنظمة التي تحترم إرادة شعوبها كثيرًا ما تلجأ إلى تشكيل حكومات انتقالية يكون أعضاؤها من المشهود لهم بالنزاهة واستقلالية الموقف بعيدًا عن اللعبة الحزبية وأطرافها.
وهذا الحل كان فى تقديري سوف يدفع الجماهير إلى المشاركة فى الانتخابات والخروج من حالة العزوف التي أصبحت سمة من سماتها، حتى أن التصويت فى بعض الدوائر المهمة داخل القاهرة والإسكندرية لم يتعد أكثر من 5% من مجموع الناخبين.
لقد طرحت المعارضة خلال مؤتمر الحوار الوطني فى هذا الوقت عددًا من الاقتراحات التي تضمن نزاهة العملية الانتخابية والبعد بها عن الشبهات والتزوير، ومن الواجب على الحكومة أن تستجيب لهذه المطالب إن كانت جادة حقًا فى إجراء انتخابات بها شيء من النزاهة قبيل نهاية عام 1995.
4- مفيش على راسكم ريشةكانت مصر كلها فى هذا الوقت مشغولة بالانتخابات البرلمانية وكان العالم يتابع حقائق ما يجرى على الأرض، ولم يكن ديفيد هيرست وحده الذى يعتقد أن "جماعة الإخوان" قادرة على أن تكرر سيناريو سيطرتها على النقابات داخل البرلمان أيضًا، ولذلك استعدت الحكومة وحزبها للمواجهة الحاسمة.
وبينما مصر كلها تستعد للانتخابات البرلمانية طرأت أزمة خطيرة على الساحة المصرية بين الصحفيين من جانب والدولة المصرية من جانب آخر.
فى العشرين من مايو للعام 1995، أحالت الأمانة العامة لرئاسة مجلس الوزراء إلى الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب «مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والإجراءات الجنائية» مرفقا به مذكرة إيضاحية، موقعة من المستشار فاروق سيف النصر، وزير العدل آنذاك، حيث أحال د.سرور المشروع إلى لجنة الشئون التشريعية فى 22 مايو 1995.
وبالتوازي مع إصدار القانون، راحت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، تقدم فى تقريرها تبريراتها لأهداف صدور هذا القانون، ومنها المعزوفة المكررة، التي تستخدم كلما أرادت الحكومات تقييد حرية الرأي، وذلك بزعمها وجود تهديد للديمقراطية، مما أثر على آحاد الناس وجموعهم، على أمنهم العام والخاص، وعلى مصالحهم الجوهرية، وعلى كيان الدولة ككل.. واعتبر التقرير والمذكرة الايضاحية أن من أسباب صدور هذا القانون، حماية الحياة الخاصة، وعدم المساس بحرمتها، وعدم دستورية تمييز أفراد هذه الفئة - الصحفيين والكتاب - عن غيرهم من المواطنين، الذين يعبرون عن آرائهم بغير طريق الصحافة، بينما مراكزهم القانونية «واحدة»، فهذا التمييز يتعارض مع المادة 40 من الدستور التى تقرر المساواة بين المواطنين.
أحمد فتحي سروروقال التقرير: تنفيذا لهذه الأهداف، فإن القانون 93 لسنة 1995 يحقق ثلاثة نتائج، أولها التوسع فى إدخال أفعال غير مؤثمة إلى دائرة التجريم، مثل نشر البيانات، أو الإشاعات المغرضة، أو الدعايات المثيرة، إذا كان من شأن الأفعال المذكورة إثارة الفزع بين الناس، أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة، أو ازدراء مؤسسات الدولة، والقائمين عليها، أو إذا ما كان ذلك بقصد الإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد، أو بمصلحة قومية لها، أو ينشأ عنه هذا الضرر.
وأضاف التقرير، أن النتيجة الثانية المترتبة على صدور القانون 93 لسنة 1995هى تشديد العقوبات، فبعد أن كانت العقوبات تعطى للقاضي، إما الحكم بالحبس أو الغرامة، أو كليهما معا، أصبح الجمع بين الحبس والغرامة وجوبيا فى كثير من المواد، ورفعت عقوبة الحبس من 24 ساعة كحد أدنى، وسنتين كحد أقصى، إلى سنة كحد أدنى، وإلى ما بين 5 سنوات، و15 سنة سجنا، كحد أقصى، ورفعت الغرامة من 20 جنيها كحد أدنى، و500 جنيه، كحد أقصى، إلى 5000 جنيه كحد أدنى، وإلى 20 ألف جنيه كحد أقصى.
وقال التقرير: النتيجة الثالثة أن القانون أباح للنيابة العامة الحبس الاحتياطي فى قضايا النشر بواسطة الصحافة، وهو بذلك جرّم حريات الرأي والصحافة، ومن ثم ينهى عمليا حرية الصحافة والصحفيين.
وقد أجمعت الجماعة الصحفية على عدم صحة ما ذهبت إليه الحكومة فى القانون، بزعمها أن ما كان ينشر فى الصحف فى تلك الفترة شكل عدوانا على حرية الرأي والكلمة، وتهديدا للديمقراطية، لأن الحقيقة هي أن الحكومة فى هذا الوقت كانت قد ضاقت ذرعا بالمساحة المتاحة، والمحدودة لحرية الكلمة، والنقد، وحق القارئ فى الحصول على المعلومات، وما تعتبره الحكومة سبا وقذفا وتشهيرا، إنما هو فى الواقع نقد مباح.
كان صدور القانون 93 لسنة 1995«مريبا»، سواء فيما احتواه من نصوص، تغتال بوضوح حرية الرأي والصحافة، أو فى شكل، وأسلوب إصدار القانون.. فلقد تم استئناف مجلس الشعب لجلساته يوم السبت 27 مايو 1995، وقطع الإجازة التي منحت له دون إعلان سبب هذا الاستئناف، وحرصت سلطات الحكومة على عدم تسرب نبأ هذا القانون حتى اللحظة الأخيرة.
وكان من الغرائب عدم دعوة الهيئة البرلمانية للحزب الوطني الحاكم للاجتماع لمناقشة مشروع القانون مسبقًا.. حيث يعرض مشروع القانون على مجلس الوزراء، ولم يعرض على قسم التشريع بمجلس الدولة، وذلك بالمخالفة للمادة 63 من قانون المجلس، والتي تقضى بأنه «على كل وزارة أو مصلحة قبل استصدار أي قانون أو قرار لرئيس الجمهورية ذي صفة تشريعية أو لائحة أن تعرض المشروع المقترح على قسم التشريع لمراجعة صياغته، ويجوز لها أن تعهد إليه بإعداد هذه التشريعات».. بل والأخطر لم يؤخذ رأى المجلس الأعلى للصحافة، وهو ما يخالف المادة 44 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة، التى تنص على «أن يتولى المجلس الأعلى للصحافة إبداء الرأي فى مشروعات القوانين التى تنظم شئون الصحافة»، والمادة (75) من اللائحة التنفيذية للقانون.
لقد كان الرد سريعا من جانب الجماعة الصحفية، حيث أعلنت «الانتفاضة» ضد القانون الظالم، الذى نسجت خيوطه تحت جنح الظلام، عقد رؤساء تحرير صحف المعارضة اجتماعا بمقر حزب الوفد مساء يوم 29 مايو 1995، قررنا خلاله تنظيم حركة احتجاب للصحف، حيث احتجبت صحف «الوفد والشعب والأحرار» يوم 2 يونيو عن الصدور، واحتجبت صحيفة «الحقيقة» يوم السبت 3 يونيو، و«الأهالي» يوم الأربعاء 7 يونيو.. وإزاء شراسة الهجمة الحكومية على حرية الصحافة، عقد الصحفيون مؤتمرا عاما بمقر نقابتهم بشارع عبد الخالق ثروت فى الأول من يونيو 1995، حضره نحو 1500 صحفى، حيث تمت خلال المؤتمر الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة يوم 10 يونيو، وظل الصحفيون معتصمين حتى انعقاد الجمعية العمومية، وشارك فى الاعتصام المئات من الصحفيين من كافة المؤسسات، وعلى اختلاف توجهاتهم السياسية، والفكرية.
كنا فى هذا الوقت نقيم إقامة شبه كاملة بمقر نقابة الصحفيين، وكان الحوار بين المعتصمين لا يتوقف، وكان الإصرار على إسقاط هذا القانون كبيرًا.
وخلال الاحتفال بعيد الإعلاميين فى مايو 1995 بحضور الرئيس حسنى مبارك، طلبت الكلمة خلال اللقاء الذى ضم مئات الصحفيين والإعلاميين، أعطاني الرئيس الكلمة، وتحدثت معه عن خطورة هذا القانون الذى يهدم حرية الصحافة والتعبير، فرد علىّ الرئيس وقال: الصحفيين مفيش على راسهم ريشه، وقفت مجددًا وقلت للرئيس: نحن لا نطلب ميزة معينة، بل نطلب الحفاظ على حرية الصحافة، وهذا القانون جاء لاغتيال حرية الصحافة.
إبراهيم نافعوتحدث فى اللقاء الأستاذ جلال عيسى وكيل نقابة الصحفيين الذى طالب بضرورة التراجع عن هذا القانون فورًا، وكانت كلمته قوية وحاسمة.
ظلت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، فى حالة انعقاد مستمر على مدار عام كامل، فى ظل عهد النقيب إبراهيم نافع، حيث انتصرت إرادة الصحفيين، وتم إلغاء القانون 93 لسنة 1995، وصدور القانون 96 لسنة 1996.. لقد انتصرت الجماعة الصحفية فى معركتها الأشرس فى تاريخها، بسبب وقوف جميع الصحفيين وقفة واحدة لمواجهة المحاولات الحكومية لاغتيال حرية الصحافة، وتصدت جميع الصحف، وبلا استثناء لتغول السلطة الحاكمة على حرية الصحافة، ولم يجد نظام مبارك وحكومته بدا من التراجع، بعد أن قدمت هذه المواجهة نموذجا مهما، وملهما فى التضامن، والوحدة بين الجمعية العمومية، ومجلس نقابة الصحفيين، وكافة القوى السياسية والوطنية، والتي لولا تكاتفها، لما رضخت حكومة مبارك لمطالب المصريين فى هذا الوقت.
جاء ذلك، في الحلقات التي ينشرها «الجمهور» يوم الجمعة، من كل أسبوع ويروي خلالها الكاتب والبرلماني مصطفى بكري، شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها خلال فترات حكم السادات ومبارك والمشير طنطاوي ومرسي والسيسي.
اقرأ أيضاًشهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري: خنجر في الظهر
شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: حكايتي مع جيهان السادات
شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: من الأحرار اليومية إلى سجن الجمالية!!