نشرت مجلة "ذا نيشن" الأمريكية مقال رأي لمارتن جاربوس يسلط الضوء على نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلي، الذي يعد "أحد أسلحة إسرائيل الأكثر فعالية وسرية في السيطرة على السكان الفلسطينيين في الأراضي المحتلة"، وفق تعبير الكاتب.

وقال جاربوس، في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إنه ذهب في نيسان/أبريل الماضي إلى الضفة الغربية أملا في الدخول إلى المحاكم والسجون التي يُحتجز فيها الفلسطينيون، محضرًا معه دليلا على قبوله كشاهد أمام المحكمة العليا في الولايات المتحدة، ورسالة تزكية من محامٍ إسرائيلي، ورسالة من مجموعة حقوقية معنية بتطبيق القوانين على الفلسطينيين.



وأشار الكاتب إلى أنه "سبق له زيارة السجون الإسرائيلية، وسجون جنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري، وسجون تشيكوسلوفاكيا قبل الثورة المخملية، وسجون الهند في عهد إنديرا غاندي أثناء حالة الطوارئ، وكان دائمًا قادرا على الوصول إلى المحاكم وأحيانا إلى السجون، ولكن في هذه الرحلة إلى إسرائيل لم يتمكن من الوصول إلى أي منهما".



وأُنشئ نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية وغزة خلال حرب 1967 مع الأردن ومصر وسوريا.

ويُعد هذا الاستخدام الأطول لقانون الاحتلال، وهي "الوسيلة التي تسيطر بها إسرائيل على المدنيين الأجانب" المقيمين في المناطق الخاضعة لها". بحسب جاربوس.

وقد تلغي المحاكم العسكرية تماما حق السكان الخاضعين للاحتلال في تقرير المصير، وتتجاهل الحقوق القانونية والإنسانية الأساسية للفلسطينيين الذين ينتهي بهم المطاف فيها. 

وتحت هذا الاحتلال القانوني الأطول في التاريخ الحديث، وفي المنطقة التي تسجل أعلى معدل سجن للفرد في العالم، تعمل المحاكم العسكرية كأحد أكثر أسلحة إسرائيل فعالية وسرية.

وذكر الكاتب "أنه خلال زيارة له لإسرائيل قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ذهب إلى محكمة عسكرية في الخليل حيث كان المبنى - القائم على قمة تل - محاطا بنحو 20 جنديا، كل منهم مسلح ببندقية آلية.

وقال، "لا توجد أي محاولة لخلق مظهر للعدالة في هذه المحاكم، إذ بتصاعد غضب القضاة والمحامين وهم يحاولون الإسراع في البت في القضايا، كانت أحكامهم قاسية".



وتابع، "الشبان الفلسطينيون الذين يواجهون عقوبات تصل إلى 10 سنوات بتهمة رشق المركبات المدرعة بالحجارة ويُحرمون بشكل ممنهج من حق الإفراج عنهم قبل المحاكمة".

في المقابل، قد لا تُوجّه أي تهم إلى المستوطنين اليهود المتهمين بالتسبب في إصابات خطيرة للفلسطينيين، وحتى إذا وُجهت إليهم التهم، فعادة ما يتم إطلاق سراحهم بكفالة. 

وأضاف الكاتب، أن جميع القضاة تقريبا من خلفيات عسكرية، وبعضهم ليس لديه أي فهم يُذكر عن القانون. 

ويقرر المدعون العسكريون بشكل تعسفي الأشخاص الذين ستُوجه إليهم الاتهامات بارتكاب الجرائم، بينما يقرر القضاة ماهية التهم، بحسب جاربوس.

ويعتبر المحامون الذين يدافعون عن الفلسطينيين المشتبه بهم أن هذه المحاكم هي امتداد للاحتلال وليست مؤسسة تهتم بالعدالة، فهم غالبًا ما يُمنعون من الوصول إلى موكليهم. لذلك، فإن العديد من المحامين القلائل الذين يحاولون الدفاع عن الفلسطينيين المعتقلين يقاطعون المحاكم العسكرية بدلاً من تقديم طلبات عديمة الفائدة.

في بعض الأحيان، لا يعرف المحامون حتى مكان احتجاز موكليهم بسبب لا مبالاة إدارة السجن والمحكمة. 

كما ويشكو المحامون من عدم قدرتهم على تجهيز قضاياهم لأنهم لا يستطيعون العثور على شهود، وحتى إذا تمكنوا من العثور على موكليهم، فإن السجون ليس بها مرافق كافية للتحدث معهم بسرية، وفقا لكاتب المقال..

وأوضح الكاتب أن قوانين الاحتلال ليست حالة نادرة من الناحية التاريخية، لكن هذه القوانين سارية منذ عقود، وهو أمر غير معتاد على الإطلاق. 

وأردف، أن القوانين التي يفرضها محتل أكثر ديمقراطية تكون مصممة للحفاظ على النظام، ولتكون مثالًا على ما ينبغي أن يكون عليه القانون، ولتخفيف حدة الاحتلال. 

وبين، أن قوانين إسرائيل تفعل العكس فهدفها الأساسي يتلخص في دعم السجانين، مما يؤدي بالطبع إلى أعمال العنف والانتقام، وإلى المزيد من الاستياء من جانب الفلسطينيين، وإلى الفوضى التي تنتجها الممارسة غير القانونية للسلطة. 

وتشترط اتفاقية جنيف أن لا تكون المحاكم في الأراضي المحتلة سياسية، وأن عليها تحديد حقوق المتهمين والتزامات الحكومة، لكن نظام المحاكم الإسرائيلي يتجاهل هذه المتطلبات تمامًا.

ووفقا لجاريوس، فإنه من غير الممكن أن يستمر احتلال طويل الأمد تعتبر فيه المحاكم مجرد أداة عسكرية أخرى، لذا فإنه يجب إصلاحها. 

وأضاف، لايمكن أن يأتي هذا الإصلاح حاليا سوى من داخل الجيش والحكومة الإسرائيليين، وأهم الخطوات في ذلك هي التخلص من قانون الاحتلال، وتطبيق نفس الإجراءات الجنائية التي يتمتع بها مواطنو إسرائيل من اليهود والعرب على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. 

ويجب عقد المحاكمات أمام محاكم مستقلة تضم قضاة مدنيين، وإنهاء الاعتقال الإداري، ووقف التعذيب والترهيب. 

وأكد جاربوس أنه لا يجب إجراء أي استجواب دون وجود محام، وأن يكون للمتهمين حق الوصول الفوري لمحام وتوفير التسهيلات الكافية للتشاور معهم بخصوصية. وينبغي للمحكمة أن تتوقف عن إجبار المتهمين على الإقرار بالذنب من خلال فرض عقوبات مشددة للغاية على الذين يرغبون في المثول أمام المحكمة لأنهم يتمسكون ببراءتهم. 



ومضى قائلا، "ينبغي على الحكومة الإسرائيلية تقديم تقارير إلى الصليب الأحمر بشأن السجناء المحتجزين تحت سلطة المحاكم العسكرية، ومنح الصليب الأحمر حق الوصول الفوري إلى مراكز الاستجواب والسجون".

ويأسف الكاتب لحقيقة أن التغيير لن يحدث على الفور أو بشكل جذري فنظام المحاكم العسكرية في إسرائيل لا يخلق سوى الضحايا والمعارضين، مما يقوض غرضه الظاهري: الحفاظ على أمن البلاد. 

وأشار إلى أن نظام المحاكم والسجون الخبيث هذا لا يخدم أي غرض، وإذا استمر في العمل كما هو الحال الآن، فإن إسرائيل لن تضفي سوى المزيد من المصداقية على اتهامات الفلسطينيين بعدم شرعية تصرفاتها وتزايد تشويه سمعتها في جميع أنحاء العالم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية المحاكم العسكرية الضفة الغربية السجون الاحتلال الضفة الغربية الأسرى الاحتلال سجون صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحاکم العسکریة

إقرأ أيضاً:

اجتماع عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويدعو واشنطن لإنهاء انحيازها للاحتلال

شدد المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، على رفضه تهجير الشعب الفلسطيني من أرضهم المحتلة "تحت أي مسمى أو ظرف"، داعيا الولايات المتحدة إلى مراجعة مواقفها المنحازة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تشن حرب إبادة جماعية متواصلة على قطاع غزة.

جاء ذلك في قرار صادر عن اجتماع الدورة 163 لوزراء الخارجية العرب، والذي عقد في مقر جامعة الدول العربية بالعاصمة المصرية القاهرة، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، الخميس.

ودعا وزراء الخارجية العرب في قرارهم "الولايات المتحدة الأمريكية إلى مراجعة مواقفها المنحازة لإسرائيل"، مشددين على ضرورة "العمل بجد وإخلاص مع الأطراف المعنية لتنفيذ حل الدولتين على خطوط الرابع من حزيران /يونيو 1967".


وأشاروا إلى أهمية "تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره في دولته المستقلة ذات سيادة قابلة للحياة ومتواصلة جغرافيا"، وحثوا الولايات المتحدة على "الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها، ووقف أعمالها الأحادية التي تُدمّر حل الدولتين".

كما دعا الوزراء جميع الدول إلى "تقديم الدعم السياسي والمالي والقانوني للخطة العربية الإسلامية التي اعتمدتها القمة العربية بتاريخ 4 آذار /مارس 2025، ووزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في 7 مارس 2025 بجدة".

وأشاروا إلى أن هذه الخطة خاصة بـ"التعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، في إطار مسار سياسي يؤدي إلى تجسيد استقلال دولة فلسطين، ويضمن تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه والتصدي لمحاولات تهجيره".

وتشير الخطة التي رفضها الاحتلال والولايات المتحدة، إلى أن عملية إعادة إعمار غزة تستغرق خمس سنوات، وتكلف نحو 53 مليار دولار.

ورحب الوزراء بـ"عقد مؤتمر دولي في القاهرة في أقرب وقت، للتعافي وإعادة الإعمار في قطاع غزة، بالتعاون والتنسيق مع دولة فلسطين والأمم المتحدة"، داعين المجتمع الدولي إلى "المشاركة فيه للتسريع في تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره بعد الدمار الذي تسبب به العدوان الإسرائيلي".

وأكد الوزراء العرب ضرورة "العمل على إنشاء صندوق ائتماني يتولى تلقي التعهدات المالية من كافة الدول ومؤسسات التمويل المانحة، بغرض تنفيذ مشروعات التعافي وإعادة الإعمار".


وفجر 18 آذار/ مارس الماضي، استأنف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة، عبر شن سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.

وأثار استئناف العدوان الذي أسفر عن سقوط آلاف الشهداء والمصابين في صفوف المدنيين الفلسطينيين، موجة من الاحتجاجات المناصرة للشعب الفلسطيني، والمطالبة بوقف فوري لعدوان الاحتلال الإسرائيلي في العديد من المدن حول العالم.

وتقول منظمات إغاثة إن الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءا في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي، وقد وصفت منظمة "أطباء بلا حدود" القطاع بأنه مقبرة جماعية للفلسطينيين، في حين شددت منظمة العفو الدولية أن الحصار الإسرائيلي الشامل يعد جريمة ضد الإنسانية وانتهاك للقانون الإنساني الدولي.

مقالات مشابهة

  • إنقاذ الفلسطينيين من حماس.. الإعلام الإسرائيلي يصطاد في الماء العكر بنشر تصريحات العولقي
  • تصعيد عسكري أمريكي جديد في اليمن.. سنتكوم تنشر مشاهد للاستعدادات العسكرية وجماعة الحوثي تؤكد وقوع غارات جديدة
  • اجتماع عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويدعو واشنطن لإنهاء انحيازها للاحتلال
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • قائد الثورة: العدو الإسرائيلي سعى ومعه بعض الأبواق العربية على تأليب الفلسطينيين في قطاع غزة ضد المجاهدين
  • الاحتلال الإسرائيلي يشدد من إجراءاته على الحواجز العسكرية بمحيط نابلس
  • حكومة غزة تحذر الفلسطينيين من شائعات تدفعهم نحو الهجرة
  • الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مدرسة يافا التي تؤوي نازحين بحي التفاح
  • تأجيل أكثر من 33 ألف قضية جراء الإغلاق القسري لمجمعات محاكم بالضفة
  • إسرائيل تواصل ترويج الأكاذيب لتضليل المجتمع الدولي.. وجيش الاحتلال يصعّد عملياته العسكرية في غزة