استقبل الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الخميس بمشيخة الأزهر، السيد تشن رويفنج، رئيس مصلحة الدولة الصينية للشئون الدينية، يرافقه وفدًا رفيعَ المستوى ضم كلًّا من: السفير لياو ليتشيانج، سفير الصين لدى القاهرة، والسيد خه يانلينج، نائب المدير العام للإدارة العامة بمصلحة الدولة الصينية للشئون الدينية، والسيدة آي شياو، رئيس القسم المسيحي لإدارة الشئون الدينية بمصلحة الدولة الصينية للشئون الدينية، والدكتورة لين مانهونج، نائبة الأمين العام للمجلس المسيحي الصيني.

 

وأكد الإمام الأكبر أنَّ علاقة الأزهر بالصين علاقة قديمة، مشيرا إلى أن الطلاب الصينيين الدارسين في الأزهر كانوا -ولا يزالون- محورًا مهمًّا في تعزيز هذه العَلاقة، وأن الأزهر يسعد باستضافة ما يقارب 300 طالب صيني للدراسة بمختلف المراحل التعليمية، من بينهم 32 باحثًا وباحثة في مرحلة الدكتوراة، كما يقدم الأزهر 32 منحة دراسية لأبناء المسلمين في الصين للدراسة في معاهده وجامعته العريقة.

وخلال اللقاء، تساءل شيخ الأزهر عن حقيقة التقارير الإعلامية التي تتناول التضييقات التي تمارس على المسلمين في الصين، ومنعهم من إقامة بعض الشعائر الدينية كصلاة الجماعة والصوم وغيرهما، مؤكدا أن تعاليم الإسلام ترسخ في المسلم ثقافة التعايش السلمي في أي مجتمع، وتحثه على المشاركة في تحقيق نهضة مجتمعه وبلاده، وأن مبادئ الإسلام تعزز التعايش وقبول الآخر.

وأضاف شيخ الأزهر: «نشجع على الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها، ولكن في الوقت ذاته نرفض الاندماج السلبي الذي يسعى إلى تفريغ المسلمين من هويتهم الدينية وطمسها، مع ضرورة الانتباه إلى أن هذا لا يحدث إلا عندما يحاول البعض التدخل في أصول الأديان وقواعدها من خلال التضييق على المؤمنين في ممارسة شعائر دينهم، وأننا كما نرفضه للمسلمين؛ فإننا نرفض أن يمارس ذلك ضد كل المؤمنين من مختلف الأديان وفي جميع المجتمعات».

وأبدى أ. د أحمد الطيب شيخ الأزهر استعداد الأزهر لزيادة عدد المنح الدراسية المقدمة لأبناء المسلمين في الصين، مع استعداد الأزهر لاستضافة الأئمة الصينيين للدراسة والتدريب في أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، ورفع مهاراتهم في تفنيد الفكر المتطرف وترسيخ قيم التعايش وقبول الآخر.

من جانبه، أعرب رئيس مصلحة الدولة الصينية للشئون الدينية عن سعادته بزيارة شيخ الأزهر، ووجوده في هذه المؤسسة الإسلامية العريقة التي تتمتع بمكانة عالمية مرموقة، مشيرا إلى حرص بلاده على تعزيز التعاون والتواصل مع مؤسسة الأزهر، وأن الطلاب الصينيين الوافدين للدراسة في الأزهر فخورون بوجودهم في هذه الجامعة العريقة التي تقوم على نشر الفكر الوسطي المعتدل وتلعب دورا كبيرا في تعزيز التسامح الديني وقبول الآخر.

وجدد السيد تشن رويفنج، الدعوة لشيخ الأزهر لزيارة الصين، والاطلاع على أحوال المسلمين عن قرب، مشيرا إلى أن القيم الصينية تضمن حماية حرية العبادة، وحماية التعددية الدينية، وممارسة الشعائر الدينية للمؤمنين وغير المؤمنين، وأن الدستور الصيني يحمي حقوق جميع المؤمنين في ممارسة شعائرهم الدينية، ويضمن الاندماج بين القيم الدينية والقيم الصينية التي تسعى إلى تحقيق الازدهار والديمقراطية والعدالة والإنصاف والتنمية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: شيخ الأزهر د أحمد الطيب رئيس مصلحة الدولة الصينية للشئون الدينية مشيخة الأزهر شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

الدولة والسلفيات الدينية والمذهبية

الدولة - إن صح التعبير - مؤسسة متطورة، وإذا كانت هناك قيم مطلقة عابرة للزمكانية، إلا أن الدولة إجرائيا لها ارتباط وثيق بالظرفية، ولا يمكن بحال استنساخ نماذج إجرائية سالفة في واقع مختلف تماما، كما لا يمكن الوقوف عند حرفية النصوص الإجرائية الماضوية في واقع مختلف، قد تكون الروح مطلقة كالمساواة والعدل والحرية، إلا إن إجراء تحقق ذلك لا ينفصل عن الواقع المعيش، وفي نظري لا توجد ديانة أو فلسفة من حيث الابتداء أرادت أن تختزل الدولة في صورة إجرائية مغلقة، لكنها تناولت الدولة وفق ظرفية واقعها الذي تعيشه، فإذا وجدت نصوص في ذلك فهي لا تخرج عن روح القيم المطلقة، أو الظرفية المقيدة بواقعها، وعليه ربط الدولة كليا بواقع ظرفي مختلف تماما ربط يقود العقل المعاصر إلى الجمود والتخلف، وقد يقوده إلى الصراع والنزاع والاحتراب، كما يجعل العقل يعيش في مخيال وهمي يتمثل في أن استنساخ الدولة في صورتها الإجرائية الماضوية تقوده إلى الرفاهية والكرامة والخلاص من آلام الواقع، وهو نوع من الوهم، والهروب من واقع الحال الذي ينبغي أن يدرس بعقلانية الواقع، لا بأوهام الماضي، والكثير مما يروى عن الماضي يصلنا منه ما هو مختزل عن واقعه، وليست الصورة الحقيقية المرتبطة بإنسان تلك المرحلة وفق تقدمه أو تأخره وفق مقياس واقعه وظرفية زمنه.

ولما نتحدث عن السلفية لا نريد هنا السلفية بالمفهوم المذهبي المغلق المتمثل في بعض الجماعات الدينية المعتدة بأرثوذوكسيتها، أو التي ترى الخلاص في رؤى واجتهادات السلف، وليس المراد أيضا الوقوف عند بعض الجماعات الإصلاحية المعاصرة والتي تبنت السلفية لقبا لها، والمراد من حديثي هنا أنه لا يوجد ديانة أو مذهب أو حركة لا سلف لها، أو لا رؤية سلفية لها، تسمت باسم السلفية، أو حتى كانت رافضة لهذا المصطلح، فالعديد من هذه الحركات لها ارتباط سياسي في النشأة، ولها رؤية سلفية حول الدولة والاجتماع البشري، قد تجمد عليها، وقد تتطور رؤيتها إذا ما حدث انفتاح عند بعض منظريها وأتباعها، بيد أن الخلاص من الرؤية الماضوية لا يمكن أن يتمثل في جميع أفرادها، وقد يتعرض المنظرون الجدد لإقصاء من قبل التقليديين - السلفيين - في كل مذهب، والذين يستخدمون البراجماتية النفعية وفق كيان الدولة القائم، وإن كان واقع خطابهم له رؤية ماضوية خلاصية حول واقع الدولة، لهذا يحاربون المنظرين الجدد باسم الدولة نفسها عندما تكون المصلحة واقعة بين السياسي والديني الأرثوذكسي.

قد يكون من الناحية الشكلانية لا خطورة في علاقة السلفيات الدينية والمذهبية بالدولة في الخطوط الجامية والنفعية البراجماتية، الخطورة لما تتسع دائرتها حيث يتمثل إشكاليتها في رفض الآخر القريب دينيا أو مذهبيا إذا كانت مخالفا لسلفيتها الحرفية، ورفض البعيد خارج التفكير الديني ذاته محاولة لإقصائه وإبعاده، مستخدمة أدوات الدولة ذاتها من حيث المؤسسات، وقد تتسع إلى القضائية والضغط الاجتماعي، ولو كانت الدولة لها صورة ليبرالية أو علمانية من حيث الابتداء، ليخرج مفهوم الآخر المختلف من دائرة المواطنة المرتبطة بالذات الواسعة، إلى المواطنة المرتبطة بمدى النفعية من جهة، وبضيق التصنيفات المذهبية تجاه المختلف من جهة ثانية، وتتسع الخطورة عندما يملأ العقل الجمعي المستقِبل لخطابات سلفية ترى الخلاص في نماذج ماضوية هي بذاتها تصارعت وتحاربت، واختزلت في روايات وقصائد شعرية، يستقبل العقل الجمعي هذه الخطابات بلا إعمال عقلي، ولا نقد معرفي، تجعله يعيش الازدواجية بين مخيال الخطاب وظرفية الواقع، ليسقط ذلك سلبا في تأثره بجماعات متطرفة باسم الدين، أو يكون ناقما لمحيطه الذي يعيش فيه.

لهذا لابد من إعادة قراءة الدولة وفق نظريات الواقع، ولابد من نقد مثل هذه الخطابات غير المنضبطة من تديين الدولة وإخراجها من إطارها الإنساني المتحرك، إلى الأطر اللاهوتية المغلقة من جهة، ومن طبيعتها الحالية الواقعية إلى الخلاصات الماضوية الوهمية من جهة أخرى، ليبنى العقل الجمعي على المواطنة المرتبطة بالذات المتساوية بين الجميع، هذه الذات لا تلغي الخصوصيات الدينية والمذهبية والفكرية والثقافية، ولكنها من حيث الدولة يبقى الجميع ذاتا واحدة لا تمايز بينهم، والكل سواء في العمل والاجتهاد والشراك والإبداع والكفاءة، فإذا لم يحدث مثل هذا النقد، وإذا لم يتم إعادة التعامل مع العقل الجمعي ليكون متعقلا ناقدا محاورا، وليس مستقبلا فقط لخطابات من الخارج باسم المقدس أو غيره، قد ينضبط تفكيره حاليا نتيجة قوة الدولة الوطنية، وليس لسبب ما يتمثله من ثقافة جمعية مؤمنة بإنسانية الدولة وظرفيتها الزمكانية، يظهر ضرر ذلك في الخطابات غير المنضبطة التي قد تتحول إلى فعل حال ضعف الدولة المركزية.

فالجماعات الحركية المتطرفة مثلا لم تكن بعيدة عن هذه الخطابات والسلفيات غير المنضبطة، التي بنيت على كراهية وإقصاء الآخر تحت مفهوم «الولاء والبراء»، أو تحت عمومية الأسلمة بما في ذلك المتحرك في الاجتماع البشري، ومحاولة لاستنساخ تجارب سابقة لها ظرفيتها وفق التديين والخلاص باسم المقدس، ولو كانت مرجعيتها روائية وتطبيقات تراثية لا علاقة لها بالنص الأول من حيث الابتداء، هذه الجماعات تجاوزت حد الخطاب إلى الفعل، بيد أن الخطاب الذي تحمله لا يختلف عن خطاب السلفيات الدينية والمذهبية في عالمنا العربي والإسلامي، فما زالت النظرة الخلاصية للدولة في صورتها الماضوية حاضرة، والعديد من أدبيات هذه الجماعات الحركية المتطرفة لا يختلف تماما عن الذي يطرح في الجامعات والمساجد، وما نراه أيضا في الكتب الدينية التقليدية فيما يتعلق بالحكامة، وتصنيف المختلف الديني والمذهبي، وكلاسيكية الولاء والبراء والتكفير والتفسيق، وإسقاطات ذلك على المعاملات والحدود والقوانين المدنية وما يماثلها.

مقالات مشابهة

  • لتعزير التعاون المشترك .. رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من ووهان الصينية
  • شيخ الأزهر يستقبل رئيسة البرلمان السلوفيني بمقرِّ مشيخة الأزهر
  • الأوقاف: مواجهة التغريب تتطلب تضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والعلمية والثقافية
  • “الإخوان المسلمين” في الأردن تنفي علاقتها بالخلية التي اتهمت بالتآمر على البلاد
  • إخوان الأردن: مصلحة المملكة فوق كل اعتبار ولا علاقة لنا بالخلية التي اعتقلتها المخابرات
  • الدولة والسلفيات الدينية والمذهبية
  • كيف نتأكد من مصدر المعلومة الدينية؟.. السيد عبد الباري يجيب
  • رئيس النواب يستقبل وزير قطاع الأعمال بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية
  • الرئيس السيسي يستقبل بمقر إقامته ولى عهد الكويت
  • افتتاح معرض الكتاب الدائم بمقر جامعة الأزهر.. صور