تواجه ليبيا تحديات اقتصادية كبيرة بسبب القيود الصارمة على النظام المصرفي، بالإضافة إلى القيود الدولية والعقوبات الاقتصادية. هذه العوامل مجتمعة أثَّرت بشكل كبير على توفير العملة الصعبة، مما دفع الشعب الليبي ورجال الأعمال إلى اللجوء للسوق الموازي لتلبية احتياجاتهم المالية.

النظام المصرفي الليبي يفرض قيوداً صارمة على العملة الصعبة اللازمة للتجارة والأعمال، تتزايد هذه القيود مع الحروب وتعطيل تصدير النفط، مما يجعل إجراءات تحويل الأموال معقدة وبطيئة وضارة، كما أن الحصار الاقتصادي وتجميد الاستثمارات الأجنبية في فترة حكم القذافي، وبعد ثورة فبراير، ساهم في تدهور البنية التحتية الاقتصادية للبلاد وزاد من فرض هذه القيود.

على الجانب الآخر، ترحب بعض الدول بوجود هذه الأموال في مصارفها، حيث تستفيد منها وتتفهم الصعوبات التي تواجهها ليبيا ومصارفها، دون إيلاء الكثير من الاهتمام لمصادر هذه الأموال.

تحديات السوق الموازية متعددة؛ فهي وسيلة لتوفير العملة الصعبة وتسهيل عمليات الشراء والبيع، بعيدا عن القيود التي يفرضها النظام المصرفي، إلا أنها تُواجه العديد من التحديات والمشاكل.

تبدأ هذه المشاكل من طريق توفير العملة الصعبة وتمتد إلى عمليات شرائها وبيعها، وإخراجها خارج البلاد، حيث تُخضع لسلسلة من الإجراءات المعقدة، تتجاوز القانون والقيود المصرفية المعتادة، مما يجعلها عرضة للمحاسبة والمصادرة والتجميد.

نتيجة لهذه القيود المحلية والدولية، يلجأ العديد من الليبيين، وخاصة رجال الأعمال، إلى السوق الموازي للحصول على العملة الصعبة.

هذا السوق غير رسمي، ولكنه حيوي لتلبيته للطلبات المتزايدة على العملات الأجنبية، السلطات الليبية، بشكل غير رسمي، أبدت تسامحاً مع هذا الوضع، حيث تسمح بدخول البضائع عبر المنافذ الليبية دون التدقيق في طريقة الدفع.

يقوم رجال الأعمال الليبيون بفتح حسابات مصرفية خارج ليبيا في دول ذات قيود أقل، هذه الحسابات يتم تغذيتها عبر السوق الموازي لتسهيل الحصول على العملة الصعبة وتنفيذ العمليات التجارية بمرونة أكبر، العديد من رجال الأعمال الليبيين فتحوا حسابات مصرفية في هذه الدول لتسهيل عملياتهم التجارية.

مع تزايد اعتماد رجال الأعمال على الحسابات المصرفية الخارجية، زادت المشكلات القانونية، خاصة في ظل الصراع السياسي والاتهامات المتبادلة بين الفرقاء السياسيين في الساحة الليبية، حيث تستند لجان التحاليل المالية في هذه الدول على مصادر مفتوحة لتفسير العلاقات والحوالات وربط أصحابها بتفسيرات باطلة، مما زاد من تعقيد الوضع وأدى إلى اتهامات غير مبررة.

السلطات في هذه الدول بدأت تفسر بعض التحويلات المالية بأنها محاولات لغسل الأموال وتهريبها من ليبيا، ورغم أننا لا ننفي وجود هذه الجرائم، نتيجة الفساد المستشري، إلا أننا نجزم بأن معظم رجال الأعمال يبحثون عن المزيد من الفرص لتنمية تجاراتهم ويبحثون أيضا على العملة الصعبة، التي لا توفرها المصارف الليبية، لتغطية احتياجاتهم وحاجة الشركات التجارية الليبية من هذه العملة.

من الضروري إعادة النظر في السياسات المصرفية المحلية لتوفير بيئة مالية أكثر مرونة وشفافية، تلبي احتياجات المواطنين، وتساهم في استقرار الاقتصاد الوطني.

لا شك بأن البنية التحتية التجارية في ليبيا الحالية بحاجة إلى تشريع قوي وجريء، لتوفير منطقة حرة للمصارف المحلية والدولية، تعمل بقيود أقل صرامة، وتسمح لليبيين بالتعامل معها بحرية تامة بعيداً عن القيود التي يفرضها الواقع الليبي.

ومع ذلك، يجب أن يكون هذا التشريع في إطار منع جرائم غسيل الأموال وضمان الشفافية المالية، هذا سيؤدي إلى الحد من السوق الموازي، ومن تسرب العملة الصعبة إلى خارج البلاد وإلى الدول التي تضع العراقيل أمام رجال الأعمال الليبيين وتحويلاتهم المالية.

ربما نتناول عناصر هذا التشريع في مقالة قادمة بإذن الله.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: على العملة الصعبة السوق الموازی رجال الأعمال

إقرأ أيضاً:

افتتاح سوق "الوثبة الرمضاني" بمشاركة مجموعة من روّاد الأعمال.. الخميس

 

 

 

 

مسقط - الرؤية

أعلنت هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبنك مسقط عن افتتاح سوق "الوثبة" الرمضاني أمام الجمهور بدءًا من مساء يوم الخميس 6 مارس وحتى مساء السبت 8 مارس 2025؛ وذلك بالمقر الرئيسي لبنك مسقط بمرتفعات المطار وبمشاركة حوالي 150 من رواد ورائدات الأعمال وأصحاب المشاريع المنزلية.

ويعد هذا السوق -الذي يأتي في نسخته الحادية عشرة هذا العام- من الفعاليات والمناسبات المهمة التي يتم تنظيمها سنويًا في هذا الشهر الفضيل وذلك في إطار جهود البنك الهادفة إلى تعزيز دورهم في مجال المسؤولية الاجتماعية والمساهمة في تطوير ودعم قطاع الأعمال.

ويسهم تنظيم سوق "الوثبة" الرمضاني في تمكين رواد ورائدات الأعمال وأصحاب المشاريع المنزلية من عرض منتجاتهم المختلفة أمام الجمهور وفتح آفاق تسويقية جديدة لهم، وكذلك تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين المشاركين من أصحاب المشاريع الأخرى؛ حيث يُقدِّم المشاركون في السوق مجموعة مختلفة من المنتجات المحلية من بينها الأزياء بكافة أنواعها ومنتجات الصحة والجمال وزينة البيوت والاكسسوارات والمأكولات والأدوات التراثية والعطور وعرض العديد من المستلزمات الخاصة بعيد الفطر المبارك، علمًا بأن سوق "الوثبة" الرمضاني سيكون مفتوحًا لعامة الزوار خلال الفترة المسائية من الساعة 8 حتى 12 مساء.

ويعكس التنظيم السنوي لسوق الوثبة التزام هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وبنك مسقط على دعم وتطوير هذا القطاع المتنامي، الذي يعد العمود الفقري للاقتصاد الوطني؛ حيث يُعد سوق "الوثبة" الرمضاني من الفعاليات المميزة التي تحظى باهتمام كبير من المجتمع ووسائل الإعلام، كذلك يسهم السوق في تشجيع الزوار على دعم الأنشطة والمشاريع المحلية وتوعيتهم بأهمية هذه المؤسسات الصغيرة والناشئة. وخلال السنوات الماضية شهد السوق نجاحًا كبيرًا. ويُتوقع أن يشهد هذا العام حضورًا مميزًا أيضًا، خاصةً وأنه يُقام في شهر رمضان المبارك الذي يزداد فيه النشاط التجاري والاستعدادات لعيد الفطر المبارك.

ويؤكد بنك مسقط التزامه بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال عدة مبادرات استراتيجية، بما في ذلك أكاديمية الوثبة والتي تم اطلاقها عام 2014 لدعم روّاد الأعمال العمانيين، كما تقدم دائرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة (الوثبة) مجموعة متكاملة من الحلول المصرفية وغير المصرفية، تشمل التعليم والتدريب وورش العمل، لتعزيز فرص النمو والتوسع لرواد الأعمال. ويواصل بنك مسقط تعزيز شراكته مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، مع التركيز على دعم الشباب والمجتمع، الذين يعدون جزءًا أساسيًا من الخطط الاستراتيجية لـ"رؤية عُمان 2040".

مقالات مشابهة

  • هل نجح العراق في كسر القيود المالية أم أنه قيد جديد؟
  • الزراعة تعتزم طرح 253 فرصة استثمارية أمام رجال الأعمال والشركات المختصة
  • خيط الجريمة.. الخلافات المالية تقود النيابة لكشف المتهم بقتل نقاش بالقاهرة
  • ألمانيا .. مجموعة بوش الألمانية تعتزم شطب المزيد من الوظائف بسبب “ظروف السوق الصعبة”
  • البرلمان الإيراني يقيل وزير المالية على خلفية تدهور العملة الوطنية
  • كبسولة فى قانون.. تعرف على عقوبة الاتجار بالعملة فى السوق السوداء
  • عدد قياسي لرجال الأعمال أصحاب الطائرات الخاصة في تركيا
  • افتتاح سوق "الوثبة الرمضاني" بمشاركة مجموعة من روّاد الأعمال.. الخميس
  • البرلمان الإيراني يحجب الثقة عن وزير المالية بسبب "العملة"
  • رجال دين أم رجال أعمال: كيف تحوّلت الروحانية إلى سلعة رأسمالية؟