مقهى الصعاليك.. ملتقى رجال الفكر والأدب في القدس
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
افتتحه عيسى ميشال الطبة مختار الروم الأرثودوكس في القدس عام 1918، وأسهم في شهرته ثلة من رجال الفكر أطلقت على نفسها "حزب الصعاليك". اتسم بطابع اجتماعي واعتبر من أشهر مقاهي القدس آنذاك.
الموقعيقع مقهى الصعاليك بالقرب من باب الخليل، على مقربة من السور الغربي لمدينة القدس.
التسميةعرف المقهى بتسميات كثيرة منها: مقهى المختار، مقهى الطبة، مقهى أبو ميشال، لكن الصعاليك كان الاسم الأشهر، كونه ارتبط برواده ممن أطلقوا على تجمعهم "حزب الصعاليك".
التأسيس
تعود بداية ظهور المقاهي في مدينة القدس إلى القرن السادس عشر، حسب ما ورد في سجلات المحكمة الشرعية في القدس، وتقرر افتتاح مقهى الصعاليك، تزامنا مع إعلان الإدارة العثمانية آنذاك الدستور الجديد الذي دعا إلى تبني اللامركزية في الحكم، وتعهد بمنح العرب حكما ذاتيا في أجواء تميزت بحرية الصحافة والتجمع، ما انعكس على الحياة الاجتماعية في فلسطين.
أنشأه مختار الروم الأرثودوكس آنذاك عيسى ميشال الطبة، فوق مصرف أغلقته سلطات الاحتلال البريطاني.
البدايةكان المقهى محطة استراحة للحجاج الأرثوذكس الوافدين من اليونان وقبرص وروسيا للمشاركة في احتفالات عيد الفصح. كما كان مركزا للمراجعة والاستشارة لأبناء الطائفة في البلدة القديمة.
لاحقا، اتسم المقهى بالطابع الاجتماعي، متعدد الأطياف والجنسيات، ساعد على ذلك عمل مؤسسه عيسى الطبة مديرا لمطبعة دير الروم الأرثودوكس، وهو ما وسع علاقاته مع الأدباء والساسة.
كما كان المضافة التي يستقبل فيها الأديب خليل السكاكيني ضيوفه. ومن العوامل التي أسهمت في الإقبال الكبير عليه وعلى عموم المقاهي في القدس آنذاك، أنها كانت البديل عن الحانات، إذ كانت جلساته تخلو من الخمور.
روادهكان المقهى محطة جذب لكثير من مثقفي القدس، وعموم الفلسطينيين والعرب، وبعدما تأسس "حزب الصعاليك" عام 1921، والذي شكل نواته الأساسية كل من خليل السكاكيني وميشال عيسى الطبة وعادل جبر وإسعاف النشاشيبي وعيسى العيسى (صاحب جريدة فلسطين) وداوود العيسى (محرر جريدة فلسطين) وإسحق موسى الحسيني ونخلة زريق.
ومن خارج القدس انضم إلى هذا التجمع أحمد زكي باشا وخليل مطران، وذاع صيت المقهى أكثر في الأرجاء وأخذ أهل الثقافة يأتونه من كل حدب وصوب.
وكان من رواده أيضا شخصيات من الحركة الوطنية الفلسطينية، الذين كانوا يجتمعون للتفكير في أدوات لمواجهة الاحتلال الإنجليزي، الذي كان لا ينفك عن مراقبة وملاحقة رواد المقهى، وهم بدورهم كانوا حريصين على ألا يكشف العدو مخططاتهم، لذا كانوا يطبعون البيانات ويضعونها تحت صحون القهوة التي تقدم إلى الزبائن.
مقهى الصعاليك في القدس كان يرتاده الأدباء والفنانون والمثقفون (الجزيرة) نشاطه الثقافيشهد المقهى على عقد ندوات أسبوعية ونقاشات أدبية وفكرية وثقافية وسياسية، ضمت عشرات الشخصيات الفلسطينية والعربية.
وبحكم شهرته الخارجية، كان عنوانا لتراسل الأدباء والمثقفين العرب مع نظرائهم الفلسطينيين، فكان الحجاج إذا قدموا إلى القدس جلبوا معهم بعض الصحف والمجلات والكتب وأخبار مثقفي المدن التي قدموا منها.
هندسته المعماريةهو عبارة عن بيت قديم سقفه مقوّس، ومظهره الخارجي متماهٍ مع شكل السور المحاذي له، وفي حديقته الخلفية نافورة ماء، وكان يضم كثيرا من أقفاص العصافير والحمام الزاجل، والدجاج الهندي والطيور البيتية.
إغلاق المقهىلا يعرف بالضبط التاريخ المحدد الذي أغلق فيه المقهى، إلا أن المصادر تشير إلى أن حياته لم تدم طويلا خلال فترة الاحتلال الإنجليزي، كحال باقي المقاهي الثقافية في القدس، وعموم فلسطين.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أمين دُور وهيئات الإفتاء: الذكاء الاصطناعي فرصة لتعزيز الوسطية ومواجهة الفكر المتطرف
أكد الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة استراتيجية يمكن توظيفها لتعزيز قيم الوسطية ونشر الفكر المعتدل، كما أنه أداة حيوية لمواجهة الأفكار المتطرفة التي تهدد استقرار المجتمعات.
وجاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها اليوم في أعمال الملتقى السنوي لمراكز الفكر في الدول العربية، في دورته الثانية المنعقدة بمقر جامعة الدول العربية يومَي 23 و24 ديسمبر الجاري، تحت شعار نحو آلية عربية لمواجهة التهديدات الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي من قِبل الجماعات الإرهابية.
وفي مستهل كلمته، أشار نجم إلى أن التحول الرقمي أصبح واقعًا لا يمكن تجاهله في مختلف المجالات، بما في ذلك المجال الديني، مؤكدًا أن المؤسسات الدينية تواجه مسؤولية كبيرة في تبنِّي أدوات الذكاء الاصطناعي لتحقيق رسالتها وتعزيز حضورها.
وقال: "إن التطبيقات الذكية تمنحنا فرصة غير مسبوقة لإعادة تقديم النصوص الدينية بما يتوافق مع العصر، دون التفريط في الأصالة أو تجاوز الضوابط الشرعية."
وأوضح أنَّ هذه الأدوات تُعد وسيلة فعالة لدعم الوسطية ومواجهة الأفكار المتطرفة، مشيرًا إلى أن النجاح في هذا المجال يتطلب رؤية متكاملة تجمع بين القيم الدينية والاحتياجات التقنية، لضمان توافق مخرجات الذكاء الاصطناعي مع الثوابت الشرعية.
وتناول الأمين العام أبرز التحديات التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني، مُقسمًا إياها إلى تحديات تقنية وشرعية واجتماعية. أشار إلى محدودية قدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي الحالية على فهم التنوع الثقافي والديني، بالإضافة إلى نقص قواعد البيانات الشرعية الدقيقة التي يمكن الاعتماد عليها لتطوير التطبيقات الذكية. وأكد على ضرورة الاستثمار في تطوير هذه القواعد لتكون مرجعًا موثوقًا يخدم الأهداف الشرعية.
وشدد على الانتباه إلى خطورة البرمجة المتحيزة التي قد تُسهم في تفسير النصوص الدينية بما يخدم أجندات متطرفة. وأوضح أن هذا يتطلَّب وضع معايير واضحة ومدونات أخلاقية تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الديني، بما يضمن توافق مخرجاته مع القيم الوسطية. كما تناول التحديات الاجتماعية الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في نشر فتاوى غير موثوقة أو تحريضية عبر الإنترنت. وأشار إلى أن هذا قد يؤدي إلى تعزيز الانعزال الرقمي وتقليل التفاعل المباشر بين العلماء والجمهور، مما يتطلب تدخلًا من المؤسسات الدينية لضبط هذا الجانب.
واستعرض الأمينُ العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم الفرصَ التي يمكن أن يوفرها الذكاء الاصطناعي لتعزيز العمل الديني، مُشيرًا إلى إمكانية توظيفه في عدة مجالات رئيسية، منها تحليل النصوص المتطرفة واستخلاص أنماط التحريض، مما يُسهم في صياغة استراتيجيات فعَّالة لمكافحة الفكر المتطرف.
وقال: "يمكن لهذه الأدوات أن توفر تقارير دورية للمؤسسات الدينية وصانعي القرار حول التوجهات الفكرية المتطرفة، بما يدعم جهودهم في هذا المجال."
كما دعا إلى إنشاء منصات رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم فتاوى موثوقة، مع التركيز على قضايا الشباب والتحديات المعاصرة. وأوضح أن هذه المنصات يمكن أن تقدم إجابات دقيقة ومتعددة اللغات، مما يوسع نطاق الاستفادة منها.
وأشار الدكتور إبراهيم نجم إلى أهمية تطوير تطبيقات تعليمية تفاعلية تُقدم دروسًا في تفسير القرآن والحديث بطرق مبتكرة، مثل استخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتوضيح السياقات التاريخية للنصوص الشرعية، مما يُثري العملية التعليمية ويُشجع على التفاعل. وأشاد بإمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل النقاط المشتركة بين النصوص الدينية لتعزيز الحوار بين الأديان. وقال: "إن تصميم خوارزميات تُبرز القيم المشتركة بين الديانات يُسهم في نشر التسامح والتعايش السلمي."
وأكد الأمين العام للأمانة على الدَّور القيادي الذي يجب أن تضطلع به المؤسسات الدينية المعتدلة في هذا المجال. ودعا إلى إنشاء مركز دولي متخصص في الذكاء الاصطناعي الشرعي تحت مظلة الأزهر ودار الإفتاء المصرية، يضم فرقًا متكاملة من علماء الدين وخبراء التقنية لتطوير حلول مبتكرة وموثوقة.
كما شدد على ضرورة تنظيم برامج تدريبية لتأهيل القيادات الدينية والخطباء لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل النصوص ودحض الأفكار المتطرفة، إضافة إلى إطلاق مبادرات عالمية تُعزز من تبادل الخبرات والرؤى بين المؤسسات الدينية وخبراء التقنية.
واقترح الدكتور إبراهيم نجم سلسلة من الخطوات العملية، من بينها إطلاق منصة شاملة تقدم خدمات الإفتاء، دروسًا تفاعلية، وتقارير تحليلية عن الخطابات المتطرفة، وإنشاء موسوعة شرعية رقمية تعتمد على بيانات دقيقة لتغذية التطبيقات الذكية، وتطوير تطبيقات موجهة للشباب تُقدم الإرشادات الدينية بأسلوب بسيط وجذاب.
كما أكد على ضرورة تعزيز الحوار التفاعلي من خلال روبوتات محادثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم إجابات شرعية وسطية، وإنشاء وحدة متابعة إلكترونية لرصد الأنشطة الفكرية المتطرفة عبر الإنترنت.
واختتم الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم كلمته بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي يُمثل فرصة تاريخية يمكن من خلالها تعزيز الوسطية ونشر الفكر المعتدل، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدينية المعتدلة، مثل الأزهر ودار الإفتاء المصرية، لديها القدرة على قيادة هذا التحول الرقمي من خلال بناء شراكات استراتيجية والاستثمار في البحث العلمي، لضمان مستقبل رقمي يدعم القيم الإنسانية ويُحقق السلام الفكري والاجتماعي.
اقرأ أيضاًالأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم يهنِّئ الرئيس السيسي بالفوز في الانتخابات الرئاسية
تعزيز التعاون بين «الإفتاء المصرية» ومجمع الفقه الإسلامي الدولي
إبراهيم نجم: التعاون بين دار الإفتاء والجمعية الفلسفية المصرية «منصة حوارية غنية بالأفكار»