الأخطاء فى تشخيص إصابة مريض ما بالمرض، إحدى المشكلات الصحية التى لا تزال تستدعى مزيدا من اهتمام الأنظمة الصحية, ووفق التعريف الطبى فإن أخطاء التشخيص Diagnostic errors هى تفويت فرصة التوصل إلى التشخيص الصحيح للمرض الذى يُعانى منه المريض فى الوقت المناسب، أو عدم الوصول إلى ذلك التشخيص الصحيح، أو تقرير تشخيص خاطئ للمرض.
وتتعدد البلاغات المقدمة ضد بعض الأطباء الذين يخطئون فى تشخيص الأمراض، ويتعاملون بإهمال مع الحالات المرضية التى يستقبلونها. ووفق للمجلة الطبية البريطانية للجودة والسلامة BMJ Quality & Safety، فإن نحو 12 مليون شخص بالغ فى الولايات المتحدة يعانون سنويا من هذه المشكلة الصحية خلال مراجعتهم لعيادات الأطباء فى الولايات المتحدة. وحملت هذه الدراسة عنوان «وتيرة أخطاء التشخيص فى العيادات الخارجية: التقديرات من واقع نتائج ثلاث دراسات شملت البالغين فى الولايات المتحدة». وهذه الدراسات الثلاث لم تقتصر على نتائج مراجعات المرضى للعيادات الخارجية لطب الأسرة والمجتمع أو عيادات الأطباء العامون، بل أيضا عيادات خارجية حساسة مثل عيادات الأورام السرطانية فى القولون و عيادات الأورام السرطانية فى الرئة.
وفى نتائج جميع تلك الدراسات الطبية الثلاث، تم توثيق الأخطاء فى تشخيص الإصابات المرضية، وأكد الباحثون من مركز مايكل دبجى الطبى بهيوستن، فى نتائج الدراسة الحديثة أن نحو 50 % من تلك الأخطاء فى التشخيص التى تم توثيقها، يمكن بالفعل تصنيفها بأنها «أضرّت المرضى بشكل بالغ الأذى». وتحدث الباحثون تحديدا عن أخطاء من نوعية تأخير تشخيص الإصابة بالأورام السرطانية، وبالتالى تأخير البدء بمعالجتها بشكل فاعل ومفيد للمرضى، وهو على حد قول الباحثين ما قد يُؤدى إلى جعل نجاح المعالجة صعبة جدا وترك المجال للمرض السرطانى ليقضى على المريض.
وكانت نفس المجلة الطبية قد نشرت فى عام 2013 نتائج دراسة الباحثين من كلية جونز هوبكنز للطب بالولايات المتحدة التى تم فيها مراجعة 25 سنة من تراكمات دعاوى الأخطاء الطبية وتكاليفها المادية، ووجد الباحثون أن أخطاء التشخيص للأمراض التى يُعانى المرضى منها كانت الأعلى فى تكاليف التعويضات المادية لدعاوى المرضى أمام المحاكم، ليس هذا فقط، بل وجدها الباحثون، أى أخطاء التشخيص، الأعلى فى التسبب بالإعاقات والوفيات بين أوساط المرضى، وتحديدا أفاد الباحثون أن التكاليف المادية لدعاوى المرضى بلغت نحو 40 مليار دولار ما بين عامى 1986 و2010، كما يُصاب فى كل عام ما بين 80 ألفا إلى 160 ألف شخص بإعاقات مستديمة Permanent Disabilities جراء أخطاء فى التشخيص.
ويموت حوالى 371 ألف شخص، ويعانى 424 ألفًا آخرين، من إعاقات دائمة مثل تلف الدماغ، أو العمى، أو فقدان الأطراف، أو الأعضاء، أو انتشار السرطان، سنويًا كنتيجة لذلك.
وترتبط نسبة 40٪ من تلك التبعات الخطيرة التى تشمل الوفاة والإعاقة الدائمة، بأخطاء فى تشخيص مجموعة من خمس حالات: السكتة الدماغية، والإنتان (تسمّم الدم)، والالتهاب الرئوي، والجلطات الدموية الوريدية، وسرطان الرئة.
وقال الخبراء إن الأخطاء التشخيصية عادة ما تكون نتيجة عزو أعراض غير محددة إلى شيء أكثر شيوعًا وربما أقل خطورة من الحالة التى تسبب ذلك فى الواقع.
وتشكل القضايا النظامية الأوسع فى نظام الرعاية الصحية تحديًا فى هذه العملية.
وينص عليه قانون العقوبات فى مثل تلك الحالات، التى غالبا ما تؤدى إلى عاهات مستديمة.
ويوضح قانون العقوبات، أن عقوبة الإهمال الطبى تعتبر «جنحة» وليست جناية، وتتراوح عقوبتها بين الحبس سنة و3 سنوات بحد أقصى، وفقا لظروف وملابسات الواقعة.
وتعد وقائع الإهمال الطبى، من الوقائع التى يصعب اكتشافها وإثبات الجريمة على الطبيب أو المستشفى الصادر ضدهم البلاغ، حيث إن تقرير الطب الشرعى هو العامل الوحيد المحرك لتلك القضايا، وبنسبة 80% يفشل فى تحديد سبب الوفاة وينسبها أنها نتيجة مضاعفات للعملية التى تم إجرائها.
حدث ذلك معى وسيحدث مع آخرين، فهل من حل؟.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صلاح صيام ندى المشكلات الصحية أخطاء فى
إقرأ أيضاً:
هل لقاحات كوفيد تسبب أضرارا للقلب؟
كندا – دعا خبراء كنديون إلى إجراء مزيد من الأبحاث حول حالات تلف القلب المرتبطة بلقاحات “كوفيد-19″، محذرين من أن حجم هذه المشكلة ما يزال “غير موثق بشكل كاف”.
وأشار الخبراء إلى أن الدراسات السابقة كانت محدودة النطاق ولم تبحث في مخاطر هذه الإصابات على المدى الطويل بعد أشهر أو سنوات من تلقي اللقاح.
وفي حالات نادرة، تم ربط اللقاحات بتقنية “الحمض النووي الريبوزي المرسال” (mRNA)، مثل فايزر وموديرنا، بالتهاب عضلة القلب (myocarditis) والتهاب التامور (pericarditis)، وهو التهاب الغشاء المحيط بالقلب. وعلى الرغم من ندرة هذه الآثار الجانبية، إلا أن تقديرات مدى انتشارها تختلف بشكل كبير بين الدراسات.
على سبيل المثال، أشارت دراسة إسرائيلية عام 2021 إلى أن معدل الإصابة يبلغ حالة واحدة لكل 50 ألف شخص، بينما توصلت دراسات أخرى إلى تقديرات مختلفة.
ومع ذلك، حذر باحثون من جامعة كولومبيا البريطانية من أن الدراسات السابقة كانت غير متسقة في تصنيف حالات التهاب عضلة القلب والتهاب التامور المرتبطة باللقاحات، حيث استخدمت إطارات زمنية مختلفة لتحديد ما إذا كانت هذه الحالات مرتبطة مباشرة باللقاحات. ودعوا إلى إجراء مزيد من الأبحاث، مشيرين إلى أن معدلات هذه الحالات ارتفعت بنسبة 40% تقريبا على مستوى العالم منذ بدء طرح اللقاحات في عام 2021، ما يستدعي التحقيق في هذه الزيادة لأسباب تتعلق بالصحة العامة.
ومع ذلك، أقر الباحثون بأن فيروس “كوفيد-19” نفسه يمكن أن يتسبب في تلف القلب، ما يزيد من تعقيد المشكلة. وكتبوا في مجلة JAMA: “يجب أن تعتمد الدراسات المستقبلية حول التهاب عضلة القلب والتهاب التامور المرتبط بلقاحات كوفيد-19 على معايير تشخيصية أوسع، وأن تشمل كلتا الحالتين كنتائج رئيسية، وأن تستكشف التأثيرات المشتركة للعدوى واللقاحات على صحة القلب والأوعية الدموية”.
وتظهر بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن التهاب عضلة القلب والتهاب التامور بعد التطعيم هما من الآثار الجانبية القليلة المؤكدة للقاحات “كوفيد-19″، على الرغم من أن الوكالة لا توفر أرقاما دقيقة للحالات.
ويعتقد أن الجهاز المناعي قد يتعرف على الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA) في اللقاحات كتهديد، ما يؤدي إلى مهاجمة الجهاز المناعي لنفسه والتسبب في التهاب عضلة القلب أو التهاب التامور الذي يؤدي إلى التهاب الغشاء المحيط بالقلب.
وقد تم ربط هذه الحالات بعدد من الفيروسات الأخرى، مثل نزلات البرد وفيروسات الكبد، بالإضافة إلى “كوفيد-19”.
وفي دراسة فرنسية نشرت العام الماضي، درست أكثر من 4600 مريض تم إدخالهم المستشفى بسبب التهاب عضلة القلب، وجد الباحثون أن 558 من هؤلاء المرضى تطور لديهم “التهاب عضلة القلب ما بعد اللقاح”، بينما أصيب 298 بالتهاب عضلة القلب بسبب كوفيد، و3779 منهم كانوا يعانون من “التهاب عضلة القلب التقليدي”، أي غير مرتبط بكوفيد أو اللقاح.
وردا على هذه النتائج، أشار الباحثون الكنديون إلى أن الدراسة الفرنسية حددت نافذة زمنية مدتها 7 أيام فقط لتشخيص التهاب عضلة القلب المرتبط باللقاح، وهو ما يتعارض مع بيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها التي تشير إلى أن الحالة يمكن أن تتطور حتى 40 يوما بعد التطعيم. كما أشار نظام الإبلاغ عن الآثار الجانبية للقاحات (VAERS) التابع لوزارة الصحة الأمريكية إلى أن التهاب عضلة القلب يمكن أن يبدأ بعد 120 يوما من التطعيم.
وأكد الباحثون الكنديون أن الدراسة الفرنسية ربما فاتتها حالات عديدة من التهاب عضلة القلب المرتبط باللقاح بسبب المعايير التشخيصية المحدودة. كما لاحظوا أن الدراسة لم تتناول التهاب التامور.
وقال الدكتور تشينغليانغ يانغ والدكتور سكوت جيه تيبوت من جامعة كولومبيا البريطانية: “النافذة الزمنية التي حددتها الدراسة لمدة 7 أيام قد تقلل من تقدير حالات التهاب عضلة القلب المرتبطة باللقاح.” ودعوا إلى إجراء دراسات طويلة الأمد بمعايير تشخيصية أوسع لفهم أفضل لهذه الحالات.
ومع ذلك، أقر الباحثون أيضا بأن بعض حالات التهاب عضلة القلب والتهاب التامور قد تكون ناجمة عن الإصابة بفيروس “كوفيد-19” نفسه.
واختتم الباحثون بالدعوة إلى زيادة الأبحاث حول هذا الموضوع، مع التركيز على الآثار طويلة المدى لالتهاب عضلة القلب المرتبط باللقاحات، مشيرين إلى أن المرضى الذين يعانون من هذه الحالات قد يواجهون نتائج صحية معقدة تتأثر بكل من “كوفيد-19” واللقاحات.
المصدر: ديلي ميل