بيروت ـ وسيم سيف الدين: لليوم السادس على التوالي يستمر نزوح عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين من مخيم عين الحلوة جنوب لبنان إلى المناطق المجاورة بمدينة صيدا، جراء الاشتباكات المستمرة بين مسلحين من فصائل إسلامية وآخرين من حركة “فتح”. وعاد الهدوء صباح الخميس إلى المخيم بعد اشتباكات مسلحة وصفت بالأعنف منذ السبت الماضي، وجاءت خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تشرف على تنفيذه لجنة “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” في لبنان.

وأسفرت اشتباكات أمس عن سقوط قتيل يحسب على حركة “فتح” و4 جرحى، لترتفع حصيلة ضحايا الاشتباكات منذ السبت الماضي إلى 12 قتيلا وأكثر من 60 مصابا، وفق تصريحات مصدر طبي للأناضول. وتجدّدت الاشتباكات مساء الأربعاء بشكل مفاجئ بعد ساعات من تثبيت قرار وقف إطلاق النار، واستخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة من خفيفة ومتوسطة وقذائف صاروخية ومدفعية. مسجد “الموصلي” فريق الأناضول زار مسجد “الموصلي” على تخوم مخيم عين الحلوة يبعد حوالي 300 متر عن منطقة الاشتباكات، الذي استقبل ما يقارب 700 نازح. وبينما يتواصل توافد النازحين إلى المسجد، يتم نقلهم إلى أماكن أخرى منها المدارس لإيوائهم، وذلك لعدم قدرته على استيعاب المزيد. وبحسب مشاهدات للأناضول تظهر صعوبة الوضع الإنساني داخل المخيم وخارجه، فيما تتواصل مساعي الجمعيات المحلية اللبنانية والفلسطينية لمساعدة أكبر عدد من النازحين. مسؤول لجنة مسجد “الموصلي” أحمد النابلسي، قال للأناضول، إن المسجد “استقبل في بداية الاشتباكات حوالي ألفي نازح من داخل المخيم مساء السبت الماضي ولكن بسبب عدم استيعاب هذا العدد قمنا بتوزيعهم على عدد من المدارس والأماكن الأخرى”. وأضاف النابلسي: “لم نترك أحد وخاصة النساء والأطفال والعجزة، ونقوم بالتواصل مع الجمعيات الإغاثية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومؤسسات الرعاية الإسلامية لتخفيف الأعباء عن النازحين ونقلهم إلى أماكن أكثر أمانا من المسجد كونه قريب من منطقة الاشتباكات”. ظروف صعبة بدوره قال النازح معروف محمد شعبان، إنهم “هجروا من منطقة تعمير عين الحلوة إلى مسجد الموصلي بعد القصف بالرصاص والقذائف الذي بدء مساء السبت وخاصة أن لدينا أطفال”. وأضاف: “بيتي يبعد عني 300 متر ولا يمكنني أن أراه، الجميع قالوا لي إنه دمر بالكامل كما الكثير من البيوت داخل المخيم التي تضررت جراء القصف بالقذائف والصواريخ”. وأعرب شعبان (57 عاما) عن “الأسف لما يحصل”، مشيرا إلى أن “هذه المعارك تتكرر ونتيجتها أننا نتهجر”. من جهتها قالت النازحة فاطمة الصيداوي للأناضول: “منازلنا تدمرت خرجنا ليل السبت حفاة مع أطفالنا فجرا ولجأنا الى جامع الموصلي”. ولفتت إلى “هناك بعض النازحين لا يمتلكون المال لاستئجار منزل آخر وليس لديهم المال ليأكلوا (..) كنا نعيش بأمان وخير في منازلنا”. وأضافت الصيداوي وهي تبكي “هذه ليست هجرة فلسطين في 1948 نحن لسنا بغزة ولا في القدس نحن في مخيم اللاجئين نريد العيش بأمان (..)”. تقديم مساعدات من جهته قال متحدث الهيئة الإسلامية للرعاية في صيدا إيهاب توتنجي: “منذ اليوم الأول ونحن نقدم المساعدات للنازحين من داخل المخيم من خلال تقديم المواد الغذائية وفرش الإيواء إضافة إلى حليب الأطفال”. وأضاف أنهم “وزعوا حتى اليوم أكثر من 500 فرشة وبطانية ومئات الحصص الغذائية المعلبة، كما تمكن مطبخنا الخيري من توزيع أكثر من 2500 وجبة طعام ساخن يوميا شملت جميع تجمعات النزوح في المدارس والمراكز والمساجد”. وأشار توتنجي إلى أن “العدد الإجمالي للنازحين من داخل المخيم تخطى 3500 إلى 4000 آلاف نازح حتى الساعة، يمكثون في مدارس ومراكز وتجمعات سكنية في محيط المخيم بمدينة صيدا”. وكان المخيم شهد حالة هدوء حذر صباح الأربعاء، بعد ما أعلنت “هيئة العمل الفلسطيني المشترك” تشكيلها لجنة ميدانية لتثبيت وقف إطلاق النار، وتكليف لجنة تحقيق في اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي ورفع الغطاء عن مرتكبي العملية. ويعد “عين الحلوة” الذي تأسس عام 1948، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان من حيث عدد السكان، إذ يضم حوالي 50 ألف لاجئ مسجل بحسب الأمم المتحدة، بينما تقدر إحصاءات غير رسمية سكان المخيم بما يزيد عن 70 ألف نسمة على مساحة محدودة. ويبلغ إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان نحو 200 ألف يتوزعون على 12 مخيما تخضع معظمها لنفوذ الفصائل الفلسطينية. الأناضول

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: داخل المخیم عین الحلوة

إقرأ أيضاً:

القمة العربية واليوم التالي في غزة وفلسطين

انعقدت القمة العربية الطارئة بالقاهرة تحت عنوان «إعادة إعمار غزة». لكنها جاءت في الحقيقة خطةً شاملةً، تشمل الإدارة (الأمنية) وتكلفة الإعمار (حتى عام 2030)، وبالتعاون مع قواتٍ من الأمم المتحدة والشرطة الفلسطينية والدول العربية والأوروبية. وبالطبع، كما في كل مرةٍ، اهتمت الخطة بإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وإعادة ربط غزة بالضفة. وما ترددت في القول، وإنْ على استحياء، بنزع سلاح الفصائل. وكل ذلك مع مطالبة السلطة الفلسطينية بالإصلاح لتكون قادرةً على الحضور والعمل في قطاع غزة الذي غادرت معظم المسؤوليات فيه منذ عام 2007. وجاء خطاب الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ليؤكد على ضرورات الإصلاح، وعلى الوحدة الفلسطينية، وأنه سيعين نائباً له. وحتى «حماس» أعلنت على الفور ترحيبها بالحديث عن إعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية. وما تعرضت لمسألتَي «إدارة غزة» و«نزع السلاح»، لكنّ متحدثين باسمها قالوا يومي الأحد والاثنين الماضيَين إنهم متمسكون بالسلاح الذي يمثل الشرف والوطنية، ولكي يظلوا قادرين على المقاومة!
في كل خطابٍ أُلقي بالمؤتمر كانت هناك إشارات إلى رفض خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لتهجير أهل غزة؛ بل كان ذلك هو سبب ضرورة البديل المتمثل في خطة شاملة لإعادة الإعمار. ويفكّر بيان القمة في المستقبل، وأنه لا سلام إلا بالحل العادل المتمثل في الدولتين.
كيف كان وقع ذلك على كلٍ من إسرائيل وأميركا؟ وزارة الخارجية الإسرائيلية ردّت فوراً بأنّ المؤتمر جاء مخيباً للآمال؛ لأنه لم يراعِ الهموم الأمنية لإسرائيل، ولم يحلّ مسألة الميليشيات، وهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. والواقع أنه منذ عام 2002 على الأقلّ، وفي قمة بيروت، طُرحت «الاستراتيجية العربية للسلام»، وما خرجت عليها دول الجامعة منذ ذلك الحين. وفي مؤتمر القمة الأخير جرى تأكيدها للمرة العاشرة أو يزيد.
أما لدى الإسرائيليين، وفي زمن العنف والحروب الدموية، فإنّ تكتيكات السلام واستراتيجياته لم تعد واردة. والهمّ لدى الأكثرية، وليس لدى الوزراء المتطرفين فقط، أنه بعد هجوم «7 أكتوبر» لن تقف النار حقاً إلا بعد نزع سلاح «حماس» ليكتمل النصر، وبالطبع إطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين. وهناك تفكير كثير في خطة ترمب للتهجير، لكنّ التهجير والاستيلاء لن يقتصر، وفق وزراء اليمين، على غزة، بل سيتناول الضفة بالتهجير والضم أيضاً، خصوصاً المستوطنات في المرحلة الأولى.
«الخطة المصرية»، التي صارت «عربية» في القمة، واضحة وواقعية، كما ذكر البيان الختامي، وسيكون هناك اجتماع لوزراء خارجية «منظمة التعاون الإسلامي»، كما سيكون هناك في الشهر المقبل مؤتمر دولي للمانحين لإعادة الإعمار.
وإذا كانت الخطة تحظى بالدعم العربي والأوروبي والآسيوي، فإنه تظل هناك ضرورات بالطبع لموافقة الطرفين الآخرين أو أحدهما على الأقل: أميركا وإسرائيل. ورغم أن ترمب هو صاحب خطة التهجير؛ فإنّ الضغط عليه قد ينفع، بخلاف الضغط على إسرائيل، فإنه بعد هجوم «7 أكتوبر» ما عاد ناجحاً. ربما لا تزال آمال الحلول السلمية تجول في خاطر بعض قدامى رجالات المخابرات. لكن رئيس أركان الحرب الجديد مصرٌّ على إزالة كل الضباط الكبار الذين شهدوا واقعة «7 أكتوبر». وهو، مثل ترمب، مهتم بإنقاذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تطيل الحروب حياته السياسية. ولذلك؛ فإنّ الحرب قد تتجدد بالفعل بحجة ضرورة القضاء على «حماس»، وعلى حركات الشبان بالضفة. هل ما عاد هناك أمل في ستيف ويتكوف مبعوث ترمب؟! يقال إنه سيعود إلى الشرق الأوسط خلال أيام. وقد يدفع باتجاه تمديد المرحلة الأولى، أو الدخول في المفاوضات على المرحلة الثانية التي تطلّ على إطلاق الأسرى والوقف النهائي للقتال.
العرب قوة معتبَرة إذا اجتمعوا. وهم الآن على قلب رجلٍ واحد. إنما إذا كان الهمّ الرئيس هو التجاوب الأميركي والإسرائيلي، فهناك الهمّ الآخر على العرب، وهو الخلاص من «حماس» وسلاحها. وقد عاشت إسرائيل مع «حماس» سنوات وسنوات، ورغم أن الوضع تغير بعد واقعة «7 أكتوبر»، فإن هناك إسرائيليين لا يزالون يراهنون على بقاء «حماس» ليتحججوا بها في متابعة الحرب!
لدى العرب همُّ «حماس» الكبير، كما أنّ لديهم وعليهم همَّ السلطة الفلسطينية التي لا يريدها أحد من الفلسطينيين قبل الإسرائيليين. وكان العرب يشكون كثيراً من قلة فاعلية الأوروبيين، لكنّ رئيس «المجلس الأوروبي»، الحاضر في اجتماع القمة، أيّد الخطة المصرية.
كانت القضية الفلسطينية دائماً تحدياً كبيراً على العرب. وصار التحدي أعظم بعدما تُركت للميليشيات لسنوات. إنما لا شك في أن تكلفة الغياب ستظل أعظم بكثير من تكلفة الحضور.

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. عبد الواحد محمد نور يسخر من دعوة “حميدتي”.. يصف قواته بالمليشيا والجنجويد ويتهمه بالتسبب في نزوح الأسر من منازلها
  • إعلام: نزوح كثيف من الساحل السوري إلى شمال لبنان
  • الشرع يدعو للوحدة والسلم الأهلي بعد الاشتباكات الدامية في الساحل السوري  
  • بوغرارة: “لقاء مقرة جرى في ظروف صعبة واللاعبون طبقوا التعليمات”
  • لن تصدق.. تأثير السكريات الطبيعة على الجسم في رمضان
  • علويون يفرون إلى لبنان بعد تصاعد الاشتباكات في سوريا
  • ماذا يعني لجوء ترامب إلى التفاوض المباشر مع حماس؟
  • “أونروا”: عمليات الهدم الإسرائيلية في الضفة الغربية تؤدي إلى نزوح غير مسبوق
  • المصحف بيده.. وفاة مسن داخل مسجد بالغردقة فجرا
  • القمة العربية واليوم التالي في غزة وفلسطين