تقول الميثولوجيا الإغريقية إنه حينما كان البطل الأسطوري أخيل طفلا، وصلت أمه "ثيتس" نبوءة أنه سيموت في معركة، فأمسكته من قدميه وغطسته في نهر "ستيكس"، الذي يقال إن ماءه يمنح قوة لا تقهر، ولأنها كان تمسكه من كعبه لم تصل المياه إلى هذا الجزء، وبعد سنوات من المعارك الناجحة، مات بسهم مسموم أصاب كعبه.

يبدو أن المرحلة الأولى من خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن، هي الوحيدة التي يمكن مقارنتها بجسد "أخيل" الذي غطسته أمه في الماء وبات محميًا، لكن المرحلتين التاليتين مثل كعبه، يمكن بكل سهولة أن تتسببا في انهيار تام لمحاولات الوصول إلى وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة، وإعادة جميع المختطفين لدى حماس.

وقال محللون تحدث معهم موقع "الحرة"، إن المرحلة الثانية المتعلقة بإنهاء الحرب هي التي لا يرغب أي من الطرفين الوصول إليها إلا بضمانات، فالحركة الفلسطينية لا تريد خسارة "ورقة ضغطها الوحيدة" المتمثلة في المختطفين، لتقوم إسرائيل بعد استعادتهم بمواصلة هجماتها على غزة.

من جانبها، لا ترغب إسرائيل في أن تتسلم مختطفيها وتنهي الحرب بشكل كامل على القطاع، دون القضاء على حماس وضمان عدم قدرتها على الحكم، مما يجعل المرحلة الأولى هي الوحيدة التي يجمع عليها طرفا النزاع.

وفي آخر تطورات الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، أصدر البيت الأبيض بيانا مشتركا مع 16 دولة أخرى، دعا فيها "قادة إسرائيل وكذلك حماس إلى تقديم أي تنازلات ضرورية لإتمام الاتفاق".

وتلك الدول هي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وألمانيا والأرجنتين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وكولومبيا والدنمارك وفرنسا وبولندا والبرتغال ورومانيا وصربيا وإسبانيا وتايلاند.

بينها أميركا.. بيان من 17 دولة يدعو قادة إسرائيل وحماس للقبول بمقترح وقف إطلاق النار أعلنت الولايات المتحدة، إلى جانب 16 دولة أخرى، الخميس، في بيان مشترك، دعمها الكامل للتحرك نحو وقف إطلاق النار في غزة، واتفاق إطلاق سراح الرهائن المطروح على الطاولة، الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم 31 مايو الماضي. غموض ومخاطر

كشف الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، مقترحا من 3 مراحل لإنهاء الحرب في غزة، يبدأ بمرحلة مدتها 6 أسابيع ستشهد انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في قطاع غزة وتبادل أولي للرهائن والمعتقلين.

وقال بايدن إن المرحلة الأولى وفقا للاتفاق المقترح تتضمن هدنة وإعادة بعض الرهائن الذين لا تزال حركة حماس تحتجزهم، وبعدها يتفاوض الجانبان على وقف الهجمات لفترة غير محددة في المرحلة الثانية التي يتم فيها إطلاق سراح الرهائن المتبقين على قيد الحياة.

وتتضمن المرحلة الثانية من خارطة الطريق، "إنهاء دائما للأعمال العدائية، وتبادل وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، وحتى الجنود الذكور". كما ستشمل انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وفق الرئيس الأميركي.

المرحلة الأخيرة، تتضمن خطة إعادة إعمار كبرى لغزة، وإعادة ما تبقى من رفات الرهائن الذين قتلوا إلى عائلاتهم، بحسب ما ذكره بايدن.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، في تصريحات لموقع "الحرة"، إن "هناك غموضا كبيرا يكتنف المرحلتين الثانية والثالثة.. حيث لا تتطرق المرحلة الثانية إلى عدد واضح" من السجناء الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم مقابل الرهائن الإسرائيليين، ولا تتحدث عن التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار.

وأضاف أن هذا الغموض جعل حماس تتحدث "عن توقيت وقف الحرب بشكل كامل، وإعادة الإعمار، وفتح آفاق سياسية" لحل الأزمة، مشيرًا أيضًا إلى أن المقترح "لا يتحدث عن دولة فلسطينية في نهاية المرحلة الثالثة، بل عن إعادة إعمار ووجود قوات دولية لإعادة ترتيب الوضع في غزة".

واتفق معه المحلل الإسرائيلي، يوآب شتيرن، حيث أشار إلى أن المقترح يشوبه "عدم الوضوح وبه نقاط غير مكتملة"، لافتا إلى أن حماس سيكون عليها "المخاطرة حال قبلت الصفقة، والبديل عن عدم الوصول إلى تفاهم سيكون العودة إلى الحرب".

وأوضح شتيرن أن المخاطرة التي يقصدها هو أن "إسرائيل يمكنها العودة للحرب بعد تحرير الرهائن".

مقترح وقف إطلاق النار في غزة.. تعقيدات المواقف قد تفشل أي اتفاق أثار مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة الماضي، أمالا في بدء مسار يؤدي إلى "وقف الأعمال العدائية بشكل دائم".

وكانت وكالة رويترز قد نقلت، هذا الأسبوع، عن 3 مسؤولين أميركيين، أن بايدن بعد حصوله على موافقة إسرائيل على المقترح "تعمد الإعلان عنه من دون إخطار الإسرائيليين بأنه سيفعل ذلك، لتضييق الخناق على نتانياهو كي لا يتراجع".

وذكر مسؤول أميركي كبير طلب عدم ذكر اسمه، ليتمكن من التحدث بحرية عن المفاوضات: "لم نطلب إذنا لإعلان المقترح"، وأضاف للوكالة: "أخطرنا الإسرائيليين بأننا سنلقي خطابا عن الوضع في غزة. لم نستفض في تفاصيل بشأن المضمون".

كلمة بايدن والضمانات

وقال المحلل الإسرائيلي، أمير أورن، إن الالتزام الذي يتطلبه عقد اتفاق إطلاق نار دائم "منوطة به إسرائيل وليس حماس"، مضيفا في تصريحات للحرة، أن الالتزام يتعلق "بإنهاء الحرب في المرحلة الثانية، وهو ما يرفض نتانياهو التعهد به".

وتابع أنه من أجل إتمام أي اتفاق يجب على بايدن أن "يمنح كلمته للسنوار"، وحول ما إذا كانت كلمة الرئيس الأميركي كافية لضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق نار دائم، قال: "نعم كافية، إلا إذا لو انتهكت حماس الاتفاق".

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطا من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لإنهاء الحرب، وعلى الجانب الآخر من شريكين يمينيين متطرفين في ائتلافه الحاكم هددوا بإسقاط حكومته إذا وافق على المقترح، الذي من شأنه أن ينهي الحرب دون القضاء على حماس.

تقرير: بايدن يضغط لإبرام اتفاق بشأن غزة خلال الأسبوع المقبل قال وسطاء عرب في مفاوضات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المختطفين في قطاع غزة، إن الرئيس الأميركي جو بايدن يضغط على زعماء الشرق الأوسط من أجل التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحماس "بحلول الأسبوع المقبل"، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

من جانبه، رأى الرقب أن الضمانات التي تريدها حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة بشكل عام تتمثل "في أن يكون هناك تعهد أميركي في نهاية عملية تبادل الأسرى، بأن يكون هناك وقف كامل للحرب، وخصوصا أن الورقة الوحيدة التي تمتلكها هي الأسرى الإسرائيليين".

ولفت إلى أن الرغبة أيضًا تكمن في وجود "رعاية دولية للاتفاق"، موضحا أن البيان الأخير الصادر من البيت الأبيض بتوقيع عديد الدول "ومن بينها صديقة، يعتبر بمثابة رعاية دولية لعملية التهدئة ويجب تطويره لتشكيل طواقم للإشراف في المستقبل على عملية تنفيذ الهدنة".

الحرب "خيار دائم"

ذكر تحليل لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أنه بعد 8 أشهر من الحرب الطاحنة في غزة، هناك دلائل تشير إلى أن طرفي الصراع قد يقتربان من الاتفاق بشأن المرحلة الأولى من المقترح، الذي يقضي بوقف إطلاق النار المشروط لمدة 6 أسابيع.

ونقلت عن محللين أنه في حين أن هذه الخطوة "غير مضمونة"، فإن الوصول إلى المرحلة الثانية من المقترح والتي تنص على وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة "أمر غير مرجح".

رغم "الشكوك والمخاوف".. سكان من غزة يدعون حماس لقبول "خريطة الطريق" أعرب بعض الفلسطينيين في غزة عن أملهم في أن تتقدم محادثات السلام بعد إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن عن خريطة الطريق لوقف الحرب في غزة، داعين حركة حماس إلى قبول الخطة، حسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وفي هذا الشأن، قال كبير الباحثين بمعهد دراسات الأمن القومي، شلومو بروم، للصحيفة، إن مقترح بايدن "سياسي في الغالب"، مضيفا: "المرحلة الأولى جيدة لنتانياهو، لأنه سيطلق سراح بعض الرهائن، لكنه لن يصل إلى المرحلة الثانية أبدا. وسيجد في أي شيء تقوم به حماس خطأ".

فيما واصل شتيرن حديثه للحرة، وقال إن هناك دائما "خطر العودة إلى الحرب"، حتى لو "قبلت الأطراف بالمراحل الثلاث. كل شيء ممكن في ظل تضارب المصالح بين حماس وإسرائيل".

وحول فكرة البديل الذي يمكن أن يدير غزة بعد حماس، وهو ما يؤكد عليه نتانياهو، قال بروم: "يمكن منع حماس من حكم غزة، لكن ما البديل؟.. هذا هو كعب أخيل للعملية برمتها"، في إشارة إلى "نقطة الضعف" التي قد تدمر أي تقدم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الرئیس الأمیرکی المرحلة الثانیة وقف إطلاق النار المرحلة الأولى فی قطاع غزة إطلاق سراح جو بایدن إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

صحف عالمية: إسرائيل تحاول تغيير المنطقة لكن الأمر ليس سهلا

تحدثت صحف عالمية عن تناقض داخل الحكومة الإسرائيلية بشأن الطريقة التي يمكن من خلالها وقف ضربات أنصار الله (الحوثيين)، وأشارت إلى أن تل أبيب تحاول استغلال الظرف الإقليمي لتغيير شكل المنطقة التي شهدت عاما مدمرا.

فقد كتب أندرو إنغلاند مقالا في "فايننشال تايمز" قال فيه إن التاريخ سيسجل عام 2024 باعتباره أحد أكثر السنوات تدميرا للشرق الأوسط في العصر الحديث.

وأشار الكاتب إلى أن أرواحا لا يمكن تصورها أزهقت خلال هذا العام في حين أجبر ملايين آخرون على ترك منازلهم، لافتا إلى أن حربا جديدة اندلعت في سوريا بمجرد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حيز التنفيذ.

وفي حين جلبت الإطاحة ببشار الأسد البهجة والأمل لسوريا إلا أنها في الوقت نفسه خلفت مزيدا من عدم اليقين، برأي الكاتب.

محاولة لتغيير المنطقة

وفي صحيفة "وول ستريت جورنال"، كتب دوف ليبر، أن الإسرائيليين يرون فرصة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط في أعقاب الحرب، رغم الانتقادات التي تلقوها بشأن غزة.

وقال الكاتب إن تحقيق هذا الأمر "لن يكون سهلا، خصوصا وأن علاقة الرأي العام في أنحاء العالم العربي بإسرائيل قد ساءت بسبب الحرب التي أضرت بمكانة تل أبيب الدولية".

إعلان

وفي "تايمز أوف إسرائيل"، قال تقرير إن رئيس الموساد ديفيد برنيع يدفع قيادة إسرائيل للتركيز على مهاجمة إيران كوسيلة لوقف هجمات الحوثيين.

لكن التقرير يقول إن هذا الموقف يتناقض مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، اللذين يفضلان الاستمرار في تنفيذ الضربات ضد الجماعة نفسها بدلا من إيران.

ونقل التقرير عن مسؤولين أن إسرائيل تشك في قدرتها على إيقاف الحوثيين دون مساعدة من الولايات المتحدة.

بدورها، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتمديد فترة انتشاره في لبنان أكثر من الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت الصحيفة إن الجيش يتواجد حاليا في جميع القرى اللبنانية القريبة من السياج الحدودي، مشيرة إلى أنه لم يسمح لسكانها بالعودة رغم مرور شهر كامل على وقف إطلاق النار.

وفي السياق، تحدثت "نيويورك تايمز"، عن أجواء عيد الميلاد في مدينة صور اللبنانية، وقالت إن المجتمع المسيحي هناك لم يكن لديه سبب يذكر للاحتفال هذا العام.

ووفقا للصحيفة، فإن الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلية ألقى بظلاله الثقيلة على المدينة، حيث يعيش السكان في الحي المسيحي واقعا مريرا مع اختفاء مظاهر الاحتفال بالعيد وحلول الحزن والفقد مكانها.

وقالت الصحيفة "إن الهدنة بين إسرائيل وحزب الله أعادت بعض الهدوء إلى المنطقة، لكنها لم تكن كافية لمحو آثار الحرب أو استعادة أجواء العيد بالكامل".

 

مقالات مشابهة

  • اتهامات إسرائيلية لنتنياهو بعرقلة الصفقة وحماس تتمسك بوقف الحرب
  • صحف عالمية: إسرائيل تحاول تغيير المنطقة لكن الأمر ليس سهلا
  • خبير سياسي: النقاشات بين وفدي إسرائيل وحماس تم الاتفاق عليها بنسبة 95%
  • القاهرة تحسم الجدل حول مصير مفاوضات حماس وإسرائيل
  • إسرائيل ترد على اتهامات حماس بعرقلة الهدنة
  • "حماس": شروط إسرائيلية جديدة تُعطِّل التوصل إلى اتفاق وقف الحرب
  • حماس تكشف سبب تأجيل مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة
  • حماس: شروط إسرائيلية جديدة تعطل التوصل إلى اتفاق وقف الحرب
  • الاحتلال يتحدث عن صعوبات في صفقة التبادل.. وحماس تعلق
  • الاحتلال يتحدث عن صعوبات في صفقة التبادل.. ومزاعم بتراجع حماس