سواليف:
2025-02-03@11:36:44 GMT

التعليم وسوق العمل حقيقة أم مغالطة؟

تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT

#التعليم و #سوق_العمل حقيقة أم مغالطة؟

بقلم: د. #ذوقان_عبيدات

تجتاح الساحة أفكار عن التعليم وسوق العمل، وتعقد منتديات ولقاءات، وتنتشر “مسلّمات” عن ربط التعليم بسوق العمل، حتى أصبح نقد الفكرة أشبه بنقد محرّمات خطرة! فهل التعليم مسؤول عن التخطيط لسوق العمل، أم سوق العمل يخطط نفسه وفق مبادىء العرض والطلب؟ وهل نحن دولة اشتراكية تلزم القوى البشرية بعمل محدد، تعدّ له، وتؤمنه حيث يجد الخريج عمله الذي أعددناه له؟

بالمناسبة؛ لقد فشل الاتحاد السوفياتي في تخطيط قوى العمل وفق سوق العمل! وها نحن نتسابق في الافتخار بالتخطيط الدقيق لتلبيس شبابنا مهارات محددة لأعمال بانتظارهم حال تخرجهم، ولم نسمع صوتًا مخالفًا! الكل يريد ويردد: تنظيم التعليم وفق سوق العمل! فهل هذه مَهمة التعليم؟ وهل الجامعات مؤسسات اقتصادية مسؤولة عن”توظيف” خريجيها، وإيصالهم لأعمال بانتظارهم؟

مقالات ذات صلة فلسطين بين الخامس من حزيران والسابع من اكتوبر 2024/06/05

إن ربط التعليم بسوق العمل كمن ينادي بفكرة إعداد العاملين في أعمال ذات الطبيعة الجسدية الصعبة يجب أن يتم في الملاعب والمطاعم! فهل هذا معقول؟

(01)

وظائف التعليم والتعليم الجامعي: أين الجامعات الابتكارية؟

 لا أحب استخدام لفظ: ومما لا شك فيه، ولكني أقول: نعم! للتعليم وظائف اقتصادية! ولكن هذه الوظائف جزء يسير من أهداف التعليم، ولا يجوز إهمال كل وظائف التعليم الشخصية، والتربوية، والقيمية، والأخلاقية، والمحلية والعالمية، وتسخير التعليم لسوق عمل متأرجح، وغير يقيني! وبالأصل التعليم ووظائفه الاقتصادية هي في الاستثمار في بناء الإنسان المنتج: معرفة، وفكرًا، وجمالًا، وخيرًا، وحقّا، وعدلًا! هذا ما يسمى الاستثمار في التعليم، وليس تخريج عامل محدد بمهارات توقعها مخططون فاشلون أو حتى مبدعون!

إذن؛ لو استعرضنا أهداف التعليم في مدارسنا وجامعاتنا وجامعات العالم لن نجد أن ربط التعليم بسوق العمل هو غاية التعليم وأساسه! فالتعليم هو بناء الإنسان ليكون قادرًا على العيش في مستقبل متغير.

العالم يحوّل جامعاته إلى جامعات ابتكارية تتيح للطلبة فرصة تطبيق أفكارهم وعمل مشروعاتهم ومنتجاتهم وتسويقها قبل تخرجه، ونحن نتحدث عن سوق عمل نربط به تعليمنا!!

(02)

الحاجة ليست أُمَّ الاختراع!

بل الاختراع هو أُمُّ الحاجة!!

 كان الإنتاج في الماضي يرتبط بحاجات ثابتة أو متحركة، فحين نواجه حاجة ما ، فإن الصناعيين يهبون لاختراع الأداة المناسبة، فالاختراع وليد الحاجات، ولكن في العصر الرقمي انقلبت الأمور، فالاختراع هو من يولّد الحاجات، ومن أمثلة ذلك: ما حاجة الراعي إلى موبايل؟ وهل تم إنتاج الموبايل بناء على حاجاتنا؟ أم أنه

هو من خلق لدينا ألف حاجة؟

بل ما حاجتنا إلى الذكاء الاصطناعي؟ ولذلك الاختراع هو من يخطط لنا، ولم يخطط له أحد!

  وكذلك ما يقال عن انقراض مهن وحلول مهن مستقبلية بدلًا منها، أمر يصعب التخطيط له لأسباب عديدة، لعل في مقدمتها أن التعليم ليس مؤسسة عمل، وأن تغير المستقبل قد يحدث بسرعة هائلة قبل أن يبدأ! يقال: إن فترة تأليف كتاب في البيولوجياّ أو الفيزيولوجيا، أو الفيزياء لو كانت خمسة شهور كفيلة بتغيير ثلث المادة فيه وعدّها خاطئة وقديمة و ملغاة بسبب سرعة التغير العلمي، وتزايد المعرفة العلمية الحديثة!

فما بالكم بأعمال مستقبلية متغيرة وغير يقينية نجبر شبابنا على دراسة تناسبها؟

وأيضًا! من يمتلك الحق لإلزام شاب على دراسة لا يرغب فيها؟ ألم تسمعوا بأن الإبداع في العمل يتطلب اختيار عمل يناسب صاحبه أولًا؟

قديمًا في العصر الزراعي والصناعي كان يقال: الحاجة أم الاختراع! لكن في عصر الذكاء الاصطناعي انقلبت المعادلة، وصار الاختراع هو الذي يولد الحاجة، فالاختراع أُمُّ الحاجة وليس العكس؟

وهذه القاعدة تجعل من ربط التعليم بسوق العمل إحدى الخرافات الرقمية!

(03)

ماذا بعد؟

هل يجوز في العصر الرقمي أن نعقد مؤتمرات علمية أبرز ما فيها:

التعليم مهم، والتعليم يجب أن يربَط بسوق العمل، ويجب تنمية المعلمين وغير ذلك من القضايا المطروحة من خمسين عامًا من دون أن نتقدم خطوة؟

أنا مثلًا أتمنى أن نعد شبابنا في الجامعات لمواجهة التغيير والتغير، وهذا يعني إكسابهم مهارات الخَلق والابتكار، والبناء، والتجديد، والتكيف وإدارة التغيير، وعدم الخوف من المستقبل، وأتمنى أن لا نعدّهم لعمل معين!

التعليم بناء الشخصية المنتجة وليس العامل المرتبط بعمل محدد!

وليت أحدًا من أنصار ربط التعليم بسوق العمل يشرح لنا كيف يتم ذلك، وما التغيرات المطلوبة؟

وكيف أن إجبار طلبة على دراسة تخصص لا يرغبون فيه سيكون عملًا مفيدًا!

وليت أحدًا يفسر لنا كيف نجعل كل التعليم موجهًا للعمل: علمًا بأن العمل يستهلك ٣٠ ساعة أسبوعيًاّ؟ وكيف تعمل بقية أوقات الشباب؟ وهل الشباب كائنات عاملة، أم بشر أحياء؟

وأخيرًا الجامعات والمدارس ليس شركات أو مصانع أو مؤسسات توظيف!

ملاحظة:

لم تتِح لي فرصة إبداء الرأي في المكان المناسب لسبب يحتفظ به منظمو ذلك المكان!

فهمت عليّ جنابك؟!

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سوق العمل ذوقان عبيدات ربط التعلیم بسوق العمل سوق العمل

إقرأ أيضاً:

«ديب سيك» والثورة الاختراعية الجديدة

وقع زلزال مدوٍ في عالم الذكاء الاصطناعي وعالم البحث العلمي والبورصات وعالم السياسة بعد النجاح الهائل الذي حققه التطبيق الصيني «ديك سيك» الذي استطاع صاحبه يانغ ونفيانغ اختراع تطبيق يتربع اليوم على عرش تطبيقات «أبل» بصفته أكثر تطبيق تم تحميله من مستعملي «آيفون» في الولايات المتحدة الأميركية؛ ما جعله يتفوق على الكثير من التطبيقات الأميركية، فهو يستطيع التفكير السريع والمنطقي في وقت قياسي وبتكلفة قليلة جداً لأنه لا يعتمد على الشرائح الأميركية القادمة من «إنفيديا» وغيرها من الشركات، بمعنى أن الذكاء الإنتاجي في الصين استطاع أن يطوّر شرائح محلية خاصة مبدعة وقادرة على المنافسة، أو أنه أبدع في الاعتماد على بدائل أخرى غير معروفة لا تستعمل هاته الشرائح، وهذا ممكن في هذا العالم الذي يتطور بسرعة البرق...

ويتفوق «ديب سيك» على باقي المنافسين في مسألة أساسية، فهو مفتوح المصدر تماماً، بمعنى أنه يمكن تحميله وتسجيله في الحواسيب حتى يتم تشغيله بشكل محلي من دون الحاجة إلى استخدامه عبر الإنترنت وكل هذا مقابل سنتات معدودات؛ إذ تصل تكلفة الواجهة البرمجية للنموذج إلى أقل من 40 سنتاً لكل مليوني أمر مقارنةً مع 15 دولاراً في «شات جي بي تي». ويرجع السبب في ذلك إلى التكلفة القليلة لتطوير النموذج الصيني، فبحسب المعطيات المتاحة، فإن المنتوج الصيني كلف 5.5 مليون دولار فقط مقارنة مع مئات الملايين من الدولارات التي احتاجت إليها الشركات الأميركية لتطوير نماذجها.

وعندما يخرج مثل هذا الاختراع إلى الوجود وبهذا النجاح الهائل ومن دولة تشتغل في السر وتباغت المنافسين الصناعيين وذوي براءات الاختراع باختراعات غير منتظرة ويصعب تحديد أبجدياتها وقوة ما سيأتي بعدها من منتوجات أخرى، فإن ذلك يحدِث الهلع وفقدان الثقة لدى المنافسين الأساسيين، وأعني بذلك الأميركيين؛ فشركة «إنفيديا» الأميركية كانت هي صاحبة الكلمة الفيصل في هذا المجال، وعلى كلام علمائها والمبدعين فيها ومخرجات المسؤولين فيها، تبنى السياسات العمومية والخاصة في هذا المجال، ونفهم أنه مباشرة بعد ظهور الاختراع الصيني فقد الكثير من المستثمرين ثقتهم في الشركة وفي الشرائح التي جعلوا منها مصدر غناهم، وباع الكثير منهم أسهمهم، لتخسر أسهم الشركة 17 في المائة من قيمتها، أي أكثر من 600 مليار دولار، وهي خسارة تاريخية لتتخلى عن قوتها بصفتها إحدى أغنى الشركات في العالم، وطبعاً عندما تعطس الشركة الأم، فإن الشركات الأخرى تصاب بالزكام الحاد، بل وقد تنسف نسفاً، وهذا ما وقع لشركات أميركية من قبيل «مارفيل» و«برودكوم» و«تي إس إم سي».

ويصاحب ما يقع في عالم المنافسة الشرسة التي لا تبقي ولا تذر موجات من التصريحات التي يخرج بها كبار المؤثرين الاقتصاديين والمستثمرين وأصحاب الشركات الكبرى كالمديرين التنفيذيين لـ«مايكروسوفت» و«شات جي بي تي»، إما دفاعاً عن النفس أو توجيهاً للسياسات العمومية المقبلة أو «تقزيماً» لما أنتجه الآخر أو استباقاً للخسائر المهولة التي يمكن أن تقع، ناهيك من الوضع الحرج الذي يوجد فيه الرئيس الأميركي الذي جعل من قوة وتطوير الذكاء الاصطناعي الأميركي أحد أعمدة حملته الانتخابية وأحد أسس توجيهات سياسته الداخلية، وهو الذي وقَّع منذ أيام أمراً تنفيذياً بشأن الذكاء الاصطناعي، والذي من شأنه أن يلغي السياسات الحكومية السابقة التي يقول أمره إنها «تعدّ حواجز أمام الابتكار الأميركي في مجال الذكاء الاصطناعي». وأعطى تزكيته للمبادرة الاستثمارية «ستار غيت»، وهي عبارة عن تحالف مجموعة من الشركات مثل «سوفت بنك» و«أوراكل» التي «قررت استثمار 500 مليار دولار من أجل تأسيس بنيتها التحتية».

في عالم اليوم لا يكفي أن تجمع الملايين من الدولارات من كبار المستثمرين ومن أصحاب الحسابات البنكية التي تنوء بالعصبة أولي القوة وتضعها في بنيات صناعية في السيلكون فالي أو في سنغافورة أو في صوفيا بوليس وتنتظر اختراعات غير مألوفة، وإنما يمكن أن تحصل على نتائج خارقة للعادة فقط من خلال تكوين عقول بشرية وإيصالها إلى مختبرات الإنتاج والإبداع لتأتي إلى الوجود بمنتوجات يحتاج تفعيلها وتطويرها إلى الآلاف من الدولارات فقط، وقد تحدث ثورة اختراعية لم تعهدها البشرية، وهذا ما وقع مع «ديب سيك»؛ وأظن أن مثل هذا الاختراع لن يتوقف، بل سيستمر وستشتد المنافسة وستكبر الحروب التجارية والقيود الأميركية التي ستفرضها أميركا على كل ما يأتي من الصين، وهاته الأخيرة ستراوغ وستنتج أكثر فأكثر اعتماداً على العقول والكفاءات التي أنتجتها والتحالفات التي أبرمتها في آسيا وأفريقيا وغيرها واعتماداً على قواعد العولمة التي فهمتها جيداً واستطاعت الارتماء والتموقع في أحضانها بذكاء، وفي عالم يحب الجديد وكل ما هو قليل التكلفة.

(الشرق الأوسط اللندنية)

مقالات مشابهة

  • السيسي يوجه بربط التعليم العالي ومجالات البحث العلمي في مصر بسوق العمل واحتياجات التنمية
  • عضو بـ الشيوخ: التعليم العالي والبحث العلمي حجر الأساس في بناء مستقبل الدول
  • اليوم.. "المصري للدراسات" يناقش الذكاء الاصطناعي وتحليل الطلب بسوق العمل
  • التعليم والمعرفة تفتح باب التسجيل في برنامج «بعثات أبوظبي»
  • المصري للدراسات يناقش الذكاء الاصطناعي وتحليل الطلب بسوق العمل ..غدا
  • خليفة التربوية تعزز دور المجتمع في التعليم وتنمية القيم الإماراتية
  • بيان رسمي.. التعليم تكشف حقيقة تأجيل الدراسة الترم الثاني 2025
  • «ديب سيك» والثورة الاختراعية الجديدة
  • “أنا شبعت تهديد”.. حقيقة تصريح ياسمين عبدالعزيز المثير للجدل
  • وزير التعليم الأسبق: ربط القبول الجامعي بسوق العمل ضرورة حتمية