جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-10@19:44:57 GMT

شغف الإنجاز

تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT

شغف الإنجاز

 

فاطمة الحارثية

من يتذوق نشوة الإنجاز والفوز، يُدمنها، إنه شعورٌ لا يوصف ولا يستطيع أيا كان أن ينتزعه من صاحبه، حتى في مسائل السرقات الفكرية والعملية والعلمية، يبقى الشعور أصيلا في صاحبه، والمدعي قد ينال الأضواء لكنه يبقى داخليا في خلل وتوجس، حتى لو حاول أن يعيش الدور ويتقمصه، هيهات أن يذق تلك المشاعر النقية.

قد ذكرت سابقا أنني أحدد لنفسي أهدافًا شخصية كل عام؛ منها طويلة الأمد وأخرى قصيرة، ومن الأهداف كان خوض تجربة المقال القصصي، أقرُ أنه يحتاج الكثير من الجهد، ومع هذا الجهد، الشخصنة لدى بعض الجمهور كانت أمرًا فاق تصوري، أعادني إلى تاريخ القرون الماضية، وأجواء الكاتب المتوجس خيفة التنكيل به بسبب كلماته. أعلم أن قولي غير منطقي للكثيرين حتى لي أنا الكاتبة فيه، لكن الحقيقة الأكثر صدمة لي أن الجهل ما زال قائما ومتفشيا ومُعيقا للكثير من المبدعين والمبتكرين، وللأسف في هذا العصر وهذا الزمن. 

يُقال إن الكُتَّاب هم من أبلغونا بما حدث للحضارات السابقة، وبلغة أدق صاغوا التاريخ الذي تعلمناه. ونحن نعلم أن الكاتب رهن البيئة التي هو فيها، وما يُصيغه يحمل الكثير من تجاربه وما عاينه أو بلغه من أحداث، واغتيال الكاتب الجيد جريمة في حق الأمة، لأننا لن نجد من يُبلغ المستقبل عن حضارات استحقت أن تُعرف ويُتعلم من تجاربها وما مر عليها.

وعندما قدمتُ إلى عُمان وعملت مع الشباب في إشهار الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، ذكر الكثير من أصحاب القلم عن مسائل التنكيل تلك، لن أخفي عليكم أنني لم أقتنع بها بتاتًا، خاصة أنني كنت أدقق في كتابات كل مُدّعٍ، وأرى وأبني تصوري بالبرهان والأدلة.

ولم تكن الشهرة أو أهداف شخصية هي ما قادني لعالم الكتابة، بل مُعلِّمة اللغة العربية في الصف السادس، التي طلبت مني أن اكتب وأن أهتم وأدقق بالذي أقرأه، وحدثتني كثيرًا عن ترجمة الزمن والمكان في صياغة النصوص، وزميلات الدراسة في المراحل التي بعدها، وتحفيزهن المستمر لي، وبعدها رعاية الكثيرين من أدباء عمان وجهابذتها، منهم من تحدث عن الأسلوب، ومنهم من تحدث عن المفردات ومنهم من تحدث عن المشاعر في النصوص، كنت استمع بحرص الراغب في ازدياد ومازلت أرغب في التطور والتحسين المستمر، وكل ما نمر به من التجارب هي جزء من التعلم.

إن الزمن يتغير، ولقد أصبح مؤخرا منهكا بعيش القناع وهوى النفس، ورفض الواقع الذي بالاعتراف به نتقدم ونُحسن التجربة الحياتية ونستمتع، لا توجد حياة نموذجية، ولم يُخلق إنسانا كاملا، وقبول النقص بحد ذاته أمر مثالي. نحن مثل بعض نتكامل بالآخر وليس بالتقوقع مع النفس، أنت تستمتع بحوارك مع الذات وعنها ومع الآخر وعنه في خير ومودة، لا يوجد كيمياء تفصل بين البشر، لكن تُوجد الضغائن والأنفس المريضة التي ترى الخير شرا والشر خيرا. 

 ربما ظلمت "الجهل" بوصفه عن البعض، وربما لو أعطينا "حُسن الظن" صوتا لقال كفاكم تذرعا بي، وربنا العليم قد قالها لنا في كتابه المبين "إن بعض الظن إثم"، وربما نحن لا نتصدى لذلك البعض المضاد ونأثم به؛ ثمة أخطاء مقبولة ولكن للقبول حدود ولقد وُجد القانون لحماية التوازن، ومع ذلك نجد الكثير من الاضطرابات، ليس لأن لا قانون يحافظ على استقرارها، بل لأنه لا صوت يتحدث ولا كليم حق ويُبلغ عنها، بدون صوت الحق يعجز كل شيء، والتثقيف المجتمعي تحديا آخر، فالأنفس المختلة والمتأبطة شراتلعب بالورقة الرابحة دائما "السمعة"، كم ضحية وفقد على هذه الرقعة بسبب "السمعة وحملات القيل والقال"، حتى إن البعض اتخذوا من الشائعات سلاحا للتنمر والتدمير، مهما تقدم الإنسان تكنولوجيا وعلميا وفكريا وفي كافة الأصعدة، يبقى بدائيا في مشاعرة وتفاعله البيئي.

المثير للسخرية عندما يُسخر علمه ويُدمجه في بدائيته كالتنمر الإلكتروني وإشاعات المنصات، والقيل والقال في وسائل التواصل الاجتماعي، لأعود وأقول فقط القلم الجيد هو الذي يتصدى للكثير من هذه العقبات، ويُساهم في صياغة التاريخ الإنساني والحقيقة المفقودة وسط معمعة الضغائن والشهوات البدائية. 

وإن طال... 

أمران علينا التفكر فيهما جيدا، ما الذي سوف تحمله معك إلى قبرك، وما البصمة التي ستتركها خلفك؟ قد تحمل معك الدعاء لك أو عليك، والبصمة قد تكون علما نافعا أو صدقة جارية أو ذرية ضعفاء، فانتبه ما الذي تُشيِّده لنفسك على المدى الطويل. 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: الاحتلال يخسر الكثير عندما تستولي المقاومة على مسيّراته

قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء الركن محمد الصمادي إن المقاومة الفلسطينية تكتسب مع الأيام قدرات قتالية نوعية، وبسيطرتها على طائرات مسيّرة إسرائيلية، تجعل الاحتلال يخسر معلومات استخباراتية.

وجاء كلام الصمادي في سياق تعليقه على المشاهد التي عرضتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والخاصة باشتباك مقاتليها مع قوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة في جباليا شمالي قطاع غزة، والاستيلاء على عدد من الطائرات المسيّرة.

ورغم البيئة الخطرة التي يتحرك فيها مقاتلو المقاومة، فإنهم -يواصل اللواء الصمادي- يظهرون احترافية في تنفيذ عملياتهم، ومنها مثلا دقة إصابة الهدف عند استخدام قذيفة "الياسين 105"، والإصرار على التصدي لقوات الاحتلال في هذه الحرب الوجودية، متحدثا عن صبر إستراتيجي لدى هؤلاء المقاتلين.

وبخصوص الطائرات المسيّرة، أوضح اللواء الصمادي أن المقاومة الفلسطينية إما أنها تتمكن من إسقاط هذه المسيّرات أو السيطرة عليها، وأعرب عن اعتقاده بأن منظومة الأمن السيبراني لدى المقاومة فاعلة، بدليل أنه تم الاستيلاء على مسيّرات بحالة جيدة.

وفي هذا السياق، قال إن فصائل المقاومة لديها السرعة في الحصول على الأشرطة المسجلة في الطائرات المسيّرة وتحميل البيانات واستخدامها ضد جيش الاحتلال، مشيرا إلى أن مقاتلي المقاومة استخدموا بعضا من هذه المسيّرات كطائرات انتحارية، وهاجموا بها مناطق تجمع فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

إعلان

وكانت كتائب عز الدين القسام بثت أمس مشاهد قالت إنها لاستيلاء مقاتليها على عدد من الطائرات المسيّرة للاحتلال الإسرائيلي في المناطق الشرقية لمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.

وحسب الخبير العسكري والإستراتيجي، فإن الاحتلال الإسرائيلي يخسر الكثير عندما تستولي المقاومة على مسيّراته، وأبرزها خسارته المعلومات الاستخباراتية، وعلى المستوى التكتيكي، فإن الاستيلاء على المسيّرات يعني عملية إعماء لوحدات المشاة الآلية والدبابات.

كما لفت إلى وجود حالة من النشاط الاستخباري الإسرائيلي في المدة الأخيرة، باستخدام طائرات تكتيكية صغيرة الحجم أو طائرات مأهولة بمنظومات استخباراتية وكاميرات وأجهزة استشعار، وذلك في محاولة للوصول إلى الأسرى وإلى أماكن المقاومين ورصد شبكات الأنفاق.

مقالات مشابهة

  • مبادرة دعم الهلال (مالياً)
  • عبّود مهنئاً عون: لبنان ينتظر منكم الكثير
  • الإنجاز الأمني نقطة تحول في المواجهة الاستخباراتية مع اليمن
  • محمد بن حمد الشرقي.. 18 عاماً من الإنجاز
  • محمد بن حمد الشرقي.. 18 عاماً من الإنجاز وتمكين الإنسان
  • خبير عسكري: الاحتلال يخسر الكثير عندما تستولي المقاومة على مسيّراته
  • رئيس وزراء اليونان: لدينا الكثير من الشركات التي ترغب في التعاون مع مصر في مجال الطاقة
  • رئيس قبرص: هناك الكثير من الفرص في تعاوننا مع مصر
  • محمد بن حمد الشرقي .. 18 عاما من الإنجاز وتمكين الإنسان
  • خطاب ماكرون يثير سعار نظام العسكر: الجزائر التي نحب و نتشارك معها الكثير من الأبناء والقصص (فيديو)