على المسلم أن يعلم أنه بالأضحية يمتثل أمر الله تعالى وأنه يؤدي عبادة تزيده من الله تعالى قرباً

في موسم الأضحية تكثر أسئلة الناس عن أحكامها، ولكن قد يكون تأخير السؤال سببا في خطأ في أداء هذه الشعيرة، فالأصل في المسلم أن يسأل عما يريد أن يؤديه من طاعة قبل أن يقدم عليها لتقع على الوجه الأكمل، وينال الأجر والثواب، وفيما يلي مجموعة من أهم أحكام الأضحية بحسب رصد عدد من البحوث المنشورة على موقع دائرة الإفتاء الأردنية.

 

اقرأ أيضاً : تحديد أماكن ذبح الأضاحي في حدود بلدية إربد

يجب على المسلم أن يعلم أنه بالأضحية يمتثل أمر الله تعالى، وأنه يؤدي عبادة تزيده من الله تعالى قرباً، وعن النار بعداً.

وللأضحية حِكَم جليلة ومعان سامية ومنها:

1.  إحياء سنة إبراهيم عليه السلام: حيث امتثل أمر الله تعالى عندما أمره سبحانه بذبح ولده إسماعيل، ونجح إبراهيم عليه السلام في الامتحان، وعندما همَّ بذبح ولده، أنزل الله تعالى كبشاً فدى به إسماعيل وأمره بذبحه بدلاً عنه. قال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ. فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ. وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ. وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) الصافات/102-107.

فذهبت الضحية سنة إلى يوم الدين، وها هم المسلمون يضحون بأموالهم ويتقربون بها إلى الله تعالى إحياء لهذه السنة العظيمة.

2.  التوسعة على الناس يوم العيد وأيام التشريق: فمن حكم الأضحية أن يوسع المسلم على أهل بيته وجيرانه وأقاربه والفقراء في هذه الأيام؛ ذلك أن المسلم يندب له أن يأكل من أضحيته ويتصدق منها على الفقراء ويهدي منها لجيرانه الأغنياء؛ وبذلك يعم الخير المجتمع جميعاً. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أيَّامُ التَّشْرِيقِ أيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) رواه مسلم.

وقال تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ) الحج/36، وهذا الخير يشمل خيري الدنيا والآخرة.

رابعا: حُكْم الأضحية

الأضحية سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم على القادر، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ؛ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئاً) رواه مسلم.

وروى البيهقي وغيره بإسناد حسن أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يرى الناس ذلك واجباً.

اقرأ أيضاً : هل تسقط الأقساط عن المدين بوفاة الدائن في الأردن؟ "الإفتاء تجيب"

وذهب الإمام أبو حنيفة والإمام مالك في قول إلى أن الأضحية واجبة على المسلم الموسر المقيم في بلده، وعلى هذا القول من اجتمعت فيه الشروط ولم يضحِّ؛ فهو آثم.

واستدلوا بقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) الكوثر/2. فكلمة: (وَانْحَرْ) فعل أمر، والأمر يدل على الوجوب، واستدلوا كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ؛ فَلا يَقْرَبَنَّ مُصَلاّنا) رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم. والذي نميل إليه أن الأضحية سنة مؤكدة على المسلم القادر، والله تعالى أعلم.

خامسا: ما يشرع الأضحية به

لا تصح الأضحية إلا من الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم. قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) الحج/34. ولم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه ضحى بغير ذلك.

وأفضلها الإبل ثم البقر ثم الغنم، وتجزئ الأضحية من الإبل أو البقر عن سبعة؛ فقد روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.

سادسا: شروط الأضحية

1. أن تتوافر الأسنان المطلوبة شرعاً، وهذا يختلف باختلاف نوع الأضحية:

أ. فيشترط في الإبل أن تتم خمس سنوات وتَطْعُنَ -بِضَمِّ الْعَيْنِ: أيْ تَشْرُع- في السادسة.

ب. ويشترط في البقر أن تتم سنتين وتطعن في الثالثة.

ج. ويشترط في المعز أن يتم سنتين ويطعن في الثالثة، والضأن أن يتم سنة ويطعن في الثانية. وقد أجاز بعض العلماء في المعز أن يتم سنة ويطعن في الثانية، وأجاز الحنفية وفي قول عند المالكية التضحية بالضأن إذا أتم ستة أشهر وكان سميناً عظيم اللحم.

2.  السلامة من العيوب: يشترط في الأضحية أن تكون خالية من كل عيب يسبب نقصاناً في اللحم؛ لما روى البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والعجفاء التي لا تنقي) رواه أبو داود والترمذي وصححه. وهذه العيوب هي:

أ‌.   العرج البين: فلا تجزئ الشاة العرجاء التي اشتد عرجها بحيث يمنعها من المشي والذهاب إلى الرعي وطلب الطعام مما يؤثر في نقصان لحمها. وأما العرج الخفيف الذي لا يمنعها من طلب الرعي فلا يؤثر في جواز الأضحية.

ب‌. العور البين: فلا تصح التضحية بالشاة أو البقرة أو البدنة التي فقدت إحدى عينيها بحيث لا تبصر بها، وأما الإصابة الخفيفة في إحدى العينين التي لا تُفقدها الإبصار بها فلا تمنع من جواز التضحية.

اقرأ أيضاً : "الإفتاء الأردنية" توضح حكم أخذ الشخص تعويضا عن الضرر المادي

ج. المرض البين: فالشاة المريضة مرضاً ظاهراً يمنعها من الأكل والحركة لا يجوز التضحية بها، ومن المرض البين الجرب الذي يفسد اللحم.

د. العجفاء التي لا مخ في عظامها: فلا تجزئ التضحية بالعجفاء التي ذهب مخ عظامها من شدة الهزال والضعف. وضابط العجف غير المجزئ هو الذي يفسد اللحم بحيث تأباه نفوس المترفين في الرخاء والرخص.

هذه هي العيوب المذكورة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويقاس عليها كل عيب يتسبب في الهزال وإنقاص اللحم.

فالشاة المجنونة لا تجزئ التضحية بها، وكذلك مقطوعة الأذن، وأما إن كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة فلا يضر ذلك وتجزئ التضحية بها.

وأما الجماء أو الجلحاء: وهي التي لا قرن لها فإنها تجزئ في الأضحية، وأما كسر القرن فلا يضر وإن دمي إلا إذا أدى إلى فساد اللحم.

سابعا: وقت الأضحية

يدخل وقت الأضحية إذا طلعت شمس يوم عيد الأضحى -وهو العاشر من ذي الحجة- وارتفاعها قدر رمح ثم مضي قدر ركعتين خفيفتين وخطبتين خفيفتين، ثم يستمر حتى غروب شمس آخر أيام التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة. قال صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ، وَفِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبَحٌ) رواه البيهقي وابن حبان. ويكره الذبح ليلاً.

وأفضل وقت لذبحها بعد الفراغ من صلاة العيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شيءٍ) متفق عليه.

ثامنا: الانتفاع بالأضحية

الأضحية نوعان: الأضحية المنذورة وأضحية التطوع.

أولاً: الأضحية المنذورة:

الأضحية المنذورة واجبة؛ فلا يحل لصاحبها أن يأكل شيئاً من لحمها أو شحمها ولا لأحد من أهله الذين تجب عليه نفقتهم ولا الانتفاع بشيء من جلدها أو شعرها أو أي شي منها. فإن أكلوا شيئاً منها وجب عليهم التصدق بمثله أو بقيمته.

ثانياً: أضحية التطوع:

في أضحية التطوع يجوز للمضحي أن يأكل من لحمها ويتصدق على الفقراء ويهدي الأغنياء. والواجب أن يتصدق ولو بجزء يسير منها, والأفضل أن يأكل منها للبركة وخروجاً من خلاف من أوجبه.

ورأى بعض العلماء أن الأفضل أن يُقسِّمها أثلاثاً: يتصدق بثلثها على الفقراء، ويأكل أو يدخر ثلثها له ولأهل بيته، ويهدي ثلثها للأصحاب والجيران وإن كانوا أغنياء.

ويجوز للمضحي أن ينتفع بجلد الأضحية وشعرها ووبرها وصوفها، ويجوز أن يتصدق به، ولا يجوز له أن يبيعه أو يعطيه أجرة للجزار.

تاسعا: سنن وآداب تتعلق بالأضحية

1. يُسَنُّ لمن أراد أن يُضَحِّي أن يمسك عن إزالة شيء من شعره أو أظافره إذا دخلت عشر ذي الحجة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ؛ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئاً) رواه مسلم. ومن فعل شيئاً من ذلك فلا إثم عليه.

2. يُسَنُّ للمضحي أن يذبح الأضحية بنفسه، فإن تعذر ذلك فليشهد ذبحها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: (قومي فاشهدي أضحيتك؛ فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها) رواه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه، وفي إسناده مقال.

عاشرا: الأضحية عن الميت

يَرِدُ إلى دائرة الإفتاء كل عام الكثير من الأسئلة عن مشروعية الأضحية عن الميت؛ حيث يرغب بعض الناس يوم عيد الأضحى أن يذبح أضحية عن أبيه أو عن قريبه المتوفى فما الحكم الشرعي في ذلك؟

لا شك أن الأضحية عن الميت من المسائل التي اختلف فيها العلماء، والذي نراه أن الأضحية عن الميت جائزة، وهذا مذهب الحنابلة، وبه قال العبادي من الشافعية، وهو اختيار ابن تيمية، ونُقِلَ عن بعض المالكية والحنفية.

وعقد أبو داود في سننه باباً سماه: (باب الأضحية عن الميت) روى فيه عَنْ حَنَشٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانِي أَنْ أُضَحِّيَ عَنْهُ؛ فَأَنَا أُضَحِّي عَنْهُ.

وروى أبو داود أيضاً عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، بِاسْمِ الله والله أَكْبَرُ) ثُمَّ ذَبَحَ. ومن المعلوم أن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هو ميت، وقد جعلها صلى الله عليه وسلم لكل أمته.

المصدر: رؤيا الأخباري

كلمات دلالية: دائرة الإفتاء العام فتاوى الأضاحي بيع الأضاحي عيد الأضحى المبارك النبی صلى الله علیه وسلم على المسلم الله تعالى م الأضحیة رضی الله ى الله ع التی لا أن یأکل لا تجزئ

إقرأ أيضاً:

موعد المولد النبوي الشريف 2024 وحكم الاحتفال به

يحرص المسلمون على معرفة موعد المولد النبوي 2024 ليعبروا عن حبهم وفرحهم بمولده الشريف من خلال إحياء هذه الذكرى العطرة، حيث يٌعدّ مولد النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الأحداث في تاريخ البشرية، فهو اليوم الذي نزلت فيه الرحمة للعالمين.

كما يُعد الاحتفال بالمولد النبوي فرصةً عظيمةً لتذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في أخلاقه وأفعاله.

موعد المولد النبوي الشريف 2024

يوافق موعد موعد المولد النبوي الشريف 2024 يوم 16 سبتمبر 2024 الموافق والذي يوافق يوم 12 ربيع الأول لعام 1446 هجريًا.


إجازة المولد النبوي الشريف

وفق أجندة العطلات الرسمية في الدولة لعام 2024 فإن إجازة المولد النبوي الشريف 2024 توافق يوم الإثنين 16 سبتمبر المقبل.


حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن الاحتفال بالمولد النبوي من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أصل من أصول الإيمان.

فقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ"، رواه البخاري.

كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد سنَّ لنا جنس الشُكرِ لله تعالى على ميلاده الشريف، فكان يصوم يوم الإثنين ويقول: "ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه"، رواه مسلم.

وأوضح مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يكثر من الأعمال الصالحة في مواطن النعمة؛ فكان يصوم يوم الاثنين شكرًا لله على نعمة خلقه.

وتوجد بعض الأعمال المستحبة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، مثل أفعال الخير كالصيام، والعبادة، والتقرب إلى الله تعالى، والتوسعة على الأهل، وفقًا لما ورد عن لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.

مقالات مشابهة

  • ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر
  • هل تصح الصلاة في المساجد التي بها أضرحة؟.. «الإفتاء» تُجيب
  • موعد المولد النبوي الشريف 2024 وحكم الاحتفال به
  • بداية نزول الوحي على النبي
  • الإفتاء توضح ضوابط الهديا إعطاءً وقبولًا
  • الحث على طلب العلم وبيان أهميته ومكانته في الإسلام
  • فى ظلال الهجرة النبوية المشرفة
  • دعاء صلاة التوبة كما ورد عن النبي.. احرص على ترديده (فيديو)
  • حكم قول "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"
  • الإفتاء توضح مفهوم الحسد وبيان خطورته