لم يستهو الحراك السياسي الذي تعرفه الجزائر، هذه الأيام، تزامنا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، الكثير من الشخصيات ذات الوزن في المشهد المحلي، حيث فضلت الانزواء والبقاء بعيدا عن مجريات الأحداث.

وتبدو الساحة، الآن، خالية من العديد من الأسماء التي ظلت تحتكر العمل السياسي، وعدة مبادرات تم طرحها في مرحلة ما قبل الحراك الشعبي الذي اندلع في فبراير 2019، بل كانت هذه الشخصيات تمثل بديلا للسلطة في الجزائر، في عهد نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة.

ويعتبر رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، أحد أهم الفاعلين في المشهد المحلي خلال السنوات الأخيرة، لكنه قرر الانسحاب من العمل السياسي في أعقاب نتائج انتخابات 19 أبريل 2019.

بن فليس.. بن بيتور.. وآخرون

ونفس الأمر ينطبق كذلك على أحمد بن بيتور، رئيس أول حكومة في عهد بوتفليقة، وأحد أشد معارضيه في فترات لاحقة، ومن المؤيدين أيضا لمطالب الحراك الشعبي.

وخلت الساحة السياسية أيضا، من أسماء ثقيلة محسوبة على التيار العلماني، كما هو الحال بالنسبة للرئيس السابق للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سعيد سعدي، إضافة إلى عمارة بن يونس، الذي تحالف مع نظام بوتفليقة لسنوات طويلة.

"إهانة لبلد وشعبه".. تغريدة موجهة للجزائر تفجّر الجدل في فرنسا أثارت تغريدة للحزب الجمهوري في فرنسا تعليقا على تقديم الجزائر لباريس قائمة بالممتلكات منذ الحقبة الاستعمارية من أجل استعادتها في إطار عمل لجنة مشتركة للذاكرة، جدلا كبير في البلاد وصداما على وسائل التواصل الاجتماعي مع اليسار الحاكم.

وفي معسكر الإسلاميين، تراجع حضور رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله، في المشهد السياسي، وهو الذي شارك في أغلب المحطات والمواعيد الانتخابية بهذا البلد المغاربي.

وقبل أكثر من عام، أعلن الناشط السياسي، رشيد نكاز، اعتزال النشاط السياسي بشكل نهائي في الجزائر، قصد التفرغ لمشاكله الصحية ولأسرته التي قال إنه لم يرها منذ 3 سنوات. 

وتطرح ظاهرة "الكسوف السياسي" لبعض الشخصيات السياسية تساؤلات كبيرة في الجزائر، بين من يعتبرها "استقالة أبدية" من طرف هؤلاء، وآخرين يعتقدون بأنها مجرد "انسحاب مؤقت" تمليه معطيات ومتغيرات تمر بها البلاد في الوقت الراهن.

عوامل وأسباب

وتحدث أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، فاروق طيفور،  عن جملة من الأسباب والبواعث التي تقف وراء ظاهرة اختفاء هذه الشخصيات.

وقال طيفور في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، "العديد من الحالات تتعلق بقرارات شخصية أملت على أصحابها الانسحاب من الساحة بعدما وصلوا إلى حالة يأس حقيقية من الواقع، فشعروا بعدم قدرتهم على إحداث أي تغيير في البلاد".

وتابع: "لابد ألا ننسى بأن العديد من هؤلاء ظل يناضل لسنوات طويلة، سواء تعلق الأمر بالمسؤولين الذين تقلدوا مهاما كبيرة داخل السلطة قبل أن يتحولوا إلى معارضين، أو بالنسبة للفريق الذي انتهج المعارضة منذ بداية مسيرته ولم يحذ عنها".

الجزائر تطالب فرنسا بـ"ممتلكات تاريخية" من الحقبة الاستعمارية قدمت الجزائر قائمة مفتوحة لممتلكاتها "ذات الدلالات الرمزية" المحفوظة في مختلف المؤسسات الفرنسية، لاسترجاعها ضمن مهما اللجنة الجزائرية الفرنسية للتاريخ والذاكرة.

وأشار المتحدث إلى عامل ثان يتعلق بـ"فشل الحراك الشعبي في إنتاج نخبة من السياسيين تقود البلاد على أرضية توافقية تشارك فيها جميع الأطياف السياسية، مما شكّل صدمة كبيرة عند العديد من السياسيين".

أما العامل الثالث، فأرجعه طيفور إلى "البيئة الديمقراطية في الجزائر، خاصة ما تعلق بالعزوف الشعبي عن الانتخابات والفعل السياسي، وهو سبب زعزع ثقة العديد من الشخصيات التي كانت تحمل مشاريع تغيير تحتاج بالأساس إلى حاضنة شعبية لتطبيقها على أرض الواقع".

"نضال" أم "زبونية"

أما الناشط السياسي والحقوقي، عامر رخيلة، فأشار إلى أن "فهم ما يجري في الساحة السياسية يستلزم القيام بمراجعة وتقييم الأحداث التي شهدتها الجزائر، منذ مرحلة الانفتاح السياسي في أعقاب أحداث أكتوبر 1988 حتى الآن".

وأكد في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، أن "العديد من الأحزاب التي تأسست في الجزائر لم تقم على برامج وأفكار تنافسية من أجل الوصول إلى السلطة، بل إن العديد منها كان عبارة عن دكاكين سياسية موظفة لصالح أجنحة عن السلطة".

وتابع: "هذا الوضع سمح بظهور شخصيات سياسية كانت تؤدي بعض الأدوار والأجندات التي تضبطها الأجهزة الفاعلة في نظام الحكم، واختفاؤها حاليا يفسر بانتهاء المهام التي كانت مسؤولة عن القيام بها في الساحة".

وقال رخيلة: "النظام السياسي في الجزائر عمل منذ بداية الانفتاح الديمقراطي على تدجين الأحزاب من خلال عمليات اختراق ظلت متواصلة عبر مراحل مختلفة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی الجزائر العدید من

إقرأ أيضاً:

من العراق إلى غزة.. كيف يتعامل مسلمو بريطانيا مع الانتخابات؟

لندن– تواجه الأقلية المسلمة في بريطانيا تحديا صعبا في التعامل مع الانتخابات العامة المقررة في الرابع من يوليو/تموز المقبل، وذلك بعد أن وجدت نفسها أمام أحزاب سياسية تصم آذانها عن مطالبها؛ وفي القلب منها المناداة بمواقف قوية ضد الإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولا يختلف السياق الحالي الموسوم بالتوتر بين الأقلية المسلمة وبين الأحزاب البريطانية خصوصا حزبي العمال والمحافظين، بسبب الموقف من الحرب على غزة، عن سياق غزو العراق سنة 2003 الذي شاركت فيه بريطانيا، وخرجت حينها الأقلية المسلمة رفقة الرافضين للحرب في مظاهرات تاريخية للمطالبة بانسحاب بريطانيا من هذا الغزو بدون أن تجد أي صدى لاحتجاجاتها.

وخلفت حرب العراق إرثا من انعدام ثقة الجالية المسلمة في العملية الانتخابية، وفضّل جزء من هذه الأقلية الانسحاب ومقاطعة الانتخابات التي أعقبت غزو العراق، في المقابل قرر جزء آخر التصويت العقابي ضد حزب العمال الذي كان يقود الحكومة حينها. فهل يتكرر نفس السيناريو مع الانتخابات المقبلة التي تتزامن مع العدوان على غزة؟

البريطاني من أصول فلسطينية سامح حبيب استقال من حزب العمال احتجاجا على سياساته في الملف الفلسطيني (الجزيرة) الانسحاب أو العقاب

وتظهر أرقام الانتخابات التي جرت سنة 2005 مباشرة بعد غزو العراق، كيف تراجع تصويت الجالية المسلمة لصالح حزب العمال بأكثر من 25%، وحينها كان الصوت المسلم قادرا على حسم 10 مقاعد فقط، أما حاليا فالصوت المسلم قادر على حسم أكثر من 42 مقعدا، ومن بينها مقعد مدينة بيرمنغهام التي تسكنها جالية مسلمة كبيرة، حيث تراجع التصويت للعمال بنسبة 21%، ومقعد "بيثنال غرين" الذي تراجع فيه التصويت للعمال بنسبة 16%.

ومن أوجه الشبه بين ما حدث في انتخابات 2005 وما يحدث حاليا، هو أن الجالية المسلمة كانت خلف صعود النائب البرلماني جورج غلاوي إلى البرلمان بسبب موقفه الرافض لغزو العراق، وكذلك فعلت الجالية المسلمة مع النائب نفسه خلال الانتخابات الجزئية بالبرلمان البريطاني مطلع مارس/آذار الماضي، بسبب موقفه الرافض للحرب على قطاع غزة.

وخلال تلك الانتخابات أظهرت دراسة لمركز "إيبسوس" للأبحاث أن 52% من الأقليات قالوا إنهم لم يصوتوا في الانتخابات لـ3 أسباب رئيسية، وهي:

عدم الاهتمام بالسياسة والنقاشات السياسية. وكذلك عدم الثقة في السياسيين. وأخيرا، الإحباط من أن التصويت لا يُحدث أي فرق في تحديد من يحكم البلاد.

موقف غير موحد

واعترف مسعود أحمد، الكاتب العام لمجلس مسلمي بريطانيا، الذي يعتبر أكبر مظلة للمؤسسات الإسلامية في البلاد، بصعوبة توحيد الموقف في صفوف الجالية المسلمة، لأن موقف المرشحين مما يجري في غزة غير موحد، "فقد نجد نوابا في العمال يناصرون فلسطين وكذلك قد نجد نوابا مسلمين فضلوا الصمت عما يقع في غزة".

وحسب اللقاءات والاستطلاعات التي قام بها المجلس، يقول مسعود أحمد للجزيرة نت: "تبين لنا أن هناك من سيواصل دعم الأحزاب التقليدية التي تحظى بدعم الجالية المسلمة كحزب العمال، وهناك آخرون سيبحثون عن بدائل للتعبير عن غضبهم وتحفظهم من الموقف الحزبي تجاه حرب غزة".

ولا يقوم المجلس بعملية الحشد أو الدعم لأي مرشح، وفق تأكيد أحمد، وهذا راجع لطبيعة المجلس الذي تنضوي تحته مئات المؤسسات الإسلامية "ولكن كل جهدنا ينصب على الدعوة للمشاركة في العملية الانتخابية وضرورة اتخاذ قرار واعٍ يخدم مصالحهم في مناطقهم ومصالح القضايا التي يدافعون عنها".

وتوقع الناشط السياسي البريطاني أن نسبة المشاركة في صفوف الجالية المسلمة "ستكون جيدة ولن نشهد انسحابا من العملية السياسية، لأن الناس لديها رغبة في تغيير المعادلة السياسية والاحتجاج على السياسات التي تراها مجحفة في حقها".

وأوضح أنه يجب عدم إغفال "شريحة مهمة يمكن أن تكون صامتة ولكن أيضا ذات وزن معتبر، وقد لا تذهب لصناديق الاقتراع لأنها ترى أن صوتها لن يسمع، وأن بنية النظام السياسي يصعب اختراقها أو تغيير موقفها من القضايا الأساسية".

مشاركة مكثفة

ويتفق رئيس مجلس أمناء مسجد "فينسبري بارك" في لندن محمد كزبر، مع مسعود أحمد في توقع مشاركة مكثفة للجالية المسلمة في الانتخابات المقبلة. ويؤكد أن هؤلاء "لن يكتفوا فقط بالذهاب للتصويت في يوم الاقتراع، ولكن من الواضح أنهم منخرطون بشكل فاعل في الحشد للمرشحين سواء المستقلين أو من حتى المنضوين تحت لواء الأحزاب ولكنهم داعمون للقضية الفلسطينية".

وكشف كزبر في حديث مع الجزيرة نت، عن وجود "عمل دؤوب من خلال المؤسسات الإسلامية لتأطير الناخبين وتوعيتهم أيضا بأهمية هذه الانتخابات في صناعة الفَرق، والتأكيد على أهمية الصوت المسلم ودعم القضايا التي تهمهم، وهذا يؤسس لمرحلة مهمة في تاريخ انخراط الجاليات المسلمة في الشأن السياسي البريطاني ككتلة انتخابية يجب أن تكون موحدة من أجل الضغط وفرض قضايا على أجندة السياسة البريطانية" كما قال.

ومن خلال العمل الذي قامت به الجالية المسلمة وانخراطها في النقاش السياسي منذ اندلاع الحرب على غزة، يقول كزبر إن الأحزاب بدأت تشعر بالضغط "ولاحظنا على الأقل تململا في موقفها الداعم لإسرائيل مع بداية الحرب، والذي بدأت تعدله مع إدراكها أنها قد تخسر أصوات خزانها الانتخابي التقليدي في مناطق يكون فيها الصوت العربي والمسلم حاسما في ترجيح كفة مرشح دون آخر، وهذا واضح مثلا في موقف حزب العمال".

وفي الوقت نفسه، يقول كزبر إن هناك أحزابا تعاملت بمبدئية مع القضية الفلسطينية كحزب "الخضر" الذي أيد حق الفلسطينيين في دولة مستقلة وندد بالحرب الإسرائيلية على أهالي قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس الأمة الجزائري يدعو إلى المشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية 7 سبتمبر المقبل
  • رئيس مجلس الأمة الجزائري يدعو للمشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية 7 سبتمبر القادم
  • الإطار ينتفض والصدري صامت حول مشروع قانون في الكونغرس الأميركي يستهدف شخصيات عراقية
  • قوجيل يدعو للمشاركة بقوة في الإنتخابات
  • موقع أميركي: هل تتجه إسرائيل نحو حرب أهلية؟
  • “أفريكا إنتجليجنس”: شخصيات رئيسية في نظام البشير موجودة في صفوف حميدتي
  • في ندوة الانتخابات الفرنسية وصعود أسهم اليمين المتطرف.. «صالون البوابة» يناقش الوضع السياسي في فرنسا وتأثيره في المشهد الدولي
  • تقرير أمريكي: المغرب البلد الأفريقي الوحيد الذي يتمتع بالإستقرار السياسي
  • في عيد ميلاد فريدة فهمي... تعرف على سبب اعتزالها عن الساحة الفنية
  • من العراق إلى غزة.. كيف يتعامل مسلمو بريطانيا مع الانتخابات؟