عزالدين صغيرون
الكاتب الصحفي عثمان ميرغني (بتاع الشرق الأوسط) – سبحان الله تشابه البقر علينا !!. – ظل دائماً في موقعه الرمادي، لا له ولا عليه. يكتب عمود (رأي) في صحيفة الشرق الأوسط، دون أن تعرف له رأي !، اللهم إلا ما يمكنك أن تلمسه في حناجر المتظاهرين من احتجاجات غاضبة تدين اسرائيل على انتهاكاتها حقوق الفلسطينيين.
(هذا ركن آمن يسكنه كل الناس دون خوف من انتقاد أو مساءلة).
لكنه في الآونة الأخيرة (جداً) بعد هذه الحرب اللعينة بين الحليفين – قيادة الجيش ومليشيات الإخوان من ناحية، والدعم السريع من الناحية الأخرى – أصبح فجأة (خبير) في الشأن السوداني، (وله رأي كمان !)، مغادراً منطقته الرمادية، ولرأيه لون وطعم ورائحة (إخونجية/ كيزانية) فائحه.
(2)
اختار لعموده/ زاويته في صحيفة الشرق الأوسط الصادرة بتاريخ الخميس (30/5/ 2024م) عنواناً (فاقعاً) مستفزاً يثير التساؤل: " السودان... لماذا استهداف الجيش ؟". كمدخل للطعن في "تقدم" وطرحها كمؤسسة مدنية، ومشككاً في (النوايا) السياسية لعضويتها رغم اختلاف مشاربهم وتنوع منصاتهم واتجاهاتهم الاجتماعية والسياسية.
وليته كان دقيقاً وحصيفاً وذكياً في تحليله وهو يحاول الاجابة على السؤال: لماذا يُستهدف الحيش ؟.
- أولاً: لأن السؤال لم يكن سؤالاً وإنما هو تقرير حال، بتأكيد قناعة مسبقة أن تقدم وغيرها يستهدفون الجيش كمؤسسة من مؤسسات الدولة.
ومن هذا التقرير المسبق ستنطلق الاجابة، لتحكي تفاصيل وشواهد هذا الاستهداف المعلوم بالضرورة والمُسلم به.
وهذا في النهاية سيقوده إلى محاولات متهافتة لتأويل جرائم الجيش وإعادة تفسيرها على نحو يبررها ويبرئه ... وبالتالي تدين الطرف الآخر/ المدني وتحصره في زاوية الاتهام، لتدمغه بالخيانة الوطنية وبالعمالة لجهة أجنبية ما... والنتيجة النهائية نسف أي محاولة مهما كان مصدرها لوقف الحرب.
أيعلم السيد عثمان ميرغني (بتاع الشرق الأوسط) إلى أي منزلق يقوده هذا المنطق الإخونجي/ الكيزاني ؟!.
هل وضع في حساباته وهو يردد كالببغاء خطاب لايفاتية الاخوان/ الفلول/ الكيزان بأنه مجرد صدى لحديث مالك عقار "الفارغ" عن جدة و"الجداد"، والذي لا ينبغي أن يصدر من شخص يدعي بأنه "الرجل الثاني" في الدولة (وهو نفسه، قبل غيره، يعلم موقعه الحقيقي في إعراب قيادتها) ؟!.
(3)
يا سيد عثمان، إن كنت لا تعلم فإن الشعب السوداني و "تقدم" بالتالي لم ولن يستهدفوا الجيش، ولكنهم (بصريح العبارة) يستهدفون قيادة الجيش، بل هم أكثر حرصاً من قادته عليه، لأنه جيشهم الذي يناط به تأمين حدود دولتهم من أي اعتداء من الخارج. وهذا بداهةً يعني أنه جيش الدولة/ الشعب، المتحرر من الانتماء لغير الوطن والبريء من الحزبية والتحزب.
لنفترض جهلك بتاريخ جيشنا منذ تأسيس ما يسمونه دولة (56) إلى اليوم. فإذا قيل لك أن هذا الجيش دس انفه في السياسة، وانه بعد عامين فقط من استقلال السودان انقلب على الحكم المدني وحكم، وأن ضباطه من مختلف الرتب العسكرية، وعبر الانقلابات العسكرية تداولوا الحكم لمدة (55عاما) من (66) عاماً منذ الاستقلال.
- وأن عدد من قتلهم هذا الجيش من المواطنين السودانيين طيلة سنوات حكمه فاق عددهم مليوني مواطن.
- وأن أرضه، مع كل دورة من دورات حكمهم ظلت تنقص من اطرافها.
- وأن اقتصاده ظل يترنح حتى وصلت قيمة عملته ما وصلت إليه اليوم. كان سعر الجنيه السوداني أكتر من 7 دولارات، واليوم يساوي الدولار أكثر من ألفي دولار، ويمكنك أن تقرأ تأثيرات ذلك على معايش الناس (الما لصوص).
- هل تعلم كيف كان حال التعليم بمختلف مراحله وكيف أصبح مع العسكر وحكمهم؟
(4)
أما حكم الإخوان/ الكيزان الذين تدافع عنهم، متدرعاً (فهلوة منك) بالجيش، فقيادته هي تسببت في دارفور بقتل، ما قال البشير (بعضمة لسانه) حوالي (300 ألف)، هل تعلم كم عدد ما قتل من السودانيين في حرب الإخوان "الجهادية" في الجنوب من الجانبين ؟.
- هل يعلم ميرغني شيئاً عن موقع السودان وترتيبه بين دول العالم في مؤشرات الفساد والشفافية والخدمات الصحية وصحة الأمومة والطفولة، وحقوق الانسان وحرية الصحافة، والتعليم، ومعدلات التنمية المستدامة ...الخ؟ علماً بأن هذه البيانات متوفرة في نشرات المنظمات الأممية له كصحفي مثلما لكل راغب في معرفة الحقائق حتى لا يطلق القول على عواهنه في صحف يقرأها الناس وكأنه في مقهى.
هذا عن الجيش الذي يهاجم من أجله من ينادون بوقف الحرب ويعملون جاهدين لوقفها عبر التفاوض بين المتقاتلين، وتدعمهم قوى الخير في العالم لوقفها حتى لا يستطير شررها ويحرق ما حول بؤرتها.
(5)
أما عن هذه الحرب، فاعلم بأنها حرب بين حليفين قتلا ونهبا وأفسدا معاً حتى ما قبل اشتعال نار الفتنة بينهما. وما الفتنة كانت سوى جشعهما في الاستئثار بالسلطة ونهب الثروات. وكلاهما قاتلين وأيديهما ملطخة بدماء الأبرياء في كل مناطق السودان، بل أن جيش الدولة ظل يمارس، وتحت قياداته المتوالية القتل والتدمير والتعذيب قبل أن يلد سفاحاً دعمه السريع.
وهذا يا سيدي تاريخ لم ولن يمحي من ذاكرة التاريخ ولا من ذاكرة ذوي الضحايا وأسرهم. لذا لا تحاول أن تقنع أحداً بأن الناس يجب أن لا تقارن بين قاتل وقاتل.
(6)
أنت تقول ان ناس "تقدم" حتى عندما يدينون انتهاكات الدعم السريع فإنهم سرعان ما يدينون انتهاكات الجيش، وأنت ترى في هذا انحيازاً من "تقدم" للدعم السريع. إلا أن من هدمت مساكنهم على رؤوسهم بطيران الجيش لا يرون رأيك هذا. فالجيش يقتلهم ويثير خوفهم مثل الدعم السريع. وهم لا يرون فارق واختلاف بين طلقة الدعامة وقذيفة الجيش التي تهبط عليهم من السماء. وليس كما تقول أنت: "علماً أن البون شاسع بينهما"!!.
أأنت جاد (شاسع كيف يعني ؟!!).
(7)
يا أستاذ عثمان، المسألة بسيطة جداً وواضحة: هذه الحرب اللعينة اشتعلت بين حليفين تآمرا على الشعب لإجهاض ثورته، وهما ببساطة اشعلاها لسببين: الخوف والطمع.
- الخوف من العدالة ودفع فاتورة ما ارتكبا من جرائم قتل وتدمير ونهب.
- والطمع للبقاء في السلطة لمواصلة النهب إلى ما لا نهاية، حتى يستلمها منهم المسيح عيسى بن مريم العذراء (عليه السلام)، كما قال أحدهم !!.
فيا أستاذ عثمان حالهم الآن حال من اعتلى ظهر أسد، لا يطيق البقاء فيه ولا يستطيع منه نزولاً، وناس "تقدم" كمؤسسة مدنية، وأهل الخير من الأشقاء العرب والأفارقة والوسطاء الدوليون في "جدة" يحاولون (بصبر جاد يُحسدون عليه ومثابرة) إطفاء هذه النار وأن يجدوا حلاً لهذه المشكلة التي تسبب بها الاخوان/ الكيزان وأدواتهم في قيادة الجيش والدعم السريع في حصد الآلاف من أرواح السودانيين الأبرياء، وتدمير مدنهم وقراهم وبناها التحتية، وهجَّرت الملايين من مساكنهم داخل بلادهم وعلى الحدود وفي دول الجوار.
وهناك من لا يزال يصر على استمرار الحرب ويزيد نارها حطباً ...
فلا تكن منهم، رحمة بضميرك الانساني.
(كلمة أخيرة)
أصدقك القول ؟.
"تقدم" تقول في بيانها ومن رأي عضويتها: أن اصلاح الجيش يكون بدمج الجيشين المتقاتلين ..ولكنني أرى أن يعاد تأسيس الجيش وتعاد هيكلته على أسس جديدة كجيش لدولة حديثة لا علاقة له لا بالسياسة ولا بالاقتصاد وأن يخضع لسلطة الدولة المدنية، بعقيدة قتالية جديدة.
izzeddin9@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
بناء مستدام من ركام الحرب.. تجربة جديدة تقدم حلولا لغزة
في وقت يكافح فيه قطاع غزة لإعادة إعمار بنيته التحتية المدمرة جراء أطول حرب شهدها القطاع (467 يوما)، برزت تجارب رائدة في تدوير ركام المباني تفتح آفاقا جديدة لاستخدام المواد المهملة في البناء المستدام.
ونجح القطاع في إعادة تدوير كميات هائلة من الركام خلال الحروب السابقة، إذ خلّف صراع عام 2008 نحو 600 ألف طن من الركام، ونتج عن حرب 2014 على غزة نحو 2 مليون طن، وخلفت حرب مايو/أيار 2021 أكثر من 370 ألف طن، وذلك وفقا لدراسة فلسطينية بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي نُشرت في دورية "جورنال أوف ماتريالز سيكيلز آند ويست مانجمينت"، أما اليوم، فإن غزة تغطيها أكثر من 42 مليون طن من الأنقاض خلفتها الحرب الأخيرة، وفق تقديرات مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة (يونوسات).
ووفق الدراسة الفلسطينية، فقد اقتصر استخدام الركام في التجارب السابقة، التي تمت بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، على رصف الطرق أو صناعة البلوكات الخرسانية لحماية الشواطئ، لكن التجارب الجديدة التي خرجت من قسم هندسة التشييد في الجامعة الأميركية بالقاهرة تعد بتوسيع قائمة الاستخدامات لتشمل إعادة بناء المنازل باستخدام المخلفات.
المبنى التجريبي الذي تم إنشاؤه باستخدام مخلفات المباني (الجزيرة) حلول غير تقليديةتستند هذه التجارب، التي نشرت دراسة عنها في دورية "بيلدينغز"، إلى مشروع تجريبي نفذه قسم هندسة التشييد والبناء بالجامعة، حيث تم بناء نموذج لمنزل تجريبي باستخدام أنقاض المباني.
كان الهدف من المشروع المصري، الذي بلغت تكلفته 15 ألف دولار فقط ومولته مؤسسة "مصر الخير"، هو تقديم حلول غير تقليدية في البناء تجمع بين تخفيض تكلفة البناء وتقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن صناعة مواد البناء، أما بالنسبة لقطاع غزة، فإن هذا المشروع يقدم قيمة مضافة تتمثل في توفير حل عملي في ظل غياب الموارد التقليدية تحت وطأة الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات.
يقول أستاذ الهندسة الإنشائية بالجامعة الدكتور محمد نجيب أبوزيد للجزيرة نت: "وفقا لتجربتنا، فإن المخلفات، سواء كانت خرسانة مدمرة، أو كسر جرانيت، أو أكياسا بلاستيكية مهملة حتى، من الممكن إعادة تدويرها بطرق علمية لتحل محل المواد التقليدية المستخدمة في البناء، وقد حققنا نتائج مبهرة تتجاوز المواد التقليدية في متانتها وكفاءتها الحرارية".
إعلان بناء السملات بمخلفات الخرسانةواستخدم الباحثون مخلفات الخرسانة مع الأسمنت بعد دمجها مع مادة لاحمة مثل الأسمنت، لتشكيل خلطة جديدة تُستخدم في بناء السملات، وأظهرت هذه السملات نتائج متطابقة مع التقليدية في ما يتعلق بمقاومة الضغط.
ومقاومة الضغط خاصية ميكانيكية تشير إلى قدرة المادة على تحمل القوى الضاغطة الممارسة عليها دون أن تنهار أو تتشوه بشكل دائم، و في حالة الخرسانة، فإن مقاومة الضغط تعني قدرة الخرسانة على تحمل الأحمال أو القوى التي تضغط عليها بشكل مباشر قبل أن تنهار.
ويتم اختبار مقاومة الضغط بأخذ عينات من الخرسانة (عادة مكعبات أو أسطوانات) وصبها في قوالب، ثم تركها لتتصلب، وبعد فترة المعالجة (عادة 28 يوما)، تعرض العينات لاختبار الضغط باستخدام آلة خاصة، ويسجل مقدار القوة التي تتحملها العينة حتى تنهار، و يعبر عن مقاومة الضغط بوحدات القوة لكل وحدة مساحة، مثل ميغا باسكال أو كيلوغرام قوة لكل سنتيمتر مربع.
ويوضح أبو زيد أنه "وفقا للتجارب، كانت النتائج عند المقارنة بين السملات التقليدية وتلك المصنعة من المخلفات متساوية عند 20 ميغا باسكال لكل منهما، مما يعني أن المادة تستطيع تحمل ضغط مقداره 20 مليون نيوتن موزعة على مساحة متر مربع واحد، وهذا المعدل مناسب لاستخدامات محددة مثل صب الأساسات أو الجدران التي تتحمل ضغطا متوسطا، بينما بعض الخرسانات الأخرى المستخدمة في مشاريع ضخمة مثل الجسور أو المباني العالية قد تتطلب مقاومة ضغط أعلى تصل إلى 30 أو 40 ميغا باسكال".
وتمر عملية تصنيع السملات من المخلفات بجمع مخلفات الخرسانة من مواقع الهدم، ثم تُكسر الخرسانة الكبيرة إلى قطع أصغر باستخدام آلات مخصصة (كسارة الخرسانة)، بهدف تقليل حجم القطع إلى مواد قابلة للاستخدام في الخلطات الخرسانية، و بعد التكسير، يتم فرز المواد لفصل الشوائب مثل الحديد أو البلاستيك أو الأجزاء غير الخرسانية التي قد تكون مختلطة مع المخلفات، و يتم تنقية مخلفات الخرسانة والتأكد من أنها نظيفة وخالية من أي مواد ضارة أو غير قابلة للاستخدام، لتصبح المخلفات جاهزة للدخول في الخلطة الخرسانية، حيث تدمج مع مادة لاحمة مثل الأسمنت بنسب محددة، ويمكن أيضا إضافة مواد أخرى مثل الماء والرمل حسب الحاجة للوصول إلى القوام المناسب، وبعد ذلك تصب الخلطة الخرسانية (المكونة من مخلفات الخرسانة والأسمنت) في قوالب السملات المعدة مسبقا.
أستاذ الهندسة الإنشائية المساعد الدكتور محمد درويش يحمل عينات تجريبية من البلوكات الخرسانية المصنوعة من مخلفات المباني (الجزيرة) بلوكات الخرسانية بكسر الجرانيتومن مواد البناء المهمة "الزلط الصغير"، وتشير تجربة المبنى التجريبي بالجامعة الأميركية بالقاهرة إلى أن "كسر الجرانيت" بديل أفضل منه في تصنيع البلوكات الخرسانية التي تشكل هيكل المبنى.
إعلانوتُصنع البلوكات الخرسانية من كسر الجرانيت عبر خطوات مشابهة لتصنيع البلوكات التقليدية، حيث يتم جمع قطع الجرانيت المكسور من مخلفات المباني، ويستخدم الأسمنت كعامل لاحم لربط المكونات معا، ويضاف الرمل لتحسين قوام الخليط، والماء لتفعيل عملية تماسك الأسمنت وخلط المكونات.
ويقول أستاذ الهندسة الإنشائية المساعد بالجامعة الدكتور محمد درويش للجزيرة نت: "أظهرت تجاربنا أن قوة الضغط الخاصة بالبلوكات الخرسانية المصنوعة من كسر الجرانيت وصلت إلى 12 ميغا باسكال بعد 7 أيام من التصلب، وزادت إلى 16 ميغا باسكال بعد 28 يوما، بينما وصلت البلوكات الخرسانية التقليدية إلى 8 ميغا باسكال فقط في أفضل الأحوال".
ألواح هيكلية بالنشارة وأكياس البلاستيكوتكشف تجربة المبني عن فعالية استخدام مخلفات أخرى، وهي نشاره الخشب وأكياس البلاستيك بعد فرمهما في تصنيع الألواح الهيكلية المعزولة، مما يجعلها خيارا مستداما وبيئيا.
والألواح الهيكلية المعزولة هي نوع من المواد الإنشائية المبتكرة التي تستخدم في البناء، وتجمع بين القوة الهيكلية والعزل الحراري في وحدة واحدة، وتستخدم لبناء الجدران، والأسقف، والأرضيات، وتتميز بكونها خفيفة الوزن وفعالة من حيث الطاقة والموارد.
وتبدأ عملية التصنيع بجمع نشارة الخشب من ورش النجارة التي تعمل على معالجة الأخشاب، بالإضافة إلى جمع وفرز الأكياس البلاستيكية المستخدمة مثل أكياس التسوق وأغلفة المواد البلاستيكية، ويتم تنظيف الأكياس من الشوائب والمواد العضوية لضمان جودة المنتج النهائي، ثم تقطع إلى قطع صغيرة أو تُحول إلى مسحوق باستخدام معدات متخصصة مثل الكسارات أو المفرمات البلاستيكية.
بعد ذلك، تخلط نشارة الخشب مع البلاستيك المعاد تدويره بنسب محددة تعتمد على الأداء المطلوب للمنتج النهائي من حيث القوة والعزل، وقد تضاف مواد رابطة مثل اللاصقات أو الراتنجات لتعزيز الترابط بين نشارة الخشب والبلاستيك.
إعلانثم يسخن الخليط في جهاز متخصص مثل المكابس الحرارية، حيث يلين البلاستيك المعاد تدويره ليعمل كمادة رابطة تربط جزيئات نشارة الخشب معا، ويتم التحكم في درجة الحرارة بعناية لتجنب تكسير البلاستيك أو تدهور جودة المواد.
بعد التسخين، يصب الخليط في قوالب مخصصة ويضغط باستخدام مكابس هيدروليكية لتشكيل الألواح، وبعد الضغط، تبرد الألواح تدريجيا كي تتصلب وتكتسب القوة، وخلال عملية التبريد، يتماسك البلاستيك المعاد تدويره ليشكل هيكلا صلبا يربط جزيئات نشارة الخشب.
وتشمل المرحلة الأخيرة تشطيب الألواح بإزالة الزوائد وتلميع الأسطح عند الحاجة، كما يمكن إضافة طبقات خارجية لتحسين مقاومة الألواح للعوامل البيئية مثل الرطوبة.
ويوضح درويش أن أفضل خلطة توصلوا إليها من خلال التجارب تحتوي على 60% من نشارة الخشب و40% من مخلفات الأكياس البلاستيكية، بالإضافة إلى رغوة عازلة من البوليسترين المبثوق، يتم تجميع الألواح باستخدام مادتين لاصقتين، هما "بولي فينيل أسيتات" و"سيليكات الصوديوم".
ويضيف أن الألواح المصنعة قدمت قوة ضغط بلغت 28 ميغا باسكال، وكانت أخف وزنا بكثير من الجدران الأسمنتية التقليدية، فضلا عن أدائها الحراري المتفوق الذي يؤدي إلى خفض استهلاك الطاقة بشكل ملحوظ.
ويختتم درويش حديثه قائلا: "من خلال هذه الأفكار التي اختبرها مشروع المبنى التجريبي، نقدم لقطاع غزة حلولا لتحويل التحديات إلى فرص، بحيث تصبح إعادة تدوير ركام الحرب ليست مجرد وسيلة للتخلص من المخلفات، بل نهجا مستداما يسهم في بناء منازل صديقة للبيئة، أقل تكلفة وأكثر كفاءة".