وقائع .. ومشاهد .. مؤتمر (تقدم) – أديس أبابا (1)
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
تقدم: ((بصيص أمل لإنهاء الحرب))!!
ابوهريرة عبدالرحمن أحمد إبراهيم
حضور المؤتمر:
عُقد المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) في العاصمة الشقيقة إثيوبيا خلال الفترة من 26 إلى 30 مايو 2024. بفندق سكاي لايت بالعاصمة أديس أبابا، فيما استمرت مشاورات القيادة الجديدة المنتخبة بفندق الراديسون بلو.
ممثلي المؤتمر:
يعتبر هذا المؤتمر هو الأكبر في تاريخ السودان من حيث الشمول و التمثيل و الحضور والتنوع!. يمثلون الفئات التالية: ((ممثلي لجان المقاومة، ممثلي النقابات والمهنيين، ممثلي المجتمع المدني الحديث والتقليدي بما في ذلك: ,,الشباب، النساء، رجال الدين، الرعاة، المزارعين، أصحاب الأعمال، الإدارة الأهلية، المبدعين، الفنانين، النازحين، اللاجئين، المهاجرين ، الكتاب ، الأكاديميين والشخصيات الوطنية المستقلة .. الخ)) ، ممثلي القوى السياسية الحزبية، ممثلي الجبهة الثورية،،. أما ضيوف المؤتمر من خارج هيئات (تقدم) هم: (الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بقيادة القائد عبدالعزيز آدم الحلو- المؤتمر الشعبي - الإتحادي الأصل).
جدول الأعمال :
قُدمت في المؤتمر أوراق عمل عديدة على سبيل المثال: ورقة العون الإنساني، خطاب الكراهية، الحكم المحلي، الإصلاح الأمني والعسكري، توصيات العدالة الانتقالية، توصيات الترتيبات الدستورية للفترة الانتقالية، الهيكل والنظام الأساسي (لتقدم)، رؤية تقدم السياسية لوقف وإنهاء الحرب وتأسيس الدولة، الترتيبات الدستورية والبيان الختامي.
الرؤية السياسية:
ما يدهش خروج جميع هذه الهيئات (لجان مقاومة ، مجتمع مدني ، نقابات ومهنيون، قوى سياسية وحركات مسلحة مجموعات نوعية أخرى) برؤية واحدة تمثل الجميع تؤدي إلى وقف الحرب وتحقيق التحول المدني الديمقراطي في السودان.
تنص الرؤية السياسية المتوافق عليها في المؤتمر التأسيسي، على إنهاء الحرب، وتأسيس الدولة بنظام حكم مدني ديمقراطي واستكمال مسار ثورة ديسمبر/كانون الأول التي قطع عليها الطريق انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021. وحدة السودان شعباً وأرضاً، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان والهويات والثقافات وتعترف بالتنوع وتعبر عن جميع مكوناتها بلا تمييز، وإقرار أن المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات، والاعتراف بالتنوع التاريخي والمعاصر، وتأسيس وبناء منظومة عسكرية وأمنية احترافية ذات عقيدة قتالية وطنية، وإنشاء نظام حكم فدرالي حقيقي عماده الاعتراف بالحق الأصيل لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها ومواردها عبر مجالسها التشريعية وسلطاتها الإقليمية، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران (نظام الرئيس المعزول عمر البشير)، وتبني سياسة خارجية متوازنة. وشددت الرؤية على تحديد أطراف العملية السياسية بشكل واضح من القوى السياسية ولجان المقاومة وحركات الكفاح المسلح والنقابات ومنظمات المجتمع المدني مع التشديد أكثر على استبعاد النظام السابق وواجهاته، وذلك عبر منبر واحد يختص بوقف الحرب ورعاية العملية السياسية.
المائدة المستديرة:
قرر المؤتمر "الشروع الفوري بالتحضير لمائدة مستديرة لكل السودانيين من قوى الثورة والتغيير، والقوى الرافضة للحرب والمؤمنة بالتحول الديمقراطي، عدا المؤتمر الوطني المحلول ووجهاته".كما أجاز المؤتمر مبادئ وأسس عملية تأسيس وبناء جيش قومي مهني واحد لا يتدخل في السياسة والاقتصاد، معتبرًا هذه الأسس بداية طريق الاستقرار لوقف الحروب وإغلاق طرق الانقلابات العسكرية. جيش مهمته حماية الوطن والمواطن والأرض وحماية الدستور الديمقراطي.
إدانة انتهاكات حقوق الإنسان:
أدان المؤتمر فشل طرفي الصراع في الجلوس للتفاوض لوقف إطلاق النار وإعاقة مسارات توصيل الاغاثة للمتضررين في كافة أنحاء البلاد، مدينًا كذلك استخدام الغذاء كسلاح في الحرب، مناشدًا المجتمع الدولي للتدخل والضغط الجاد على طرفي الصراع لإعادتها إلى منبر التفاوض وإقرار آليات لحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الانسانية. كذلك أدان المؤتمر بأشد العبارات الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والمليشيات والحركات المتحالفة معهما،مطالبًا بالتحقيق الدولي في هذه الانتهاكات والجرائم ومحاسبة المتورطين فيها.
تمثيل النساء:
نالت النساء في التوصيات الختامية نسبة 40% من التمثيل، ومثلها للقوى الشبابية ولجان المقاومة. وشهد لأول مرة في تاريخ السودان مشاركة (العمدة) نعمة مختار كممثلة للعمد في إقليم دارفور، بعد أن كان هذا التمثيل حكراً على الرجال لقرون متعددة. كما ألقت (إيمان) حمد النيل، ممثلة الطريقة القادرية بزعامة الراحل أزرق طيبة، كلمة كأول أمرأة تتحدث باسم الطرق الصوفية في المناسبات الرسمية واللقاءات السياسية.
مشاركة الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال:
قاد وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال - قيادة الحلو - القائد / عمار آمون الأمين العام للحركة الشعبية وقد استقبلوا في الجلستين : الافتتاحية والختامية بالهتافات والترحاب. كما ألقى القائد عمار آمون كلمة وضع فيها النقاط على الحروف فيما يتعلق بالتقارب الكبير بينهم و (تقدم) .
انتخاب حمدوك كرئيس لتقدم:
الكلمة الأخيرة في الجلسة الختامية كانت من نصيب الرئيس المنتخب بالإجماع لقيادة (تقدم)- الدكتور عبد الله حمدوك والذي قالت في تقديمه الشابة مقدمة فقرات البرنامج سلافة ابوضفيرة : (أقدم في الختام المُعرّف الذي لا يُعرّف: الدكتور عبد الله حمدوك..الرئيس المنتخب لقيادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"). عندها وقف المئات، وهم يصفقون ويهتفون بالشعارات الوطنية وينادون بقوة بشعار (لا للحرب)!.
أبرز ما جاء في كلمة الدكتور حمدوك مناشدته للأطراف المتحاربة بوقف الحرب التي قضت على الأخضر واليابس وقتلت وشردت الملايين. وأن السودان مهدد بكارثة أكبر مجاعة في العالم. كذلك طالبهم بفتح مسارات آمنة في كل أنحاء السودان حتى تصل مواد الإغاثة للمواطنين في كل أنحاء السودان. ثم شكر المجتمعين الإقليمي والدولي على وقوفهم مع شعب السودان كما وجه صوت شكر خاص لدول الجوار : إثيوبيا ومصر وجنوب السودان وتشاد وأفريقيا الوسطى وأوغندا وكينيا ودول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية حيث مؤتمر جدة وحيث العدد الضخم من اللاجئين بها.
إجراءات أمنية مشددة:
شهد يوم الافتتاح الذي تأجل من يوم 26 مايو إلى اليوم التالي لضمان حضور جميع الوفود المشاركة في المؤتمر ، تشديد الإجراءات الأمنية حيث تم منع جميع المشاركين الدخول بهواتفهم أو حواسيبهم المحمولة إلى القاعات الرئيسية باستثناء الإعلاميين المدعوين بصورة رسمية .
الجلسة الختامية، شهدت القاعة دوى هتاف عال من الحضور وخاصة الجالسين في الصفوف الخلفية من لجان المقاومة ,, الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب و العسكر للثكنات و الجنجويد يتحل،، فيما هتف أحد الشاب (جاهزية سرعة حسم) حينها تعارك هذا الشاب مع أحد الشباب لفترة أقل من 2 دقيقتين تدخل الأمن الإثيوبي وأخرجهم الى خارج قاعة المؤتمر . واستمرت أعمال المؤتمر دون توقف .
تحديات:
ربما ساهم العدد الكبير إحضار 700 شخص في إحداث ربكة محدودة ، ثلاثة من المشاركين المدعويين لم يتمكنوا من الالتحاق بأعمال المؤتمر بسبب تأخر حصولهم على التذاكر في الوقت المناسب. وعشرات آخرين تأخروا أيام إضافية بإثيوبيا بسبب تأخر حصولهم على الفيزا وتذاكر العودة.
البلد المضيف اثيوبيا:
إنتهت فعاليات هذا العرس الحضاري الفريد في عاصمة الجمال والتحضر أديس أبابا. كانوا المضيفون الإثيوبيون ودودين وقليلي الثرثرة. بيروقراطيون بعض الشيء لكنهم يعملون كالنحل، لذا فإن مؤشر نموهم الإقتصادي في ارتفاع ، وغيرهم يقتتلون ويقتلون شعبهم دون أن يعرفوا أنهم يمارسون جنونا سيؤدي بهم إلى نهاية تراجيدية بائسة!
يتبع
ابوهريرة عبدالرحمن أحمد إبراهيم
abuhreira@kacesudan.org
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
السودان من وجهة نظر ميخائيل عوض
ميخائيل عوض محلل سياسي لبناني وكاتب مؤيد للمقاومة اللبنانية له بعد جيوبوليتيكي مختلف عن كثير من المحللين في تحليلاته. استضافته الصحفية اللبنانية رولا نصر في موقعها مع رولا في اليوتيوب وكان عن السودان.
ربما يغيب كثير من المعلومات المعلومة للسودانيين لميخائيل لكنه قدم الحرب السودانية في سياقها الدولي ببراعة وعبر عن فكرته عن الوضع الدولي وصراع تيار العولمة التي تتبناها حكومة الشركات العالمية والحكومة الخفية ويعبر عنها دولة الديمقراطيين الأمريكان والدول العميقة الاوربية والتي حدث لها انحسار بوصول ترامب الذي يرفع شعار لنجعل من امريكا عظيمة مرة أخرى، اي تراجع الإمبراطورية الامريكية وانكفاؤها وانعزالها. ترجم هذا في قرارات محددة من حل جهاز القوة الناعمة- الوكالة الأمريكية للمساعدات اي المنظمات الغير حكومية وتدخل الاستخبارات والسفارات- وتقليص قوة البنتاجون والاستخبارات الامريكية ومحاولات إيقاف الحرب الروسية الاوكرانية عبر تنازلات عديدة، والتهديد الشديد بالعنف في الشرق الأوسط والتراجع وغيرها.
يعتبر ميخائيل ان قضية السودان بدات مع تصاعد هيمنة العولمة في التسعينات مع وصول المحافظين الجدد وامتدت من الصومال افغانستان والعراق وتونس ومصر وسوريا واليمن وليبيا ووصلت السودان عبر انفصال الجنوب. كانت السمة العامة هي تدمير الدولة والقومية بتدمير الجيش الوطني وإقامة مجموعات محلية تسهل امر نهب الدول واستنزافها. ويلاحظ ان ليبيا رغم غياب الدولة استمرّ ضخ النفط بدون توقف.
يرى ميخائيل ان السودان يتميز بثروة هائلة كسلة غذاء العالم والمعادن كالذهب الذي يبتج حوالي ٢٠٠ طن كأكبر منتج في العالم والموقع الجغرافي في أفريقيا والساحل الطويل للبحر الأحمر. وبعد الثورة تم إنشاء الدعم السريع كجيش موازي.
موقف ميخائيل من الطرفين المتصارعين جاء على مراجعة الطرفين واستند على العلاقات القوية بين الدعم السريع والصهيونية، وتوصل ان الطرفين ليس لديهم برنامجاً إجتماعياً، ايضاً نظر لمن يدعم الطرفين وتوصل ان الإمارات الصهيونية هي مع المليشيا ووجد ان احد الطرفين جيش ضد المليشيا ولذلك وقف مع الجيش. وراى ان الحرب الاهلية في جنوب السودان يشير إلى اعادة توحد السودان.
ووصف حقبة سيطرة الدول الطرفية مثل الإمارات وقطر على الدول العربية والجامعة العربية ومن ثم الدول الإسلامية (٢ مليار) بالمرحلة التافهة وان هذه الدول حدث لها نفخ بواسطة لوبي العولمة. والتي قامت بتمزيق الدول من تدخل الجزيرة في الثورات العربية والتدخل لتمزيق ليبيا واليمن والسودان بتدخل الإمارات. ويرى ان التغيير في امريكا ادى لإعادة هيكلة العالم وعودة الدولة القومية. ويرى ان الدعم السريع بدات هزيمته مع وصول ترامب لتغير الهدف.
ويرى ان السودان في ظرف ثوري يمكن ان يتحول لدولة بناء وتطور بشرط وجود قوة ثورية (قدم تعريفا: من يعي الجاري ويعرفه ويعرف ما سيكون غدا ويسعى من اجل ان يكون غدا من اجل شعبه). تقوم باعادة تصحيح البيئة الإقليمية المحيطة بها وقطع الطريق أمام الإبراهيمية والتطبيع والصهيونية وغيرها، وعدم الاعتماد على التفويض الإلهي وتسيس الدين بواسطة الجماعات الاسلامية ودولتهم الكبرى تركيا المنضوية في الناتو والتي استغلت كأذرع للعولمة. كما تحتاج لتلبية حاجات الناس "التامين من الخوف والإطعام من الجوع" ووجود مشروع وطني قومي شامل. ويرى ان عدم القدرة على كسب الإرادة الشعبية السودانية ستؤدي للفوضى وليس للتقسيم. ويرى ان السودانيين يجب ان يمتلكوا رؤية تعبر عن ثقافتهم وقيمهم وقيمتهم التاريخية لكي يبدءوا في هزيمة كل هذه التحديات وصناعة تاريخ جديد.