على حافة الغابة البدائية: الحلقة (17)
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
على حافة الغابة البدائية: الحلقة (17)
تجارب وملاحظات طبيب الماني في أفريقيا الإستوائية
كتبها: آلبرت شفايتزر
نقلها من الإنجليزية د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الأزهري – السودان
• ديباجة
تعرفنا على كثير من الجوانب المظلمة في الحقبة التي تكالب فيها الإستعمار الأوربي على أفريقيا. وقد توالت الأحداث الجسام من تهجير وقهر وقتل، دأب المستعمر الأبيض على ممارستها، ليفرض سيطرته على إنسان أفريقيا ومقدراته وموارده التي نهبت - ردحاً من الزمن - ليعمّر بها العالم الأوربي، بينما يرزح الأفريقي صاحب كل ذاك الخير في فقر لا يدانيه فقر.
كانت سيرة الاستعمار طوال وجوده في أفريقيا، ليست بالسيرة العطرة، غير أنه قد تخللت هذه السيرة غير المحبوبة، بعض الفضاءات المضيئة من أفراد بيض، آثروا أن يغلّبوا الجانب الانساني في علاقتهم بالانسان الأسود، بطرق عديدة، كالخدمات الطبية التي قدمها الطبيب والفيلسوف الألماني (آلبرت شيفايتزر) وزوجه، للانسان الأفريقي في الجابون الحالية، إذ قاموا ببناء مستشفى لخدمة السكان المحليين، هذا المجهود أهّله للترشيح والفوز بجائزة (نوبل) تقديراً لهذا العمل الإنساني الكبير.
هذه الصفحات هي ترجمة لمذكراته التي صدرت في كتاب بعنوان:
(On the Edge of the Primeval Forest)
**********************************
الفصل السابع
· المشاكل الاجتماعية في الغابة
كتبت أثناء الرحلة على النهر، في 30 يوليو - 2 أغسطس، 1914.
لقد عدت مرة أخرى أكثر حماساً للعمل، وكان قبطّان الباخرة الصغيرة، التي تتبع لشركة تجارية في N'Djol، كريماً بما فيه الكفاية ليأخذنا معه إلى Lambaren، ولكن كان تقدمنا بطيئاً، حيث كان لدينا شحنة ثقيلة من الكيروسين. يأتي في علب مربعة، كل منها يحمل أربعة جالونات (ثمانية عشر لترًا)، مباشرة من الولايات المتحدة إلى أوجوي، وقد بدأ السكان الأصليين في استخدامه بحرية.
أستفدت من الرحلة الطويلة لتنظيم أفكاري وتوضيحها بخصوص المشاكل الاجتماعية التي، لدهشتي، وجدت نفسي أمامها في الغابة. نحن نتحدث بحرية في أوروبا عن الاستعمار وانتشار الحضارة في المستعمرات، ولكن دون أن نوضح لأنفسنا ماذا تعني بهذه المصطلحات.
لكن هل هناك فعلاً مشاكل إجتماعية في الغابة؟ نعم، يكفي أن يستمع أحدكم لمدة عشر دقائق إلى محادثة بين أي اثنين من الرجال البيض، وستسمع بالتأكيد أنهم يتطرقون إلى أصعبها جميعاً، أي مشكلة العمل.
يتصور الناس في أوروبا أنه يمكن دائمًا العثور على عمال بقدر الحاجة من بين هؤلاء البرابرة، وتأمينهم بأجور ضئيلة جداً. الحقيقة هي عكس ذلك تماماً إذ يصعب العثور علي العمال ممن بين الأعراق البدائية عنه في أي مكان أكثر، ولا يتم دفع أجورهم بصورة جيدة بنسبة العمل الذي يقومون به. يأتي هذا من كسلهم، كما يقول الناس؛ لكن هل السود حقًا كسالى؟ الا يجب أن نتعمق قليلاً في هذا الموضوع؟
· مشكلة العمل
أي شخص إذا حدث أن رأى سكان قرية من السكان الأصليين وهم يعملون، عندما يتعين عليهم تنظيف قطعة من الغابة البكر لإنشاء مزرعة جديدة، يعلم أنهم قادرون على العمل بحماس وبكل قوتهم، لأسابيع متتالية. هذا هو العمل الأصعب من جميع الأعمال، ويمكنني القول بمرور الوقت، أن هذا النوع من العمل يفرض على كل قرية كل ثلاث سنوات.
يستنزف الموز التربة بسرعة استثنائية، بحيث يجب عليهم كل ثلاث سنوات أن ينشئوا مزرعة جديدة، يسمدونها برماد الأدغال التي يقطعونها ويحرقونها. وبالنسبة لي، لا يمكنني بعد الآن التحدث بصراحة عن كسل السود بعد رؤية خمسة عشر منهم يقضون حوالي ستة وثلاثين ساعة في التجديف تقريباً دون توقف كبير ليجلبوا لي رجلاً أبيض كان مريضاً بصورة خطيرة من أعلى النهر.
يعمل السود بصورة جيدة تحت ظروف معينة، لكن - فقط طالما تتطلب الظروف ذلك. الأسود إبن الطبيعة- هذا هو الجواب على اللغز - ويعمل دائماً إذا استدعى الحال فقط. تزوّد الطبيعة السكان الأصليين وبمجهود ضئيل جدًا، بكل ما يحتاجونه تقريباً للعيش في قريتهم بأمان. تمنحه الغابة الخشب والبامبو وأوراق الرافيا والليف لبناء كوخ يحميه من الشمس والمطر. ويكفيه فقط أن يزرع بعض الموز واليام ويقوم بالقليل من الصيد البري، ليحوز على كل ما يحتاجه فعلاً، دون الحاجة إلى طرح نفسه كعامل أجير، بغرض كسب دخل منتظم. وإذا قبل وظيفة ما، فلأنه يحتاج إلى المال لغرض معين؛ كأن يريد شراء زوجة، أو تريد زوجته أو زوجاته، بعض الملابس الفاخرة، أو شراء السكر، أو التبغ؛ أو يريد هو نفسه فأساً جديدة، أو يتوق إلى الخمر أو الكحول الرخيص، أو يود ارتداء أحذية وزي كاكي. إذن هناك احتياجات متنوعة تختلف في عددها من فرد لآخر، ولكن جميعها تكمن خارج النزاع العادي المطلوب من أجل البقاء، مما يجعل الطبيعة تجبر الإنسان كي يؤجر نفسه للعمل. وإذا لم يكن لديه هدف محدد لكسب المال، فإنه لا يغادر قريته. وإذا كان يعمل في مكان ما ويجد أنه كسب ما يكفي لتلبية رغبات قلبه، فليس لديه سبب ليتعب نفسه أكثر من ذلك، فيعود مسرعاً إلى قريته حيث تطيب له الإقامة ويجد ما يلذ من الطعام.
السود، إذن، ليسوا كسالى، بل هم أحرار؛ ومن هنا فإنهم دائماً عمال عرضيون موسميون، حيث لا يمكن الاعتماد على عملهم بصورة منتظمة في أي صناعة. هذا ما يجده المبشرون على محطات البعثة وفي بيوتهم على نطاق صغير، وصاحب المزرعة أو التاجر على نطاق كبير. فعندما يجمع الطباخ الذي يعمل عندي المال بما فيه الكفاية للسماح له بتحقيق أمنيات زوجته وحماته، يرحل فوراً ودون أي اعتبار لما إذا كنا ما زلنا بحاجة لخدماته أم لا. ويترك العمال صاحب المزرعة في حالة يائسة في وقت حرج ذلك عندما يتوجب عليه محاربة الحشرات التي تضر بنبات الكاكاو.
وحينما تأتي طلبات الخشب من أوروبا واحدة تلو الأخرى، لا يستطيع تاجر الخشب أن يجد شخصاً واحداً ليقطع الأشجار، لأن القرية في تلك اللحظة تكون كلها في رحلة صيد، أو تقوم بزراعة حقل موز جديد.
لذا نحن جميعاً ممتلئون بالسخط المنصف على الزنوج الكسالى، رغم أن السبب الحقيقي لعدم تمكننا من الحصول علي خدماتهم؛ هو أنهم لم يتعلموا بعد ما نعنيه نحن بالعمل المستمر.
إذن، هناك صراع جاد بين احتياجات التجارة وحقيقة أن ابن الطبيعة هو إنسانٌ حرٌ. ولا يمكن استغلال ثروات البلد لأن السكان الأصليين لديهم إهتمام ضئيل بالعملية برمتها. إذن كيف ندربهم على العمل؟ كيف نجبرهم عليه؟
يتم ذلك ب"خلق أكبر عدد ممكن من الاحتياجات في داخل الانسان الأسود؛ بهذه الطريقة فقط يمكن الحصول على أقصى ما يمكن منه"، هذا ما تقول به كل من رؤية الدولة ومماراسات التجارة. الأولى تفرض عليه احتياجات غير طوعية على شكل ضرائب. فعندنا كل شخص من المواطنين الاصليين فوق سن الرابعة عشرة، عليه دفع ضريبة الرأس ومقدارها خمسة فرنكات في السنة، ويُتوقع مضاعفتها. إذا تم ذلك، فإن الرجل الذي لديه زوجتان وسبعة أطفال سيساهم بمبلغ 4 جنيهات (100 فرنك) في السنة، ويجب أن يوفر مبلغاً مماثلًا إما عن طريق العمل أو من بيع منتجات الأرض. أما التاجر فيشجع إحتياجات الاسود الطوعية من خلال تقديمه له سلعاً من جميع الأنواع، منها المفيد مثل الملابس والأدوات، ومنها غير الضروري مثل التبغ وأدوات التجميل، ومنها الضارة مثل الكحول. ولن تكون السلع المفيدة كافية أبداً لاغرائه لإنتاج كمية من العمل تستحق الذكر. أما الأشياء غير الضرورية مثل الروم (نوع من الكحول) فتكاد تكون أكثر فعالية من غيرها. إذن عليك فقط أن تفكر في نوع الأشياء التي يمكن عرضها للبيع في الغابة!
قبل فترة قصيرة طلبت من الزنجي الذي يدير دكانًا صغيرًا لمصلحة رجل أبيض بالقرب من بحيرة صغيرة، بعيدًا عن الحضارة، أن يريني كل بضاعته. كان يقف خلف الكاونتر، بوضوح برميل أبيض جميل من الخمر الرخيصة. بجواره كانت تقف صناديق أوراق التبغ وعلب الكيروسين. وفي مكان أبعد كان هناك مجموعة من السكاكين، الفؤوس، المناشير، المسامير، البراغي، آلات الخياطة، المكواة المسطحة، الخيوط لصنع شباك الصيد، الأطباق، الكؤوس، الأواني المطلية بالمينا بمختلف الأحجام، المصابيح، الأرز، المعلبات من جميع الأنواع، الملح، السكر، البطانيات، مواد الملابس، الشاش للبعوض، شفرات الحلاقة من علامة جيلتيه (!)، الياقات وربطات العنق بتنوع غني، البلوزات والقمصان المزينة بالدانتيل، الكورسيهات، الأحذية الأنيقة، الجوارب المفتوحة العمل، الجراموفونات، الآلات الموسيقية، والمقالات الزخرفية من جميع الأنواع. من بين الأخيرة كان هناك طبق، مستقر على حامل، من بينها عدة دزينات. "ما هذا؟" سألته، حرك الزنجي رافعة في الجزء السفلي وبدأ صندوق موسيقي صغير على الفور في اللعب. "هذه هي السلعة الأكثر ربحاً لدي"، قال. "كل النساء في الجوار يرغبن في الحصول على إحدى هذه الأطباق، ويضايقن أزواجهن حتى يجمعوا ما يكفي لشراء واحدة"
صحيح أن الضرائب والاحتياجات الجديدة، يمكن أن تجعل الزنجي يعمل أكثر مما كان يفعل سابقًا، لكنها لا تدربه على العمل، أو تدربه بصورة ضئيلة فقط. إنها تجعله متلهفاً للحصول على المال والاستمتاع به، ولكنه ليس جديراً بالثقة أو يتمتع بالوعي. فإذا عُهِد الى الاسود بخدمة في أي مكان، فإنه يفكر فقط في كيفية الحصول على أكبر قدر من المال مقابل أقل جهدٍ ممكن، ويعمل فقط طالما أن صاحب العمل قريب منه.
قمت قبل فترة قصيرة بتوظيف بعض عمال اليوميات لبناء كوخ جديد للمستشفى، لكن عندما جئت في المساء لرؤية العمل، لم يتم إنجاز شيء. في اليوم الثالث أو الرابع غضبت، ولكن أحد السود - ولم يكن الأسوأ منهم بأي حال - قال لي: "دكتور، لا تصرّخ فينا هكذا! هذا خطأك. ابق هنا وسنعمل، ولكن إذا كنت في المستشفى مع المرضى، فنحن وحدنا لا نفعل شيئًا". الآن اعتمدت خطة، فعندما أوظف أي عمال يوميات، أرتب أمري لأخذ ساعتين أو ثلاث متفرغاً لمراقبتهم. وأجعلهم خلال هذا الوقت يعملون حتى تلمع جلودهم الداكنة من العرق، وبهذه الطريقة أتمكن من إنجاز قدر معين من العمل.
· مشكلة العمل الإجباري
إن زيادة احتياجات السود (الاستهلاكية:المترجم) تحقق شيئاً، ولكن ليس كثيراً. يصبح ابن الطبيعة عاملًا ثابتاً فقط بمقدار ما يبقيه ذلك العمل حراً أويصبح به غير حر، ويمكن تحقيق ذلك بعدة طرق.
الخطوة الأولى التي يجب اتخاذها هي منع الأسود لفترة معينة من العودة إلى قريته. فالمزارعون ومالكو الغابات لا يوظفون، من حيث المبدأ، عمالاً من الجوار، بل يستأجرون لمدة عام شباباً من قبائل غريبة يعيشون بعيداً، ثم يجلبونهم عن طريق النهر إلى حيث هم مطلوبون. ويتم إعداد الاتفاقيات من قبل الحكومة، وكما هو الحال مع العديد من الأمور الأخرى في الإدارة الاستعمارية الفرنسية، فهي مصممة لتحقيق هدفها مع مراعاة الجوانب الإنسانية. في نهاية كل أسبوع يُدفع للعامل نصف أجره، ولكن فقط نصف أجره!! ويتم الاحتفاظ بالباقي ليُسلم له في نهاية السنة عندما يتعين على الرجل الأبيض صاحب العمل إرساله إلى وطنه. وهكذا يتم حرمانه من إنفاق ماله بالسرعة التي يكسبها به، ومن العودة إلى الوطن بأيد فارغة، ومعظمهم يستأجرون أنفسهم بهذه الطريقة للحصول على ما يكفي من المال لشراء زوجة.
ما هي النتيجة؟
إذن يتوجب علي هؤلاء العمال الصمود لمدة عام، لا يستطيعون خلاله العودة إلى قريتهم، ولكن قلة منهم فقط هم عمال مفيدون بالفعل، فالكثير منهم يصابون بالحنين إلى الوطن. وآخرون لا يستطيعون تحمل النظام الغذائي الغريب عليهم، حيث أنه لا توجد مؤن طازجة متاحة، لذا يجب عليهم في العادة العيش بصورة رئيسية على الأرز. يقع معظمهم ضحايا للإدمان على الخمور، وتنتشر القروح والأمراض بينهم بسرعة، حيث يعيشون في نوع من الحياة العسكرية في أكواخ مكتظة. وعلى الرغم من كل الاحتياطات، فإنهم في الغالب ينفقون أجورهم بمجرد انتهاء مدة العقد، ويعودون إلى ديارهم فقراء كما جاؤا أول مرة.
· قيمة العمل القسري
القيمة الحقيقية للزنجي تكمن فقط عندما يكون في قريته وتحت السيطرة الأخلاقية للتفاعل مع أسرته وأقربائه الآخرين؛ ويسهل عليه الانحراف أخلاقياً وجسدياً بعيداً عن هذه البيئة. تضم المستعمرات عمالة من زنوج بعيدين عن أسرهم وهذه المستعمرات في الواقع مراتع للفساد الأخلاقي، ومع ذلك، فإن مثل هذه المستعمرات مطلوبة للتجارة وفلاحة الأرض، وسيكون هذين النشاطين مستحيلين بدون هذه المستعمرات. العنصر المأساوي في هذه القضية هو أن مصالح الحضارة والاستعمار لا تتطابق، بل تتعارض بصورة كبيرة. يتم الترويج للأولى بصورة أفضل من خلال ترك السكان الأصليين في قراهم وتدريبهم هناك على مختلف الصناعات، لإنشاء مزارع، وزراعة القليل من القهوة أو الكاكاو لأنفسهم أو حتى للبيع، وبناء منازلهم من الخشب أو الطوب بدلاً من الأكواخ المصنوعة من الخيزران، وهكذا يعيشون حياة ثابتة وكريمة. ومع ذلك، يتطلب الاستعمار أن يتم إتاحة استخدام أكبر عدد ممكن من السكان بطرق مختلفة لاستغلال الثروات الطبيعية للبلد إلى أقصى حد. وشعاره هو "الإنتاج"، حتى يتمكن رأس المال المستثمر في المستعمرات من دفع فوائده، ويحصل الوطن الأم على احتياجاته من خلال ارتباطه بها. وبالنسبة للتعارضات غير المتوقعة التي تظهر هنا، لا يتحمل أي فرد مسئوليتها؛ فهي تنشأ من الظروف نفسها، وكلما كان مستوى السكان الأصليين أقل؛ وكلما كانت الكثافة السكانية أقل، كان الحل أصعب.
في بلاد الزولو، على سبيل المثال، الزراعة وتربية الماشية ممكنة، ويتطور السكان الأصليون بصورة طبيعية إلى فلاحين مرتبطين بالأرض ويمارسون الصناعات المنزلية، وفي نفس الوقت، الكثافة السكانية عالية بحيث يمكن تلبية متطلبات العمالة لتجارة الأوروبيين؛ هناك، إذن، مشاكل السكان الأصليين وتعزيز الحضارة بينهم أقل صعوبة بكثير من المستعمرات التي يكون فيها معظم البلاد عبارة عن غابة بدائية والسكان في مرحلة ثقافية بدائية فعلاً. ومع ذلك، حتى في ذلك المكان، قد نضمن التقدم الاقتصادي الذي يهدف إليه الإستعمار لكن على حساب الحضارة ومستوى حياة السكان الأصليين.
إذن، ما هي القيمة التعليمية الحقيقية للعمل القسري الذي تفرضه الدولة؟
ماذا يعني فرض العمل؟
يعني ذلك أن كل شخص من المواطنين الاصليين ليس لديه صناعة دائمة خاصة به يجب عليه، بأمر من الدولة، أن يقضي عدداً معيناً من الأيام في السنة في خدمة تاجر أو مزارع. في أوغوي، ليس لدينا عمل إجباري. وتحاول الإدارة الاستعمارية الفرنسية، من حيث المبدأ، أن تستمر دون أي إجراء من هذا القبيل. وفي إفريقيا الألمانية، حيث تم فرض العمل القسري بطريقة إنسانية ولكن فعالة، كانت النتائج، وفقًا لبعض النقاد، جيدة؛ ووفقًا لآخرين، سيئة. أنا شخصياً أعتقد أن العمل القسري ليس خطأً من حيث المبدأ، ولكنه مستحيل التنفيذ في الواقع. لا يمكن للمستعمرة المتوسطة الاستمرار دون وجوده على نطاق محدود. فإذا كنت مسؤولًا وجاءني مزارع ليخبرني أن عماله تركوه تماماً في وقتٍ كان يتوجب عليهم جمع محصول الكاكاو، وأن الرجال في القرى المجاورة رفضوا المجيء لمساعدته في هذا الوقت الحرج، فأعتقد أنه سيكون لدي الحق، بل ومن واجبي، أن أضمن له عمل هؤلاء الرجال، طالما يحتاجهم لإنقاذ محصوله، وطبعاً مقابل دفع أجورهم المعتادة في المنطقة.
ولكن فرض العمل القسري العام معقد بسبب حقيقة أن الرجال في ظله يتعين عليهم دائمًا مغادرة قريتهم وعائلاتهم تقريباً والذهاب للعمل على بعد أميال عديدة. من يوفر لهم الطعام في الرحلة؟ ماذا يحدث لهم إذا مرضوا؟ من سيضمن أن الرجل الأبيض لن يستدعيهم للعمل في الوقت الذي يجب أن تبدأ فيه قريتهم زراعتها الخاصة بهم، أو عندما يكون ذلك أفضل وقت لرحلات صيدهم؟ هل سيحتفظ بهم لفترة أطول مما يحق له، بحجة أنهم لم يقوموا بأي عمل؟ هل سيعاملهم بصورة صحيحة؟ هناك دائمًا مخاطرة أن يصبح العمل القسري سراً، ولكن في الحقيقة، هو نوعٌ من أنواع العبودية.
aahmedgumaa@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: السکان الأصلیین العمل القسری فی الغابة لا یمکن من جمیع من بین
إقرأ أيضاً:
كامل الوزير: نعمل على حل المشكلات التي تواجه الصناعات المتعثرة
قال المهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل: نقوم بتطوير المراكز البحثية والتكنولوجية لدعم قطاع الصناعة، بالإضافة إلى العمل على حل المشكلات التي تواجه الصناعات المتعثرة
وأضاف خلال كلمته في فعاليات خلال الملتقى الدولي للصناعة في نسخة 2024، بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء: نهدف إلى تحسين جودة المنتجات المصرية والاهتمام بالتعليم الفني.
اقرأ أيضاًوزير العمل يبحث مع وفد مجلس النواب واتحاد شباب المصريين بالخارج دعم خطط التدريب
هيئة الاستثمار وشركة هينفرا البولندية تبحثان إنشاء مشروع لإنتاج الأمونيا الخضراء