سودانايل:
2025-04-10@22:17:45 GMT

الحقائق التي يتعمد السياسيون تجاهلها

تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
عندما وقع إنقلاب الجبهة الإسلامية القومية، سارعت القوى السياسية بتكوين تحالفها لمعارضة الانقلاب فكونت " التجمع الوطني الديمقراطي" بدأ الاتصال بين قيادات سياسية و الحركة الشعبية في أديس أبابا بعد الانقلاب 1989م ثم أنتقل كجسم سياسي إلي القاهرة، كانت الفكرة عند الجميع أن يكون عملا سياسيا يستنهض الجماهير لكي تعيد إنتفاضة 1985م، بدأت القيادات الحزبية متفائلة بأن الثورة سوف تندلع داخل الجامعات و في الشوارع عندما يسمعوا بتأسيس "التجمع الوطني"، و ظل التفاؤل مستمرا، و فجأة بدأ بريقه يخفت عند البعض عندما تأخر خروج الجماهير للشوارع، كانت توقعاتهم و تفاؤلهم مرتبط فقط برجوعهم للسلطة و ليس بالتغيير و الثورة، و التي يعلمون أنها تحتاج إلي إعداد و تنظيم و تعبئة و حشد للجماهير، و في دواخلهم كانوا متأكدين من شيء واحد أن طريقة تفكير الجماهير تختلف عن طريقتهم، و أن أدواتهم قد أصابها العطب، و الأحداث و متغيراتها أثرت على تنظيماتهم سلبا حيث تعرض البعض لانقسامات أضعفت قدراتها.

..
أن القوى السياسية في 1989م قبل أن تدرس الأسباب التي أدت إلي الانقلاب و عدم خروج الجماهير للدفاع عن ثورتها و نظامها الديمقراطي، أتجهت بسرعة لتكوين تحالفا معارضا يتكون من القوى التقليدية و بعض النقابات المهنية، و عسكريين و الحركة الشعبية و جميعها متناقضات في توجهاتها، لا تحكمها أرضية فكرية أو برنامج متفق عليه.. في عام 1995 توصلت لمشروع سياسي " بيان اسمرا للقضايا المصيرية".. و بعده بدأت مرحلة التشتت و التراجع، و دخلت الحركة الشعبية في محاورتها مع النظام في "أبوجا ثم في نيفاشا".. هذا الرجوع التاريخي كان بهدف التذكير، أن القوى السياسية دائما تخرج الجماهير من معادلاتها السياسية، و تكون تحالفاتها في اعتقاد هو الطريق الصحيح الذي يوصل للسلطة و تعتقد أن الجماهير سوف تأتي مهرولة للإنضمام لهذا التحالف.. أن التحالفات التي تؤسس بعيدا عن الجماهير ستظل بعيدة عنها و لا تؤثر فيها، و مادامت الثورة عملا اجتماعيا لابد أن يؤسس داخل المجتمع لكي تلتف حوله الجماهير..
أن الحرب الدائرة الآن في البلاد؛ أسبابها سياسية، تتمثل في صراع النخب من أجل السلطة، إلي جانب النفوذ الأجنبي الذي يحمل أيضا أجندة مغايرة، كلها تعد المحرك نحو الحرب.. أن الأحزاب التي جاءت للساحة السياسية بعد ثورة ديسمبر و خاصة التقليدية " الاتحادي – الأمة – الشيوعي – البعث"، كانت تعاني حالة من الضعف بسبب الصراعات داخلها و أيضا الانقسامات التي تعرضت لها، جعلتها في حالة عدم التوازن .. و أيضا الحركات الي تعرضت لضربات مبرحة من قبل ميليشيا الدعم أيضا جاءت قياداتها لا تحمل أي تصور غير البحث عن السلطة و دلالة على ذلك تحالفت مع المكون العسكري و ليس القوى السياسية رغم رفعها لراية التحول الديمقراطي.. هذا الضعف أدى إلي غابت المشاريع السياسية.. كان الأمل في الأحزاب الجديدة المؤتمر السوداني و التجمع الاتحادي أن تصبح هي ضمير الشارع و تراهن على عملية التغيير الديمقراطي، و عندما وجدت نفسها أمام أبواب السلطة اسقطت شعارات الديمقراطية و ركضت وراء السلطة و فقدت الإثنين معا، و أخيرا رضيت أن تكون تحت إمرة قيادات مستقلة، و إذا كانت الأحزاب توافق على أن تكون تحت أمرة مستقلين، يصبح السؤال ما هو الداع لتكوين أحزاب.. السبب يرجع لاستمرار حالة الضعف في الأحزاب، و قلة الوعي في القيادات السياسية، و هو الذي أدى لعدم قدرتها في إدارة الأزمة..
من غرائب السياسة في السودان؛ أن القيادات السياسية و بعض من المثقفين و الإعلاميين عندما يكون الحوار معهم عن فشل الفترة الانتقالية يقولون؛ و بصورة تبين حالة ضعف الوعي السياسي (أن الإسلاميين و الفلول وراء كل ذلك و هم الذين اجهضوا الثورة) يبى السؤال عندما اسقطت الجماهير نظام الإنقاذ كيف عرفت تدير صراعها حتى انتصرت؟ و هل القيادات السياسية و بعض المثقفين كانوا يعتقدون أن الإسلاميين سوف يقبلون بالهزيمة بعد ثلاث عقود مكثوها في السلطة؟ ثم يجلسوا القرفصاء في منازلهم بعيدا عن الساحة السياسية، أم سيظل يصارعون بهدف الرجوع للسلطة أو الدخول في أي مساومات سياسية يحفظون لأنفسهم مساحة في المسرح السياسي الجديد.. من الغفلة السياسية أن تعتقد القوى السياسية أن عناصر النظام لا تشكل لهم تحديا...! ثلاث عقود و عشرات الآلاف من الناس أرتبطت مصالحهم بالنظام السابق، و هؤلاء سوف يشكلون تحديا للنظام الجديد، و التعامل معهم يجب أن يكون بوعي لمصلحة عملية التحول الديمقراطي، و ليس لمصلحة فئة راغبة ان تكون لوحدها في السلطة.. أن السياسة و أحداثها لا تنتظر الناس حتى تتعلم.. فالذي يملك رؤية هو الذي يستطيع أن يدير الأزمة بوعي لكي يحقق من خلالها أهدافه.. حتى الآن القوى السياسية عجزت أن تقدم رؤية وطنية مرتبطة بعملية التحول الديمقراطي و ليس بهدف عودتها للسلطة، فالهدف الأول يجمع و الآخر يختصر و القول الفصل للشعب... نسأل الله حسن البصيرة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوى السیاسیة

إقرأ أيضاً:

مُبادرةُ المعارضة .. ومَكْرُ الحكومة

إنه مأزق سياسي وأخلاقي وقانوني كبير تُوجَد فيه الحكومة، أمام الرأي العام الوطني، بسبب واقعة ملايير الدراهم التي أهْـــــدَرَتْـــــــهَا، ولا تزال، من المال العام، بدون أيِّ أثر إيجابي على المواطنين، من خلال الدعم المباشر والإعفاءات الضريبية والجُمركية التي قَــــــدَّمَـــــتْــــــهَا، ولا تزال، إلى مستوردي الماشية، على طبقٍ من ذهب.
بالنظر إلى خطورة القضية، وإلى التصريحات والوثائق المتضاربة لأطرافٍ حكومية مختلفة بهذا الشأن، ومن أجل كشف ملابسات كل ذلك للمغاربة، بادرت، كما هو معلوم، مكوناتُ المعارضة بمجلس النواب إلى إطلاق مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، على أمل أن تتعامل معها مكوناتُ الأغلبية بروحٍ إيجابية وبنَّــــاءة، طالما أن الهدف هو الوصولُ إلى الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، في إطارٍ دستوريٍّ ومؤسساتيٍّ شفاف وموضوعي.
لكن، لم تجد الحكومة من مَـــخرجٍ أمام هذا الوضع الذي أربَـــــكَـــــها سوى دفعُ أغلبيتها نحو محاولة تبخيس، بل إفشال ونسفِ، مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق المؤطَّرة بالدستور وبقانون تنظيمي، وذلك من خلال تقديم طلبِ تشكيل مهمة استطلاعية حول نفس الموضوع.
وهنا يتعين الوقوفُ عند الفوارق الشاسعة جداًّ، على كل المستويات، بما فيها مستوى الأثر القانوني، ما بين لجنة تقصي الحقائق ذات الحمولة الدستورية القوية، والتي يُعتبرُ مُثولُ أيِّ شخصٍ أمامها إلزاميًّا، والاستماعُ إليه يكون تحت أداء اليمين، مع إمكانية إحالة تقريرها على القضاء، من جهة، وما بين المهمة الاستطلاعية التي لا يتجاوز دورُها الطابعَ الإخباري وإصدار توصياتٍ غير ملزمة لأحد، من جهة ثانية.
لذلك، فلا المعارضةُ الوطنية، ولا الرأيُ العام الوطني، يمكنُ أن تنطلي عليهما هذه الحيلةُ المفضوحة، أو الخديعة الماكِرة، التي لجات إليها الحكومةُ للالتفاف والتملُّصِ من واجبِ ومَطلَبِ مُثول كلِّ معني بالأمر أمام لجنةٍ لتقصي الحقائق، تنويراً للرأي العام، وتجسيداً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وحفظاً للمال العام، وترسيخاً لقيمة البرلمان واختصاصاته.
وبالدارجة المغربية « للي ما ف كرشو عجينة ما عندو علاش يخاف ». بمعنى أن الحكومة إذا كانت فعلاً متأكدةً من أن دعمها لمستوردي المواشي لا يشوبُـــــهُ أيُّ اختلال، فلماذا تتهربُ من لجنة تقصي الحقائق!؟ إنَّ اللجنة مثل اسمها تماماً، لا تهدف سوى إلى الحقيقة. فلماذا تخاف الحكومةُ من الحقيقة!؟ إنه فعلاً أمرٌ يزيدُ من الرِّيــــــبَـــــــةِ والشك…، ومن الشُّبُـــــــهات، في هذه القضية التي تشغل بال الرأي العام……وتُزعِجُ الحكومة، بشكلٍ جليّ، وتضعها أمام مِحَكٍ حقيقي وتمرينٍ فعلي، في مواجهة… ذكاء المغاربة وتطلعهم نحو الشفافية والعدالة والديموقراطية.

مقالات مشابهة

  • المصري الديمقراطي لـ صدى البلد: نؤيد القائمة النسبية لمنع إهدار الأصوات بالانتخابات
  • السلطة المحلية بأمانة العاصمة تدين استمرار المجازر الوحشية التي يرتكبها العدو الأمريكي بحق المدنيين
  • حازم إمام: كان يجب بيع زيزو ولكن الزمالك خاف من الجماهير
  • دوري أبطال أفريقيا.. الأهلي يطلب السعة الكاملة من الجماهير في مباراة صن داونز
  • مُبادرةُ المعارضة .. ومَكْرُ الحكومة
  • لاسترداد عافية الحزب الاتحادي الديمقراطي
  • المصري الديمقراطي يلتقي قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب سوسيال ديمقراطي
  • تجاهلها قد يعرضك للفطريات.. كم مرة ينبغي عليك تنظيف فرشاة شعرك؟
  • القوى السياسية بالإسكندرية: الحشد الشعبي بالعريش دعم ملهم لغزة ورفض للتهجير
  • إعلامي: زيزو في الأهلي ومحاولات الزمالك لحفظ ماء الوجه أمام الجماهير