المبعوث الأميركي للسودان: السيناريو الأسوأ في السودان هو نسخة من الصومال لمدة 20 أو 25 عاما”
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
حذر المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو من انزلاق الحرب في البلاد إلى أسوا السيناريوهات، مشيرا إلى أن كل الاحتمالات باتت مفتوحة.
الخرطوم- سكاي نيوز عربية
قتل أكثر من 150 شخصا في إحدى قرى ولاية الجزيرة بوسط السودان بعد معارك قالت منصات تابعة لقوات الدعم السريع إنها جرت مع مقاتلين تابعين للجيش في وقت شنّ فيه الطيران الحربي غارات جوية كثيفة استهدفت عددا من المناطق في ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض.
وبالتزامن مع هذه التطورات حذر المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو من انزلاق الحرب في البلاد إلى أسوا السيناريوهات، مشيرا إلى أن كل الاحتمالات باتت مفتوحة.
معارك عنيفة
شهدت العديد من مناطق ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض، معارك شرسة، وسط تضارب في الروايات حول ما جرى في تلك المناطق.
وقالت منصات تابعة للدعم السريع إن المعارك التي خاضتها كانت مع مسلحين تابعين للجيش وأن معظم الضحايا سقطوا نتيجة للقصف الجوي الذي نفذه طيران الجيش.
وذكر الدعم السريع في بيان على "إكس" أن قواته اشتبكت مع قوات تابعة للجيش وميليشيات تقاتل إلى جانبه في 3 معسكرات غرب وجنوب وشمال منطقة "ود النورة"، تقع خارج المدينة.
وتأتي التطورات الميدانية الخطيرة في وسط البلاد في وقت شهدت فيه مناطق القتال في الفاشر عاصمة إقليم دارفور هدوء نسبيا مع استمرار اشتباكات متقطعة في بعض المناطق، وسط تقارير عن تشديد الدعم السريع حصاره على قيادة الجيش في المدينة.
ورصد شهود عيان موجة نزوح كبيرة من المدينة في ظل تقارير تحدثت عن معركة حاسمة خلال اليومين المقبلين.
مخاوف أميركية
حذر المبعوث الأميركي للسودان توم بيرييلو في مقابلة مع مجلة "فورين بوليسي" من أن الحرب الأهلية في السودان يمكن أن تتحول إلى صراع إقليمي أو أن يؤدي إلى تحول السودان لدولة فاشلة في غياب اتفاق سلام دائم ومسار نحو انتقال سياسي إلى حكومة يقودها مدنيون.
وقال بيرييلو: "أعتقد أن السيناريو الأسوأ في السودان هو نسخة من الصومال لمدة 20 أو 25 عاما".
وحذر من "السرعة التي يمكن أن يتحول بها هذا الصراع من حرب ذات جانبين إلى حرب متعددة الأطراف".
ولم يقدم بيرييلو تفاصيل بشأن متى أو ما إذا كانت محادثات السلام في جدة ستستأنف أم لا، لكنه قال "يجب أن نستنفد كل الخيارات. نحن بحاجة إلى اختراق دبلوماسي كبير، ونحتاج إليه الآن".
ضغوط جديدة
في سياق متصل، قالت "فورين بولسي" إن المشرعين في مجلس النواب الأميركي يعكفون على إعداد قرار يعترف بوقوع إبادة جماعية في السودان، في محاولة لجذب المزيد من الاهتمام للصراع والضغط على إدارة الرئيس جو بايدن لتكثيف الجهود الدبلوماسية بشأن النزاع وإنهاء الحرب.
وكشفت المجلة عن نقاش في واشنطن حول كيفية دفع الجيش وقوات الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات، وقالت إن جزء من ذلك النقاش يركز على العقوبات.
ويرى مراقبون أن عواقب انهيار السودان وتحوله إلى دولة فاشلة ستكون كبيرة وبعيدة المدى، ولها آثار واسعة النطاق على تدفق المقاتلين المتطرفين والأسلحة إلى أجزاء أخرى من القارة، بما في ذلك منطقة الساحل، بالإضافة إلى مسألة اللاجئين الذين يحاولون الدخول إلى أوروبا.
ومن الممكن أن يمتد عدم الاستقرار في السودان أيضا بسهولة إلى البلدان المجاورة التي تتصارع بالفعل مع حالة عدم الاستقرار، مثل جنوب السودان وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وحول هذه النقطة قال بيرييلو لـ"أعتقد أن الشعب السوداني متحد للغاية في عدم رغبته في رؤية دولة فاشلة. سنرى قريبا نتائج أكثر أهمية فيما يتعلق بإحراز تقدم في وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية والوصول إلى مسار للمضي بالسودان قدما نحو الأفضل. سيكون الحكم علينا سيئا للغاية إذا لم نفعل ذلك".
احتدام المعارك في الفاشر
الفاشر بين فكي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
وكالات أممية تحذرمن أزمة سوء تغذية تضرب أطفال السودان
أطفال السودان على مشارف مجاعة كبرى في ظل استمرار القتال
تنافس دولي
ويلقي التنافس بين القوى العظمى أيضا وفق "فورين بوليسي" بظلاله على الصراع في السودان خصوصا بين الولايات المتحدة وروسيا اللتان تتسابقان على النفوذ في إفريقيا.
ورجحت تقارير أن يوقع مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني خلال زيارته الحالية لموسكو اتفاقيات أمنية واقتصادية من بينها اتفاقية تضمن استمرار اتفاق سابق بإنشاء قاعدة بحرية لروسيا في سواحل البحر الأحمر.
وأثار مشروع إنشاء القاعدة حفيظة الولايات المتحدة والعديد من البلدان التي اعتبرت أن إنشاء القاعدة يشكل خطرا على الأمن الدولي.
وبحسب مراقبين فإن روسيا تحرص على تعزيز نفوذها في السودان مدفوعة بالتنافس الدولي على إفريقيا، كما تطمح في تعزيز وجودها الحالي بالقارة السمراء وتوسيعه شرقا من خلال السودان، بعد أن استطاعت تأمين وجود قوي لها في غرب القارة من خلال دولتي النيجر ومالي اللتان دفعت فيهما الحملات الشعبية المعادية للوجود الفرنسي الأنظمة العسكرية الجديدة هناك لانتهاج علاقات استراتيجية مع روسيا خلال الأشهر الماضية.
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" قال السفير الصادق المقلي إن موقع السودان الاستراتيجي على البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي يجعله محل اهتمام القوى الدولية.
وأضاف المقلي: "في ظل الحصار والمقاطعة الغربية المفروضة عليهم، يسعى قادة الجيش إلى التوجه شرقا نحو روسيا التي تبحث هي أيضا عن حلفاء تفك بهم طوق العزلة الدبلوماسية والاقتصادية التي فرضت عليها بعد عمليتها في أوكرانيا".
وتابع: "لم تكن الأوضاع السياسية في السودان في سلم اهتمامات الزيارة الأخيرة التي أجراها وزير الخارجية الروسي للسودان، لكنها أتت في إطار جولة لعدد من الدول الإفريقية هدفت لكسب وقوف هذه الدول إلى جانب سعى روسيا لإيجاد موطئ قدم لها على البحر الأحمر تحديدا في إطار التنافس مع أميركا والصين في القارة".
ولفت المقلي إلى أن روسيا وفي ظل أوضاعها الحالية لن تستطع تقديم مساعدات مالية واقتصادية ملموسة للسودان، لكنه يتوقع أن يعمل الطرفان على تحقيق معادلة الأمن مقابل الاستثمار في الذهب والزراعة.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المبعوث الأمیرکی الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
الخرطوم: «الشرق الأوسط» تنبعث رائحة كريهة من حفرة للصرف الصحي في حي دمّرته الحرب في الخرطوم، بينما ينهمك عناصر «الهلال الأحمر» في انتشال جثة منتفخة من تحت الأرض. ويقول المتطوعون إن 14 جثة أخرى لا تزال تحت الأرض، وقال مدير الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في الموقع، إن بعض الجثث «عليها آثار إطلاق نار على رؤوسها وهي مهشّمة الجماجم».
وأضاف أن الضحايا إما أُطلق عليهم الرصاص أو ضُربوا حتى الموت قبل إلقائهم في الحفرة.
وخلفه كان صندوق شاحنة يمتلئ بالجثث المُنتشَلة من حفرة الصرف الصحي في منطقة شرق النيل، إحدى المناطق الشرقية للخرطوم، والتي باتت، الآن، أنقاضاً.
وألحقت الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، أضراراً كبيرة بمساحات واسعة من الأراضي.
ومنذ اندلاع الحرب، فرَّ أكثر من 3.5 مليون شخص من سكان الخرطوم، التي كانت، ذات يوم، مدينة تنبض بالحياة، وفق الأمم المتحدة.
ويعيش ملايين آخرون ممن هم غير قادرين أو غير راغبين في المغادرة، بين مبان مهجورة وهياكل سيارات وما يطلق عليه الجيش مقابر جماعية مخفية.
مدينة مدمَّرة
تتواصل الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، منذ أبريل (نيسان) 2023.
وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف، وتهجير أكثر من 12 مليون شخص، وفق أرقام الأمم المتحدة، يعيش كثيرون منهم في مخيمات مؤقتة، بينما فرّ أكثر من 3.5 مليون شخص عبر الحدود.
واستولت قوات «الدعم السريع»، في البداية، على الخرطوم، لكن، في الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السيطرة على مناطق؛ من بينها بحري، المعروفة بالخرطوم شمال، ومنطقة شرق النيل الواقعة شرقاً.
وحالياً لا تفصل وحدات الجيش في وسط الخرطوم عن القصر الرئاسي الذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع» في بداية الحرب، سوى أقل من كيلومتر واحد.
ورغم تلك المكاسب، لا يزال دقلو على تحديه، إذ توعَّد بألا تنسحب قواته من العاصمة. وتعهّد، في كلمة عبر تطبيق «تلغرام»، بأن قواته «لن تخرج من القصر الجمهوري». وأضاف: «نحن قادمون إلى بورتسودان» الواقعة على البحر الأحمر، وحيث تتمركز الحكومة منذ سقوط الخرطوم.
وعَبَر فريق من «وكالة الصحافة الفرنسية»، بمواكبة عسكرية، من أم درمان، المدينة التوأم للخرطوم، والتي استعادها الجيش، العام الماضي، إلى بحري وضواحيها التي مزّقتها الحرب.
ومرّ الموكب في أحياء مهجورة ومُوحشة؛ بما فيها حي الحاج يوسف، حيث تمتد هياكل المتاجر المغلقة والأرصفة المتداعية على طول الشوارع.
وتنتشر الأنقاض والحطام والإطارات المتروكة في الشوارع.
وتجلس مجموعات صغيرة من الناس بين كل بضعة شوارع أمام مبانٍ ومتاجر فارغة منخورة بالرصاص.
وتوقفت المستشفيات والمدارس عن العمل. ويقول الجيش إنه عثر على عدد من المقابر الجماعية، إحداها في محكمة أم درمان.
وتبدو على المدنيين الذين ما زالوا في المدينة، صدمة الحرب.
وقالت صلحة شمس الدين، التي تسكن قرب الحفرة؛ حيث ألقت قوات «الدعم السريع» جثثاً: «سمعت أصوات الرصاص، ليلاً، عدة مرات كما شاهدتهم يُلقون جثثاً في البئر».
جوع
وبالنسبة لمن نجوا وشاهدوا استعادة الجيش للمنطقة، مطلع الشهر، لا تزال الحياة تطرح صعوبات مستمرة. فالكهرباء مقطوعة، والمياه النظيفة والطعام شحيحان.
في شارع هادئ في بحري، يجلس نحو 40 امرأة تحت خيمة مؤقتة يُحضّرن وجبات الإفطار في مطبخ مجتمعي، وهو واحد من عدد من المطابخ التي عانت في ظل سيطرة قوات «الدعم السريع».
وتقوم النسوة بتحضير العصيدة والعدس في أوان كبيرة على نار الحطب.
والغاز لم يعد متوافراً، وشاحنات المياه تأتي، الآن، من أم درمان، وهو تحسُّن ملحوظ، مقارنة بالفترة عندما كان السكان يخاطرون تحت نيران القناصة للوصول إلى نهر النيل، الذي بدوره يمثل مخاطر صحية في ظل غياب خدمات الصرف الصحي.
وأصبحت المطابخ المجتمعية خط الدفاع الأخير للمدنيين الذين يعانون الجوع، وفقاً للأمم المتحدة. لكنها عانت صعوبات طوال الحرب للصمود.
ومع قطع طرق وتدمير أسواق وسلب مقاتلي قوات «الدعم السريع» للمتطوعين تحت تهديد السلاح، أصبح إطعام المحتاجين شبه مستحيل.
وقال مؤيد الحاج، أحد المتطوعين في مطبخ مجتمعي بحي شمبات: «أيام سيطرة (الدعم السريع)، كانت لدينا مشكلة في التمويل لأنهم يصادرون الأموال التي يجري تحويلها عبر التطبيقات البنكية». وأضاف: «لكن، الآن، الوضع اختلف، شبكات الهواتف تعمل، كما أننا، كل أسبوعين، نذهب إلى أم درمان لجلب احتياجات المطبخ».
وما بدأ نزاعاً على السلطة بين البرهان ودقلو، تحوّل إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم.
وأدت الحرب إلى تدمير البنية التحتية للسودان، وانهيار اقتصاده الضعيف أصلاً، ودفعت بالملايين إلى حافة الجوع.
وأُعلنت المجاعة في ثلاثة مخيمات للنازحين، وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي المدعوم من الأمم المتحدة.
وفي الخرطوم وحدها، يعاني ما لا يقل عن 100 ألف شخص ظروف مجاعة، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل.